جورج واشنطن والرؤساء العرب، مقارنة غير ممكنة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس غريبا في ظلّ التداعيات التي يعيشها عالم العرب المحكوم في أغلبه من قبل رؤساء على شاكلة عميد الطغاة العرب القذافي، أن تتسلل للمخيلة أو العقل هذه المقارنة المستحيلة بين جورج واشنطن أول رئيس أمريكي (1789 - 1797)، وباقي الرؤساء العرب اليوم بدءا من عميدهم الطاغية معمر القذافي ومرورا بأشباهه علي صالح وحسن البشير وأخيرا وليس آخرا الأسد بشار إبن الأسد حافظ.
من هو جورج واشنطن؟
لتذكير من نسيّ أو من لا يعرف، فهو أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وهو من خلفية عسكرية إذ كان قائدا عسكريا معروفا ومميزا ببسالته أثناء الحرب ضد الفرنسيين، وكان قد ترأس (الإجتماع الدستوري) الذي يعتبر نواة الدستور الأمريكي الحالي الذي تمت صياغته عام 1989 أي في بداية أول ولاية رئاسية له. وبعد انتهاء فترة رئاسته الثانية عام 1797 أي قبل 214 عاما، رفض الاستمرار في الرئاسة رغم تجديد الثقة به لحدّ مطالبة البعض ببقائه رئيسا مدى الحياة، إلا أنّه رفض بعزم وإصرار ليصبح تقليد ولايتين فقط للرئيس الأمريكي، أمرا دستوريا له إحترامه منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم. ولعظمة هذا الجورج واشنطن يلقبه البعض ب (أبو الأمريكيين). وكان خطاب الوداع الذي ألقاه في نهاية ولايته الثانية مؤثرا للغاية لدرجة اعتباره قطعة أدبية أمريكية عالية المستوى الفني. وقد وصفه ملك إنجلترا جورج الثالث رغم هزيمته لجيشه البريطاني بأنه (أعظم شخصية في التاريخ)، بينما صديق عمره (هنري هاري لي) فقد قاله عنه : (إنّ جورج واشنطن كان مواطنا أمريكيا من الطراز الأول سواء في الحرب أو السلام، وسوف يبقى في قلوب الأمريكيين إلى الأبد). وبعد انتهاء ولايته الثانية ورفضه الحازم لطلبات بقائه في الرئاسة، عاد إلى قريته (مونت فيرنون) ليعيش باقي حياته مواطنا أمريكيا عاديا، يعمل في مصنع صغير لتقطير الخمور إلى أن توفي في الرابع عشر من ديسمبر عام 1799 بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد. وقد سميت مقاطعة كولومبيا التي كانت مقرا دائما للحكومة الأمريكية منذ العام 1790 فيما بعد بإسم (واشنطن دي سي)، لتصبح عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية. وماذا عن الرؤساء الطغاة العرب؟
عميد الطغاة القذافي
كان عميد الطغاة العرب، وملك ملوك أفريقيا، والمؤلف العبقري لكتاب الحيض (الكتاب الأخضر)، ومسخرة (القرية...الأرض..انتحار رائد الفضاء)، طبعا كلها كتبها له كتاب معروفون وقبضوا الثمن (والفضيحة يا رب). هذا العميد كان حتى الأول من سبتمبر عام 1969 ملازما مغمورا جاهلا في الجيش الليبي، وإذا به فجأة يقود انقلابا عسكريا ضد الملك السنوسي، ثم يغدر بغالبية زملائه الانقلابيين، ليبق متمسكا بالسلطة بالقوة والقتل والسجون حتى اليوم منذ 42 عاما، أي ما يساوي ولاية ستة رؤساء أمريكيين، ولمّا كان بعضهم قد حكم لولاية واحدة، فقد عاصر هذا الطاغية المجرم ثمانية رؤساء أمريكيين منذ الرئيس نيكسون حتى الرئيس أوباما. ومنذ انطلاق ثورة الشعب الليبي ضد طغيانه، وهو مستمر في قصف الشعب الليبي بالطائرات والمدفعية كي يبق رئيسا طاغية حتى الموت. هل يمكن المقارنة بين هذا الطاغية و جورج واشنطن؟. لماذا لم يصرّ جورج واشنطن وهو القائد العسكري المشهود له ببسالته في الحروب، على أن يبقى رئيسا لولاية ثالثة رغم مطالبة الكثيرين من الأمريكيين له بذلك؟
