فضاء الرأي

نكتة الربيع العربي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سارع الكتاب والمحلّلون العرب،
مثلما هي الحال دائمًا، إلى تبنّي مصطلح الربيع العربي الذي أشاعته الصحافة الأجنبيّة بخصوص الانتفاضات التي ضربت بعض الأقطار العربية، دون سواها. والحال هذه ليست جديدة، فكثيرًا ما تقع عين المرء حتّى على ترجمات للجغرافيا العربية والتاريخ العربي والأسماء العربية من اللغات الأجنبية منشورة مشوّهة بالأخطاء في الصحافة العربية على طول العالم العربي وعرضه. فالكتّاب والمحرّرون لا يكلّفون أنفسهم عناء الفحص والتدقيق فيما يكتبون وينشرون وهكذا يختلط حابلهم ونابلهم بحابل ونابل القرّاء الذين يمرّون على كلّ هذه الأخطاء مرّ الكرام.

هذه هي أيضًا حال هذا
rdquo;الرّبيع العربيldquo;، كما يسمّونه، والذي ملأ الشّاشات، أجنبية وعربية، دون أن يتفكّر أحد فيما هو جارٍ في الحقيقة على الأرض. مرّة أخرى يترجم العرب توصيف أحوالهم دون أن يكلّفوا هم أنفسهم النّظر إلى ما هو جارٍ في ساحاتهم. إنّها حال مضحكة مبكية حقًّا. إذ كيف يتبنّى مثلاً كلّ هؤلاء الطائفيّين في بلدهم الحديث عن ربيع عربيّ بينما هم غارقون حتّى أخمص قدميهم في وحل الطائفيّة، كما هي حال لبنان، على سبيل المثال لا الحصر؟ بل وأكثر من ذلك، كيف يتحدّث كلّ هؤلاء عن rdquo;ربيع عربيldquo;، في الوقت الذي تتحوّل فيه هذه الانتفاضات إلى حرق للكنائس، كما حصل في مصر؟ وكيف يمكن الحديث عن rdquo;ربيع عربيّldquo; عندما يخرج عبد الجليل في ليبيا وبعد مقتل العقيد بتصريح أوّل يكشف أنّ كلّ همّه هو إعادة العمل بالشريعة وبتعدّد الزّوجات؟

ولكي لا يُفهَم من كلامي
كما لو أنّي أقلّل من أهميّة هذه الانتفاضات، أقول إنّ جميع أنظمة الاستبداد العربيّة، على شتّى تنويعاتها الملكية والجمهورية، يجب أن تذهب إلى الجحيم. كما أودّ التأكيد على أنّ الخروج ضدّ الاستبداد، كلّ استبداد مهما كان منبعه، هو بلا شكّ خروج مبارك. إنّه مبارك على وجه الخصوص في الحال العربية التي لم تعرف في يوم الأيّام عيشًا خارج الاستبداد. لكن، يبقى السؤال الذي لا مناص من طرحه حول ما يجري في هذا العالم العربي التي تذرو فيه الرّياح الغربيّة كثبان هذه الشّعوب العربيّة فتتحرّك هذه الكثبان في هذه البقعة الشاسعة من الأرض دون أن يعرف أحد أين ستحطّ الرّحال.

فهل هذا هو الرّبيع العربيّ؟
من الملاحظ أنّ هذه الانتفاضات قد نشبت بالذّات في البلاد التي تتّبع أنظمة حكم rdquo;جمهوريّةldquo;. وهي جمهورية شكليّة طبعًا لم تنبن على أيّ أسس جمهورية أصلاً. بل وأكثر من ذلك، لقد ضربت هذه الانتفاضات تلك الأنظمة التي أشبعت النّاس شعارات كاذبة حول العروبة والوحدة والاشتراكية والصمود والتصدّي والمقاومة والممانعة وما إلى ذلك من بلاغة بليدة تدغدغ عواطف العامّة من النّاس، في الوقت الذي كان ينصبّ فيه جلّ اهتمامها على تخليد السلطة القبلية والطائفية حاكمة مستبدّة بالحديد والنّار.

