موقف الإعلام الغربي من فوز الإسلاميين بالانتخابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عشية الانتخابات التونسية الأولى في زمن الربيع العربي التي حملت حزب النهضة الإسلامي إلى الزعامة على أكتاف كثيرة ومريحة، وفي مشهد شبيه بما حصل يومها في الجزائر الغابرة خلال تسعينيات القرن الماضي، مع فوارق بسيطة طبعا، عشية ذلك اليوم سال لعاب كثير في أفواه المحللين،وتخندق كل حزب بما لديه إما فرحا بما حصل عليه حزبه،أو مغاضبا لخصم يتربصه.
ما أثار انتباهي في الليلة 25 من أكتوبر من زمن الربيع العربي بامتياز، وبشهادة العارفين ليس في الوطن العربي فحسب وإنما في العالم كله ما بثته القناة الفرنسية الثالثة في برنامجها الحواري الشهير "ce soir ou jamais " الذي يديره الإعلامي الناجح FREDERIC TADAI. في هذا البرنامج خصص نقاش مستفيض للنجاح الباهر الذي حققته حركة النهضة التونسية في الانتخابات،وذلك مع نخبة من المحللين المنتمين لتيارات متعددة،منهم الفلاسفة وكتاب الرأي والصحفيون ومتخصصون في علم النفس والمؤرخون إلخ.الجميع أبدى وجهة نظره في هذه الانتخابات. دون أن ينسوا ما حققه جيرانهم الثوار في ليبيا على الطاغية معمر القذافي. وكانت لكلمة المستشار مصطفى عبد الجليل التي أشار فيها إلى نيته اعتماد الشريعة الإسلامية كركيزة أساسية لقيام الدولة الحديثة وقع الأثر في نفوس الحاضرين بمختلف مشاربهم الفكرية.
مصطلح "الشريعة" لوحده شكل رجة قوية في أذهان الجميع في الأستوديو، زلزالا دفع المتعاقبين على الكلمة تباعا إلى دق ناقوس الخطر المحدق بالغرب عموما وأوروبا خصوصا. وكأنهم يترحمون على أيام الطواغيت المنهارة، ذلك بأنهم حسب آرائهم أن شمال أفريقيا يتحول تدريجيا لمرتع الإرهاب وصناعة "التطرف"، ليس لشيء سوى أن الإسلاميين وصلوا هذه المرة وعن طريق الديمقراطية إلى مراكز القرار. وكأن الأمر إذن عبارة عن انفتاح مؤكد لباب من أبواب جهنم على الغرب وأهله من جهة الجنوب.
ومما زاد من حساسيتي تجاه ما طرحته وسائل الإعلام الغربية المنحازة ما استبقت به قبل هذا البرنامج الحواري الهام من بث لفيلم وثائقي عن أدولف هتلر وألاعيبه الشيطانية التي مهدت له الكيفية للانقلاب على الديمقراطية والوصول إلى تنصيب نفسه كحاكم ديكتاتوري من خلال اعتماده الآلية الديمقراطية ذاتها.
الفيلم، وإن بدا في مجمله يسلط الضوء على حقبة زمنية مظلمة من تاريخ أوروبا، تتمنى لو لم تكتب في سجلها وهي فترة نشوء النازية، فترة بلوغ اليهود ذروة "الاضطهاد" الممنهج والتصفية العرقية على أيدي هتلر وأنظمته الدموية المختلفة التي رفعت المعاداة للسامية شعارا لها بشكل علني وصريح.و لم يتوان "غوبلز"، الآلة الدعائية الجهنمية للنازية في تحذير اليهود.إذ ما انفك يهددهم بالمصير السيئ وعواقب الأمور. وهو ما أثمر في نهاية الفيلم عن اضطرار العديد منهم للفرار بعيدا عن أوروبا، في اتجاه فلسطين ليشرعوا في صناعة "دولتهم" كذا !و على أنقاض ومأساة أصحاب الأرض وأهلها الشرعيين.
