أصداء

ضد الثورة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حتما سأكون ومعي الآلاف من الحريصين على مصر الوطن وليس النظام، ضد الانتفاضة التي تشهدها اليوم فيما لو خرجت عن سياقها، لتتحول من كونها ثورة حق وحرية وعدالة إلى فوضى وغوغائية وانتهازية.

حتما سأكون ومعي ذات الفريق ضدها إن سمح شباب الأمل باختطافها لصالح احزاب ورموز حزبية لم تقدم لا لمصر ولا للوطن العربي، إلا الرقص على جثث الشهداء دون أي واعز من ضمير.
حتما سنكون ضدها إن ساهم القائمون عليها سواء بقصد أو بدون قصد في النيل من هيبة وعزة وكرامة مصر العروبة التي ستنهار عزتنا وكرامتنا وتداس هيبتنا، إن وضعنا ماضيها وحاضرها ومستقبلها على حافة الهاوية.

نعم ليس بعاقل من يحاول القول إنه ضد حق الشعوب المنتفضة بدوافع مشروعة تماماً لنيل حقها في التغيير والحرية وصولاً إلى العدالة الاجتماعية، وهي شعارات انتفاضة شعب مصر العظيم، الثائر على الظلم والطغيان الذي مورس عليه من قبل المتنفذين في الحزب الحاكم منذ زمن بعيد، ولكن مشكلة هذه الهبة الجماهيرية النبيلة بأهدافها واساليبها وأدواتها، إنما تكمن في كونها انتفاضة بلا قيادة معلومة يمكننا الوثوق أنها سترفع مطالب الشعب لصالح الوطن لا لصالح ارتباطات دولية أو مصالح حزبية ضيقة، مما يجعلها هدفاً مشروعاً لكل الطامعين من كل حدب وصوب، خاصة ونحن أمام انتفاضة كتبت بالخط العريض شهادة وفاة كافة الاحزاب السياسية الهلامية، قبل أن تخرج حزب النظام خارج نطاق الخدمة، لتؤكد مرة أخرى بشكل لا لبس فيه، أن الزمن الآتي، هو زمن الشعوب، دون أي فضل لأي ميديا مؤدلجة، ذات أجندات خاصة تنفذ أهدافاً ليست بريئة بأي حال من الأحوال.

إن قطار تغيير وجه الشرق وبأيادي الشرقيين قد انطلق فعلاً لا قولاً ولن يتوقف أو يتراجع، ومن يعتقد أن المشهد العربي قبل 25-1 هو ذاته بعد ذات التاريخ، كما قال عمرو موسى، فهو مخطئ، ولكننا وبنفس الآمال المنشودة لا نتمنى أن نخرج قطار التغيير من أطر نظم رجعية مترهلة، لندخله بملء إرادتنا لفضاءات واسعة من توثين وعبادة افكار فضفاضة، قد تقسم الشرق إلى شرقين، فنصبح أصحاب ذاكرة ضعيفة، لا تذكر أننا جميعا رأينا بأم أعيننا ان فساد الحياة السياسية في الوطن العربي، شمل كل الاحزاب التقليدية بلا استثناء وأضعف هياكلها وبرامجها وكوادرها، حتى نال من صدقية خطابها السياسي.

ولمن يجهل أو يتجاهل حقيقة هذه الوجوه التي تحاول جاهدة ركوب موجة الشعب، عليه أن يقوم بمراجعة سريعة للأحداث القريبة ومنها، جريمة تكميم الأفواه التي مارسها الحزب الحاكم بمشاركة بعض هذه الأحزاب، ضد أصوات وطنية مشهود لها، كان آخرها صوت الكاتب والصحفي " إبراهيم عيسى " رئيس تحرير جريدة الدستور المصرية، والذي اتهم فيها البدوي رئيس حزب الوفد الحالي، وقبلها كان صوت عمرو أديب وقضية قناة أوربيت الشهيرة.

ولمن يعتقد أن مصر الناصرية ستعود إلى ثوريتها عن طريق تغيير النظام لصالح آخرين يرفعون شعارات لا علاقة لها بواقعهم، عليه أن يرجع إلى التاريخ القريب جداً، ليرى من ساهم وطبق سياسة الغرب في المنطقة العربية، وهو يعمل في وكالة يدار فيها ولا يديرها، ليخرج منها بعد انتهاء مهمته الرئيسية، وعار المشاركة في القضاء على العراق نظاماً ودولة وحضارة، قد كتب في تاريخه المعروف سلفاً بعدائه الشديد للنهج الثوري بشكل عام والناصري بشكل خاص، وللزعيم جمال عبد الناصر نفسه، ليعود علينا محمد البرادعي محاولاً القفز على سدة حكم دولة من أعظم دول العالم تاريخاً وثقافة وشعباً.