بكلمات أخرى، يمكننا القول إنّ هذه الانتفاضات هي في الحقيقة ضدّ هذه العروبة الزّائفة التي لم تزرع شجرًا، لم تبنِ حجرًا ولم تخلق بشرًا أحرارًا. لقد وضعت هذه الأنظمة نصب أعينها وطرًا واحدًا هو تلقُّف الحكم والاستفراد به إلى أبد الآبدين. إنّها تسير في ذلك على هدي السّلف السالح، منذ أن ظهر هذا السّلف على مسرح التاريخ. يكفي العودة إلى هذا التاريخ العربي لمعرفة ما آلت إليه حال هؤلاء الخلفاء، إذ أنّ الغالبيّة العظمى من هؤلاء الخلفاء قد لقوا مصيرًا كمصير القذّافي من القتل والسحل والتمثيل بجثثهم.

يكفي هنا أن نورد هذه الرواية
عن خطبة أبي سفيان لبني أميّة، مشبّهًا السّلطة بالكرة، إبّان خلافة عثمان بن عفّان: rdquo;يا بني أميّة! تلقّفوها تلقُّف الكرة. فوالّذي يحلف به أبو سفيان: ما من عذاب ولا حساب، ولا جنّة ولا نار، ولا بعث ولاقيامةldquo;. هذه هي حقيقة الصّراع على السّلطة في هذا التاريخ العربي والإسلامي. وهو التاريخ الذي يتبجّح به الإسلامويون على اختلاف مشاربهم في محاولة لدغدغة عواطف العامّة. يعرف الجميع ماذا كان مصير عثمان في نهاية المطاف. إنّه مصير شبيه بمصير القذّافي بعد قرابة ألفية ونصف من السنين.

حتّى هذه اللّحظة، لا نرى
بشائر حقيقية لربيع عربيّ. لا نرى برامج وخططًا تهدف إلى إخراج هذه الأمّة من سباتها. الخروج من السّبات لا يأتي بالعودة إلى تعدّد الزوجات، بل بتحديد النّسل وبتزاوج العرب مع المدنية المعاصرة. يجب التأكيد على أنّه لن يحصل تزاوج عربي مع المدنية دون تطليق الماضي العربي بالثّلاثة.

لقد كنت ذكرت في الماضي إنّ العرب هم أكثر شعوب الأرض احتياجًا إلى ثورة أتاتوركية تفصل الدين عن الدولة. إذ أنّه فيما يخصّ العرب، فليس أبو سفيان وأمثاله، بل إنّ أتاتورك بالذّات هو الحلّ.
***
موقع الكاتب: rdquo;من جهة أخرىldquo;
http://www.salmaghari.blogspot.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لماذا الاستعجال
ادم -

لقد عاب الكاتب على العرب استعجالهم في استخدام المصطلحات من الغرب عن مايخصهم، ولكن الكاتب سقط في فخ الاستعجال ايضا. لااعرف كيف يقيم الكاتب الربيع العربي بعد هذه الشهور القلائل؟ مشكلة الكاتب ومشكلة العديد من المثقفين العرب هو انهم يريدون ان يطوون التاريخ طيا ولايقرأون الامور ضمن سياقها الثقافي والسياسي. الكاتب يعيب على ليبيا لانها اعادت تعدد الزوجات ناسيا النسق الاجتماعي والثقافي الليبي القائم على القبلية وناسيا بأن قضية تعدد الزوجات في المجتمع العربي اصبحت موجودة على الورق اكثر من وجودها على ارض الواقع، لذا فلاخوف الان من عودة العمل بهذا القانون الان في ليبيا لانني اعتقد بأن المجتمع الليبي لن يستسيغه كثيرا على ارض الواقع.اما بخصوص لبنان فأن الكاتب اخطا ايضا هنا لان الربيع لم يمس لبنان الطائفية. اما بخصوص مصر فاعتقد ان شباب الربيع العربي الرائعين هم من يحاول دائما اطفاء الفتنة الطائفية في مصر فلاعيب عليهم ولاعلى ربيعهم ان حدثت مشكلة هنا او هناك الان في مصر. لاتستعجل يااخي الكاتب واستبشر خيرا لان كل عملية تحول تفرز النتن والقميئ في البداية واعتقد ايضا ان كل تحول يحتاج الى وقت لكي نرى ايجابياته واعتقد ان اول ايجابيات هذا الربيع هو طرده لرؤوس الفساد من الحكام العرب والقادم اعظم. محبتي