والفيلم إلى هذه الحدود من العرض قد لا يطرح أية مشكلة. غير أن المتمعن في الظرفية وفي الشكل الذي أدير به النقاش، وتزامن عرضه مع ما تشهده المنطقة العربية الثائرة التي تصنع ربيعها بثبات وعقلانية، وترسي قواعد الدولة الحديثة، لهو ما يدعو إلى طرح أكثر من علامات استفهام من هذا الفيلم.إذ السؤال الجوهري كان :ألم ينقلب هتلر، وهو الذي عن طريق ديمقراطية آدنبرغ إلى أعلى سلطة في الرايخ الألماني، وزج بها، وهي الواحة الديمقراطية الجميلة آنذاك في ربوع أوروبا كلها والمشهود لها حينها بالتعددية العرقية والفكرية،وزج بها في أتون الديكتاتورية البغيضة؟
بمعنى :أليس واردا أن هؤلاء الإسلاميين الذين يصلون الآن تباعا عن طريق الديمقراطية إلى مراتب صناع القرار، أليس واردا انقلابهم على هذه الديمقراطية في المستقبل كما أنقلب هتلر سابقا؟
وأما في البرنامج الحواري السالف الذكر فكان واضحا حضور هاجس الربيع العربي بقوة وما يحدث في بلدانها من حراك سياسي واجتماعي قوي، سواء في تونس أو ليبيا وكذا في مصر.
من الواضح أن هذا اليوم لن يكون عاديا في الكثير من العواصم الغربية ولدى صناع القرار على الخصوص للأسباب التالية:
1 : في تونس حملت الانتخابات حزب النهضة، بزعامة راشد الغنوشي نحو الريادة والزعامة بشكل مريح وبنسبة فاقت الخمسين في المائة.وهو وضع يذكرنا إلى حد بعيد بما حدث في تسعينيات القرن الماضي في الجزائر، حين فازت "الفيس"، جبهة الإنقاذ الإسلامي بزعامة عباسي مدني آنذاك والتي انقلب عليها العسكر بالقوة الناعمة..مع فارق طبعا متمثل في الطفرة الإعلامية المتواترة وانفتاح العالم على بعضه بفضل قوة انتشار الفضائيات ووسائل الاتصال المختلفة التي ترهب الدكتاتوريات إلى حد ما، من ركوب موجة العنف ضد الحقوق.فليس واردا الآن قيام أي جهاز عسكري دموي بتشطيب ما سطره الشعب، ولنا في تركيا خير مثال على طغيان العسكر آنذاك وانقلابه على الديمقراطية مرات كثيرة في القرن الماضي تماما كما حصل في الجزائر.
2 في ليبيا فاجأ المستشار رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل الجميع بإعلانه أن ليبيا بلد إسلامي، والشريعة ركن ركين للقوانين المزمع استحداثها.كما فاجأ الحاضرين في المنصة في مداخلته وخلال حديثه عن الشكر لله "بالسجود" له أمام حشد كبير من الإعلام العالمي. هذا السلوك أربك الجميع بمن فيهم المتواجدين معه في المنصة، إذ لم يجر له ترتيب مسبق على ما يبدو، ولم يكن ضمن البروتوكول المعمول به عند القادة والساسة. سلوك ترك انطباعا واضحا لدى المتتبعين الغربيين مفاده أن هذا الرجل متدين متشبث بتعاليم الإسلام،يختلف في تركيبته الذهنية والسلوكية عن محمود جبريل ومن معه القادمين من الغرب ومدارسه الحداثية..
وما توقف عنده كثيرا ضيوف البرنامج الحواري، و في كذافي قناة فرانس 24 نقطة إعلان مصطفى عبد الجليل إلغاء القرار القديم الذي كان معمر ألقذافي قد اتخذه، في تحد صارخ لتعاليم القرآن، حين ألغى تعدد الزوجات..إعلان مصطفى عبد الجليل بإسلامية الدولة وعودة الشريعة إلى الحياة المدنية والسماح بتعدد الزوجات أعتبر بمثابة تحول ليبيا "لايران" أخرى في شمال أفريقيا يحكمها رجال دين وليس رجال سياسة..مما زاد من تعاظم تخوفاتهم..