ولو ذهبنا يمين المشهد بعيداً عن هذا وذاك، لرأينا حركة الأخوان المسلمين، وهي تطرح شعارات ديمقراطية براقة، كان أبرز منتقديها هو أحد أبرز قياداتها د. عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الارشاد حين قال في إحدى مقالاته نصاً: " إن جماعة لا تعرف الديمقراطية في حياتها الداخلية وفق لوائحها، عاجزة عن ضمان الديمقراطية خارجها ".

وإن وقفنا أمام العديد من الوجوه الحزبية الأخرى فحدث ولا حرج، خاصة بعد هذه الصحوة المفاجئة بعد حالة الموت السريري الذي دخلته بعض تلك الوجوه جماعة وأفراداً منذ أمد بعيد، تارة لاثبات أنهم لم يبرحوا سرير الطاعة والولاء للنظام على قاعدة كفى الله المؤمنين شر القتال، وأخرى كونهم لا يملكون مشروعاً سياسياً يمكن أن يطرح على طاولة الشعب الباحث عن حرية وعدالة يأمل أن تنهي حقبة من تزواج السلطة والثروة، فضلا عن الجهل والفساد والنهب والسرقة التي ضربت عميقاً في جذور المجتمع.

أخيراً وفي إطار هذه المعادلة حتماً سيقول الشعب كلمته آجلا أو عاجلا، إنه ليس مقبولاً بل لا يطاق أو يحتمل، أن يحفر شباب مصر الواعد في ذاكرة التاريخ، انتفاضة كرامة استطاعت أن تحرك المياه الراكدة ليس في مصر وحدها، وإنما في كامل المنطقة، ليقول ان شعب مصر عاد إلى الشارع السياسي ليس من الباب الذي خرج منه وإنما من الباب الأمامي، مؤكداً أنه قادر على إحداث التغيير المأمول في كل المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، ليأتي في ليلة وضحاها فاسد أو جاهل أو ديكتاتور ليحصد ما زرعه المصريون مجبولاً بالدم، وكأن شيطان التفاصيل بعبقريته المعهودة يخرج لنا لسانه وهو يقلب السحر على الساحر، ليؤكد أننا تآمرنا دون أن ندري للنيل من مقدراتنا الوطنية، ما قد يحول الحق إلى باطل والثورة لصالح الوطن، إلى تدمير لهذا الوطن.

من هنا وكي يفهمنا الثائرون فهماً حقيقياً وواضحاً، نقول بشكل لا لبس فيه يجب أن تتعاملوا مع هذه اللحظة التاريخية في حياة مصر العروبة بقدر كبير من المسؤولية، تحفظ لهذه الثورة نبلها الذي روى أرض مصر بدماء الشهداء، كي يقف كل الشعب المصري والعربي إلى جانب الثورة وليس ضد الثورة.

* كاتب وإعلامي فلسطيني
نائب رئيس نقابة العاملين في
هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تناقض
محمد امين ابو خميرة -

الأستاذ أحمد يناقض نفسه حين يقول;ولكن مشكلة هذه الهبة الجماهيرية النبيلة...انما تكمن في كونها بلا قيادة معلومة يمكننا الوثوق انها سترفع مطالب الشعب لصالح الوطن لا لصالح ارتباطات دولية او مصالح حزبية ضيقة مما يجعلها هدفا لكل الطامعين... خاصة ونحن امام انتفاضة كتبت شهادة وفاة كافة الاحزاب السياسية الهلامية...الخ;. فهو يأخذ على الثورة انها بلا قيادة- طبعا هو يسقط الوضع الفلسطيني على مصر مع الاختلاف الهائل، فالشعب الفلسطيني كله مؤطّر سياسيا حتى طلبة المدارس منهم. ففي حالة مصر وقبلها تونس، الهبة هي من اجل الحرية ورفض الاستبداد وتوفير العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد.. الخ، وهي العناوين التي وحدت الشارع. القيادة في الحالتين هم شباب الانترنت تماما كما كانت قيدة - أو لا قيادة الانتفاضة الاولى في فلسطين كما تذكر سيد أحمد- وذلك قبل ان تتبلور القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة لاحقاً. استاذي ان تعيب على الحركة في مصر غياب القيادة وفي الوقت ذاته تريد ان تكون تحت قيادة الاحزاب التي اسميتها بالهلامية، فكيف ذلك؟ الثورة في تونس نجحت بلا قيادة. في مثل هذه الثورات تتبلور وتبرز القيادات مع تفاعل وتطور الاحداث، الا اذا كنت تتحدث عن نظرية المؤامرة... فحينها ، لا مجال للحوار. أخيرا الشعوب العربية تريد ان تتحرر وتنعم بالديموقراطية والعدالة وحقوق الانسان مثل سائر الامم, وبدات في تونس ولن تتوقف بإذن الله الا عند إضاءة آخر زاوية معتمة في هذا الوطن الكبير.