لقاء عباس مشعل: تطلعات متبادلة على وقع المتغيرات

ما الذي دفع عباس ومشعل إلى اللقاء مجددا في القاهرة؟ وما هو المأمول منه في ظل الخلاف في البرامج السياسية بين الحركتين؟ وهل الظروف باتت مهيأة لتجاوز الحركتين خلافاتهما؟ وماذا عن التوقيت للطرفين؟ وأين الدور المصري في كل ذلك؟
أسئلة يطرحها الشارع الفلسطيني والعربي بقوة عشية اللقاء المرتقب بين الرجلين في القاهرة يوم الجمعة المقبل.

إذا كانت المصالحة هدفا استراتيجيا للفلسطينيين، فإنها بالنسبة لفتح وحماس بات استحقاق تفرضه المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية.
الرئيس عباس وبعد أن راهن كثيرا على عملية السلام مع إسرائيل وتسلق مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بداية عهده إلى الشجرة للمطالبة بوقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية، يبدو انه اكتشف ان كذلك لم يكن سوى سراب، وأن وعود أوباما بإقامة دولة فلسطينية تبخرت نهائيا مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية،كما أن لقاءات الرباعية باتت من دون معنى في ظل تعنت نتياهو وتمسكه بسياسة الاستيطان، وقوله مرارا بعبرية لا ينقصها الوضوح إنه سيواصل البناء في شرقي القدس أسوة بما فعل أسلافه على مدى أربعة عقود.

إلى جانب تعثر عملية السلام وفشل استحقاق أيلول في تحقيق أي إنجاز على صعيد الدولة،فإن المتغيرات الإقليمية وخصوصا في مصر، دفعت حركة فتح إلى الالتفات مجددا إلى صياغة المشهد الداخلي الفلسطيني، ومراجعة منهج الرهان على العامل الإقليمي كما كان حاصلا أيام الرئيس حسني مبارك، خاصة في ظل الفتور الذي تشهد علاقة السلطة الفلسطينية بالأردن مقابل التحسن في علاقة الأخيرة بحماس.
أمام هذا الواقع، تجد حركة فتح في المصالحة إضافة إلى انه استحقاق داخلي انطلاقة جديدة لصياغة برنامجها السياسي، وخطوة تحافظ فيها على مصداقيتها وشعبيتها في الشارع الفلسطيني، كما تساهم أيضا في تقوية الساحة الداخلية لمواجهة أجندة حكومة نتانياهو الإسرائيلية التي وصفت عباس بالخيانة لذهابه إلى لقاء مشعل.

في المقابل، فإن ثمة من يرى ان لقاء المصالحة يحقق لحماس جملة من المكاسب السياسية، لعل أهمها : 1- المساعدة على إيجاد واقع فلسطيني جديد من شأنه المساهمة فيكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، وإحراج الإسرائيليين أكثر أمام المجتمع الدولي.
2 - التخفيف من الأعباء المالية والاقتصادية على حكومة حماس في غزة، على ان تصبح رام الله التي تتلقي رسميا المساعدات العربية والدولية شريكة في تحمل هذه الأعباء. 3- السماح رسميا لحماس بمزاولة العمل السياسي في الضفة الغربية بشكل علني، وإعادة بناء مؤسساتها من جديد. وهو ما يساعد الحركة على إعادة انتشارها وتأمين بيئة أفضل لممارسة نشاطاتها. 4- توطيد علاقتها مع النظام المصري، الحريص في هذه المرحلة على تحقيق إنجازات على صعيد القضية الفلسطينية خاصة بعد نجاحها في قضية صفقة تبادل الأسرى.
أمام هذه التطلعات المتبادلة، فإن الخلافات المتعلقة بالانتخابات والحكومة والمعتقلين تبدو قابلة للتجاوز إذا ما علمنا ان تنفيذ المصالحة سيزيد من رصيد الحركتين في الساحة الفلسطينية وكذلك في الخارج، يبقى المهم هنا هل الحركتان ستدخلان في تفاصيل القضايا الاستراتيجية والأيديولوجية التي لها علاقة بالبرامج السياسية وكيفية إدارة الصراع مع إسرائيل؟
قضية حساسية يدركها الطرفان، فالسلطة الفلسطينية لا تستطيع الانقلاب على التزاماتها بخصوص السلام وهي في الأصل لا تستطيع الذهاب إلى البرنامج السياسي لحماس ولكنها في المصالحة إعادة اعتبار لأوراق داخلية أهملتها، في المقابل فان الأخيرة تدرك ذلك وترى في الوقت نفسه ان جملة المتغيرات الإقليمية تصب في مصلحتها الفكرية والسياسية،وعليه باتت ترى في المصالحة شراكة سياسية لصياغة المرحلة من جديد.
مصالح وتطلعات متبادلة بين فتح وحماس من تحقيق المصالحة ولكن ما الذي يضمن استمرارها في ظل الخلاف البرامجي والأيديولوجي بين الحركتين؟

كاتب فلسطيني مقيم في لبنان