قراءة في المشهد الايراني و آفاقه المستقبلية 17
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيران: ثورة تصادر و اخرى تولد من جديد
مکافأة أميرکية لطهران
منذ صعود هاشمي رفسنجاني الى منصب رئاسة الجمهورية لدورتين متتاليتين بدأت في عام 1989، وإنتهت عام 1997، سلك سياسة خاصة عقد عليها الغرب الکثير من الآمال و أعتقد بأن النظام الديني وفي ظل سياسته الخاصة هذه، سوف تطرأ عليه تغييرات قد تساهم في"إعادة تأهيله"و جعله نظاما سياسيا ممکن أن يتأقلم و يتعايش مع المنطقة و العالم، لکن الحقيقة الناصعة التي لم يکن عليها أي غبار، هي أن النظام الايراني و عقب إنتهاء حربه الضروس مع العراق و التي إنتهت بقبوله قرار مجلس الامن عام 1988، وجد نفسه أمام اوضاع سياسية إقتصادية بالغة التعقيد و الصعوبة ولم يکن سهلا على النظام الديني الاستمرار في ظل تلك الاوضاع و تداعياتها، ولذلك وجد نفسه مضطرا للبحث عن حلول و بدائل لما يعانيه من مشاکل و أزمات، ولما کان هاشمي رفسنجاني واحدا من أهم أعمدة و أرکان النظام، وأن الادوار المتباينة التي لعبها منذ إستيلاء التيار الديني على مقاليد الامور و مصادرة الثورة الايرانية من مضامينها الحقيقية و الاساسية، أهلته و تؤهله لکي يلعب المزيد من الادوار المختلفة التي تخدم في نهاية المطاف النظام الديني المتطرف، ومن هنا، فقد سعى رفسنجاني جاهدا ولکي يساهم في إيجاد حل لمآزق النظام الايراني، ولأجل ذلك حاول تحويل إيران من دولة تسيطر على الاقتصاد کما کان الحال أيام الحرب، الى دولة ذات نظام مبني على السوق، کما کثف رفسنجاني جهوده من أجل التقارب مع الغرب و إعادة فرض إيران کقوة إقليمية، لکن الامر الذي لعب دورا إستثنائيا في تقاربه مع الولايات المتحدة الامريکية و إقتسام الادوار بينهما، هو الدور الذي لعبه من أجل إطلاق سراح رهائن أجانب کانوا محتجزين في لبنان منذ اوائل التسعينيات، وهو ما دفع الى فتح الابواب الامريکية امام نظامه ودفع ثمن باهض حيال إطلاق سراح الرهائن الذين اعتقلوا اساسا من جانب قوى سياسية لبنانية خاضعة لهم و تؤتمر بأمرهم عندما قامت وزارة الخارجية الامريکية مقابل إطلاق سراح الرهائن الاجانب المحتجزين في لبنان، بإدراج اسم منظمة مجاهدي خلق ضمن لائحة المنظمات الارهابية، لکن اللعبة التي لعبها رفسنجاني في لبنان مع الامريکيين، کانت لعبة ذات أهمية بالغة إذ أنها أدت دورين متناقضين تماما مع بعضهما، وقد تجليا فيما يلي:
ـ قوضت و حجمت و أضعفت دور المعارضة الايرانية الناشطة و الفعالة ضد النظام الديني المتطرف، ومنحت المزيد من الدعم المعنوي الدولي الملموس لهذا النظام کي يمارس القمع و الارهاب المنظم ضد الشعب الايراني و يبقى لفترة أطول في الحکم.
ـ وفرت أرضية ملائمة لجعل أفکار و طروحات النظام الايراني التي دأب على تسويقها محليا و دوليا، تمتلك قبولا دوليا و دفعت الاوساط السياسية و الاعلامية الدولية الى الاقتناع و الايمان بأن هنالك فعلا تيار إصلاحي يعمل على النقيض من التيار المتطرف.
والحقيقة أن درج منظمة مجاهدي خلق في قائمة المنظمات الارهابية من جانب وزارة الخارجية الامريکية عام 1995، وقبل توديع رفسنجاني لکرسي الرئاسة بعامين، کان بمثابة أکبر نصر قام بتحقيقه هذا الرجل لصالح نظامه بل انه کان غاية منى و طموح النظام و کان يعتقد بأن وضع خصمه و غريمه العنيد داخل اللائحة الامريکية السوداء، سوف تساهم في إنهاء و تلاشي هذه المنظمة، متناسين بأن الولايات المتحدة الامريکية التي کانت توفر کل أسباب الدعم و المساندة لنظام الشاه عجزت عن حمايته من السقوط، وان من يعجز عن حماية حلفائه لهو أعجز مايکون في تحجيم و إضعاف المنظمات و الاحزاب الثورية المعارضة التي تقف طودا شامخا بوجه الانظمة الاستبدادية و الدکتاتورية، وان مجاهدي خلق التي لعبت دورا محوريا و رئيسيا في إسقاط نظام الشاه و تحدت أصعب الظروف و أعقدها، لن تنتهي بقرار أمريکي جائر مبني اساسا على الباطل، وان لجوء رجال الدين الحاکمين في طهران للأمريکيين کي يحموهم من منظمة مجاهدي خلق، هو في حد ذاته أمر مثير للسخرية و التهکم، ذلك أن نظاما ملأ الدنيا صخبا و ضجيجا بدعوى معاداته للولايات المتحدة الامريکية، هاهو يعود طوع و محض إرادته الى تحت المعطف الامريکي کي يحظى بشيئا من الدفأ و يتوقى من زمهرير مجاهدي خلق.
