أصداء

تظاهرة في بغداد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


فى نهاية الأربعينات وبعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية دخل العراق فى مرحلة كساد فظيعة، وارتفعت نسبة البطالة فيه ارتفاعا كبيرا، ورافق ذلك اضرابات ومظاهرات، منها تطالب بالعمل وتحسين اوضاع العمال ومنها ضد الصهيونية التى توشك على اعلان قيام اسرائيل فى فلسطين. وأعلن عمال صناعة الدخان (السيكاير) الاضراب عن العمل.

كان أبو سعدة يشغل منصب ملاحظ عمال فني فى احد المعامل، وهو شخص طويل القامة جهوري الصوت و شبه امي و بالكاد يستطيع كتابة اسمه. تضايق من الجلوس فى البيت فذهب الى احدى الحانات التى كانت تعج بها منطقة حافظ القاضي فى شارع الرشيد ببغداد، واخذ يحتسى الخمرة (العرق).

فى نفس الوقت كان بعض العمال العاطلين والمضربين يجلسون فى مقهى (كازينو الشباب) فى ساحة النهضة التى لا تبعد كثيرا عن الحانة التى ذهب اليها ابو سعدة، يتحدثون عن الاضراب والمتاعب التى يسببها لهم أصحاب المعامل، وقلة رواتبهم، وارتفعت اصواتهم واشتد حماسهم، وأخيرا اقترح أحدهم القيام بمظاهرة ضد الحكومة. تجمع عدد كبير منهم فى الساحة وقرروا ان يذهبوا الى مجلس الوزراء لعرض مطاليبهم. و بعد أقل من ساعة وصلوا الى منطقة حافظ القاضى.

وكانت الخمرة قد لعبت برأس أبو سعدة عندما سمع ضجيج المظاهرة فخرج من الحانة ليستطلع الخبر، فوجد نفسه فى وسط المظاهرة وبدأ يهتف مثلهم ويردد: يعيش فلان.. ويسقط علان. وصلت المظاهرة الى دار الحكومة ؛ ولم تكن منظمة بل كانت عفوية ولم تكن للمتظاهرين مطالب قد اتفقوا عليها ولا لافتات يحملونها. وكان رئيس الوزراء آنذاك نوري السعيد فى مكتبه عندما أخبره أحد المساعدين بالأمر فطلب منه ان يأتيه بقائد المظاهرة ليعرف منه اسبابها. فخرج هذا الى المتظاهرين وأخبرهم بأن الباشا يريد ان يقابل قائدهم. ولما لم يكونوا قد اتفقوا على قائد، أخذوا يتلفتون يمنة ويسرة بحثا عمن يظنونه يصلح للمفاوضات، فلم يجدوا خيرا من ابى سعدة العملاق الذى كان صوته قد على وارتفع على كل الأصوات، وان لم تكن كلماته تسمع بوضوح او يفهمونها، فاجمعوا على تكليفه بالمفاوضة مع الباشا.

دخل أبو سعدة مكتب الباشا يقوده بعض ضباط الشرطة، وهو لا يكاد يعى ما يدور حوله لشدة سكره، فسأله الباشا عن سبب المظاهرة ومطالب المتظاهرين، فرفع ابو سعدة يده وهتف: يسقط حنا... يسقط حنا.. فدهش الباشا وسأله عمن يكون حنا هذا. أجابه بأنه بائع العرق قرب حافظ القاضي. وسأله الباشا: ولماذا تريدون اسقاط حنا ابو العرق؟ أجاب بأن حنا يغش العرق ويقدم له (أبو 12) بدلا من (أبو 16). فتظاهر الباشا بالاهتمام وطلب منه أن يعود الى المتظاهرين ويخبرهم بأن الحكومة قررت (اسقاط) حنا فورا واعتقاله.

خرج أبو سعدة الى المتظاهرين وهو يهتف (يعيش... يعيش الباشا... حقق مطالبنا). فرح المتظاهرون ورفعوا ابو سعدة على الأكتاف وهم يهتفون بحياته وحياة الباشا. وبعد أقل من ساعة انتهت المظاهرة وتفرق المتظاهرون وعادوا الى بيوتهم سعداء بالحصول على مطاليبهم!

