كنت معهم في ميدان التحرير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
العمر تعدى الخمسين.. السنوات الباقية اقل كثيرا كثيرا مما راح منها، واعنى " راح " كلمة ومعنى _وفي مثل هذا العمر نؤثر السلامة وراحة البال.. يالله حسن الختام.
لكن فجأة - ولا ابالغ - استيقظ داخلي شاب في العشرين كان ثائرا دائما في طلب الحق، لكن لنفسه فقط، غير ان الباطل دائما كان الاقوى، كسًر ضلوعه وهزمه فارتضى باستكانة الضعفاء بنصيبه وغادر بلاده يبحث عن لقمة عيش ضن بها عليه وطنه الكبير.
وعندما رأيت مارآه العالم في ميدان التحرير تذكرت كلمات شاعر شاب يردد المتظاهرون كلماته:
انا اللي صاحب البيت.. عايش بدون لازمة
ولما مرة شكيت.. ادوني بالجزمة
تذكرت ايضا لنفس الشاعر:
ح امشي ويا الشحاتين ابحث عن حلمي اللي تاه
بس مش ح اشحت رغيف.. ح اشحت وطن لله
وعندها قررت ان انزل الى ميدان التحرير لأعش هذه اللحظة - لا اقول التاريخية وان كانت كذلك - ولكن العاطفية.. ففيها من الشجن والحب والوله مايعجز القلم عن رصده ووصفه.. فالمحبوبة هنا.. هى مصر.
( 1 )
ياه.. ياخبر ابيض.. مصر.. والله والله كدت ان انساها ليست كأسم ولكن كمعنى.. وياله من معنى يهز الجبال هزا، فما بالك بقلب قد شاب وكبر واوجعه من ناسها ما ادمعه وادماه.
الثلاثاء 25 يناير.. نزلت على استحياء.. لا اعرف لقدماى وجهة بعينها.. وقبلها سألتني زوجتي: الى اين؟ فأجبت: ح انزل واشوف ايه حكاية عيال الفيسبوك. ولأنها تصغرني بعشرة اعوام ولايزال قلبها شابا ردت متساءلة ومستنكرة: عيال.. مش يمكن يكونوا " أرجل " منكم؟!
وكأنها تحفزني على المضي الى المظاهرة حتى ظننت انها تريد التخلص مني، ففي مثل عمري لايحتاج الشرطي لرصاصة حية تُرديني قتيلا، فكفاه ان يلًوح لي بعصاه كي اموت من " الخضة"!
( 2 )
قادتني قدماى مشيا من مدينة نصر الى وسط البلد، وتحديدا عند دار القضاء العالي.. رأيت مئات الشباب في البداية والاف من عساكر الامن المركزي فعرفت الجواب من عنوانه.. رأيت رجلا عجوزا فوق السبعين.. عيناه تدمعان يقترب من شاب في العشرين.. امسك بيده بقوة وقال له: يابني ياحبيبي.. هات لي حقي.
رد عليه الشاب وانا ارقب عن قرب: ارجع انت ياحاج بيتك.. وح اجيب حقك لحد عندك.
فرد العجوز: والله مايحصل ابدا.. ولو ح اموت.. مانا ميت بقالي 70 سنة.. خليني معاكم يمكن ربنا يكرمني بالشهادة.
دمعت عينا الشاب وكان واضحا من هندامه انه من طبقة لاتعاني فقرا ولا جوعا، فأمسك بيد العجوز وقال له: يالا بينا على ميدان التحرير.
حتى هذه اللحظة كنت فقط ارقب غير مشارك بفاعلية.. لم اهتف ولم ارفع يدى الا بمنديل كلينكس امسح دمعة سالت " غصب عني "
كانت الساعة تفتب من الثالثة عصرا والاعداد في وسط البلد بالمئات وفجأة وانا باتجاهي الى الميدان الذي يؤدي اليه شوارع كثيرة رأيت الالاف تتدفق من كل جانب وكل صوب في اتجاه واحد.. التحرير الذي صار اسما ومعنى في ان.. الشرطة وافرادها - ولا اقول رجالها - متأهبة، لكنني لمحت في عيونهم خوفا.. هذه المرة ليست ككل المرات السابقة.. يتساءلون فيما
بينهم: فين كفاية وفين حركة 6 ابريل ووقفات الاحتجاج على سلالم نقابة الصحفيين.. يوم ان يكثر العدد لايتعدى الالف.. كنا - والكلام اكاد اسمعه - نقف نحيطهم فقط، والاسم اننا في بلد ديمقراطي حتى ينفضوا وكل واحد يروح لحال سبيله، لكن - لازلت اسمعهم - ايه اللي حصل.. مئات الالاف يكتظ بهم الميدان.. والقادمون اكثر بكثير.