3: الهاجس الثالث الذي سيقض مضجع العواصم الغربية أيضا هو الانتخابات المزمع إجراؤها في مصر، والتي تعطي فيها استطلاعات الرأي الفوز بفارق مهم لقائمة الإخوان المسلمين، والتي ستمكنهم من تشكيل الحكومة على ما يبدو..فالصراع لن يكون بين الإخوان والحزب الحاكم المنحل ولا مع الليبراليين هذه المرة، بل مع قائمة السلفيين العائدين إلى مسرح السياسة هم أيضا وبحسب قناعتهم. فالامتداد السلفي ما انفك يتقوى في السنين الأخيرة بسبب المراجعات المهمة والمتسارعة لكثير من آرائه المتخشبة، مما دفعه للاقتناع بالعملية الانتخابية والمشاركة السياسية.
ما يمكن استنتاجه من هذه الأحداث المتواترة في العالم العربي المتحرك، وعلى ضوء التعاطي الإعلامي الغربي هو أن عين الغرب لا تنام ولا تغفل عن كثير مما يجري من أمور في أوطاننا من الخليج إلى المحيط. ليس لأننا نسكن قلوبهم ويرجون الخير لأوطاننا.فالمسألة لا تتعلق لا بالقلوب وما حواها ولا في الصدور وما طوتها. و ليس ذلك بخاف حتى على اصغر المحللين المتدربين على ومراقبة الشأن السياسي.
الاستنتاج الأول يتمثل في الإيمان بالعملية الديمقراطية كمنهج وسلوك آمن يقود نحو استشراف المستقبل. فالانتخابات الحرة والنزيهة، التي هي أرقى أشكال التعبير في حضارة هذا الإنسان المعاصر..فحين تكون شفافة ونزيهة فإن "الفكرة الإسلامية" تجد لها آذانا صاغية وقلوبا واعية..فليس بعد الآن، وقد قالها الثوار في ليبيا صداحة قوية في وجه طاغيتهم،كما قالها التونسيون بانتخاباتهم الحرة لحزب النهضة الإسلامي ليقودهم في مرحلة ما بعد بن علي..وحتما سينضم إليهم المصريون واليمنيون والسوريون لبناء الدولة الإسلامية الحديثة على غرار تركيا.
التعليقات
الغرب المريض و ترياق الشفاء
Mourad -الشريعة الاسلام الترياق الذي تعاديه اوروبا وفيه شفاؤها ! التخويف من الاسلام لن ينقذ الغرب فهو يحمل في احشاءه جراثيم أنكى واخطر ؟! الغرب سفينة غرقت منذ زمن ولم يبق سوى اصدار شهادة الغرق !
الشعب
مواطن -خيار الاسلام او غيره بيد الشعوب شعب تونس وشعب مصر وشعب اليمن والهونولولو وغيرها وهذا الخيار مطروح حسب خيار الشعب وليس خيار بعض الدول الاستعماريه ومصالحها واوروبا لو فشل الاسلاميون فالشعب سيقوم بازاحتهم كما ازاح الطاغيه والشعوب الحره ترفض الوصايه من اي الدول الاخري فدول الربيع تكن الاحترام لدول الغرب وتتمني منهم ان يحترموا خيار الشعب .... ولا اسخف من ان يروج البعض للنظام العلماني الذي قاتل التونسيون ليتخلصوا منه بصعوبه عاقل يحكي ومجنون يسمع
to #1
hasan hadi -asking about healing? try and ask to heal yourself, so far, you can''t topple your own corrapted dectators without the help of the west. pray ( if you know how) not to face real conflict with the west, at that time you will not find a hole to shelter yourself
الشعب
مواطن -خيار الاسلام او غيره بيد الشعوب شعب تونس وشعب مصر وشعب اليمن والهونولولو وغيرها وهذا الخيار مطروح حسب خيار الشعب وليس خيار بعض الدول الاستعماريه ومصالحها واوروبا لو فشل الاسلاميون فالشعب سيقوم بازاحتهم كما ازاح الطاغيه والشعوب الحره ترفض الوصايه من اي الدول الاخري فدول الربيع تكن الاحترام لدول الغرب وتتمني منهم ان يحترموا خيار الشعب .... ولا اسخف من ان يروج البعض للنظام العلماني الذي قاتل التونسيون ليتخلصوا منه بصعوبه عاقل يحكي ومجنون يسمع
الاسلام قادم بثبات
Ahmad Aolad Aissa -شكرا أخي على التعليق. الاسلام حتما سيقول كلمته في هذا القرن.فقط ينبغي على الحكماء أن يتولوا المهمة.دمت متابعا ومراقبا.