مقالة قيمة
Red Onion -

تحية للكاتب المحترم،مستحيل ان يأتي اتاتورك آخر والبترودولار الكريهه قد افسد المجتمع العربي بكامله المثقف قبل المتخلف،على فكرة اتاتورك كان رجل لا ديني وربما ملحد،كان يكره البدو وعقائدهم،نجح بتكريس العلمانية في بلده لكرهه الدين الصحراوي،وأرسل كثير من مشايخ المسلمين وراء الشمس وطرد كثير منهم وراء البحار،الآن الإسلاميون في تركيا قد قتلو حصان اتاتورك العلماني وابقوا على العربة المتخلفة تحت ما يسمى التقية الإسلامية العلمانية!!~~لمن لا يعرف; عثمان الخليفة الثالث دفن في مقبرة يهودية ورفض الصلاة عليه وضربوا المسلمين جثته بالحجارة وكسروا اضلاع صدره وهذا حصل بعد قتله بالسيوف لكي لا يدفن في مقابر المسلمين وايضاً القذافي لم يدفن في مقابرهم؟!

العلمانيون ضد الديمقراطية
عدننان شوقي -

من الأفضل أن يكون جنرالات العلمانية العربية (من أهل السيف وأهل القلم) أكثر وضوحا وصدقا مع الذات.. فيقولون إننا ضد ما يسمى بالربيع العربي لأنه فتح الابواب أمام الديمقراطية، وامام مشاركة الشعوب بتقرير مصيرها.. ونحن لا نريد ذلك.. نحن نريد أتاتورك، نريد جنرالاً يجبر هذه الشعوب الجاهلة على أن تصبح أنيقة ولطيفة تتخلص من عقائدها المتحجرة، وتؤمن بنا نحن الأنبياء - الجنرالات، ويسموننا احياناً أيضا: المثقفين.

مقال رائع
عراقي جريح -

لاول امره اجد مقالا منصفا يجسد حقيقه العرب وبما يسمى الربيع العربي فهذا الربيع بالتاكيد انه ليس عربيا بل غربيا يراد منه وضع خطط المستعمر الجديد القديم على طاوله الوطن العربي المتهالك والذي يحتاج الى تجديد في الوجوه والافعال فكما كانت اتفاقيه سايكس بيكو لاقتسام ثروات الوطن العربي قبل قرن من الزمان هاهي الاتفاقيه تتجددولكن بشكل عصري يتلاءم مع متطلبات المرحله ومبروك للشعب العربي الذي سيبقى مفتونا بجهالته

ألدين الصحراوي
laf -

(ألدين الصحراوي) !!! يبدو أن المعلق رقم 2 لديه غيظ خاص علي المسلمين بالذات. الديانات السماويه جميعها نبتت في الصحراء. لماذا التركيز على ديانة العرب أى العرب بالذات --بيت القصيد في التعليق -- دون غيرهم من اصحاب الديانات الأخرى؟؟ أرى تفسيرين لذلك: قد يكون زيادة حبه لأصحاب الصحراء و معتقداتهم ، و قديما قال (العرب) و من الحب ما قتل، التفسير البديل قد يتمثل في انغماس RED ONION (البصل الأحمر) في غي الأيديولوجيا المدمره: البغص. المعروف عن (البصل الأحمر) مذاقه الحلو مع الهامبرجر!!! قد يكون تصحر ألتسامح فعل فعلته و أذهب حلاوه التعليق. (الله؟!!) أعلم؟

