الثورة.. ومضمون التغيير (النظام لا السلطة)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد أن أنتصر الخوف ( الأقتصادي، الأجتماعي ) على الخوف السياسي لدى الجماهير، دخل النظام السوري في قارورة الرعب، وبات من الواضح إن السلطة السورية قد أجتبت الطريق الأقصر إلى أنهيارها، واختارت الدرب الأصعب والأعسر في قمع الجماهير الثورية المنتفضة، ويبدو إن حزب البعث قد أدرك أخيراُ إن مقومات وركائز وجوده قد تحطمت وتهشمت، وأنه أمسى من التنظيمات البائدة، والفصائل المنقرضة، أولاُ : سياسياُ بإنتهاء معطيات ومعادلات الحرب الباردة، وما كانت تسمى بالحروب المؤدلجة - على سبيل المثال مؤتمر يالطا 1945 وتقسيم مناطق النفوذ - وثانياُ : سوسيولوجياً بتراكم حالات القمع والأستبداد والطغيان، ونهب الثروات، وتهديم المجتمع والأقتصاد، وعوث التخريب على كل صعيد، وفي كل مكان، وثالثاُ : تاريخياُ بالقطع الزمني من قبل الجماهير مع الحاضر والقفز إلى المستقبل، ورابعاُ : إيديولوجياُ بالشوفينية القومية القاتلة في الفكر العفلقي، وإثبات إنها أنتمت إلى مرحلة تاريخية أسميها - مرحلة القلق في التوجه الفكري -. بيد إن السلطة السورية وحزب البعث - رغم ذلك - لم يفقها بعد المحتوى الثوري التاريخي الفعلي لإنتفاضة الشباب، ليس من زاوية الثورة التكنولوجية العالمية، وليس من زاوية كسر جدران الخوف، إنما من زاوية إنهم، أي الشباب، عثروا على ذواتهم في المستقبل بعد أن فقدوها في الحاضر، فأصروا على الولوج إليه. وبيد أن الإيمان بالمراهنة على سلطة القمع لازال يشغل حيزاُ مخيفاُ ومرعباُ من التفكير العام للأنظمة اللاديمقراطية، التي من خلال هذه المراهنة تثبت بما لايقبل الإرتياب إن العلاقة ما بين تصور فعل القمع وأسبابه المادية المحسوسة لايمكن أن تتغير أو أن تتبدل إلا بتحطيمها هي، وأجتثاث مكونات أسبابها المادية. لكن كيف يمكن أن نؤطر المسالة إعتماداُ على هذا المدخل، بداءة نؤكد إننا أسقطنا مفهوم الإصلاح من التحليل لسببين، الأول : إن السلطات السورية وحزب البعث وبعض أحزاب تقليدية وكافة أطراف وشخصيات وهيئات أركان النظام والمستفدين والمنافقين والدجالين والذين لهم مآرب خاصة وشرائح من البرجوازية المترهلة اللاوطنية لن تسمح أبداُ أن تبلغ الإصلاحات حد المساس بأسباب وجودها أو مقومات مرتكزاتها، أي إن تلك الإصلاحات إن تحققت فستكون في الشكل لا في المضمون، وإن تناولت المضمون فسيكون هذا الأخير في مجالات لاتقيد تلك الجهات - التي أشرنا إليها - من ممارسة ثنائية ( النفوذ، الأستغلال ). الثاني : إن الإصلاح كمفهوم لايحصن المواطن من مسببات القمع، لإنه يحمي النسق الفكري، السياسي، الأجتماعي السائد، ولايهدده بنيوياُ أومؤسساتياُ، بل في الحقيقة هو يعضده، ويضفي عليه المزيد من الحصانة. من هنا كان لابد من التركيز على محتوى التغيير من ناحية، ومن ناحية ثانية على ضماناته، وقد لايفارق البعض ما بين المحتوى والضمان نظراُ لطبيعة العلاقة المتشابهة ما بين الأثنين في هذا المجال تحديداُ، إلا إن محتوى التغيير هو الذي يحدد هنا معناه وحتى طبيعته لإنه سوف يحدد بنفس الدرجة مسألة ضماناته، لاسيما إن أدركنا إن السلطة السورية، بعد أن رفضت مفهومي الإصلاح والتغيير، قد قررت أن تتحول الحال السورية إلى ما هو أسوء، لإنها رصدت لكل مواطن جائع رجل أمن !! يحميه من ( الأمن ). ومن هنا تحديداُ، نعي الوعي كله إن محتوى التغيير لن يستقيم إلا إذا تضمن - وهو كذلك - نقلة نوعية في الكيف من حال ( مرفوضة جملة وتفصيلاُ لاتستثنى منها حتى الجزئيات على كافة الأصعدة ) إلى حال ينبغي لها أن ترضي الجميع وتتوازى مع منطق