صدرت الاوامر الاولية عبر اللاسلكي: سين ينادي عين.. هل تسمعني؟
اضرب ياعسكري بما في يدك من هروات وعصا مكهربة
- نعم سعادتك.. اسمعك.. لكن العدد رهيب والاصرار في العيون مرعب ومخيف.
- ويأتي الصوت الامر بغلظة: اطلق القنابل المسيلة للدموع حتى تُعمي هذه العيون وتُطفىء اصرارها.
- قبل ان تأمرنا سعادتك.. فعلنا.. ولا فائدة.
- اذن اطلق الرصاص المطاطي
- قبل ان تأمرنا سعادتك اطلقناه.. ولا فائدة، وان كنت لاتصدق تعالي وشوف بنفسك.
- يعني ايه.. مش قادرين على شوية العيال بتوع الفيسبوك
والانترنت؟
- - تعالي يافندم، واذا استطعت انت، فسوف اؤدي لك تحية لم يؤدها من قبل شرطي لقائده!
( 3 )
اعداد المصابين في هذا اليوم تعدوا الالف من الضرب على الرأس والرصاص المطاط والقنابل المسيلة للدموع - وارد امريكا منتهية الصلاحية- واول فوج من الشهداء.. سالي ومحمد وتامر ومصطفى.
فقط رأيت سالي.. لم اكن اعرفها او بالاحرى لم انل شرف التعرف عليها.. كانت بجواري وانا ابحث عن ركن اتخفى فيه ووراءه بعد ان اعماني دخان القنابل.. ضابط او امين شرطة او عسكري.. لم احدد رتبته..على مسافة قريبة من المكان الذي اختبىء فيه.. سالي البنت " أرجل" مني.. وقفت متحدية العساكر والضباط.. فضربها احدهم على رأسها بـ " الشومة "، ضربة لم تكن ابدا لردعها وارجاعها.. لكن كانت لقتلها.. نافورة دم فارت من رأس سالي.. لم يستطع احد ممن معها ان يصل اليها.. معركة غير متكافئة بين افراد شرطة بأسلحة وذخائر وشباب زي الورد بلافتات مكتوب عليها.. حرية.. عدالة.. عيشة كريمة " واعلام لم ارها في حياتي بكل هذه العظمة مرفوعة بالايادي.
ماتت البنت.. سالي ماتت.. انتقل العراك الى مكان غير بعيد وخلا المكان الا من سالي وانا.. والله والله.. كانت ابتسامتها وهى ميتة كأنها عروس في ليلة زفافها، والدماء التي سالت من رأسها كأنها اروع ماكياج لو جلست عاما تحت امهر ماكيير ماجعلها بكل هذا الجمال وهذه الحلاوة.
ينصر دينك ياسالي يابنت بمليون راجل.. ملت نحوها اضحك والدموع في عيني تُغرق امة.. قبًلت يديها وقدميها وتوضأت ببعض من دمائها الطاهرة وصليت عليها وحدي صلاة الجنازة.
وقررت بعدها... لن اغادر ميدان التحرير.
( 4 )
دست بحذائي ضعفي وخنوعي واستكانتي.. لم اعد فقط مراقبا للحدث بل مشاركل فعالا فيه.. من الثلاثاء الى جمعة الغضب كما اسماها الشباب الورد اقتربت كثيرا منهم.. هالني هذا الوعي السياسي الشديد وهذا الفهم العميق لمعنى كلمة " كرامة انسان ".. الميدان اصبح محتلا من ابنائه، والجدع يقرًب ويُخليه منهم.. عملية تنظيمية شديدة الروعة.. البنات " الفل " في الخلفية قرب مجمع التحرير ينمن في الليل بسلام.. والشباب " العسل " يخلعون ملابسهم الثقيلة لتغطيتهن من برد يناير القارس.. مسافة لاتقل عن عشرين مترا بين البنات والشباب " الرجالة " حتى ينمن محافظات على خصوصيتهن... على مداخل شوارع الميدان شبان عتاولة يتبادلون المواقع كل 3 ساعات لاخذ قسط من الراحة استعداد لشمس يوم جديد.