وعلي عبد الله صالح أيضا
ما هي مؤهلات علي صالح قياسا بالرئيس الأمريكي جورج واشنطن ، كي يصرّ بقوة السلاح والموت على البقاء رئيسا بعد حكم دام حتى اليوم 33 عاما، أي ولاية أربعة رؤساء أمريكيين؟. أية عبقرية هذه يتمتع بها هذا الشخص ليصرّ على البقاء حاكما، رغم الرفض اليمني والخليجي الشامل له ومطالبته بالرحيل الفوري؟. وبنفس أسلوب القذافي يستعمل مرتزقته أسلحة الجيش اليمني لقتل الشعب بكافة الوسائل. هل يمكن المقارنة بين هذا الشخص والرئيس الأمريكي جورج واشنطن؟
والأسد من الأب إلى الإبن
استلم الأسد الأب حكم سوريا من عام 1970 إلى عام 2000 أي ثلاثون عاما ، ثم ورّث السلطة لإبنه بشار بشكل مخزي لا يرضىاه أي مجلس للقردة وليس مجلس الشعب كما يسمّى الذي غيّر الدستور لينسجم مع مقاس وعمر الإبن بشار الذي يحكم منذ العام 2000 أي منذ 11 عاما، فتصبح رئاسة الأسود ممتدة منذ 41 عاما بفارق عام واحد عن عميد الطغاة العرب القذافي، وبالتالي يستحق الأسد الإبن لقب (مساعد عميد الطغاة العرب).
والدليل على ذلك أن مجازر قواته ومرتزقته ضد المتظاهرين السوريين والاعتقالات التعسفية لنشطاء حرية التعبير وحقوق الإنسان متواصلة، منذ اندلاع الثورة السورية الحالية في مدينة درعا، وانتقالها للعديد من المدن السورية، وقد زاد عدد القتلى حتى اليوم على مائة قتيل. من يتصور أنّ هذه تصرفات شخص يقول عن نفسه أنّه (طبيب) ودرس في بريطانيا؟ هل يتذكر سلوكيات ملكة بريطانيا؟ هل يتذكر حقوق الإنسان وحرية التعبير في بريطانيا؟. هل يمكن مقارنة هذا الطاغية الإبن بجورج واشنطن الأمريكي؟.
من يتخيل الفارق الزمني 214 عاما؟
أليس ما نعيشه في الأقطار العربية قياسا بكل المقاييس العالمية هو كارثة إنسانية وأخلاقية؟ ما هي الظروف والأخلاق والثقافة التي جعلت المواطن الأمريكي قبل 214 عاما، يؤسس لممارسات حكم ورئاسة أخلاقية نزيهة شريفة عادلة، ونحن ما زلنا في عصر الإستبداد الشمولي الذي لم تعرفه حياة الديناصورات المنقرضة؟. إنه ليس دعاية للشقيقة الكبرى ماما أمريكا، بقدر ما هو بكاء على حال العرب العاربة والمستعربة.
ahmad.164@live.com
التعليقات
مشكله الشعوب
عراقي -السيد احمد ابو مطر، أرائك رائعه ومعبره ولكن ازيدك شئ مهم، ليس المشكله في حكامنا فقط ولكن توجد مشكله كبيره اخرى وهي شعوبنا التي لا تدرك ما هي الديمقراطيه والسلوك الحضاري، الانسان الشرقي هو ديكتاتوري التربيه في الشارع والعمل والبيت، مثلا لا يحترم حق الاخرين او يقف بالدور في الطابور ، يبحث عن الواسطه لتمشيه اموره دائما ولا يحترم قانون المرور وحقوق المشاه و غيرها من تفاصيل الحياه، الديمقراطيه تربيه والشعوب المتربيه لا يحكمها طغاه، لذلك تجد الشعوب العربيه والتي نسبه الاميه فيها عاليه مولعه بالطغاه، الاميه ليست فقط بالقراءه والكتابه بل فهم قوانين الحياه المتحضره، ولو سألت الان الكثير من المنتفضين التوانسه والمصريين والليبين واليمنيين عن صدام حسين لذكروه بالخير وهم في نفس الوقت يعانون من طغاتهم، وهذه اشكاليه الشرقي فهمه ضيق ولا يحس بالاخرين.
