كلهم مدانون ومشاركون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تأنيت كثيراً قبل أن أكتب حول ليلة الأحد الدامي ( 9 أكتوبر ) أمام مبني ماسبيروا المطل علي النيل بوسط القاهرة..
تأنيت وأنا الذي تابع الحدث منذ أشعلت ثقابه مضيفة قرية ميرناب، حتى اندلع حريقاً راح ضحيته 25 مصرياً وأصيب نحو 300 بجروح وكدمات، بلا ذنب أو جريرة..
تأنيت عامداً وأنا أبحث عن خيط يقود للحقيقة، ولما ضاقت بي السبل.. وضعت ما إجتهدت فيه علي الورق لعل غيري يساهم بقسط وافر في توضيح وتجلية صورة ما جري..
من البداية أود أن أؤكد علي النقاط التالية بشكل محدد وقاطع وصريح..
1 - ان الدين لله والوطن المصري للجميع، وليس من حق مخلوق ان يتدخل في شأن الآخر التعبدي والعقائدي لا بالشكل ولا بالمضمون..
2 - ليس من الأمور الطبيعية أن تبقي مسائل العبادات عرضه للشد والجذب والقتل كما شاهدنا للمرة الرابعة من بداية العام الحالي بين المواطنين، مهما كانت الدعاوي..
3 - ليس من الطبيعي أن تتنازل الدولة عن دورها في حماية المجتمع لأي جماعة أو تيار مهما علا شأنهما..
4 - لم يعد مقبولاً أن تفرض اي جماعة أو تيار مهما إحتلا من مكانة فقهية رأيهما ورؤيتهما علي بقية المجتمع، أو أن يلجئا للقوة لفرض ما يريانه إذا ما رفض الآخر منطقهما..
5 - يجب أن نتوقف فوراً عن البحث عن الحلول السهلة للقضايا المجتمعية التى بدأت تضرب جذور المجتمع، لأنها ستؤدي في نهاية المطاف إلي تفتيته.. وأن نعمل معا علي مناقشة قضية المواطنة بكل جوانبها بلا مواربة أو تخفي..
ما هي أبعاد الصورة بعد أربعة أيام من توابع الواقعة الدامية ؟؟
لو تتبعنا المأساة.. سنجدنها عند المنبع ضبابية ليس هناك ما يثبت صحتها أو ينفيها برغم أنها وكما اصبحنا ندرك جميعا هي السبب.. كيف ؟؟..
نسأل أين مستندات التقدم بطلب تحويل المضيفة التى كانت تقام فيها الصلوات إلي كنيسة ؟؟ أين الموافقة التى حصل عليها المتقدمون بذاك الطلب لمحافظة أسوان أو إدارة المباني والتراخيص بها ؟؟.. كل ما يدور حول هذ النقطة تحديداً غير واضح ويتناوله كل طرف بطريقته الخاصة التى تؤكد وجهة نظره دون أن يطلعنا علي صحة وشفافية ما يدلي به من أقوال..
وبنفس الصيغة الإستفهامية.. لماذا لم تُبرز الجهات التنفيذية بمحافظة أسوان ما تحت يدها من مستندات تؤكد أنها لم تتلق طلب لتحويل المضيفة إلي كنيسة ؟؟ ولماذا لم تُبين لنا الخطوات التى إتخذتها لوقف التمادي في البناء بالطرق السلمية والصحيحة والقانونية ؟؟..
لم نسمع ولم نر ولم يطلعنا أحد !!
قيل أن التيار السلفي بأسوان كان له موقف متشدد حيال تحويل المضيفة إلي كنسية.. ثم لما حصل المواطنون المصريون الأقباط علي موافقة الجهات المختصة، بدأ يمارس دوره في فرض رؤيته وإرادته.. وقيل انه طالب بازالة رسم الصلبان من فوق جدران البناء !!
إذا كان ذلك قد وقع.. نسأل من الذي أعطي قادة هذا التيار الحق في فرض رؤيتهم هذه ؟؟ وماذا كان موقف الجهات الرسمية من هذا التدخل السافر في الشئون العتبدية لمواطنين مصرين لهم ما لنا وعليهم ما علينا ؟؟.. ونسأل بعد أن قيل لنا أن الأخوة الأقباط في القرية وافقوا علي الإزالة وقاموا هم أنفسهم بالمهمة.. فزاد ذلك من تشدد الجانب السلفي فطلب منهم إزالة القباب التى تميز سطح البناء !!
عند هذه النقطة يحق لنا القول.. أن الغمة اصبحت عميقة وبدأت المأساة في التردي..
من حقنا أن نسعي للفهم.. هل دفعت إستجابة المصريون الأقباط لمطلب إزالة الصلبان لمزيد من تشدد المصريون السلفيون ؟؟ وهل يُمثل مطلب ازالة القباب آخر المطاف، أم أنه يفتح الباب لخطوة تالية في مسيرة متدرجة لإزالة المبني التعبدي كلية علي مراحل ؟؟
ليس من حق أي تيار أو جماعة أن تتدخل في الشئون الخاصة للجماعات الآخري التى تعيش معها علي نفس الأرض وتتمتع بنفس الحقوق وتؤدي نفس الواجبات..
ونسأل إذا كان ما جري هو الحقيقة بعينها.. فمن الذي أعطي هذه الجماعة الدينية المسلمة حق التدخل في أسس عبادات جماعة أخري ؟؟ ولماذا، اذا كان لها تحفظات علي الشكل المعماري للبناء الكنسي في هذه القرية، لم تلجأ للجهات المختصة ؟؟
ومن البداية نقول، أن حجة السلفين بأن الجهات التنفيذية تتغاضي عن المخالفات التى يرتكبها بناة الكنائس مما يضطرهم إلي أخذ الامر بيدهم.. مرفوضة جملة وتفصيلا..