الاسلام قادم بثبات
Ahmad Aolad Aissa -شكرا أخي على التعليق. الاسلام حتما سيقول كلمته في هذا القرن.فقط ينبغي على الحكماء أن يتولوا المهمة.دمت متابعا ومراقبا.
االإسلام قادم بهدوء
Ahmad Aolad Aissa -شكرا أخي على التعليق. الاسلام على ما يبدو راجع في الألفية الثالثة بثبات وهدوء. ما يلزم هو تبني الحكماء للمشروع حتى لا يستفرد به الجهال فيسيء له . سعدت بتعليقك .دمت مراقبا ومتابعا.
الحرب العلمية الثالثة
حسن -أنا لآاؤمن بألغرب وأتمنى ان لاتكون خططة للحرب العالمية الثالثة وألخاسرون هم السلفيين وألأخوان ومثلا على ذلك دون الغرب لبقيى القذافى وحكمه
الاسلام قادم
مازن -نعم الاسلام قادم بهدوئ فها هو بالصومال و افغانستان و هو يزحف بكل هدؤ و لنستفيد من التجربة الصومالية و الأفغانية و الايرانية ، لا نريد نظام مثل تركيا فهو نظام علماني، لا علاقة له بالإسلام
الاسلام قادم
مازن -نعم الاسلام قادم بهدوئ فها هو بالصومال و افغانستان و هو يزحف بكل هدؤ و لنستفيد من التجربة الصومالية و الأفغانية و الايرانية ، لا نريد نظام مثل تركيا فهو نظام علماني، لا علاقة له بالإسلام
الخوف من الاسلاميين...لماذا ؟؟
بن يحيا -الغربيون و الاعلام الغربي خاصة لا يريد معرفة الاخر.. فهو يتجاهل كل القيم الاخرى غير قيمه و هذه هي المصيبة الكبرى عند هؤلاء الناس..أولا، لا يريد ان يعرف و لا يسعى الى المعرفة، ثانيا، كل المسلمين سواسية عنده أكان متطرفا او معتدلا.. عندما يعتبر كل المسلمين (مليار ونصف) فكيف سيكون الحوار مجديا بين الشمال و الجنوب ؟ شخصيا لا اعرف..فهناك موائد مستديرة بين اهل الدين من الجانبين حول التلاقي على القيم المشتركة بين الدين المسيحي و الاسلامي...و لكن سرعان ما تخبو زمانا لتظهر ثانية ثم تخبو مرة اخرى..فقد اصبحت هذه الحوارات موسمية و غير مجدية..بالعكس فالمواطنون في كلتا الضفتين يتعاملون بشكل طبيعي و لكن هناك من يعكر صفو هذا التقارب الطبيعي و اعني أهل السياسة عندنا و في الغرب كذلك.، فكلا الطرفين له المنفعة و المصلحة لإبقاء الصراع المفتعل مستمرا بين ما هو اسلامي و ما هو مسيحي..فالشعب التونسي عبر عن نفسه بحرية و اعطى صوته للذي يستحقه..و عندما لا يفيء هذا الحزب بوعوده سوف يسقط كما سقط نظام بن علي...و السلام
الى الوراء سر
سالم -مخالف لشروط النشر
خطة انقاذ الأقتصاد
maged -الأزمة الاقتصادية تحتاج للتدمير لكى يبدأ بعدها النمو و التدمير يعنى الحروب و لا أعتقد أن الحكومات الغربية غافلة عما يحدث من تغييرات فى العالم العربى من حيث عودة الاسلاميين التى سبقت عودتهم حملة تخويف العالم منهم بالرغم من مساعدة الغربيين لهم لكى يصلوا للحكم تحت مسميات الديموقراطيةأذن فهم يريدون خلق هتلر جديد لكى يتم التدمير و يلية مرحلة نمو جديد و لايهم عدد الضحايا أو القتلى فهم سيموتون من الجوع على أى حال
الى الوراء سر
سالم -مخالف لشروط النشر