أصداء

قراءة في المشهد الايراني و آفاقه المستقبلية 10

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيران: ثورة تصادر و اخرى تولد من جديد

ثورة للتصدير..تسييس الحج
لم يکن الصراع العنيف الذي دار بين النظام الديني المتشدد من جهة و بين منظمة مجاهدي خلق، من جهة ثانية، والذي إندلع على أثر قرار أحادي الجانب من قبل النظام الديني، وهو لم يکن قرار إرتجالي او وليد لحظة معينة، وانما کان اساسا قرار مدروس و معد له سلفا بصورة دقيقة جدا، هذا الصراع الذي وظف له رجال الدين معظم قدراتهم و الامکانيات المتاحة لهم، کان يحضر کما أسلفنا لمرحلة جديدة حساسة و خطيرة ليس من عمر إيران فحسب وانما من عمر المنطقة کلها، ذلك أن النظام الديني وبعد أن تجاوز مرحلة الخطر و التهديد المباشر ضد أطروحته الشمولية(نظام ولاية الفقيه)، بدأ بالاعداد للمرحلة التالية، حيث العمل من أجل تفعيل و تطبيع نظرية ولاية الفقيه على الارض، لکن، و بالقدر الذي کان يفکر فيه النظام بتفعيل أطروحته داخليا فإن أنظاره کانت متوجهة و مرکزة على الخارج أيضا، إذ أن صفة"الولي الفقيه"قد ترادفت مع صفة شمولية استثنائية أخرى أطلقت أيضا على الخميني وهي صفة(ولي أمر المسلمين)، والصفة الثانية، هي في الواقع"ومن وجهة نظر رجال الدين التابعين للنظام" إمتداد للصفة الاولى لکنها ترابطت مع قضية أخرى أثارت لغطا و جدلا و قلقا في المنطقة و العالم، وهي قضية"تصدير الثورة"، تلك القضية التي کان النظام الديني يهدد من خلالها بتصدير الحالة الايرانية الى دول المنطقة و العالم لکن ملح تصدير الثورة لو تمعنا فيه بروية لوجدنا انه يعني قبل کل شئ عملية تسييس الدين و جعله وسيلة لبلوغ الهدف او الغاية وهو أمر کان قد صمم الخميني عليه منذ طرح مبدأ ولاية الفقيه و جعل المسألة الدينية کمنجل يحصد به کل من يعادي او يرفض هذا المبدأ ومن هنا بدأوا بتصفية و إقصاء معظم الاطراف السياسية و الفکرية التي ساهمت بقدر او بآخر في صناعة الثورة الايرانية و نجاحها، وعلى الرغم من أن فکرة تسييس الدين ليست بفکرة طارئة استحدثها الخميني، لکنها ومن خلال نظامه الذي يتمتع بإقتصاد نفطي، تمکن من تجاوز تجارب العديد من الاحزاب و الاتجاهات الاسلامية في المنطقة بل وقد طفق يعمل و بکل جدية من أجل جعله النموذج و القدوة المثالية التي يمکن لجميع الاحزاب و الاتجاهات الاسلامية في المنطقة و العالم من الاقتداء به، لکن و منذ اللحظة الاولى من الشروع في تفعيل فکرة تصدير الثورة على أرض الواقع و الانطلاق بها الى خارج إيران، وجد الخميني انه من غير الممکن أبدا تحقيق ذلك من دون الاصطدام مع المملکة العربية السعودية التي يبدو أن الخميني لم يکن يحمل أية مشاعر ود تجاهها، غير أن الخميني وعندما صفت له الاجواء الداخلية نسبيا و استتب له الامر، تصور أن إنتصاراته ستتوالى على الصعيد الخارجي أيضا، ولذلك جس النبض السعودي من خلال ماأسماه بمراسيم الحج"العبادية السياسية"، حيث کان يقوم بإرسال أعدادا کبيرة من الايرانيين المعبأين بنهج فکري محدد، لکي يقوموا هناك بترديد شعارات مناهضة للولايات المتحدة الامريکية و اسرائيل و الاتحاد السوفياتي"الذي کان لايزال باق في ذلك الوقت"، من أجل احراج المملکة العربية السعودية و جعلها في زاوية حرجة على أمل ابتزازها و فرض خيارات محددة عليها، والمشکلة أنهم لم يکتفوا بترديد الشعارات لوحدهم وانما وطبقا للتوجيهات التي کانت بحوزتهم، کان يجب أن يقوموا أيضا بتأليب و تحريض و حث و دفع الاخرين أيضا للقيام بترديد نفس الشعارات، والحق أن الخميني و من وراء تحرکه المريب هذا، کان له أکثر من هدف يمکن حصره و تحديده بما يلي:
ـ أراد الخميني أن يجرب ما أطلق عليه داخل إيران"ولي أمر المسلمين"، في مکان آخر و ساحة أرحب غير إيران، وأعتقد بأن الحجاج المسلمون سوف يبادرون لترديد نفس الشعارات و يذوبوا في التيار القادم من إيران مما سيمنحه قوة و زخما جديدا تؤهله للتحرك على بساط أکبر و اوسع.