قرار وضع منظمة مجاهدي خلق ضمن لائحة الارهاب، والتي جائت في وقت کان النظام الايراني يعاني من مختلف أنواع المشاکل و الازمات الداخلية و الخارجية، أثبتت مرة أخرى قصر النظر الامريکي و عجزه الفاضح في تقييم و معالجة الامور الحيوية و الهامة، وبين بوضوح أن الولايات المتحدة الامريکية لم تتفهم او تستوعب الحالة الايرانية من جميع جوانبها و تتشبث برؤية غير متکاملة لها و تسعى من خلال سياسة غير متوازنة و مستوعبة للحالة الايرانية، وضع حلول او ثمة طرق لمعالجتها و التصدي لها، لکن الملاحظ في هذا الامر عدة نقاط مهمة هي:
ـ ان السياسة الامريکية تسعى للتصدي للحالة الايرانية من زاوية مصالحها الخاصة و تريد إخضاعها لمتطلباتها المتعددة.
ـ السياسة الامريکية لاتريد او تحبذ معالجة جذرية للحالة الايرانية تأتي من عمق الواقع الايراني نفسه، وهي بذلك ترفض او تتجاهل الطروحات الخاصة بدعم الشعب الايراني و قواه الطليعية المقارعة للنظام على الساحة.
ـ تراهن السياسة الامريکية على خطوط او خيوط واهنة من داخل هيکل النظام المتزلزل نفسه من أجل التغيير"المحدود"، وليس الجذري.
ومن هنا، فإن القرار الخاص الذي أصدرته وزارة الخارجية الامريکية بدرج اسم منظمة مجاهدي خلق ضمن لائحة المنظمات الارهابية، جاء اساسا کقرار فوقي و خشبي لايستند على أية أرضية قانونية مشروعة و لم يمتلك المسوغات و المبررات الکافية لإقناع الرأي العام الامريکي نفسه و کذلك الاوساط السياسية و التشريعية الامريکية، بل وان إقرار و طرح هذا القرار التعسفي و الغريب من دون الالتقاء او التباحث مع صاحب الشأن في ذلك القرار"أي منظمة مجاهدي خلق"، قد جوبه بإستهجان و عدم القبول من جانب ساسة و مشرعين أمريکان، و من المفيد جدا ان نورد بعضا من الاراء بهذا الخصوص:
يقول جون هيوز،،مسؤول سابق بوزارة الخارجية الامريکية: إذا تتمکن أمريکا من التباحث مع الجيش الجمهوري الجمهوري الايرلندي و کوريا الشمالية و جنرالات هايتي السابقين، فإنها مشکلة أن نفهم لماذا لاتتمکن من مناقشة إتهامات تطرحها ضد المجاهدين معهم بصورة مباشرة؟
روبرت توريسلي، عضو مجلس النواب الامريکي يقول في بيان إعلامي: تقييم أمريکي کامل و مناسب لأوضاع إيران و اللاعبين الاصليين فيها، تمکن أمريکا من إتخاذ سياسة متعددة الجوانب و مناسبة قبال إيران. بسبب عدم التباحث مع المجاهدين او المجلس الوطني للمقاومة، فإن تقرير وزارة الخارجية مع رغبات مجلس النواب بطرح صورة دقيقة و متوازنة للمقاومة الايرانية، لاتتطابق.
النائب دان بيرتن، عضو رفيع المستوى في لجنة العلاقات الخارجية، يقول: أنا مستاء لأن وزارة الخارجية قامت مرة أخرى بإصدار تقرير غير متکامل عن مجاهدي إيران. وزارة الخارجية تستمر بمواجهتها لإرادة مجلس النواب، وهذا يأتي في الوقت الذي أعرب فيه مجلس النواب و بصورة جلية عشية أعداد التقرير، يجب الاتصال بالمجاهدين و بدون المحادثات معهم، فإنه من غير الممکن إصدار تقرير محايد.
ادلفوس تاونز، عضو مجلس النواب يصف التقرير"غير قابل للقبول"، ويقول: هذا تقرير مداهن و هدية لطهران. انها مغايرة للواجب الذي کان مناطا بمجلس النواب. وقد ناشد تاونز في تقرير لاحق بضرورة الاستماع الى وجهة نظر المجاهدين.
السيناتوردورن بيرغر، في بيان شديد اللهجة، ينتقد التقرير و معديه ويقول: انا آسف لأن وزارة الخارجية أصدرت تقريرا بخصوص المجاهدين والتي تبدو إنعکاسا لأحقاد خاصة ضد هذه المجموعة. واضح أن وزارة الخارجية لم يکن لديها أي وقت نية إصدار تقرير منصف و تجاهلت طلباتنا للإتصال بأفراد هم أساس التقرير.
السيناتور بيرغر يقول في جانب آخر من بيانه سارد الذکر: أنا أوصي بإجراء مطالعة مستقلة يتم خلالها إفساح المجال لکل الاطراف ذات العلاقة ببيان وجهة نظرها. وللموضوع صلة.