أصداء

الثورة.. وإشكالية المثقف

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


لقد أنقسم المثقفون، في هذه المرحلة الحرجة السامية من تاريخ المنطقة، بصدد مفهوم الثورة، إلى خمسة فئات. الفئة الأولى: شرائح مثقفة تتصدر مقدمة الثورة، كالمطر الربيعي، وتنافح عنها منافحة مستميتة، معتبرة نفسها أصحابها ومنفذيها الفعليين، منهم كتاب وساسة وشخصيات إجتماعية وأشباه هؤلاء وأولئك، لكنها لاتملك تصوراُ واضحاُ ومنهجاُ محدداُ لصيرورة وأبعاد هذه اليقظة، وكأنها تحايث الحدث لأنه قد حدث، ( كما فعل برودون، كالينين، كاوتسكي )، لإنها تفتقر، من حيث الماهية، إلى ثقافة نوعية تؤهلها لتأطير جوهر الثورة، وشخصانية أهدافها، وطبيعة الحركة السياسية والأجتماعية في بنيوية المجتمع، والمسألة القانونية والدستورية، والعلاقة اللامنفكة مابين القديم الزائل المتكسر والجديد الناعم المتماسك. فهذه الشرائح المثقفة، في الوقائعية التجريبية، فوضوية، جاهلة في إدراك عمق القرار السياسي العملي المتنفذ ( والمفروض أن يتنفذ، والتصارع مابين الممكنات، والصراع فيما بينها ) على أرض الواقع.

كما إنها تعاني من أزمة حادة مفادها ( إنها موجودة في كل مكان، وهي موجودة في لامكان )، لإنها تمتاز بالخصائص التالية. الخصيصة الأولى: إنعدام أي علاقة موضوعية ما بين مفهوم الإنتماء ( إلى هذا وذاك من الأحزاب أو التيارات أو الجهات ) ودرجة الأهتزازات في المواقف والكتابة والتصريحات والآراء والطروحات. الخصيصة الثانية: لاتفقه فحوى التدرج والتراكم والعلاقة ما بين الكم والكيف في علم الأجتماع، وفي الفيزياء لاتدرك مفهوم التسارع، إنما تفر كالبرق إلى أقصى مضمون السرعة، وفي السياسة لالون ولامصدر ولاغرار لها، وفي الفقه تستنبط النتائج دون مقدمات، وفي علم الكلام لاتكترث إلا بإنزال النتيجة حالاُ. الخصيصة الثالثة: تتمايز بالأستبداد والقمع وأساليب الرعوية - الأبوية في الوقت الذي تكافحه. الفئة الثانية: شرائح مثقفة تزعم إنها مع إنتفاضة الشعب، وتناصر فحوى الإحتجاجات، وتتشدق وتتفكه إنها مع المبادىء الإنسانية، ومضمون الحريات، ونهج الديمقراطية، وبالتالي إنها ( هكذا تدعي ) ضد القهر والتسلط والقتل، لكن، لكنها تركز على مفهوم ( لكن )، على محتوى جديد ل(لكن )، لإن لديها مشكل، لديها حساسية ضد المجهول، لدى المجتمع معضلة إزاء المستقبل، أي ( لكن ) هي تخشى مفهوم ( الفراغ، الفجوة ) القادم !! وتعلل ماذا لو سادت حالة من الفوضى المطلق !! ماذا لو أزدرد الحوت المجتمع كله!! ماذا لو أنتفى النظام العام والآداب العامة !! ماذا لو ندمنا على الماضي ( الحاضر ) المجيد، الأمن المستقر، السكينة المستتبة !! أوليس الأعور أفضل من الضرير! أوليس هذا الوضع أحسن من حال الحرب الأهلية، ومن حال الأزمة ! وهكذا فإن هذه الشرائح، في المنطلق، في الأسلوب والمنهج، في النتيجة، مناصرة للأنظمة القائمة وتناظر فكرياُ لبقائه وتؤسس إجتماعياُ لأستمراريته ولديمومته، وهي تدري تمام الدراية إنها تنافق وتدالس في خطابها السياسي الفكري العام. الفئة الثالثة: شرائح مثقفة، هي في الحقيقة صاحبة الثورة الفعلية، لإنها تدرك تمام الإدراك جوهر الحدث، عوامله البنيوية، تداعيات هذه المرحلة، مسوغات الحركة التفاعلية في السياسي والأجتماعي، حجم وجسامة التضحيات، خطورة المسألة التناحرية، هذا من جانب، ومن جانب آخر، وهذا هو الرا ئع لدى تلك الشرائح، إنها تمتلك رؤية واضحة في المسألة القانونية والدستورية، ومفهوم الدولة ( عناصرها، خصائصها، أنظمتها )، والفرق ما بين محتوى التصارع والصراع، وتمعن النظر في كل هذه المسائل بعيون موضوعية وكأنها توجه العملية السياسية والثورية في أرض الواقع، في الفكر.

