لا ترحلوا من ميدان التحرير أو احملوه معكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
القضية لا تتلخص في نظام رحل ورئيس انهار بعد عقود من التأليه، لكن الأهم والأجمل قدرة شعب بالكامل أن يبدع في أقل من عشرين يوماً ما اعتقدنا أنه مستحيل، فكل مظاهر المجتمع المصري قبل ثورة يناير كانت تشي بانهيار كامل، فتن وطوائف وفرق، وكل يغني في سربه ولا يسمعه الآخرون، تجمعات فئوية مغلقة، وأفكار منغلقة كان يراهن النظام عليها، بل أنه ساهم فيها بامتياز، مستغلاً رغبتنا في تكوين مجتمعات منفصلة ليظل هو الإله الأوحد للأقاليم المصرية. فلا ترحلوا من ميدان التحرير، أو احملوه معكم إن استطعتم، فما تحقق هناك ثورة اجتماعية بكل المقاييس، فالدولة الجديدة التي تحملت كل الأطياف بعقد اجتماعي فريد وجديد، لابد أن تستمر، فلن نكتفي بأن نحكي عنها لأولادنا، أو أن نقررها عليهم في كتبهم الدراسية، بل عليهم أن يعيشوه إلى المنتهى، ليستكملوا الحلم للنهاية.
فرغم كل الانقسامات الداخلية في الميدان بين مختلف التيارات الفكرية أو السياسية، والتي مثلت خطورة في مرحلة ما، إلا أن مشروع الدولة الجديدة احتوى أي انفصال ممكن، بل وأضفى مشروعية جديدة على الاختلاف وحوله من صراع إلى حالة صحية متكاملة الأركان.فثورة الشباب لم تتجسد فقط في ذوي التوجهات الليبرالية أو الحديثة، بل تجاوز ذلك إلى شباب التيار الديني، الذين اختبروا شيوخهم فانكشف زيفهم وذاتهم المتضخمة وعبثهم بمقدرات وطن كان يعاني من أحادية في الرؤية ساهم فيها التيار الديني والنظام السياسي على السواء.فالثورة الجديدة هي ثورة جيل على أجيال رسخت داخلنا الخنوع وعدم الرغبة في التغير.فالحقيقة الوحيدة الثابتة الآن هي دولة الميدان التي أعلنت عن وجودها تحت شعار "لا عسكرية ولا دينية".
الشارع المصري الذي شعر ولأول مرة أنه حر، فخرج بعد بيان التنازل ليحطم كل قيود الصمت، يثبت أنه كان متضامناً بكل عناصره مع الثورة الجديدة حتى وإن كان تضامناً سلبياً، ولا أستطيع أن أتخيل وجه الرئيس السابق مبارك الذي خرج علينا ذات يوم بنظرة نارية ووجه يقطر منه الغضب ليعلن أنه باقِ لأبد الآبدين، وهو يشاهد ابتهاج شعبي أصيل بيوم رحيله، والأهم رحيل كل أنظمة الاستبداد والفساد، وقد ساعدهم على ذلك شعار كان يرفعه شباب اللجان الشعبية على خطورته وهو: "من النهاردة مفيش حكومة أنا الحكومة"، (والحكومة تعني وبشكل مباشر في العقلية الشعبية المصرية جهاز الشرطة)، صحيح أن مخطط تسليح الشعب المصري كان يشي ببداية الفوضى، بعد غياب النظم الأمنية على تعددها، خاصة إذا مددنا الخيط لنهايته، وتخيلنا أن تلك اللجان الشعبية قد تحولت إلى قيادات متكاملة ثم قررت الاستيلاء على المراكز الحيوية للدولة، لتعود مصر إلى عهود الظلام، فذلك كان سيناريو الفوضى المُعد مسبقاً من قبل التيارات المنظمة التي كانت تجوب الحارات والشوارع توزع مخططاً متكامل الأركان لهدم مفهوم الدولة من الأساس.و رغم سلبية هذا السيناريو إلا أن قدرة الشعب المصري أن يتخلى عن مفهوم السلطة والحماية المفتعلة التي كان يفرضها النظام، جعله أكثر ثقة وقوة، فلن يعد رجل الشارع يسمح بعد الآن بأن يكون مستغلاً من قبل نظام أو سلطة أياً كانت ملامحها.
فدولة ميدان التحرير قد خلقت حالة من النظام والتناغم الداخلي، سيكون لها صداها في كل المجتمعات المحيطة، فالجزائر اليوم، وسوريا وإيران غداً، وغيرهما الكثير، واستطيع أن أخبركم الآن بالتفاصيل التي ستكون متشابه إلى حد بعيد، فالأنظمة العربية يبدو أنها خرجت جميعاً من قمقم واحد، قمع أمني ثم تحرك شعبي، فتحركات احتجاجية واعتراضات دولية تنتظر المهزوم، ثم رحيل أو هروب أو تنازل، أي انهيار لنظام قديم، ويتصاحب ذلك مع أطماع بعض التيارات الدينية والزعماء السياسيين المهزومين من الأساس منذ عقود، سيناريوهات متشابه لمجتمعات مأزومة، ورؤساء وزعماء يختفون فجأة وكأنهم لم يكونوا يوماً، وكأننا كنا نعيش تحت ثقل الوهم.
