فضاء الرأي

إسلاميو الأردن وثورات الغضب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كتبت كثيرا في السابق نقدا لممارسات وتصريحات جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وحزبهم السياسي " جبهة العمل الإسلامي"، ولأنني لست من مدرسة (عنزة ولو طارت)، وليس لي موقف شخصي من هذه الجماعة، أجدني اليوم أمتلك الجرأة للكتابة عن بعض مواقفهم الإيجابية التي تستحق التقدير والتثمين، خاصة إن أحببناهم أم لا، فهم يتمتعون بجماهيرية أكثر من أي حزب سياسي آخر موال أو معارض في داخل الأردن.

مواقف تستحق التقدير

أثناء اندلاع ثورات الغضب في تونس ومصر التي ما زالت الثورة فيها مستمرة، صدر عن جماعة الإخوان المسلمين الأردنية موقفان ينمّان عن حكمة وبعد نظر، يفهم واقع المجتمع الأردني وعوامل الاستقرار السياسي والاجتماعي فيه، هذا الواقع السائد منذ عام 1920. هذان الموقفان هما:

أولا: تأكيد المحافظة على النظام الأردني

يوم الاثنين الموافق الحادي والثلاثين من يناير الماضي، أي بعد اسبوع من اندلاع ثورة شباب الغضب المصرية، أكّدت الحركة الإسلامية في الأردن ( أنها لا تدعو لتغيير نظام الحكم في المملكة كما في مصر، بل إلى إصلاحات سياسية وحكومات منتخبة ). وقبل استقالة الحكومة السابقة، التقي رئيسها سمير الرفاعي حسب تصريح لزكي بني ارشيد القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي ( وفدا من الحزب، وسلمه مذكرة مكتوبة بمطالبه المعلنة، وهي خاصة استقالة الحكومة وتعديل قانون الانتخاب، وانتخاب رئيس الوزراء، وتشكيل حكومة انقاذ وطني). أمّا حمزة منصورأمين عام الحزب فقد كان أكثر وضوحا في بيان هذا الموقف، حيث قال: ( هناك فرق بين الأردن ومصر، نحن دعاة إصلاح ولسنا دعاة تغيير شامل كما في مصر...لا ندعو إلى تغيير النظام، نعترف بشرعية الهاشميين (العائلة المالكة)، ولكن ما نريد هو إصلاحات سياسية وحكومة منتخبة ).

ثانيا: التصريح بأنّ أمن الأردن واستقراره فريضة شرعية

أعتقد أنه على ضوء الفوضى والعنف والخراب الذي صاحب ثورة شباب الغضب المصرية، التي أثبتت تقارير اقتصادية دولية، أنّ الاقتصاد المصري يخسر يوميا 310 مليون دولارا، أي أنّه حتى العاشر من فبراير الحالي (مرور 17 يوما على اندلاع الثورة ) سيكون الاقتصاد المصري قد خسر ما مجموعه حوالي ثلاثة مليارات ونصف دولار، ناهيك عن تكاليف اصلاح ما حدث من تخريب في بعض المنشآت والمباني الخاصة والعامة. على ضوء ذلك شدّد مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي عقب الاجتماع الطارىء الذي عقده يوم السبت الخامس من فبراير الحالي، على ( أنّ أمن الأردن واستقراره وحمايته فريضة شرعية)، مشدّدا على ( ضرورة توحيد الشعارات ضمن الفعاليات الشعبية المنساقة مع القوى السياسية والشعبية لتتركز على المطالب العامة للشارع الأردني وخاصة المتعلقة بالنواحي المعيشية من ضغوط للأسعار وإصلاح سياسي ومكافحة الفساد).

ومطالب تستحق التلبية والتنفيذ الفوري
وانطلاقا من هذين الموقفين المسؤولين، طرح حزب جبهة العمل الإسلامي مجموعة من المطالب، يلاحظ المراقب للحراك السياسي الأردني، أنها مطالب مطروحة منذ فترة طويلة، وتجمع عليها غالبية أحزاب المعارضة والفاليات الشعبية الوطنية، ومن أهمها:

1. إلغاء قانون انتخابات الصوت الواحد.
2. إجراء تعديلات دستورية تسمح بتخويل رئيس الأغلبية البرلمانية بتولي منصب رئيس الوزراء، وهو تقليد ديمقراطي تأخذ به كافة الأنظمة الملكية الأوربية.
3. إطلاق الحريات العامة بما فيها حرية التعبير والحريات الحزبية والتنظيمية، لتكون كما يقول الملك عبد الله الثاني (حرية سقفها السماء).
4. محاربة الفساد الذي لا ينكر الملك والحكومات المتعاقبة وجوده، بدليل تأسيس هيئة مكافحة الفساد منذ سنوات، لكّن الأحزاب والجماهير تنتقد طريقة عملها في أنها منذ تأسيسها لم تنجز تحقيقا في قضايا الفساد الكبيرة التي يعرف تفاصيلها المواطنون العاديون فما بلك باللجنة ذاتها.
5. وضع آلية جديدة لضمان نزاهة الانتخابات، ربما من خلال إنشاء محكمة دستورية للنظر في الطعون والتجاوزات التي ترافق أية عملية انتخابية.