كلنا جعانين.. عايزين ناكل.. فاللبطون ايضا ثورتها.. يذهب الف او الفان الى بيوتهم ويعودون ببيض مسلوق وارغفة خبز وجبن وحلاوة وبقسماط.. البيضة على اتنين والرغيف على اربعة وكوب الماء يسقي عشرة.. لسنا في نزهة ولا رحلة.. فقط نريد ان نظل واقفين حتى نأكل الشهد بعد ذلك.
( 5 )
وائل غنيم.. يوم الخميس قرب منتصف الليل سمعت اسمه يتردد بين الشباب.. وائل مش لاقيينه.. راح فين.. يقول احدهم اتصلت به في البيت وقالت لي امه: مرجعش.. يعلق احدهم بلغة شبابية جميلة رغم صعوبة الموقف: " عكشوه ولاد الهرمة "
سألت: مين وائل غنيم؟
فرد احدهم: خالد سعيد
لم افهم وسألت: وائل غنيم ولا خالد سعيد بتاع اسكندرية اللي مات؟
فرد: وائل هو خالد سعيد او هكذا نطلق عليه.. هو صاحب موقع " كلنا خالد سعيد " والاثنان هما السبب فيما رايته.. وسوف تراه.
سألته ببعض الاستكانة التي لم تبرحني بعد: طيب وبعدين ياشباب.. اخرتها ايه.. انا خايف من بكره.
فرد كأنه يعلمني وهو يصغرني بثلاثين عاما: كلنا خايفين.. بس مش ح نمشي.
سألته: جبتوا القوة دي كلها منين؟
فرد: من القراءة والعلم والانفتاح على العالم، وقبل هذا وذاك من مصر.
قلت سامحوني.. كنت اهزأ بكم وناقم عليكم.. وقلت في حقكم ماقاله مالك في الخمر.. كنت اقول عنكم شباب مدلع.. هايف بتاع الجينز الساقط المقطوع.. وغرف الشات وافلام السكس واعدت السؤال: جبتوا القوة دي كلها منين؟
رد باسما ولم الحظ في عينيه حتى عتابا على كلامي: احنا اكتر جيل اتظلم.. اكتر حتى من جيلكم
قلت: لكنني اراكم ماشاء الله من اسر ليست فقيرة وفيكم ماشاء الله من تعلم في الجامعة الامريكية وفي الخارج ومعظمكم لايعاني الفقر والعوز والحاجة.. واعدت السؤال ثانية: جبتوا القوة دي كلها منين؟
رد الشاب الجميل: الناس لاتثور فقط من اجل لقمة العيش.. الحرية والكرامة اهم.
لجًم لساني باجابته.. فسألته عن وائل غنيم وقد عرفته اسما ومعنى ورمزا: وفين صاحبكم؟
رد: قبضوا عليه
قلت: تقولها ببساطة.. لماذا؟
فرد: لانه راجع تاني
سألته: مين حيرجعه؟
قال: احنا... ولأول مرة اشعر بقوة بكلمة " احنا " فعرفت اجابة سؤالي: جبتوا القوة دي كلها منين؟
( 6 )
" جمعة الغضب ".. الحاضر يقول للغايب.. مصر كلها في ميدان التحرير.. مفيش نت.. قطعوه.. مفيش موبايل.. فصلوه.. بس صوتنا اقوى من النت والمحمول واقوى مليون الف مرة ممن قطعوا عنا وسائل الاتصال.
ياعادل.. قول لعم صابر ينزل.. ويانهى قولي لام علية تيجي.. ويابوحميد هات ولادك ومراتك وتعالى.. ماحدش يخاف.. ح ياخدوا منكم ايه اكتر م اللي خدوه؟.. البلد حالها وقف؟.. ياسلام وهو امتى كان ماشي.. الاقتصاد وقع؟.. ياحلاوتك.. وهو امتى كان قام؟.. البلد ح تخرب؟.. مش احنا اللي خربناها.. الحزب الوطني اتحرق؟.. مش احنا اللي حرقناه.. المتحف المصري اتسرق؟.. مش احنا اللي سرقناه.. الناس مرعوبة في بيوتها؟.. خليهم ينزلوا ويشموا هوا الحرية في ميدان التحرير.