نعم للربيع العربي
ادم -

اليوم اثبت شباب مصر وتونس الرائعين بأن الربيع العربي هو نتاجهم وليس نتاج الغرب حسب تصور اصحاب نظرية المؤامرة الغبية. قلنا لا تستعجلوا في الحكم على الربيع العربي لانه في بدايته وقلنا ان من ازاح مبارك وزين العابدين والقذافي وصالح وغدا الاسد لهو قادر على ان يزيل اي نظام جديد يحاول الاساءة في الحكم سواء كان الحكم اخواني اسلامي او عسكري.وهاهم اليوم شباب مصر ينتفضوا من جديد ومن دون يد خفيه كما يتصور اصحاب نظرية المؤامرة لكي يصححوا مسار الثورة. يااصحاب نظرية المؤامرةاتركوا مفاهيم سايكس بيكو وماشابه ذلك وكل ما يتعلق بمفاهيم الحرب الباردة وانظروا الى الواقع بمنظار جديد، واتركوا الغرب في حاله. اهتموا بمصائركم واعملوا على تحقيق الديمقراطية ودولة المؤسسات حينذاك سترون الغرب معنا لان ذلك يحقق مصالحهم في المنطقة وبالاخص الاقتصادية( الديمقراطية ستخلق الاستقرار في المنطقة وهذا يسمح للشركات العالمية بالاستثمار فيها وهذا سيعود بالفائدة على الطرفين) والسياسية( الديمقراطية ستخلق انظمة تؤمن بالخيار الدبلوماسي لحل مشكلة العرب مع اسرائيل وتترك ماتسمى بالمقاومة المسلحة). وشكرا

الدين الحضري
ادم -

الى من تحدث عن الدين الصحراوي اقول يبدو ان فلم الرسالة والدراما العربية جعلت المواطن العربي ينسى بأن مكة قرية او مدينة صغيرة محاطة بسلسلة جبلية والطائف ويثرب ايضا مدن بهية أي ان الاسلام لم يظهر في الصحراء ، بل حتى قريش من بني مخزوم وبني امية وبني هاشم هم ابناء مدن وحضريين طوال حياتهم فهم قدموا من قضاعة جنوب بلاد الشام والتي هي الان حوران التي تحوي درعا الثورة الان.. العرب قسمان فيهم الحضريين والمدنيين وهم الاكثرية ومنهم البدو الاعراب وهم الاقلية والاسلام واليهودية والمسيحية ظهرت كلها في المدن وبين الجبال التي تملأ عسير والحجاز واليمن. اتركوا الدراما العربية تهذر على مزاجها. شكرا

شكرا
محمد عوض -

الكل يعرف أن المشكلة هي نقص الطعام العالمي و ليس ;البحث عن الحرية ; الحمد لله أخيرا ;شهد شاهد من أهلها لقد سئمت من هؤلاء المثقفين حتى المحترمين منهم جدا و هم يشيدون بالمخربين و الارهابيين المعروفين بدون النظر إلى التارخ و رؤية ان أي تغيير جذري لا يأتي سوى بالدم و العنف - للأسف الكل ذهب وراء ;الموضة ; إلى ان خربت بلدان و أصبحت نفس القوات التي حمت البلد لعقود من الزمن ;بلطجية و مجرمة ; و كل يوم نسمع عن هذه القصص المؤثرة عن المجرمين الشبحية و تطلع كذب و انتصارات الثوار و تطلع كذب- الأخبار الحقيقية هي التى نراها اليوم اغتصاب و قتل رئيس دولة أمام العالم و هو في وضع قانوني يجعله أسير حرب و بدون محاسبة و الهمجية و التخلف التي نراها في مصر اليوم من هؤلاء التافهين - للأسف عقول العالم انجرت وراء السراب الخيالي بأن همجية هؤلاء ستجلب الحرية و ليس الخراب - و كأن العراق لم يكن- لن يرى العالم العربي من هذه الثورات إلا اللاستقرار و الفقر و الدكتاتورية بشكل أعظم من قبل .... شكرا لهذا الموضوع .....

#7
laf -

تعليق # 7, لا فظ فوك مع تعليق بسيط: التحظر او التصحر ترتبط بطرق التفكير و وسائل التعبير أكثر من ارتباطها با لمكان.