أضرب بعض الأمثلة ( الدكتور ناجي شراب، الدكتور منذر الفضل، الككتورة فاديا مغيث )، إن هؤلاء السادة لايكترثون بتعابير الحرية والديمقراطية، أو القمع والقهر كتعابير جامدة أو منفصلة، إنما يحللون حيثيات المختبر الواحد ونمط هذه الحيثيات وفق قاعدة التطور الخلاق والتطور الديا لكتيكي، وعلى ضوء تأصيل مفهوم الحق والتاريخي الفردي والجماعي في سياق الحق والتاريخي العام والمشترك. الفئة الرابعة: شرائح مثقفة دجالة حقيقية، تساهم بكل ما أوتيت من وحشية في الوجدان، وفي الفكر، في طلسمة المعطيات السياسية لمجمل الأحداث لصالح منظومة، هي تنتمي إليها عضوياُ. وهذه الشرائح إما نتيجة مراكزها، أو مناصبها، أو مكاسبها المادية والمعنوية، أو بحكم طبيعتها، أو لأسباب خاصة، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة، هي تنافق ذاتها أولاُ ومن ثم تنافق السلطة والنظام القائم، لإنها بطبيعتها منافقة وتدليسية ( أمثال أحمد حاج علي، ابراهيم الدراجي، محمد سعيد رمضان البوطي، أحمد بدر الدين حسون )، وحينما يتذرعون هؤلاء السادة بالعلل الواهية الوهمية - الفتنة، المؤامرة، العصابات المسلحة، التنظيمات الإرهابية، أو المقاومة ودول الممانعة وجبهة الصمود والتصدي والعدو الأسرائيلي - يعرفون كل المعرفة إن الواقع يضاد ويخالف هذه الفرضيات، وإن هذا هو دورهم ( التزويري ) في منظومة النظم الأستبدادية اللادستورية. الفئة الخامسة والأخيرة: شرائح مثقفة متمسكة بالفعل بملامح الحرية والديمقراطية والسلوك الأنساني السوي والواعي، وتلتزم بمفاد الحضاري والمدني. وتتعامل مع الأحداث بروح صادقة ومشاعر نبيلة، وتتمنى الخير والسعادة، الغبطة والحبور لكل المجتمعات البشرية، وهي في غياهب ألبابها وقرارة أنفسها ضد معايير - الجور والظلم والطغيان - أمثال الدكتور محمد المسفر، جهاد الخازن.

لكن المصيبة لدى تلك الشرائح، إنها في الصميم وكأنها تحبذ لو واظبت هذه الأنظمة على ما هي عليه، لإنها من جانب تسدي النصيحة لتلك ألأنظمة بالأصلاحات الجزئية ( فقط الضرورية للخروج من المأزق ) واحتواء التناقضات ( وليس معالجتها )، ومن جانب ثان هي تبني قراراتها على سلوكية التحليل الصوري الشكلي - الأرسطوي - فهي ليست نصيرة للتحليل البنيوي ولا للتغيير الجذري الراديكالي...
heybat@maktoob.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الثورة والمثقف
عبدالقادر بدرالدين -