.. ياسبحان الله.. كل سؤال له اجابة.. لأ وايه.. اجابة قاطعة حازمة صارمة توحي بما هو ات.
صلينا الجمعة في الميدان.. لايزيد العدد عن مائة الف.. ومائة الف ليست ابدا بالقليل.. وبعد الجمعة اصبحنا قرابة المليون... والشعب يريد اسقاط النظام.
شعار جديد.. ثلاثة ايام لم يخرج تصريح واحد للتهدئة.. شوية عيال وح يزهقواوتأتي الاجابة بتحد واثق: لأ.. واللي خلق الخلق، مش ح نزهق.
التليفزيون المصري - والاسم خسارة فيه -: احذروا الاجندات الخارجية.. تدخلات اجنبية.. الحقوا الاخوان بيندسوا بينكم.. والكنتاكي 3 وجبات في اليوم وكروت الموبايل ببلاش.. البلد ح تخرب يا اهل البلد.. اعداء الوطن في ميدان التحرير.. احموا وطنكم من اعدائه، التفت بجواري فوجدت اسراء عبد الفتاح.. شابة جميلة من مؤسسي حركة 6 ابريل.. اعرفها من مشاهدتي لها في التليفزيون. سألتها: اسراء احنا اعداء الوطن؟
فضحكت ضحكة ساحرة وقالت: فكروني بفيلم " البرىء ".. الله يرحمك يا احمد يازكي.. عسكري ضحكوا عليه واعطوه بندقية وكرباج.. اضرب.. دول اعداء الوطن.. وعندما عرف الحقيقة نسف بسلاحه الاعداء الحقيقيين.
قلت لها: ولكن قناة الجزيرة تبالغ كثيرا؟
ردت اسراء: المبالغة في نقل الحقيقة لا تنفي وجود الحقيقة نفسها.. اعطيك مثالا حيا: لو احنا نص مليون في ميدان التحرير.. الجزيرة تقول 700 الف.. ماشي.. اوكيه.. هو احنا ح نعد وراها؟.. لكن تليفزيون بلدنا - ولاحظ كلمة بلدنا - يقول عشرات المتظاهرين.. ثم وهى تضحك: هو البعيد اعمى مش شايف.. يا أخي ده حتى الكدب فن، وتليفزيون بلدنا حتى وهو بيكذب اهبل وعبيط.
اسألها: خايفة يا اسراء؟
تجيب: مش من الموت.. سالي ماتت ورامي وغيرهم كتير، كلنا حنموت بكره.. بعده.. بس البلد لازم تعيش.
قلت لها: انت زي بنتي.. نفسي ابوس دماغك العالية وايديك العفيًة
فردت دامعة: وانت زي ابويا، خدني في حضنك ودفيني.
( 7 )
دارت المعركة بين العصر والمغرب.. معركة حربية.. قل عنها ماشئت.. الضرب لم يفرق بين كبير وصغير، الرصاص يتطاير يرصد الرؤوس والصدور والقلوب.. دبابات الجيش نزلت.. الوضع اصبح خارج السيطرة.. البلد فعلا بتولع، بس مش العيال " الرجالة " هما اللي ح يولعوها.
هدأت الاوضاع نسبيا بنزول رجال - والكلمة اعنيها - القوات المسلحة، وبيننا كشعب ورجال الجيش معاهدة حب معلنة وخافية: احنا في حماكم وصدورنا عارية ودانة مدفع اذا اُطلقت تقتل الفين.. فهل انتم فاعلون؟
وتجىء الاجابة بعفوية غير مغلفة بسياسة ولا دبلوماسية: انتم ولادنا وبناتنا وشرفنا.. انتم مصر.. معقولة نقتل امنا؟!!
( 8 )
بيان هام لرئيس الجمهورية بعد قليل.. كانت الساعة تقريبا السابعة مساء.. وبعد قليل هذه جاءت بعد 7 ساعات.. مسخرة.. لكن لنسمع: الاخوة المواطنون.. جرجر جرجر جرجر على رأى اخواننا الهنود.. 13 دقيقة لايقول شيئا مفيدا وفي النهاية استقالة الحكومة.
