فضاء الرأي

أنقذوا الكاتب الإرتري أبو بكر كهال

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يعيش الروائي الإرتري أبو بكر كهال صاحب رواية (تايتنيكات أفريقية) هذه الأيام ظروفا بالغة السوء بمخيم (الشوشة) في رأس جدير على الحدود التونسية الليبية.
فبحسب صحيفة الصحافة التونسية وموقع (العرب اليوم)على الانترنت قامت مجموعة من المثقفين التونسيين بمطالبة الحكومة التونسية منح اللجوء السياسي للكاتب الإرتري في تونس.
أبو بكر كهال الذي بدا كما لو أن روايته (تايتنايكات أفريقية) رسمت له مصيرا مبكرا لمأساته الراهنة، ربما كان وضعه المأساوي هناك على الحدود التونسية تأويلا منعكسا لمفارقة تبادل الأدوار بين المجاز والحياة، في هذا الجزء من العالم حيث الحياة هي الوجه الآخر لأفظع ممكناتها ومفاجآتها. فالكاتب الإرتري الذي جعل من موضوعة الهجرة في روايته تلك مجازا قاسيا لحياة المنسيين الأفارقة، يدخل الآن إحدى عوالمه في فانتازيا الواقع. وفي ظل ظروف كالتي أصابت الأفارقة في ليبيا على خلفية استخدام القذافي لمرتزقة أفارقة، أصبحت مأساة الكاتب في ليبيا مزدوجة؛ إذ كان الموت تقريبا هو الحظ الأوفر له في تلك الأحداث التي تجعل من شروط القتل على الهوية سقفا منخفضا لمواجهة الموت المجاني.
هرب أبوبكر إذن في الخروج الكبير الذي فر فيه المهاجرون من ليبيا مع عشرات الآلاف، يعبرون يوميا الحدود التونسية فزعا من طرق الموت الغامض الذي كان يجري في الصحراء الليبية، وبطريقة كشفت عن صمت مطبق لآلاف الهاربين أمام شاشات التلفزة في الأيام الأولى للجحيم الليبي.
يعيش أبوبكر الآن في خيمة مع المئات ممن سيذهبون آجلا أم عاجلا إلى بلدانهم فيما سيظل هو يراوح مكانه؛ فبلده الذي ينتمي إليه لا ينتظره بأخبار سارة، فهو أسوا بلدان القرن الأفريقي في سجل حقوق الإنسان، لاسيما مع الكتاب والصحفيين ـ بحسب المنظمات الحقوقية ـ الأمر الذي يعني أن جحيما آخر في انتظاره.
وإذ يبذل اتحاد الكتاب التونسيين مشكورا جهودا رائعة وجبارة في سبيل تأمين لجوء سياسي مؤقت في تونس؛ فإن حاجة الروائي الإرتري تظل حاجة ملحة للبحث عن لجوء آمن، لاسيما إذا نشطت منظمات حقوق الإنسان ومنظمات الأمم المتحدة في الاهتمام بأمره، والبحث في سبيل لخروجه من الوضع الحرج الذي يعيش فيه.
فصاحب (رائحة السلاح) مثله مثل كل المبدعين الحقيقيين لا يبحث في هذا العالم إلا عن مكان للكتابة التي لا يحسن غيرها من فنون الحياة؛ وهي مهنة بغيضة في بلده وقد تودي بحياته؛ الأمر الذي قد يجعل من مستقبله هناك محفوفا بالخطر.