عزيزي هيبتقرأت مقالتك - الثورة واشكالية المثقف - تمنيت لو كانت المقالة تحت عنوان - الثورة واشكالية السياسيين والحزبيين - لان موضوع المثقف ودوره في الحراك التاريخي قد نوقشت بكثرة, اما الحالة الجديدة والتي لم يتناقش بعد هو الموقف السياسي او الحزبي والذي كانوا دوما في مقددمة الحراكات التاريخية ان صح التعريف ولكن اليوم اختلفت المعادلة, حيث صار السياسي الكلاسيكي او الحزبي مغتربا على الساحة التي كان يوما من الايام قائدا لها, اعتقد انه بحث جديد وجدير بالاهتماماخوكعبدالقادر بدرالدين

الثورة والمثقف
عبدالقادر بدرالدين -

عزيزي هيبتقرأت مقالتك - الثورة واشكالية المثقف - تمنيت لو كانت المقالة تحت عنوان - الثورة واشكالية السياسيين والحزبيين - لان موضوع المثقف ودوره في الحراك التاريخي قد نوقشت بكثرة, اما الحالة الجديدة والتي لم يتناقش بعد هو الموقف السياسي او الحزبي والذي كانوا دوما في مقددمة الحراكات التاريخية ان صح التعريف ولكن اليوم اختلفت المعادلة, حيث صار السياسي الكلاسيكي او الحزبي مغتربا على الساحة التي كان يوما من الايام قائدا لها, اعتقد انه بحث جديد وجدير بالاهتماماخوكعبدالقادر بدرالدين

د. رفعت الاسد املنا
ج . ب -

يقولون ان الناس كالمعادن كل معدن له درجة حرارة معينة ليتأثر بها ويتغير ولكن المعادن الجيدة لا تتأثر او تتغير من ناحية حالتها او خصائصها او حتى شكلها بسهولة كما يحدث للمعدن الرخيص او الذي فلزاته متباعدة عن بعضها , وهكذا ايضا يكونون السياسيين المخلصين لقضيتهم وحبهم لوطنهم وشدة تماسكهم بقضيتهم ومبادئهم وعقيدتهم وهم لا يهتمو بمصالحهم الشخصية حتى ولو كان من السهل الحصول عليها ولكنهم يفضلون مصلحة وطنهم وشعبهم ويضعونها في مقدمة اعمالهم ومصالحهم فنلقاهم في كثير من الاوقات يتنازلون عن الكثير من حقوقهم ومصالحهم من اجل المبادى والقيم التي يؤمنون بهاوالتي يضحون لها واحيانا يخسرون حياتهم او مناصبهم مفضلين ان لا يؤذو او يرو معاناة شعبهم ووطنهم لانهم اناس اكفاء وفرسان ونشامى ومخلصين لاخر لحظة في حياتهم ويتشبثون بمبادئهم وعقيدتهم لاجل سلامة وطنهم وشعبهم , ولكن للاسف الشديد لم يبقى من الهؤلاء الابطال الاشاوس الخيرين الا القليل ولكن الواحد منهم يعادل المليون لانهم رجال , الله خلقهم واخصهم بخصال القادة والفرسان وجعلهم المثل الاعلى ليقتاده به الوطنين الطيبين والمخلصين لاوطانهم كامثال القائد المناضل الدكتور رفعت الاسد ( حفظه الله ورعاه ) وادامه بركة وسندا لوطننا وشعبنا السوري الابي وهو القائد والسياسي الاوحد الذي نادى بالحريةوالديمقراطية للشعب وعدم التوريث في الحكم وتعدد الاحزاب وسماع الراي الاخر من اجل مستقبل سوريه الافضل ونادى برفع قانون الطوارىء قبل اكثر من ثلاثة عقود لذلك نستطيع ان نقول ونؤكد بان القائد هو اول من تنادى بالتغير واعطاء الحرية للمواطن وفتح مجالات التعليم للمواطن واتاحة فرص عمل للشباب ولكن للاسف لم يسمع له احد في ذلك الوقت لذلك فضل ان يترك السلطة بارادته ما دام لا يستطيع ان يحقق امنيته وهي تحقيق اماني و اهداف شعبه , واليوم اصبحنا نرى باعيننا ما يجري في بلدنا العزيز من قتل وتعذيب للمواطن الذي يطالب بحقوقه المشروعة, وانني لمتاكد من ان القائدالمناضل الدكتور رفعت الاسد هو اكثر شخص في العالم متاثرا ومتألما لما يجري في بلده ولشعبه من قمع وقتل وترهيب ,لانه الوحيد الذي حب شعبه والشعب احبه وتفاخر به , واليوم لا اطلب من الله عز وجل غير ان يعود قائدنا الينا وليخلصنا من الطغاه والقتله ويكون قبطان سفينتنا ليرسو بنا الى بر الامان والامنيات .. ارجوك يا سيدي عد الينا فنحن