اجتماع الملك مع قيادات الحركة الإسلامية

وعلى ضوء هذه الخلفية وما رافقها من فعاليات احتجاج شعبية لعدة أسابيع سابقة، اجتمع الملك عبد اله الثاني يوم الخميس الثالث من فبراير الحالي مع وفد من قيادات الحركة الإسلامية الأردنية، وكان موقف الملك في اللقاء منسجما مع مطالب هذه القيادات، خاصة عندما أكّد على ( أهمية أن يعمل الجميع معا من أجل اتخاذ خطوات عملية وفاعلة وملموسة لتحقيق التقدم اللازم في عملية الإصلاح السياسي، الذي يزيد من مشاركة المواطنين في صناعة القرار )، ومشدّدا على ( أنّ الإصلاح الاقتصادي لن يصل مداه المطلوب من دون الإصلاح السياسي ). وحسب بيان للديوان الملكي الأردني عن بعض تفاصيل هذا اللقاء فقد كانت رؤية الملك أكثر صراحة من مطالب القيادات الحزبية، إذ اشار ( إلى أنّ مسيرة الإصلاح الشامل تعثرت وتباطأت، مما كلف الوطن فرصا كثيرة نتيجة تقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة والمناكفات ضيقة الأفق، والخوف من التغيير والتردد في اتخاذ القرار من قبل العديد ممن تولوا المسؤولية العامة ). وأوضح أيضا أنّ هذه الرؤى ( يجب أن تترجم عبر خطوات عملية إلى واقع ملموس يعيشه جميع الأردنيين، عبر سياسات إصلاحية جادة تستهدف مصلحة الوطن، ولا تتراجع أمام ضغوطات القوى التي لا تريد الإصلاح حماية لمصالحها الشخصية)، وهذا اعتراف صريح من الملك بعدم وجود الشفافية عند التطبيق، وهذا ما يلاحظه الجميع، فهناك فرق شاسع بين كتاب التكليف الملكي وممارسات الحكومات التي تتشكل بناء على هذا التكليف، فخطاب التكليف في واد وممارسات الحكومات في واد آخر، لا جسر بين الواديين.

التوقعات العاجلة

لذلك يتوقع مراقبو الشأن الأردني، أن تسرّع حكومة الدكتور معروف البخيت، سواء شارك فيها الإسلاميون أم لم يشاركوا، باتخاذ خطوات سريعة لتحقيق هذه المطالب، وربما يكون أولها تعديل قانون الانتخابات حسب المطالب السابقة، وبعد ذلك حلّ البرلمان الحالي الذي عليه اعتراضات شديدة، وغير ممثل فيها الإسلاميون نتيجة مقاطعتهم الانتخابات، ثم إجراء انتخابات حسب القانون الجديد مع ضمان أعلى حد من نزاهتها. إنّ تحقيق هذه التوقعات المطلوبة حزبيا وشعبيا، مرهون باستمرار إرادة التغيير الشعبية التي وصلت رسالتها للملك فكان تجاوبه سريعا معها، والمهم بنفس المستوى هو متابعة الملك شخصيا لتكون الممارسات الحكومية في مستوى الطموحات الشعبية، مترافقا مع رقابة البرلمان الجديد أيضا بشفافية بعيدا عن الاصطفافات الحزبية والعشائرية. إنّ شباب ثورات الغضب العربية ما عاد يرضيهم الجراحات التجميلية لإصلاحات ديكورية، فممارسات ما قبل الخامس والعشرين من يناير المصري، لن تستمر مطلقا بعده في كل العواصم العربية.
ahmad.164@live.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ارحلوا عن بلادنا
قواد ابن نبي -

رحيل الهاشميين والفلسطينية عن الاردن هو الحل

مستعمرين
بياع أوطان وجنسة -

لماذا لا يرحل الفلسطينيين عن بلادنا,بعد ان فك الهاشميين والفلسطينيين الارتباط بين الشعبين

قرار أمريكي
قواد ابن نبي -

غير صالح للنشر

تحن لم نخلقكم
معاني عايف ربه -

نحن نريد الحرية وبلادنا لنا ,ونريد من الهاشميين والفلسطيينيين الرحيل عن بلادنا

نفس المعلق
مازن -

اجزم ان التعليقات الاربعة الأولى هي من نفس الشخص تحت مسميات مختلفة لأنه يكرر نفس الكلام بذرق مختلفة. فهو اما عاذل عن العمل ويتفرغ للتعليقات ام انه فاشل وليس لديه ما يقوله.