Amazing
AmericanEagle -very beautiful article..
ماذا عن الباقين؟
عمر أحمد -مقال جميل... ولكن لماذا لا تتكلم عن بقية الحكام؟! ولماذا تركز في مقالاتك على المذكورين فقط؟ هناك آخرين تعرفهم ويعرفهم القارئ؟! ارجو ان لا تكون لديك عقدة الخوف منهم أو أن يكونوا أصحاب يد عليك!.... كن أكثر شجاعة في مقالاتك القادمة... مع الشكر الجزيل
استغباء العقل..
مصطفى بن مرابط -مع الاعتذار المسبق.. أرى أن هذه مقارنة ساذجة لا معنى لها ولا هدف، اللهم ان أراد الكاتب أن يمارس نوعا من الابتذال اتجاه الأمريكان ونوعا من الاستغباء اتجاه العقل العربي المثقل بالهموم والأفكار الغبية.أولا أن مثال الرئيس جورج واشنطن لا يمكن اسقاطه على النماذج العربية؛ للهوة التاريخية الفاصلة بين النموذجين، ولاختلاف المعطيات والحقائق الاجتماعية ثقافيا وسياسيا وعقائديا..لماذا لم يذكر الكاتب جرائم واشنطن أثناء الحرب الأهلية الأمريكية.. لماذا لم يعدد الكاتب جرائم رؤساء أمريكا في حق الشعوب وحتى الأمريكان أنفسهم رغم تحديد العهدة الرئاسية لكل رئيس...؟؟أعد قراءة التاريخ يا سيدي، ولا تكتب حسب ما يدفع لك وفي الاتجاه الذي ترسمه لنفسك.
أحمد أبو مطر
د. بسام -يا كاتبنا العزيز، هذا الموضوع قد يكون أعلى مستوى من الثقافة العربية عملياً من الناحية التاريخية، الدينية، الإجتماعية، والشخصية!
تنويه
ابو الوليد -ياكاتبنا المحترم وماذا عن حكام دول الخليج العربي لماذا تهربت بمقالتك عنهم وبماذا عن ملك الأردن..ارجو من ايلاف الحرة النشر وشكرا لمحرر الباب..
to No.4
AmericanEagle -What civil war are you talking about? George Washington was dead during the American civil war.
يا مصطفى يا مصطفى
sam yassa -هل عاش جورج واشنطون اثناء الحرب الاهليه الامريكيهام كان الرئيس وقتها هو ابراهام لنكولنهل تطلب من الكاتب ان يعيد قراءه التاريخ وانت المحتاجمات الرئيس واشنطن قبل الحرب الاهليه ب64 سنه
شجاع
برواري -عندما كان بعض العرب يرقص ويصفق للطغات كان الدكتور اخمد ابو مطر يهاجمهم ويبين عوراتهم هاهو كلامه قد اثبت والطغاة الى مزبلة التاريخ صدام الدكتاتور بأنتظار ابن عمه القذافي في نار جهنم وبئس المصير
أميركا ورؤسائها
أحمد توفيق -مقارنة ممتازة وخاصة أننا متأخرين عن أميركا ديمقراطياً ما يقارب القرنين، فإذا كانت العقلية الأميركية الديمقراطية في ذلك الوقت متفوقة على العقلية الحاكمة الحالية العربية وغير العربية، ما نحبه في أميركا هي ديمقراطيتها تجاه شعبها وهذا هو المهم لأننا لا نستطيع أن نفرض على أميركا أن تكون ديمقراطية في التعامل معنا وخاصة أن حكامنا غير ديمقراطيون فالقياس هو هل أميركا وحكامها يتمتعون بديمقراطية مع شعوبها وتحترم حرية وأمن شعوبها وتحاول أن تجعل من دولتها سوبر دولة وسوبر مواطن، لا نستطيع أن نقول عن أميركا أنها مخادعة وخاصة أن أميركا ليست مجبورة على التعامل معنا كما تتعامل مع مواطنيها وكباقي الدول التعامل مع الآخر يكون من ضمن المصالح والمكاسب والأرباح التي تحققها لمواطنيها وشركاتها وهذا هو أصل التعامل بين دول العالم .. وشكراً