المغزى: أترك ذلك لفطنة القارىء الكريم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكراً، وصلت الرسالة
رمزي -

شكراً لكم أستاذ عاطف، لقد وصلت رسالتكم وأرجو أن يفهمها الجميع

شكراً، وصلت الرسالة
رمزي -

شكراً لكم أستاذ عاطف، لقد وصلت رسالتكم وأرجو أن يفهمها الجميع

المغزى من الغزوة
متظاهر -

أيها السيد أن المغزى هنا لا يحتاج لفطنة قارئ.. فقط فاتك أن التشبيه غير صحيح بين مظاهرات ذلك الزمان لاسقاط حنا السكران ومظاهرات شباب ساحة التحرير غير السكارى رغم التشابه في الاسم الأول لرئيس الوزراء.. متظاهري اليوم شباب وشيوخ ونساء ليسوا بالسكارى وهم يعرفون لماذا هم خارجون وماذا ينتظرهم.. عفونة الفساد الحكومي والديني فاحت إلى حد الفضيحة هم يريدون اللحاق قبل أن تتعطل عندهم حاسة الشم.. وأترك المغزى لفطنة الكاتب

funny
Rizgar -

This is all great it made me laugh

عجيب
أحمد -

إن الكاتب لم يذكر أن المتظاهرين كانوا سكارى كما يقول المعلق رقم 2 وانما قائد المظاهرة كان هو وحده السكران.

ثقافة السلطان
د.على علاوى -

واضح أن الكاتب من مروجى الدفاع عن ... والشهادات المزورة وسرقة أموال الشعب من حزب الدعوة الحاكم فى العراق. إن الشباب ليسوا سكارى ومطالبهم ليست من أجل الخمور بل حقوق طبيعية

اهانه المتظاهرين
حبيب بغداد -

اوجه كلامي الى كاتب المقال بصفتي احد المشاركين بالمظاهرات اذا كنت بينت النيه على اهانتنا بين سطور كلماتك وبوصفنا باننا لايوجد من يقودنا غير السكارى والاميين وانصاف المتعلمين فانت واهم ) احب ان اوضح لك وللقارئ اشياء اساسيه نحن والحمد لله من شباب المتظاهرين صحيح لايوجد لدينا قائد ميداني لكن يجمعنا حب العراق وحب الحريه ونبذ العنف والطائفيه المقيته والمحاصصه الاثنيه والعرقيه وهمنا واحد من زاخو للفاو..اما اذا كان قصدك بان الحكومه قد ضحكت على الشعب بوعودها فاقول لك انك اخطات في اختيار القصه لان في موقفك هذا اللذي ذكرته يحسب للحكومه وليس للشعب لان نوري السعيد (الله يرحمه) لم يستعمل العنف ولم يضطهد او يعتقل او يهين احدا بل وعدهم بتحقيق مطالبهم يعني قصتك هذي فيها تبجيل لفطنه وذكاء الحكومه مقابل اهانه المتظاهرين ووضفهم بالسكارى وانصاف الاميين..انصحك بكتابه مقال اخر تعتذر فيه لشباب جمعه الغضب وجمعه الحق وجمعه الصمود ويوم الندم هذا الشباب الذي حمل كفنه بيده وطالب بسقوط عروش الظلم والظلام وانت كنت على احد المقاهي اللتي ذكرت..

تشابه واختلاف
عراقي -

في كلا الحالتين كان سبب التظاهر مطالب مشروعة، ولكن في زمن نوري (السعيد) قاد المظاهرة سكران ولا يعرف ماذا يريد اما في زمن نوري (المالكي) فان خوفي هو ان من يقود المظاهرة له اهداف ويعرف ما يريد: انه يريد اسقاط العملية السياسية برمتها وارجاع نظام حكم (النخبة) المختارة وغير المنتخبة