الديمقراطية المقلقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الزلزال السياسي الذي جاء بعد ثورة تونس ومصر ومن ثم اليمن وسوريا عرى الكثيرين.
في عام 2005 خاطب الرئيس الأمريكي بوش جنوده فقال لهم إن التغيرات التي تجري في العراق تبشر بثورة ديمقراطية عالمية، ووصف هذا التغييرو كأنه يوازي سقوط جدار برلين. هذا الوصف فقد مصداقيته خلال فترة وجيزة. وعليه فان الاستنتاجات التي يتم الحديث عنها حول التماثل بين بوابة برادنبورغ وساحة التحرير في مصر ليس من السهل تأكيدها. أما الأمر المؤكد فهو أن الثورة الشعبية في مصر وليبيا ومؤخرا في سوريا قد أعطت صعوبات لصناع قرار الحرب على العرب، يصعب معها على من كان من أكثر المتحمسين لكي يسقوا الشرق الاوسط لبن الديقراطية أن يشرحوا مواقفهم المتحفظة تجاه هذه الثورات التي نبعت من قلوب الناس.
تبرير الأنا عند استخدام القوة
في بدايات التحضير لعملية غزو العراق استخدم الامريكان كلمة الديمقراطية لكي يسبغوا الشرعية على حربهم للعراق، وبالضبط كانت كلمة الديمقراطية هي الشعار والهتاف الذي نادوا به لكي يشرعوا بالحرب على العراق، وخصوصا بعد أن تبين أن معضلة سلاح الدمار الشامل الذي شغلوا العالم به كانت مجرد وهم فلم يبق أمامهم غير الحاجة الى الديمقراطية في المنطقة شعارا يهتفوا به.
لذلك فمن المهم الآن أن ننظر الى آراء وردود أفعال أكثر المتحمسين للديمقراطية في ذلك الوقت وكيف كانت ردة افعالهم تجاه احداث مصرويجب أن لا ننسى أن الديمقراطية كانت هي التبرير المستخدم لشرعية استخدام القوة في العراق. على سبيل المثال رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير كان من اشد االمتحمسين لاحلال الديقراطية في العراق بالحرب. لكن موقفه من مصر عندما خرجت الجموع الحاشدة في الشوارع منادية بالتغيير والاصلاح الديمقراطي كان له موقف فيه الكثير من التحفظ لايمكن وباي صورة ان يقارن بموقفه السابق تجاه العراق حيث قال للسي ن ن: إن التغيير ضروري ولكن يجب ان يكون مستقرا.
وهو ليس الشخص الوحيد من بين المجموعة التي تتوق لاحلال الديقراطية في العراق بفوهة البندقية، اليوم لا نرى البهجة في وجوههم بعد هذه الحركة الديقراطية التي قلبت ميزان القوى في مصر رأسا على عقب، الشخص الذي عرفوه لسنوات طويلة اصبح سجينا والاحزاب المحضورة قد عادت الى الميدان ولا يوجد أي شيء واضح يستطيعون بواسطته معرفة شكل الحكومة القادمة.. وهم اكثر تحفظا تجاه سوريا و السؤال الذي يشغلهم..وماذا بعد الاسد؟
ياترى ما هي اسباب هذا القلق وما هو مصدره؟
الأمر واضح إن قلع هذه الانظمة من جذورها بحيث لا يبقى شخص من الاشخاص الذين قد اعتادوا التعامل معهم في الميدان هو سبب قلقهم ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ألم يكن إزالة النظام العراقي السابق من جذوره هو الهدف المباشر للحرب. الجواب على هذاالسؤال لا يختلف فيه اثنين نعم.
لكن المشكلة الحقيقية من وجهة نظرهم ليس التغيير بحد ذاته ولكن الغيب الذي يرافق هذا التغيير و من يقف خلف هذه الثورات، وحالة المجهول وعدم وضوح الرؤية المستقبلية هي المصدر لهذا القلق والحقيقة أن كل المؤشرات والتصريحات تشير بهذا الاتجاه أي التغيير الذي تقوم به الشعوب لوحدها مقلق لطالما لا يسييره الغرب.
هذا الوضع الذي نحن فيه كشف لنا كذبة جديدة، الغرب قدم لنا فكرة ألا وهي أن حلف الناتو قد يعين الشعوب التي لا تستطيع أن تقف بوجه الدكتاتوريات التي تحكمها، بمعنى آخر لو تمكن الشعب العراقي من إزالة صدام حسين لما اضطر بوش لشن الحرب على العراق و لكن لضعف الشعب العراقي اضطر بوش للمجيء بجيشه واطاحة الدكتاتور. هذه هي الرؤية التي قدمها لنا الغرب والتي اعقبها الحديث عن ما تحملته تلك الدول من نفقات عالية لتدمير النظام الدكتاتوري، مع تجنب ذكر ما دمر من البنية التحتية ولا يوجد ذكر مباشر عن ثمن رد الجميل لأمريكا.