وبالرغم من أن الكاتب عاش في ليبيا حياته في ظروف صعبة، متفرغا بذلك لرسم مصائر سردية معطوبة في حياة طويلة لمسيرة النضال الإرتري، الذي عاش من اجله مثل كل كاتب يبحث عن الحرية لوطنه. إلا أن خيبات النضال فيما بعد، والنهاية التي آل إليها الوضع في إرتريا جعلت من الكاتب يبحث عن الحياة في مكان آخر حيث الرواية. وهكذا كانت روايته الأولى (رائحة السلاح) مهداة إلى " حامد إدريس عواتي " مفجر الثورة الإرترية والمناضل الأكبر في تاريخ تلك الثورة. ثم انتقلت عناوين الكتابة وموضوعاتها إلى البحث عن مصائر فردية ترصد حيوات منسيين أفارقة، إرتريين وسودانيين وأثيوبيين في طريق البحث عن الحياة بعيدا عن السماء الأولى، وبأرخص التضحيات عبورا إلى المنافي الموعودة في عوالم روايته الجميلة (تايتنيكات أفريقية) التي لفتت إليها الأنظار بقوة، في ثقافة عربية مأزومة لا تعترف في العادة بهوامش للكتابة خارج متن بلدان العروبة البيضاء. رغم أن بعض روايات الكاتب ترجمت إلى اللغة الفرنسية.
هكذا كان على أبي بكر، في ظل تلك الكوابيس التي اكتنفت أرواح الأفارقة إبان الهياج والموت الذي أطلقه العقيد المجنون على شعبه بواسطة بعض المرتزقة الأفارقة، أن يندرج كاتبنا، بحسب اللون، في أولئك الأفارقة الذين يُقتلون على الهوية دون رحمة، فهرب ونجا بجلده إلى تونس.
وفي تونس الثورة، وجد الكاتب في مخيمات اللجوء تضامنا كبيرا من الكتاب التونسيين، فكتبت عنه الصحافة التونسية، ونشطت الدعوات إلى منحه اللجوء في تونس. وبحسب جريدة الصحافة التونسية، سيقوم مهرجان مدينة (سبيطلة) الثقافي خلال الأيام القادمة بتخصيص فعالية اليوم الأخير في مخيم الشوشة برأس جدير، تضامنا مع الروائي الإرتري، الذي سيقرأ في المهرجان قراءات من نصوصه الروائية. وسيكون في مقدمة المتضامنين الفنان المسرحي التونسي عدنان الهلالي رئيس المهرجان. وفي تونس دائما ثمة كتاب اهتموا بقضية أبي بكر على مستوى التواصل والتضامن مثل صديقنا الأستاذ مختار الخلفاوي (سكرتير تحرير موقع الأوان)، وغيره من الكتاب.
نتمنى للروائي أبي بكر كهال أن يخرج من محنته إلى منفى أكثر أمنا وأكثر حرية ليواصل كتابة مشروعه الروائي الذي يكاد يكون فريدا في الأدب الإرتري المكتوب بالعربية. وكما قال الناقد السعودي المرموق محمد العباس في قراءته لرواية " تايتانيكات افريقية ".. ( تلك هي لعنة الرحيل، المدفوعة بمسٍّ خفي يصعب فهمه، التي جعلت من أفريقيا لكثرة الهجرات "خشبة مجوفة تعزف فيها الريح ألحان العدم". إنها "جرثومة الهجرة" التي تلقح العقول، أو هو الجرس الذي أسكرت دقاته رأس راوي ملحمة الفناء الأفريقية، الذي لازمته الألقاب كظله نتيجة خبراته وترحالاته).... وكتب أبو بكر كهال في إحدى قصصه (بحث عن ورق أبيض في الأدراج فلم يجد سوى ورقة واحدة مجعوكة، فردها بحرص، وتهيأ لكتابة قصة ظلت تضغط عليه منذ زمن. بداية انتزع عينيه وثبتهما في وسط أعلى الصفحة كعنوان للقصة. عمد بعد ذلك إلى استلال لسانه ووضعه فوق أول السطر... سمع لسانه يشتم بصوت نزق ويقول له: تعال! ارجع.. القصة لم تكتمل بعد)
Jameil67@live.com




التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صح لسانك
أبو البراء -

هذه المرة أبكيتنى أيها الجميل لك التحية على هذا المقال الذى يأتى من أجل الوفاء لأهل العطاء ..اللهم فرج كرب أديبنا الروائى أبوبكر حامد كهال .. أقولها صراحة بدلاً من العودة إلى الوطن الأسير إرتريا عليه أن يعود أدراجه الى العقيد المعتوه فربما كان أرحم به من تلميذه المجنون (أفروقى) قاتلهم الله الاثنان .شكراً جزيلاً على اللفتة البارعة التى جائت من المثقفين التونسيين فى مناشدتهم الحكومة التونسية لكى يضمنوا له حق اللجوء إذا كان من أجل السياسة او لقمة العيش أو حتى الكتابة كما ذكر الاستاذ جميل ، نحن الارتريين فقط نبحث عن مأمن وكفى أما ما تبقى من الحاجات الضرورية للبقاء على قيد الحياة فنحن أقدر على الجوع والقر والحرور وسنبقى رغم كل الظروف .

صح لسانك
أبو البراء -

هذه المرة أبكيتنى أيها الجميل لك التحية على هذا المقال الذى يأتى من أجل الوفاء لأهل العطاء ..اللهم فرج كرب أديبنا الروائى أبوبكر حامد كهال .. أقولها صراحة بدلاً من العودة إلى الوطن الأسير إرتريا عليه أن يعود أدراجه الى العقيد المعتوه فربما كان أرحم به من تلميذه المجنون (أفروقى) قاتلهم الله الاثنان .شكراً جزيلاً على اللفتة البارعة التى جائت من المثقفين التونسيين فى مناشدتهم الحكومة التونسية لكى يضمنوا له حق اللجوء إذا كان من أجل السياسة او لقمة العيش أو حتى الكتابة كما ذكر الاستاذ جميل ، نحن الارتريين فقط نبحث عن مأمن وكفى أما ما تبقى من الحاجات الضرورية للبقاء على قيد الحياة فنحن أقدر على الجوع والقر والحرور وسنبقى رغم كل الظروف .

اللهم فرج كربته
عمر ابوالسباع -

الكثيرون أخى محمد جميل يقبعون فى سجون ارتيريالأنهم يحملون آراء غير التى يريدها النظام فزج بهم فى غياهب السجون.نتمنى أن لايكون مصير تبنا الكبير كمصيرهم وندعوا الله ان يفرج كربه،وشكرا للإخوة التوانسة قادة ربيع الدول العربية.وشكرا لك محمد جميل على متابعة أوضاعه.

اللهم فرج كربته
عمر ابوالسباع -

الكثيرون أخى محمد جميل يقبعون فى سجون ارتيريالأنهم يحملون آراء غير التى يريدها النظام فزج بهم فى غياهب السجون.نتمنى أن لايكون مصير تبنا الكبير كمصيرهم وندعوا الله ان يفرج كربه،وشكرا للإخوة التوانسة قادة ربيع الدول العربية.وشكرا لك محمد جميل على متابعة أوضاعه.

البحرين
الخليفة -

هكذا تكون رسالة الصحافة وهكذا يكون الوفاء للمبدعين , التحية للأخوة في تونس مطالبتهم توفير ملاذذ آمن لقلم يحتاج اليه القارئ الأريتري , وكل القراء , أسرتني روايته تايتنيكات أفريقية , ,ارجو له كل خير ,ونحن علي استعداد لما يمكن أن نقدمه له ,, الخليفة

البحرين
الخليفة -

هكذا تكون رسالة الصحافة وهكذا يكون الوفاء للمبدعين , التحية للأخوة في تونس مطالبتهم توفير ملاذذ آمن لقلم يحتاج اليه القارئ الأريتري , وكل القراء , أسرتني روايته تايتنيكات أفريقية , ,ارجو له كل خير ,ونحن علي استعداد لما يمكن أن نقدمه له ,, الخليفة

ويحكم
محمد أحمد إدريس -

ويحكم والله كان الأخ الكاتب من الكتاب الذين كرمتهم ليبيا وعاش فيها مستوراً بكل حرية كغيره من آلاف الإرتريين بل عشرات الآلاف الذين تخرجوا من جامعات ليبيا دون مقابل، فهل هذا جزاء ليبيا وشتم قائدها. ثم إني أستغرب عن اللكنة العنصرية مرتزقة التي سوقتها وسائل إعلامية مأجورة أقسم بالله ليس هناك مرتزقة أكثر من الجحافل التي رشاها حاكم مستعمرة قطر من صحفيين وغيرهم لتشويه الحقيقة. شكرا لشرفاء تونس على الاهتمام بكاتبنا الكبير، وفرج الله كربة ليبيا التي تداعت عليها الأمم كما يتداعى الأكلة اللئام على القصعة.

ويحكم
محمد أحمد إدريس -

ويحكم والله كان الأخ الكاتب من الكتاب الذين كرمتهم ليبيا وعاش فيها مستوراً بكل حرية كغيره من آلاف الإرتريين بل عشرات الآلاف الذين تخرجوا من جامعات ليبيا دون مقابل، فهل هذا جزاء ليبيا وشتم قائدها. ثم إني أستغرب عن اللكنة العنصرية مرتزقة التي سوقتها وسائل إعلامية مأجورة أقسم بالله ليس هناك مرتزقة أكثر من الجحافل التي رشاها حاكم مستعمرة قطر من صحفيين وغيرهم لتشويه الحقيقة. شكرا لشرفاء تونس على الاهتمام بكاتبنا الكبير، وفرج الله كربة ليبيا التي تداعت عليها الأمم كما يتداعى الأكلة اللئام على القصعة.