الأسد الأخير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منذ وقت مبكر سعى الرئيس السوري السابق حافظ الأسد إلى تأمين حكمه بدعائم قوية يثق في تفانيها ومساندتها لنظامه وسلطته. فقد كانت أشباح الانقلابات السورية، التي بدأت منذ العام 1949 على يد حسني الزعيم، تطارده وتقض مضجعه. لذا وجد في شقيقه رفعت أول الأمر سياج أمان، فأصبح قائدا لأهم تشكيل مستحدث في الجيش السوري عرف بـ (سرايا الدفاع) التي تشكلت تحت ضغط حاجة النظام لقوات مأمونة الجانب لحمايته. ولكن الشقيق شب عن الطوق وتصور نفسه حامي حمى النظام والرئيس المنتظر، فقاده تهوره وضعف بصيرته إلى التورط في اغتيالات ومجازر وأفعال شائنة أبرزها مجزرة سجن تدمر عام 1980، ومجازر حماة في العام 1982، ثم أندفع إلى المواجهة غير المعلنة مع النظام نفسه حين ترددت أنباء عن محاولة انقلاب من قبل رفعت للاستئثار بالسلطة. عندها أكتشف حافظ الأسد إن رفعت وسراياه أصبحا يشكلان عبئا عليه وعلى نظامه، وقد يدفعان به إلى منزلقات أشد خطورة ولا تحمد عواقبها.
ولأن حافظ يدرك بغريزته، ويؤمن بالمثل القائل (يؤتى الحذر من مأمنه)، قام بإزاحة رفعت وتشتيت سراياه، إذ لابد مما ليس منه بد!
اتجهت الأنظار بعدها إلى الابن الأكبر (باسل)، وكان شابا طافحا بالحيوية، ولأنه ابن الرئيس فقد أصبح نقطة استقطاب للأضواء والمريدين، لاسيما بعد أن تولى قيادة الحرس الجمهوري، إلا أن حماس الشباب واندفاعه أفضى به إلى التخبط في تصرفاته. وعاجلته المنية وهو في عنفوان شبابه، إذ قضى نحبه في حادث سيارة غريب تضاربت الروايات حوله.
ولأن الأنظمة الاستبدادية تفرض نفسها بوسائلها الخاصة، ومنها القمع والركون لأهل الثقة أكثر من التعويل على أصحاب الخبرة والكفاءة، ولأن الرئيس لابد أن يهرم ويموت كسائر الأحياء، كان لابد أن يكون البديل جاهزا. إلا إن حافظ الأسد لم يكن يتصور أن تأتيه النهاية بهذه السرعة، فلم يتحوط للأمر بما يكفي لاسيما إن المرشح طبيب صغير السن بعيد قيادة الحزب والنظام وليس له ثقل مؤثر.
مع وفاة حافظ الأسد عام 2000 لم يكن هناك أسم يحظى بالقبول ومتفق عليه من قبل العائلة والطائفة ودوائر صنع القرار المؤثرة في النظام سوى (بشار الطبيب) لكن هناك عوائق تشريعية تحول دون توليه منصب الرئيس.
وفي واحدة من أكثر المناسبات خزيا في تاريخ سورية الحديث، قام مجلس الشعب السوري بتعديل الدستور وخفض الحد الأدنى لعمر الرئيس من 40 عاما إلى 34 عاما ليتوافق هذا مع عمر المرشح ويفسح في المجال أمامه لتولي منصب الرئيس، بعد منحه رتبة فريق في الجيش!
سعى بشار الأسد أول الأمر إلى أن يضفي على عهده مسحة من الانفتاح والتغيير بأمل الإصلاح لم تدم طويلا لأن ذلك اصطدم بالأسس الثابتة التي قام عليها النظام و (حرسه القديم)، ومنها العداء للآخر والشك في كل من لا يقف مع النظام ووصمه بشتى الأوصاف والنعوت وتغييبه وراء القضبان والمعتقلات في أحسن الأحوال. وسرعان ما استعادت السلطة هراوتها وعادت إلى نهجها السابق من سيطرة الحزب الواحد إلى فرض سياسة القمع والكبت على الشعب السوري.
لقد تدفقت مياه كثيرة في نهري الفرات وبردى لاسيما بعد أن عاد العرب إلى التاريخ بقوة بدء من ثورتي تونس ومصر ومرورا بانتفاضتي اليمن وليبيا وصولا إلى الحراك الجماهيري في سورية الذي يتحول إلى انتفاضة شعبية تقود إلى ثورة حقيقية، ما لم يكن هناك تغيير أصيل يرضى عنه أصحاب المصلحة الفعلية وهم الأغلبية في الشعب السوري.
إن الطاقة الثورية لدى الشعوب عندما تستفز فإنها تتحول إلى إرادة كاسحة شديدة العزم وصعبة المراس، ولها القدرة على التصاعد والانتشار بما لا يمكن التنبؤ باتجاهاتها ومساراتها، إلا إنها تفضي إلى التغيير في كل الأحوال لأن النهايات في هكذا أوضاع لا تبقى سائبة.
ولا يخفى على الطبيب النابه إن الورم الخبيث لا تجدي معه الأدوية المهدئة، وإن العلاج الناجع هو في استعمال مبضعه واستئصال الورم من جذوره، فمدة الأربعين عاما في عمر أي نظام مستبد فيها من التجاوز على كل مفردات الحياة ما يكفي وزيادة، بل إنها تعطل ديمومة الحياة نفسها.