وقوانين وسمات المرحلة الحالية - الغضب العام - وهذا ما يشكل جوهر التمايز مابين الإصلاح والتغيير، أي التمايز ما بين الأنتقال في مستوى الكمية، والنقلة في مستوى الكيف. وهذا ما يفضي بنا، على وجه الخصوص، إلى التعرف على الأجراءات التي لابد أن تنفذ ( بضم التاء ) كي تتحطم العلاقة ما بين السلطة والقمع، وكذلك العلاقة ما بين القمع وأسبابه المادية. وهذا التدرج في فحوى هاتين العلاقتين يؤدي بنا إلى تصورين متمايزين من حيث الشكل، متداخلين من حيث المضمون، وهما، التصور الأول : أن تتحطم العلاقة الأولى ثم الثانية ( أجتثاث الأسباب المادية ) - التجربة العراقية على سبيل المثال، المسألة الأفغانية -، التصور الثاني : أن تتحطم العلاقة الثانية فتهوى الأولى آلياُ. إن هذا التصور قد يصح من الجانب النظري البحت، لكنه من الزاوية البنيوية يرتاب فيه، إلا أللهم إذا أرتأينا الأنتقال من التشكيلة ألأقتصادية التاريخية إلى أخرى حسب مفهوم ماركس وغرامشي، أو منطوق الثورات العلمية حسب توماس صومائيل كوهين. إلا إننا نعتقد وجود تصور ثالث، هو تصور أستنتاجي، أنطبق على حيثيات الثورة الفرنسية وينطبق على حالة الثورات العربية، ويتغذى أصلاُ من التصور الثاني ( النقطة البنيوية ). فماهو هذا التصور الثالث؟ وكيف ندرك معطياته الفعلية؟. من الواضح إن المسألة مركبة، يتقابل فيها مستويان أثنان لايستغني أحدهما عن الآخر، بل إنهما يمنحان المسألة تأصيلها من زاوية الإنطلاقات، الفعاليات، الأهداف، النتائج المرجوة، لإنها في النهاية مسألة مشتركة وواحدة. المستوى الأول : إن أسباب القمع، وبعد أن أنفضحت من قبل المثقفين والكتاب والساسة وعامة الشعب وحوربت بنفس الدرجة، فقدت كل مجالاتها في السياسة، والفكر، والمجتمع، وتحولت إلى ظواهر جامدة، إلى إجراءات مباشرة وصريحة، إلى رد فعل منعكس، تماماً مثل الجلد والرجم كمحتوى تنفيذي لحد إلهي بقصد الإصلاح، والجلد والرجم كعملية إجرائية من قبل الحاكم نفسه إعتماداُ على محظوره هو، ذلك المحظور الذي لم يعد يملك أي قيمة في الفعل، لإن المجتمع قطعه وقطع جذور وروابط تلك الأسباب، وأنهى عملياُ مفهوم المادة الثامنة في الدستور السوري، وسيادة الحزب الواحد، وألغاء الأحكام العرفية وقوانين الطوارىء. المستوى الثاني : إن مفهوم النفوذ ( السلطان المنفرد، السلطة البطريركية، السلطة الأبوية، السلطة الذكورية، سلطة الزعيم ) أنتهى وذوى، وأمسى من مخلفات فترة ( مراحل ) الأستعباد، الأستغلال، القهر، ولم يعد قادراُ أن يتآلف، أو أن يكون له حيز وجودي، مع ذهنيات المرحلة الآنية التي تجاوزته، وتجاوزت مضمونه السياسي لصالح مقولتين تتجذران أكثر، فأكثر في الفكر البشري، وفي التجربة البشرية، وهما ( الأقتصادي، الأجتماعي ) اللذان كسرا، وهشما محتوى الخوف والمحظور، وكأن الخوف ( الأقتصادي، الأجتماعي ) أنتصر في هذه المرحلة على الخوف السياسي. وهكذا ندرك كيفية تحطيم العلاقتين السابقتين معاُ ( العلاقة ما بين السلطة والقمع، العلاقة ما بين القمع وأسبابه الحيوية )، وندرك بالتوازي لماذا لاتستكفي الجماهير بالأصلاحات، ولا بتبديل الشخصيات، ولابتغيير السلطة، وإنما أستهدفت تغيير النظام.
heybat@maktoob.com
التعليقات
لو لم تكن
Adhem Al mulla -كنت سأصدق ما تكتبه لو لم تكن موظفا عند احد اكثر رموزالفساد .... السابقين في سوريا(رفعت الاسد) .... وتعمل في محطته الفضائية
المرتزقة الاكراد
عراقي -الاكراد كانو وسيبقون احجار شطرنج
لو لم تكن
Adhem Al mulla -كنت سأصدق ما تكتبه لو لم تكن موظفا عند احد اكثر رموزالفساد .... السابقين في سوريا(رفعت الاسد) .... وتعمل في محطته الفضائية