الى رقم 1 ارحل انت
الكوفية الحمراء -

من رقم 1 الى رقم 4 لماذا لا ترحل انت يا محترم رقم 1 والموضوع هنا ليس رحيل الهاشميون اللذين اسسوا الاردن الحديت وكونوا وحدة فريدة من نوعها بين الضفة الشرقية والضفة الغربية ولكن الشعب الفلسطيني اراد ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية مممثلا شرعيا ووحيدا له برئاسة ياسر عرفات وقد تم فك الارتباط الاداري والقانوني بين المملكة الاردنية الهاشمية والضفة الغربية بناءا على ذلك . وفي اعتقادي ان سياسة الاصلاحات لن تنجح إلا بعد القضاء نهائيا على مراكز القوة والكل يعرف من هي مراكز القوة ( ........ ) وإعادة الولاية الكاملة للحكومة حتى يتحمل رئيس الوزراء وفريقه كامل المسوؤلية عن اعمالهم وقد اتبت الاحدات الماضية ان تدخلات هذة القوة سببت الفساد والفقر والجوع والبطئ في الاصلاح السياسي والاقتصادي وشكرا .

خاوة وفلافل
Darwin -

المملكة الفلسطينية الهاشمية في الحجاز هو حل من أحسن الحلول المطروحة

لا شرعية لأي ملك
بحري -

اسفت اشد الاسف لقرائتي مقالك هذا . ما ارى ان الاخوان يعملون ضمن مصالحهم الضيقة ولا يهمهم مصالح البلد. البلد لا يتقدم ما دام هناك ملك يحل البرلمان ويعين الوزارة هذا يعني انه يملك البلد وكأنه مزرعته الخاصة. نظرية المستبد المنير هي مرتكز الديكتاتوريةوهي سبب المشكلة.برأيي أن الأخوان يستغلون فزع الملك لدفع أجندتهم

وطن الجميع
احمد الاردني -

الاخوان المسلمين يحاولون ركوب الموجه يطلبون التغيير ويرفضون المشاركه فيالحكومه ويرفضون المشاركه في الانتخابات النيابيه ثم يدعون اها مزوره ويمارسون التحريض ضد الوطن ويدعون الحرص على أمنه متناقضون دائما يدعون محاربة الفساد وجمعيتهم امام القضاء بتهمة الفساد يكفرون امريكا ويهرولون الى لقاء سفاراتها واعلامها اما الهاشميون فهم محل اتفاق الجميع والاردن وطن الجميع من شتى الاصول والمنابت اسره واحده

تحمل المسؤولية
عبدالباسط -

يشعر جلال الملك عبد الله الثاني هذه الأيام بأن الأرض تهتز تحت قدميه و ربما تؤثر على إستقرار الكرسي الذي يجلس عليه . إن مبادرة جلالته بحل حكومة سمير الرفاعي و تكليف معروف البخيت بتشكيل الوزارة ليست بالأمر الكاف لتثبت الأرض تحت القدمين . ثمة الكثير من التعديلات التي يجب تنفيذها فوريا و بات أمر التهرب منها أو التغاضي عنها يؤدي إلى زعزعت الأستقرار في المملكة .ما حدث في تونس و مصر يفرض أمورا جديدة لابد من أخذها بعين الإعتبار و لعل قانون الإنتخابات النيابية و التزوير الذي شاب عملية الإنتخابات الأخيرة يعتبر من الأولويات التي يجب إعادة النظر بها , و النظام يستطيع أن يثبت حسن نيته بالبدء بإصلاح هذا الملف الذي أسفر على فضائح تزكم الأنوف و تضعف مصداقية النظام. كما أن النظام مطالب و بإلحاح شديد بتطبيق القانون على المفسدين الذين يتلاعبون بالمال العام و يروجون للفساد و الرشوة و المحسوبية . إن إرتباطات السياسة الخارجية للأردن يحتاج للمراجعة , فالشعب الأردني مستاء جدا من وجود علاقات خاصة بين عمان و تل ابيب وواشنطن . نتمنى أن يتدارك الملك عبدالله الثاني أن يتحمل المسؤولية كاملة للقضاء على هذه النواقص النتي يتسم بها نظامه و إلا فالعاصفة قادمة لا محال.

الاردن عزيز
صالح -

الهاشميين هم صمام الامان والاستقرار في الاردن ولا بديل عن ذللك . ونرجو اللة ان ييسر لهم البطانة الصالحةللاصلاح ومكافحة الفساد الاداري والمالي