إيلاف: ثورة الوعي في عقدها الأول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أعلم أن شهادتي مجروحة حين أكتب عن تجربة "إيلاف" في عقدها الأول، فأنا من عشاقها المتيمين كقارئ أولا قبل أن أكون من كتابها. لكنني أعلم أيضا أن "الموضوعية" - في أعمق معانيها - هو أن تعلن عن "ذاتيتك" من البداية، وها أنا قد فعلت.
في اللغة الإنجليزية يوجد مثل شهير - Telling The Truth is Revolutionary Act - ومعناه "قول الحقيقة هو عمل ثوري"، وأتصور أن "الهدف" و"الغاية" التي سعت إيلاف إلي تحقيقها علي مدار عشر سنوات - ولاتزال - لا تخرج عن هذا المثل أو الحكمة.
راهن الثائر عثمان العمير علي أن الكلمة هي " فعل": يحرر.. يغير.. يطهر.. يجدد.. يثور........، فقط كانت "الكلمة" أو "قول الحقيقة" أو "العمل الثوري" يبحث عن آلية عصرية تعبر عنه ويعبر عنها، حتي تلهب (ثورة الوعي) من المحيط إلي المحيط، التي بدأت بطيئة لكنها كانت أكيدة.
وكأنها لحظة ألتقاء نادرة وفارقة و"حدث" مسروق من زمان الزيف الإعلامي، والنفاق الرسمي والتهويل المصطنع والتهوين المتعمد، فلم يتنبه الحكام أو منظريهم في الميديا، إلي ميلاد جيل جديد من شباب (العمر والعقل)، كان علي موعد مع ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يرفض "العنف الثوري أو الدموي" كمبدأ للتغيير والتثوير، يستخدم مفهوما جديدا هو: "القوة الناعمة" في فرض إرادته وتحقيق أهدافه، وهو مفهوم سياسي - ثقافي قصد به "جوزيف ناي": "القدرة على صياغة خيارات الآخرين... وأن تكون نموذجا يحتذي، يجذب الآخرين ويدفعهم إلى أن يفعلوا ما تريد".
هكذا تحولت الأدوات الرقمية للحداثة وما بعدها - وفي القلب منها إيلاف - إلي أدوات تمرد استخدمها الشباب العربي في نضالهم من أجل الحرية والديمقراطية، ناهيك عن أن هؤلاء الشباب لا ينتمي أغلبهم لأي تيار سياسي أو حزبي أو تنظيمي، كما أنهم بلا قائد أو " مركز " ثابت وهي أهم سمات عصر العولمة وما بعد الحداثة.
لكن يبدو أن "إيلاف" تحقق ما هو أكثر الآن - وفي صمت وحرفية ودون إدعاء - ذلك أننا نعيش "مفارقة الجهل" في ذروة عصر الانترنت، وحسب " ماتسيو بيجلوتشي " أستاذ الفلسفة في مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك، ففي عصر تدفق المعرفة لازلنا نفتقر إلي المهارات الأساسية اللازمة للتأمل في هذه المعلومات وتدبرها (وغربلتها) للعثور علي شذرات الذهب التي تستحق حهدنا العقلي والإنساني.
وبدلا من أن نتحول إلي حشود جاهلة يجرفها فيضان الألكترون، تقف " إيلاف " كتمثال الحرية رافعة شعلة "التفكير النقدي" عبر التقارير والمقالات والتحقيقات واختياراتها المنتقاة بعناية، لأن خبرتها كأول صحيفة الكترونية في العالم العربي، تؤكد علي أن المشكلة بعد عقد كامل 2001 - 2011 لم تعد في الوصول إلي المعلومات، وإنما في القدرة علي معالجة هذه المعلومات واستخلاص "الحقائق" منها.
كل عقد وكتيبة إيلاف، من العاملين والقراء والكتاب بألف خير....