ـ الخميني کان يعد للالتفاف على المذهب الوهابي وکان يطمح الى تحقيق نصر فکري عقائدي خاص على النظام السياسي الفکري الاجتماعي السعودي.

ـ أراد الخميني أن يجعل من مناسبة الحج رکيزة قوة و نفوذ فکري سياسي آخر له لکي يستخدمه ضد خصومه في المنطقة و العالم ولاسيما ضد الامريکان و الاسرائيليين بوجه خاص من أجل أهداف و مآرب متباينة، والحق انه کان يطمح في ان يستحوذ على هکذا شعيرة خطيرة و حساسة في العالم الاسلامي أجمع کي توفر له بعدا و عمقا أکثر إتساعا و شمولية داخل العالم الاسلامي.

وقطعا لم تکن هذه المغامرة"العقائدية"للنظام الايراني بتلك السهولة وانما کانت أکبر و أکثر تعقيدا من الذي تصوره في مخيلته، خصوصا عندما وجد ان العالم الاسلامي يکاد أن يکون برمته متعاطفا مع المملکة العربية السعودية و تيقن النظام و لاسيما بعد موت الخميني بأن الاستمرار في هکذا نشاط"عقائدي سياسي"، سوف يکلف شيئا فشيئا النظام ثمنا باهضا يفوق الذي يتصوره، ولأجل ذلك بدأ هذه الحملة المنظمة لأجل مآرب سياسية تضعف رويدا رويدا حتى اسدل الايرانيون بأنفسهم الستار عليها بعدما تيقنوا من أنها قد صارت بضاعة کاسدة. لکن، قطعا کانت هنالك آثار سلبية على هذه المغامرة الفاشلة من حيث سعيها للتأثير السلبي على شعيرة اسلامية مقدسة لم تطلها هکذا أراجيف و بدع ضالة و مضلة طوال أکثر من 14 قرن خلت، مثلما انها کانت توحي أمام غير المسلمين في العالم من أن هناك إختلاف بين المسلمين على واحدة من أهم شعائرهم المقدسة، وفي کل الاحوال رد الکيد الى نحره لکن من دون أن ينتهي او يتلاشى شره کليا.

مغامرة تسييس شعيرة الحج، وان فشلت کتکتيك من جانب النظام، لکن مضمون و محتوى هذا النهج ظل و لايزال باق في فکر و وجدان النظام"ذلك انه احدى الرکائز الاساسية التي يعتاش عليها" وانه يتحين الفرص لکي يرکب أية موجة استثنائية من أجل الوصول الى غايته الاهم و الاکبر ببسط نفوذها الفکري السياسي على الشرائح العامة في مختلف بلدان العالم الاسلامي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
متى ستتحفنا
ككه نزار -

ومتى ستتحفنا بقراءة عن المشهد الهندي والافغاني والصومالي.....الخ الخ

ياليت قومي يعلمون
احمد -

ياليت قومي يعلمونان النظام الايراني يغرر باتباعة من غير الفرس لاستخدامهم لااغراض توسعية هم لديهم نفس تفكير اليهود (انهم شعب الله المختار) وباقي القوميات والاعراق مجرد سلمة لكي يعيدو امبروطورية فارس العضمى والذي يعيش في ايران يلاحظ هذا التمييز العنصري

س . السندي -

لست مازحا إذا قلت أن المشكلة منذ بدايتها والتي تدور رحاها ألأن قد بدأت منذ نجاح الثورة الخمينية المتخفية في عباءة الدين بين السنة والشيعة ... سلام !؟

س . السندي -

لست مازحا إذا قلت أن المشكلة منذ بدايتها والتي تدور رحاها ألأن قد بدأت منذ نجاح الثورة الخمينية المتخفية في عباءة الدين بين السنة والشيعة ... سلام !؟