" زغردي ياللي مانتش غرمانة " سمعتها من بنت بلد بجواري.. وبعدها يخرج شعار يهز الميدان هزا: ارحل ارحل.. مش عايزينك.. ودعوة جادة وقد التهب الميدان وجذب بين اطيافه جميع الفئات والاعمار لمظاهرة مليونية يوم الثلاثاء.. وفجأة انسحبت الشرطة من الميدان انسحاب الخائف المهزوم وخلت شوارع مصر في خمس دقائق من رجل امن واحد ونسمع ونرى حرائق في الاقسام وهروب مساجين ورعب غير مسبوق يجتاح المدينة التي اصبحت في لحظة غير امنة.
خيانة عظمى.. تلاها في اليوم التالي خيانة اعظم.. اقتحام ميدان التحرير بأعداد غفيرة من الجمال والخيول عليها " شوية بلطجية.. جزم قديمة ".. وهاتك ياضرب بالهروات والكرابيج.. وفي ميدان عبد المنعم رياض الوف اخرى تقذف بالطوب وتيل الفرامل ليسقط في هذا اليوم وحده اكثر من مائتي شهيد ليعلن الشارع كله في كافة مصرنا الجميلة الثورة على النظام، حتى الذين خرجوا يؤيدون مبارك بالامس انضموا الى قافلة الشرفاء ولسان حالهم يقول: ملعون ابو اللي يمس شعرة من ولادنا.
( 9 )
مليونية الثلاثاء ومن بعدها جمعة الخلاص وقد اصبح ميدان التحرير كرنفال ساحر يُبهر العيون الغناء للصبح واذاعة داخلية وشاشات عملاقة وقرارات.. ووائل غنيم على شاشة دريم بعد الافراج عنه.. بكى وابكانا جميعا: ماكنش قصدي.. دم اللي ماتوا في رقبتي.
كانت حلقة منى الشاذلي قنبلة حشدت قرابة العشرة ملايين في هذا الميدان العظيم.
انتهى الامر.. ثورة يعني ثورة.. الرئيس يقول: تعديل المادة 76.. طظ.. يمشى وبعدين نتفاهم.. ياجماعة الخير المسامح كريم.. طيب خدوا دي: تعيين نائب لرئيس الجمهورية.. والرد: يمشي وبعدين نتفاهم.. وبعدهالكم ياولاد.. طيب خدوا دي: تفويض السيد النائب بمهام الرئيس.. برضه.. لأ.
ويكاد صوت الثوار يصل الى قصر الرئاسة وهم يغنون: كلنا كده عايزين صورة.. يازمان صورنا.. صورنا يا زمان.. يازمان نورنا نورنا يازمان.. ح نقرب من بعض كمان واللي ح يبعد م الميدان عمره ما حيبان في الصورة.
قُضى الامر الذي فيه تستفتيان.. لافائدة ياريس.. الشعب عند بيتك.. اما نت واما هم.. وليس لك حرية الاختيار.
تنحى الرئيس.. رحل عن سماء مصر التي امتلأت بزغاريد نسائها وابتهجت اسارير الكبار والصغار واحتلت كلمة مصر Egypt الصفحات الاولى في صحف العالم وعادت من جديد علما ورمزا وقيمة وقامة ومعنى وراح الكل يغني:
اتقويت ورفعت الراس
وبكيت فرحة وشوق وحماس
وبقيت ماشي في وسط الناس
متباهي بوطني فرحان
.. بالاحضان.. بالاحضان.. بالاحضان.
التعليقات
مصر والعراق
سيف من العراق -حقيقة مقال رائع ..تحيّة للكاتب ..المقال أبكاني في لحظات صمتي وأنا أنعى شهداء مصر العزيزة...لحظات عشتها يوم أنتفضنا ضد صدام حسين في عام 1991 لكن القدر لم يعيننا وراحت الدماء لتختلط بنهر الفرات(نهر الحُسين)..تحية عز وشموخ لكم ياأبناء مصر أما نحن في العراق فقد سخّر الله لنا أمريكا لتُسقط صدام حسين ولتُخرجة من حفرة لا تقل شأنا عن حفرة الفئران...النتيجة واحدة في مصر والعراق وهي أن الطواغيت رحلوا ولا يُمكن أن نهنأ بعيش بعد رحيلهم إلا بتذكّر دماء الشهداء مع العلم أن حزب البعث الصدامي هو عينه الحزب الوطني الحاكم في مصر وهما وجهان لعملة الدمار والخراب واحقد والقتل والموت..