د. رفعت الاسد املنا
ج . ب -

يقولون ان الناس كالمعادن كل معدن له درجة حرارة معينة ليتأثر بها ويتغير ولكن المعادن الجيدة لا تتأثر او تتغير من ناحية حالتها او خصائصها او حتى شكلها بسهولة كما يحدث للمعدن الرخيص او الذي فلزاته متباعدة عن بعضها , وهكذا ايضا يكونون السياسيين المخلصين لقضيتهم وحبهم لوطنهم وشدة تماسكهم بقضيتهم ومبادئهم وعقيدتهم وهم لا يهتمو بمصالحهم الشخصية حتى ولو كان من السهل الحصول عليها ولكنهم يفضلون مصلحة وطنهم وشعبهم ويضعونها في مقدمة اعمالهم ومصالحهم فنلقاهم في كثير من الاوقات يتنازلون عن الكثير من حقوقهم ومصالحهم من اجل المبادى والقيم التي يؤمنون بهاوالتي يضحون لها واحيانا يخسرون حياتهم او مناصبهم مفضلين ان لا يؤذو او يرو معاناة شعبهم ووطنهم لانهم اناس اكفاء وفرسان ونشامى ومخلصين لاخر لحظة في حياتهم ويتشبثون بمبادئهم وعقيدتهم لاجل سلامة وطنهم وشعبهم , ولكن للاسف الشديد لم يبقى من الهؤلاء الابطال الاشاوس الخيرين الا القليل ولكن الواحد منهم يعادل المليون لانهم رجال , الله خلقهم واخصهم بخصال القادة والفرسان وجعلهم المثل الاعلى ليقتاده به الوطنين الطيبين والمخلصين لاوطانهم كامثال القائد المناضل الدكتور رفعت الاسد ( حفظه الله ورعاه ) وادامه بركة وسندا لوطننا وشعبنا السوري الابي وهو القائد والسياسي الاوحد الذي نادى بالحريةوالديمقراطية للشعب وعدم التوريث في الحكم وتعدد الاحزاب وسماع الراي الاخر من اجل مستقبل سوريه الافضل ونادى برفع قانون الطوارىء قبل اكثر من ثلاثة عقود لذلك نستطيع ان نقول ونؤكد بان القائد هو اول من تنادى بالتغير واعطاء الحرية للمواطن وفتح مجالات التعليم للمواطن واتاحة فرص عمل للشباب ولكن للاسف لم يسمع له احد في ذلك الوقت لذلك فضل ان يترك السلطة بارادته ما دام لا يستطيع ان يحقق امنيته وهي تحقيق اماني و اهداف شعبه , واليوم اصبحنا نرى باعيننا ما يجري في بلدنا العزيز من قتل وتعذيب للمواطن الذي يطالب بحقوقه المشروعة, وانني لمتاكد من ان القائدالمناضل الدكتور رفعت الاسد هو اكثر شخص في العالم متاثرا ومتألما لما يجري في بلده ولشعبه من قمع وقتل وترهيب ,لانه الوحيد الذي حب شعبه والشعب احبه وتفاخر به , واليوم لا اطلب من الله عز وجل غير ان يعود قائدنا الينا وليخلصنا من الطغاه والقتله ويكون قبطان سفينتنا ليرسو بنا الى بر الامان والامنيات .. ارجوك يا سيدي عد الينا فنحن