الديمقراطية المفروضة بقاذفات القنابل
مصر اثبتت خطأ هي النظرية. الديقراطية يساندونها و بكل قوة عندما تعطى للشعوب من السماء وتساند مجموعة معروفة تجاه أخرى. أما الشعوب التي تكافح لوحدها لنيل حريتها والحصول على الديقراطية تكون مصدر قلق للغرب. الكثير من الصحف الغربية كتبت بهذا النفس محذرة من التغيير الحاصل في مصر فقالت هناك قلق من توصل الاسلاميين الى السلطة وهكذا ستخلق ايران جديدة في المنطقة.
هذا بالرغم من أن العالم باسره قد شاهد وقوف المسيحيين والمسلمين يدا بيد في ساحة التحرير وعليه فان هذه المخاوف ليس لها ارتباط بالواقع ومن الواضح أنه سيكون بالامكان عمل انتخابات حرة لا يستبعد فيها أن تفوز فيها الاحزاب العلمانية. لكن نتيجة هذه الانتخابات لا يمكن أن تحسم قبل الانتخابات و لا يمكن لواشنطن أن تديرها عن بعد وكأنها لعبة آلية تدار من بعيد. وهذا ما لا يحبه الامريكان لأنهم يريدون أن يعرفوا مسبقا من هو الحزب القادم و موقفه من الغرب الخ الخ.
هذا التغييرات الجديدة في المنطقة جعلت النفاق الغربي والكيل بمكيالين في مواقف الغرب تجاه الشرق الاوسط صعب الإخفاء. الآن نستيطيع أن نقول أن هذه التغييرات اسقطت كذبتكم الاخيرة في تبرير حرب العراق. الهدف كان ديمقراطية موجهة من الأعلى وبنتيجة محسومة لجهة معينة تفتح الباب على مصراعيه لنفوذ غربي أكبر في المنطقة.
لكن الثورة الجديدة في مصر طالبت وقاتلت من أجل الديمقراطية من الأرض و هذا هو ما تنبأ به بوش عام 2005 لكن أغلبية من نادوا بذلك لم يعودوا يشعروا اليوم ببهجة قدوم الديقراطية الى الشرق الاوسط من شوارع المدن لذلك سارع الغرب بدعم كل الثورات في مصر 2 مليار لدعم ثورة 25 يناير و إطفاء مليار من الديون المصرية كل ذلك لكي يحسموا قضية الفوز بالانتخابات الحرة التي قد نراها بعد فترة من الزمن.
الانسحاب من العراق على المحك
نحن الآن أمام مرحلة أخيرة من ما سمي بتحرير العراق و إدخال الديمقراطية فيه،ووفق للادعاءات الامريكية فإن الهدف قد تحقق من ذلك لكن لضعف جاهزية الجيش والشرطة العراقية فهناك خوف من الانسحاب الامريكي وحالة الفراغ الأمني الذي سيعقب ذلك وهذا الرأي قد قدم لنا من عدة أطراف ذات ولاء للأمريكان. وبنفس الطريقة السابقة لنلاحظ آراء الذين نادوا بتحرير العراق كيف ستتغيير كما تغيير رأي توني بلير وكيف سيتم اقناعهم بتبني هذه الفكرة أو تلك و من المعارضين للفكرة يجب ان يصفى ومن سيهمش ومن سيوافق على الأمر مقابل كذا أو كذا.
ويبقى المعقل الامريكي الأخير الذي لن ينسحبوا منه وهو الوجه الدبلوماسي، السفارة الامريكية التي هي بحجم الفاتيكان و ستة اضعاف حجم مجمع الامم المتحدة وفي داخل منطقة صنع القرار في العراق فهل ياترى إختيارهم لهذه المنطقة قد جاء اعتباطا؟
التعليقات
الديمقراطية العربية
شهاب -الديمقراطية لا تقلق الا في العالم العربي نظرا لتلوثها بالتحاصص الطائفي والقبلي لعدم الوعي والايمان بها داخليا وتحويرها وتلطيخ سمعتهابالطريقة العربية الهجينة كمثل العراق ولبنان والكويت حيث لايوجد في الديمقراطية توزيع للمناصب على الطوائف والقبائل والعوائل بل احزاب من يحصل على الاغلبية يحكم حسب برنامجه الانتخابي والاقلية تعارض