فهل يكون الأسد الأخير أفضل من سابقيه وبمستوى التحديات، ويقدم على التغيير المنشود حتى لو تطلب الأمر أن يتنحى عن كرسي السلطة الذي اغتصبه الأسد الأول في غفلة من الزمن؟
تضيق الخيارات أمام الأسد وأفضل الخيارات الباقية هو ختامها.
التعليقات
شكرا
حنا سعيد -شكرا لكاتب المقال ، لانه اتاح لنا الفرصة كي نطلع على الاحداث السياسية التي عاشتها سوريا خلال فترة خمسينيات القرن الماضي والى يومنا هذا .اسلوب رفيع في عملية سرد تاريخي ارفع ، يدخلك الى الاحداث السياسية ، لتخرج منها ، وقد حملك كم من المعلومات القيمة، كان على المرء ان يقرأ العديد من المؤلفات عن تاريخ سوريا السياسي الحديث كي يتعرف عليها، بينما ، الكاتب قدمها الى القارىء ،بكل سلاسة ويسر ، من خلال بضعة اسطر من المقال . اشكرك مرة ثانية ونتمنى ان نقرأ لك المزيد من التحليلات والكتابات السياسية التاريخية الغنية والممتعة.
زمن الأعاجيب
ناطح -كم أتمنى أن أكون قرب الرئيس بشار عند قرائته لما هو مختصر في هذه المقاله عل و عسى أسمع صرخه نابعه من قلبه عما وجد نفسه فيه من وضع لا يحسد عليه. من الممكن أن نكون معه اذا انتفض لتخليص العباد من الملعونين المتشكلين والمتربصين للأكارم أصحاب الحقوق. ملاحظه: المتشكلين هم من فصيلة الحرباء كما تعلمناها في درس الأحياء.
تنحى يا شائن
الثورية السورية -مدة الأربعين عاما في عمر أي نظام مستبد فيها من التجاوز على كل مفردات الحياة ما يكفي وزيادة، بل إنها تعطل ديمومة الحياة نفسها.إن الطاقة الثورية لدى الشعوب عندما تستفز فإنها تتحول إلى إرادة كاسحة شديدة العزم وصعبة المراس، ولها القدرة على التصاعد والانتشار بما لا يمكن التنبؤ باتجاهاتها ومساراتها، إلا إنها تفضي إلى التغيير في كل الأحوال: تونس ومصراليمن وليبيا وصولا إلى سورية
المربوط السوري
اكرم محمد -انصح سيادة الرئيس بالاستعانة بالمربوط السوري وان يبعث له رسالة اغاثةعلى وجه السرعة فهو الوحيد القادر على خلاصه من هذه الورطة
الى الابد
ريما الحلوة -الىالابد يا بشار الاسد-فداك الروح والجسد
Change
Syrian -little assad is lost between Syrian men and women. His father told him, kill to survive, but those young Syrians come back in larger number. little assad does not know that there is no escape, Europe is closed and Lahai court is waiting for him as well as Hariri court. Assma, it was a bad deal from your parents, even your UK passport can be revoked if you delay your escape.
يقتلهم بدون ندم
يوسف -بشار ينظر لمواطنيه وشعبه كأنهم عبيد وهو لا يحترم كرامتهم ويقتل منهم بدون اي ندم او خجل فأذا كان لا يشعر بالرحمة على قتل شعبه فلماذا يكون رئيس عليهم وهذا امر متناقض وغير مقبول
من غير المعقول
ليلى -كندا -من غير المعقول أن يكون المجتمع المدني السوري والعسكري بخدمة بيت الأسد ومن هم بيت الأسد ؟ حتى يسيطرون على كل مفاصل الحياة بسورية اخي الكريم سورية يحكمها عصابات قتل وتدمير وسرقات ونهب ممنهج لثروات الوطن لابديل أبد أبدا عن إنهاء عصابات الأسد // ومسخرة المساخر إبقاء رئيس غير شرعي أساسا بالسلطة وعاشت سورية حرة أبية
ما تستحقه الشام
قيس الحربي -سوريا هي قلب منطقة الشرق العربي. التغيير باتجاه الديمقراطية في سوريا يعني تغيير المنطقة في العمق وإلحاقها بركب مباشرة النمو والتقدم. سوريا التي هي حاملة الهم العربي وحافظته لا تستطيع الإنفكاك عن كينونتها المؤثرة في منطقة شرق المتوسط المسماة بإسمها.. بلاد الشام. مصر السادات ومبارك وعراق الطوائف إنسحبتا من إرثهما ومسؤولياتهما تجاه مستقبل المنطقة العربية، إلا أن سوريا لا يسعها فعل ذلك. لم تكن سوريا الجميلة هذه تستحق حكماً دكتاتورياً يلحق بها الهزائم العسكرية والسياسية والنهضوية طوال ٤٠ عاماً هي نفسها دكتاتورية التخلف القروسطي في ليبيا. يقال أن الديمقراطيات لا تنهزم، ولأننا نريدها سوريا منتصرة ومزدهرة ونضرة كإسمها الجميل، فلا بد لها إلا أن تكون سوريا الحرة. للديمقراطية رجالها، ولا أعتقد أن بشار الأسد وحاشيته من حوله هم هؤلاء الرجال مع أمل هزيل بأن يكون كذلك.
last
abbas -better to say last wolf