فالنظام الذي سقط اسقط معه كل أقنعة الزيف التي كنا نتوارى خلفها وخلف رموزها منذ عقود، والمفترض ألا ننتظر مخلص جديد يأتي لنا بالعسل والخبز من سماء بعيدة أو يعدنا بجنة موعودة، فكل مفاهيم البطولة الفردية قد انهارت رغم محاولات البعض أن يلتقطها من جديد. والثورة الحقيقية لم تبدأ بعد، على كل منظومات التفكير الفاسدة التي تراكمت في عقلنا الجمعي و أنتجت قياصرة متعددي الأشكال والأحجام، التغير الحقيقي لابد أن يبدأ من قاعدة الهرم الاجتماعي الآن بعد إسقاط قمته، وإلا ستبرز له قمة جديدة تشبه ما هدمناه، فالديكتاتورية طبيعة تفكير أكثر منها فرد أو نظام.فلا ترحلوا من الميدان، فقد تعتصم به ابنتي ذات الأربع سنوات ذات يوم في ثورة جديدة ضد طاغية جديد إن لم نتمكن أن نخلق اليوم عالم يليق بالتحرير.
أكاديمي مصري
ahmedlashin@hotmail.co.uk
التعليقات
ثورة 25
متابع -ثورة الشباب المصري ليست فقط في ميدان التحرير بل في كل مصر بل في كل الوطن العربي،ولكني ادرك وجهة نظرك استاذ لاشين فالحرية ستكون شعار الجيل الجديد
لاباس ان عدت نادما
عراقي يكره البعثيه -بداية جيده من هذا الكاتب الذي كان مطبلا للديكتاتور حسني مبارك ولكنه وبعد لن تيقن ان الشعب المصري عازم على ركل حسني مبارك اذعن لصوت العقل وهاهو يعود متاسفا ومعتذرا عن تطبيله لنظام حسني مبارك المخلوع.. نتمنى مره ثانيه ان تترك اسلو النظام الحسني المخلوع في تاجيج الفتنه بين السنه والشيعه لان هذا الامر بات من اعمال الصهاينه فقط ومن يركب في قافلتهم فانه منهم وسنضعه في سلة مهملاتنا فاحذر وانا لك ناصح امين والسلام على من اتبع العقل والرشد
Your
Lebanese -مخالف لشروط النشر
بعينه
OMAR -تحول الكاتب من مطبلين للنظام المصري الى ثوري درجه اولى ,, سبحان مغير الاحوال
إلى رقم2 ،3،4
متابع -لم يكن أستاذ لاشين مطبلاً لأحد يا سادة،ولكن مصيبتكم أنكم تحاسبوه من واقع كونه ضد النظام الإيراني ،وأنتم من أذنابه ولديكم على جانب المقال سلسال مقالاته أقرأوها جيدا وقد تفهموا واشك في ذلك لأنكم تحاسبوه على فضحه لإيران الديكتاتوريةتحياتي للجميع أيها المنتفعون
سبحان مغير الاحوال
محمد -كم مقالة قرأنا للاشين في مدح النظام المصري؟؟الكثير طبعا، وهذا ليس افتراء فمن حسن الحظ ارشيف ايلاف غير معطل
عيش رجباً ترى عجباً
OMAR -المتابع هو الكاتب نفسه يدافع عن خيبه امره ,,, عيش رجباً ترى عجباً
انكشف المسكين
الصيداوي -لا أشك قيد أنمله ان المدعو متابع هو نفسه (حماده ),و فات المتظاهرون في ميدان التحرير ان يكتبوا(( الشعب المصري يريد اسقاط مبارك وتامر حسني .. ولاشين بطل السباحه بالطست))
لاشين او متابع
عراقي يكره البعثيه -يالاشين افندي هل تتصور ان القراء لايعرفون كيف يراجعوا تاريخك وماكتبته في النظام المصري المقبور والطاغيه حسني اللا مبارك؟ فقط راجعوا لاشين وستعرفوا انه كان يجب ان يصعد الطائرة مع حسني يوم هرب المخلوع وكما هرب الطاغيه صدام وترك بغداد تسقط بدبابتين وهامر واحده وبعدها وجدوه في حفرة فار ... وكما هرب قبله شين الهاربين وكما سيهرب بعدهم الكثير من الطواغيت... وسيلحق بهم لاشين وامثاله .. رحبنا به في تعليقي الاول لكنه عاد وانكر ماكتب في تطبيل لمبارك باسم متابع ؟؟
ثورة إلى الأبد
محمد جبريل -يا فلول النظام ويا أكلى الحرام ويا إعلام اللئام لا تقللوا من عظمة الثورة الشعبية التى قام بها كل الشعب فلا تهاجموا الشباب وهو يحميها لأنها مازالت فى مهدها ويخشوا إنتكاسها ولم تحقق كل أهدافها وأعداءها يتربصوا بها فكفى كلامكم الخبيث الذى يراد به باطل فأحملوا أوزار من تضلونهم مع أوزاركم وموتوا بغيظكم
ثورة للأبد
محمد جبريل -يا فلول النظام ويا أكلى الحرام ويا إعلام اللئام لا تقللوا من عظمة الثورة الشعبية التى قام بها كل الشعب فلا تهاجموا الشباب وهو يحميها لأنها مازالت فى مهدها ويخشوا إنتكاسها ولم تحقق كل أهدافها وأعداءها يتربصوا بها فكفى كلامكم الخبيث الذى يراد به باطل فأحملوا أوزار من تضلونهم مع أوزاركم وموتوا بغيظكم