ومن نفس المنطلق نؤكد أنه أذا كان الأخوة الاقباط قد حصلوا علي تصريح رسمي ببناء كنيستهم، وبعد ان انتهوا منه ثبت أنهم وضعوا يدهم علي مساحة من الأرض ليست من حقهم.. فهذا يعتبر تعدي علي أملاك الدولة أو أملاك الغير بغير حق أو سند.. ونؤكد انه ليس من حق أي جماعة أن تنتزع بيدها الحق في المحاسبة علي هذا التعدي مهما كان شأنها، لأن هذا الأمر مكفول بحكم القانون للجهات الرسمية المختصة فقط..
ونردد مرة ثانية، أنه مهما كانت الحجة التى تقول أن هذه الجهات تتعاطف مع المصريون الأقباط أو تغض الطرف عن بعض مخالفاتهم.. فليس هناك سوي جهة واحدة لإعمال القانون وتنفيذ واللوائح في هذا الخصوص، وهي الدولة..
تصدير المشكلة إلي العاصمة !!
كيف سافرت هذه المشكلة المحدودة كما رسمنا صورتها من فوق أرض قرية مصرية في محافظة أسوان إلي العاصمة وتفاقمت إلي مستوي القتل والترويع ؟؟
ما هي العوامل التى دفعت المواطنون الأقباط إلي تنظيم مظاهرة سلمية ترفع شعارات تنادي بتقنين مطالبهم بحيث تتعدل قوانين بناء وصيانة الكنائس ويتوقف التدخل الإسلامي المتشدد في
شئونهم التعبدية والحياتية.. وتتوقف الجماعات المتشددة عن أن تفرض رؤيتها ورأيها عليهم في أي مكان ؟؟
أكرر مرة ثانية أن ضبابية المشكلة عند المنبع هو السبب المباشر..
فلو أن ما حدث في مريناب حُصر في إطاره وبين أبنائها..
ولو أن التيار السلفي المتشدد التزم بما تفرضه عليه أصول الشريعة الإسلامية الوسطية السمحاء الكريمة مع الغير..
ولو أن الجهات الرسمية المختصة قامت بواجبها..
لما تفاقكت المشكلة وتضخمت علي إمتداد المسافة الفاصلة بين أسوان والقاهرة !!..
هل إجتمعت القيادات الكنسية مع الزعامات المجتمعية القبطية لتنظيم هذه المظاهرة السلمية ؟؟.. ليس هناك اجابة حاسمة.. هناك من يؤكد وهناك من ينفي..
الثابت لدينا أن الأجهزة الأمنية كانت علي علم قبل يوم الأحد الدامي بخط سيرة هذه المظاهرة من أين ستبدأ وأين ستنتهي..
لماذا لم تعمل هذه الأجهزة علي تأمينها ؟؟ لو كانت قد فعلت لجاءت نتائج هذه المظاهرة السلمية مختلفة تماماً عما عايشناه جميعاً !! خاصة من زاوية منع المندسين حملة الأسلحة البيضاء والنارية وزجاجات المولوتوف الذين أشارت إليهم أصابع الإتهام، من الإنضمام إليها والتخفي بين المسالمين القائمين بها ومن ثم الإعتداء علي الأبرياء..
لماذا لم تُنسق هذه الأجهزة لإستقبالها عند نقطة النهاية في وجود مجموعة من السياسيين المسئولين الحكوميين إلي جانب الناشطين الحقوقيين.. لماذا لم توفر لهم من يستمع إليهم ويتحاور معهم ويبين لهم مواطن الصواب والخطأ فيما بلغهم من حقائق أو دسائس.. ومن ثم يتفق الطرفان علي نهج سوي لحل المشكلة التى بدأت كما قلنا ضبابية في المنبع ثم تحولت إلي تيار دم لم يكن له ما يبرره..
المدقق في صورة المظاهرة السلمية، سيتفق معي أنها لما بلغت نقطة النهاية فوجئت بحزمة من التساؤلات التى فاق حجمها ونتائجها ما سبق ان طرحناه من أسئلة !!
أهمها من الذي بدأ باطلاق النار والذخيرة الحية سواء في إتجاه افراد الجيش أو علي الأبرياء من المتظاهرين ؟؟.. ومن الذي أمر هذه القوات بالرد علي ما تعرضت له من إعتداء.. وإذا كان أفراد القوات المسلحة غير مدانين بارتكاب هذا الفعل الشائن، لأنه لا يوجد في حوزتهم ذخيرة من أي نوع.. فمن الذي أمر قوات الشرطة بأن تقوم هي بهذه المهمة ؟؟
الأكثر الحاحاً في البحث عن إجابة شافية.. هو من الذي أمر بتحريك الآليات العسكرية التى قيل أنها دهست بعض القتلي ؟؟
نحن لا نُدين أحد، لكن الصورة وسردها للوقائع تشير بذراع الإتهام إلي الجميع بلا إستثناء.. البعض بالتقاعس والإهمال.. والبعض بالبيروقراطية.. والبعض بالتلكؤ في إتخاذ الخطوة المناسبة في التوقيت المناسب.. والبعض بالتحريض.. والبعض بالتدخل في شأن الآخر وتعمد إسقاطه من الإعتبار والإصرار علي إزاحته من الصورة.. والبعض بالتسرع في رد الفعل غير المحسوب.. والبعض بإنتهاز الفرصة..
كل هؤلاء ملوثة أيديهم بدم الأبرياء..
من هنا نطرح تساؤلنا الذي يحاول جاداً أن يتعرف علي حقيقة ما حدث.. كيف.. ولماذا.. ولحساب من ؟؟..
bull;استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk