فضاء الرأي

سر التحول التركي من القوة الناعمة إلى الخشنة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عندما طرحت تركيا نظرية صفر المشكلات لتكون أساسا لدبلوماسيتها وعلاقاتها مع دول الجوار الجغرافي قوبلت هذه السياسة بترحيب شديد من قبل هذه الدول لاعتقادها بأن تركيا التي كانت أيام الحرب الباردة مجرد قاعدة عسكرية أطلسية في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق ودول المنطقة.. قد غيرت من سياستها ودورها الوظيفي لصالح بناء علاقات إقليمية إيجابية تقوم على التعاون والتكامل والمصالح المشتركة من خلال إيجاد حل للقضايا الخلافية التي كانت تشوب هذه العلاقات، ويبدو ان هذه الدول وتحت وهج الفرح بعودة تركيا إلى دائرة الانتماء الحضاري والبنيان العام للمنطقة لم تدقق كثيرا في أبعاد التحرك التركي الجديد، فعلى الأقل لم تسأل كيف يمكن ان تكون تركيا دولة عضو في الناتو وفي الوقت نفسه صديقة لدول المنطقة؟ كيف يمكن ان تكون حليفة لأمريكا وفي الوقت نفسه مساندة للقضايا العربية والإسلامية ولاسيما فلسطين ؟ ربما هي الآماني والرغبات التي سبقت السياسة أملا بتركيا متصالحة ومتحالفة مع الجوار، من أرمينيا شرقا حيث العداء التاريخي مرورا بالعراق وسورية حيث مشكلات الأمن والحدود والمياه .. وصولا إلى اليونان حيث الصدام الثقافي والسياسي والحضاري والتاريخي في بحر ايجه وليس انتهاء بالمغرب العربي حيث تصاعد نفوذ حركات الإسلام السياسي، ولعل ما شجع الدول العربية والإسلامية على التقارب أكثر مع تركيا هو المتغير التركي الداخلي المتمثل في وصول حزب العدالة والتنمية حيث خطابه الإسلامي المعتدل ونجاحه في التأسيس لتجربة حكم مقبولة لجهة التوفيق بين الإسلام والعلمانية والاقتصاد والتي بسببها نجح العدالة والتنمية في السيطرة على الرئاسات الثلاثة (البرلمان - الحكومة - الجمهورية) فضلا عن خطواته الإصلاحية المدروسة والتي أفضت إلى تحجيم دور الجيش في الحياة السياسية التركية إلى حد كبير.

كل ما سبق وضع في خانة (القوة الناعمة) التي كانت أدواتها السياسة والاقتصاد والثقافة ومجالس تعاون وفتح الحدود وإلغاء سمات الدخول، وقد أعطت هذه السياسة فائض من القوة للدبلوماسية التركية التي نجحت في القيام بدور مهم في قضايا لبنان وفلسطين والمفاوضات بين سورية وإسرائيل والملف النووي الإيراني... وهو ما دفع البعض إلى القول ان تركيا عادت إلى مشرقيتها.

مع بدء ثورات الربيع العربي بدت الدبلوماسية التركية تنتهج نهجا مغايرا تماما، فمنظر سياستها الخارجية الوزير احمد داود أوغلو يقول ان تركيا تأخذ مكانها في البلوك الغربي، وهو في قوله هذا يجسد حقيقية تحول تركيا إلى القوة الخشنة،فعلى مستوى الداخل انتقلت من خارطة الطريق الكردية التي طرحها رئيس الوزراء رجب طيب ارودغان إلى تكثيف القصف البري والجوي لمعاقل الحركة الكردية، وعلى مستوى الخارج ركبت موجة الثورات العربية، وعليه شاركت في حملة الأطلسي على نظام القذافي، وتوترت علاقاتها من جديد مع سورية وتحولت إلى قوة ضاغطة على نظام الرئيس بشار الأسد بعد ان كان يخاطبه بالأخ والصديق قبل بدء الاحتجاجات في سورية بأسبوعين فقط، ومع إيران بدا التوتر هو سمة العلاقة مع موافقة أنقرة على نشر الدرع الصاروخية على أراضيها وتحديدا في المناطق الحدودية مع إيران وروسيا التي هي أكبر شريك تجاري لها. في الواقع، يمكن القول ان ما حققته الدبلوماسية التركية في عهد حزب العدالة والتنمية تجاه منطقة الشرق الأوسط له علاقة بثلاثة قضايا أساسية:

الأولى: جملة المتغيرات الإقليمية التي نتجت عن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وهي متغيرات غيرت العديد من المعادلات الإقليمية في المنطقة، استفادت منها الدبلوماسية التركية التي قدمت نفسها على أنها تقوم بدور الاطفائي.

الثانية: لها علاقة بالانكفاء الأمريكي إلى الداخل تحت وطأة أعباء الحرب في أفغانستان والعراق وصولا إلى الأزمة المالية المتفاقمة، وقد كان من نتائج هذا الانكفاء إعطاء واشنطن مساحة أكبر لأنقرة في القيام بدور إقليمي إزاء قضايا المنطقة.

الثالثة: تتعلق بالصدام الإعلامي مع إسرائيل منذ ما حصل بدافوس مع اردوغان في دافوس مرورا بسفن أسطول الحرية وليس انتهاء بتداعيات تقرير بالمر، وفي كل هذه المحطات كانت فلسطين هي العنوان فيما الجوهر هو الصراع على الدور الإقليمي.

الآن مع تبخر سياسة صفر المشكلات وتحولها إلى تعميق المشكلات أو صفر الثقة تبدو السياسة التركية دخلت مرحلة جديدة من التحول، تحول هو أشبه بالانقلاب على السياسة السابقة لجهة نظرية أوغلو عن العمق الاستراتيجي على شكل العودة من جديد لتكون تركيا محاطة بالأعداء بدلا من الأصدقاء، وما تفجر الحدث الكردي دمويا من جديد الا تعبيرا عن هذه العودة في لعبة الأوارق الإقليمية وكسر الارادات على المشهد الشرق الأوسطي في هذه اللحظة التاريخية التي تستبق انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

تركيا في كل ذلك تنطلق من قناعة مفادها: ان المشاركة في عملية السيطرة على المناطق المتفجرة والحصول على جزء من المغانم أفضل من الوقوف في مقاعد المتفرجين، انه نزعة السيطرة التركية الممزوجة بعوامل التاريخ والدور والسياسة والمصالح والتطلعات.

* كاتب سوري مهتم بالشأن التركي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
درس العراق
بهاء -

شكرا استاذ خورشيد على هذا التحليل الموفق للدور التركي. السياسيون يعلمون أن لا أخلاق بالعمل السياسي الدولي، ولن تصادق الدول بعضها لاسباب أخلاقية بل لمصالح، لكن ماكنة الاعلام هي من صورت الدور التركي كصلاح الدين الجديد!!! لقد كان درس العراق مرسا مؤلما لتركيا، فبسبب رفضها التدخل الفج بالخرب البوشية على العراق وجدت نفسها أنها الخاسر الاكبر من المعادلة، ليس مقارنة بامريكا فقط التي استولت شركاتها على معظم الثروة العراقية من نفط ومشاريع إعادة إعمار، بل مقارنة مع إيران أيضا واسرائيل!! فلم تغنم من الكعكة الاقتصادية اي شيء تقريبا، وزادت مشاكلها الازلية مع الاكراد الذين يشكلون حاجزا سياسيا وبشريا امام التواصل البري مع العراق، والاهم خط دفاع خلفي لاكراد تركيا المضطهدين!!! لذلك قررت ان تتحول لرأس الحربة الناتو في المنطقة وعلى التوازي بعض الحركات البهلوانية ضد اسرائيل!!! طبعا لا حق لنا بلومهم فلتركيا مصالح تركض خلفها وبهذا النظام العالمي الشرير، اللوم على الضعيف او الساذج أو الفاسد الذي يبيح وطنه للمستغلين... من حق تركيا أن تلعب لعبة المصالح، لكن الكارثة هي في منح حكومتها الثقة وتخويلها التوجيه والاشراف ولربما صنع القرارات لبعض المعارضة السورية!! وللأسف أن حرف الثورة السورية عن هدفها ببناء الوطن الجديد إلى تقديس هدف الانتقام من النظام فتح الباب سهلا للاتراك لفرض بعض شروط اللعبة على المعارضين السوريين والاثمان المطلوبة..... لم يحصل للآن، لكني لن أستغرب مع وجود بعض المعارضة التي توقع على بياض، أن يتحول شمال سوريا لمساحة حيوية للاتراك بما يسمونه امنهم القومي المهدد من قبل الاكراد كما يدعون أو لحماية المدنيين...... للأسف لا الحكام الحاليون يسعون لمصالح اوطانهم، ولا بعض المعارضة ممن تتصدر الاعلام العربي والتركي اثبتت انها تعمل لمصالح اوطانها!!!!

كاتب متحامل
سامي سويدان -

مع الاسف الكاتب يتحامل دوما على الدور التركي في المنطقة وهو على استعداد للتحالف مع الشيطان فقط ليثبت ان الدور التركي غير جدير بثقة العرب، ومنطلقه في ذلك عوامل اثنية وعرقية فقط لانه كردي ولديه مشكلة مع الدور التركي في المنطقةولنا ان نسال الاستاذ خورشيد: الا تعتقد ان الدور التركي يظل افضل من الدور الايراني الذي لطالما بشرت به على حسابه في مقالاتك؟

كاتب متحامل
سامي سويدان -

مع الاسف الكاتب يتحامل دوما على الدور التركي في المنطقة وهو على استعداد للتحالف مع الشيطان فقط ليثبت ان الدور التركي غير جدير بثقة العرب، ومنطلقه في ذلك عوامل اثنية وعرقية فقط لانه كردي ولديه مشكلة مع الدور التركي في المنطقةولنا ان نسال الاستاذ خورشيد: الا تعتقد ان الدور التركي يظل افضل من الدور الايراني الذي لطالما بشرت به على حسابه في مقالاتك؟

ممتاز
Ferhad Hemmi -

جميل جدا هذه المقالة تعبر عن الواقع الدور السياسية التركية في المنطقة

ISTANBUL,
Rizgar -

— Turkish Police have detained pro-Kurdish Peace and Democracy Party (BDP) member Professor B;şra Ersanli, along with nearly 70 party members, in an operation against the Kurdish Communities Union (KCK) in Istanbul on Friday, Hurriyet daily news reported. Ersanli, a political science professor at Marmara University, is a member of the BDP party assembly and has a seat on the party''s charter preparation commission, which is working toward drafting a new constitution. The BDP is primarily focused on the Kurdish issue.اعتقلت الشرطة التركية عضوة موالية للأكراد السلام والديموقراطية BDP(عضو مكتب برامج التنمية) الأستاذة البرفيسورةbşra ersanli مع 70 عضوا في حزب العمل الكردية kck (الاتحاد) في اسطنبول يوم الجمعة, حرية يوميا ورد الخبر. البرفيسورة بشرى ارسانلي استاذة للعلوم السياسية في جامعة مرمرة, وهو عضوة في حزب BDPالكوردي, وله مقعد في لجنة إعداد ميثاق الدستور التركي, وهي العمل من اجل صياغة دستور جديد.

برفع الحظر عن البث التلفزيوني Roj
Leipzig -

LEIPZIG, — The Federal Court in Leipzig, on the basis of the decision issued before by the European Court of Justice has lifted the broadcasting ban on Roj TV that has been prevented to broadcast within the German territory, Kurdish ANF news agency reported. German Federal Court of Justice finalized the case of Roj TV by lifting the ban on the channel’s publications and activities within the borders of the country. While the Federal Court in Leipzig ruled the decision on the basis of the decision made earlier by the European Court of Justice, the court concluded that Roj TV didn’t instigate hate and grudge among peoples, as argued by prosecution, noting that the prosecution’s ban on the contrary was against the brotherhood of peoplesلايبزيغ, وهي المحكمة الفدرالية في لايبزيغ, استنادا الى القرار الصادر من قبل محكمة أوروبية برفع الحظر عن البث التلفزيوني روش التي منعت من البث داخل الأراضي الألمانية سكان أكراد للانباء. محكمة العدل الفدرالية الالمانية في حال الانتهاء من التلفزيون روش من رفع الحظر عن القناة المطبوعات الأنشطة داخل حدود بلاده. في حين قضت المحكمة الفدرالية في لايبزيغ في القرار على أساس قرارا......

ISTANBUL,
Rizgar -

— Turkish Police have detained pro-Kurdish Peace and Democracy Party (BDP) member Professor B;şra Ersanli, along with nearly 70 party members, in an operation against the Kurdish Communities Union (KCK) in Istanbul on Friday, Hurriyet daily news reported. Ersanli, a political science professor at Marmara University, is a member of the BDP party assembly and has a seat on the party''s charter preparation commission, which is working toward drafting a new constitution. The BDP is primarily focused on the Kurdish issue.اعتقلت الشرطة التركية عضوة موالية للأكراد السلام والديموقراطية BDP(عضو مكتب برامج التنمية) الأستاذة البرفيسورةbşra ersanli مع 70 عضوا في حزب العمل الكردية kck (الاتحاد) في اسطنبول يوم الجمعة, حرية يوميا ورد الخبر. البرفيسورة بشرى ارسانلي استاذة للعلوم السياسية في جامعة مرمرة, وهو عضوة في حزب BDPالكوردي, وله مقعد في لجنة إعداد ميثاق الدستور التركي, وهي العمل من اجل صياغة دستور جديد.