أصداء

الحكومة العراقية: قصور سياسي أم بلطجة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ليس من المؤكد، أنّ النتائج المحزنة التي وصلت اليها العملية السياسية في العراق، سوف تهزّ كثيرا من القناعات الراسخة لدى رئيس الوزراء العراقي، وتحفزه على البحث العاجل عن الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الأزمات المستفحلة على الصعيدين السياسي والإجتماعي بهدف العثور على مخرج ملائم للإنحباس السياسي الراهن وبالتالي الإلتفات الى المطالب العاجلة للأغلبية الإجتماعية المتضررة من الأوضاع الإستثنائية التي طال أمدها أكثر مما ينبغي منذ عام 2003. حيث لا يزال مصرّا على التعنت والمواقف المتشنجة ذاتها، وخصوصا حين يتعلق الأمر، بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد الإداري والمالي ووضع حدّ نهائي للعبث السياسي المزمن والنهب المنظم للمال العام، رغم أنّه أقدم وبيسر ملفت للنظر، على تنازلات كثيرة، وخاض في تسويات سياسية فوقية، وأجرى مقايضات لا حصر لها مع الخصوم السياسين في الداخل والخارج، عندما كان الأمر يتعلق بصراع الكراسي ومواقع السلطة والثروة والنفوذ.

ولا يمكن تفسير تردّده في الإستجابة لمطالب المتظاهرين منذ الخامس والعشرين من شهر شباط الماضي، والتسليم بمشروعية الأهداف التي يعبّرون عنها، ومن ثم العمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، سوى شعوره العميق بالخطر الذي غذته عقود طويلة من الإنفصال التامّ بين ما يدور في عالمه المحدود والمغلق، وبين ما تكتوي به الأوساط الإجتماعية يوميا من جهة أخرى. ولهذا كان رهانه الوحيد حتى اليوم، هو إستمرار المواجهة بين السياسة والمجتمع، واللجوء الى كلّ الوسائل الخاطئة للتعامل مع حاجات الأغلبية الإجتماعية بإستثناء اللجوء الى الوسيلة الصحيحة والمناسبة في التعاطي معها والتي تقتضي التواصل الحقيقي مع الجمهور العريض وخلق شروط التفاهم وترسيخ مبدأ الرقابة والمسائلة الإجتماعية بإعتباره مبدأ طبيعيا وموضوعيا، وليست مطالب المحتجين صدقة دينية يمنّ بها عليهم حين يحلو أو لا يحلو له الأمر، والكفّ عن التعالي والنظر الى المتظاهرين بإعتبارهم جموع دهماء وقاصرة ينبغي تأديبها وإرجاعها الى أقفاصها، وترك أمور الشأن العام لأولي الأمر، ولمن هم أولى بإدارته، وأعرف بالمصالح الحقيقية للبلاد.

ومصدر الخطورة يكمن بإعتقاده، في الإعتراف بأنّ الدولة هي الإطار الحقيقي والشرعي للتعبير عن المصالح الإجتماعية وفي ترجمة هذا الإعتراف الى خطوات عملية جريئة لصالح المجتمع، لا في إستمرار التصرف بها وبمواردها كغنيمة صالحة للتقاسم، ومصادرتها لصالح الحواشي والمقربين والموالين لشخصه وحزبه والذين لم ولن يتوصلوا عن طريق الوسائل الملتوية وأساليب البلطجة والشقاوات وفبركة التظاهرات المضادة والمؤيدة لشخصه، واللجوء الى الصيغ القديمة والمستهلكة التي فقدت تماما فاعليتها، من أجل كسر المطالب الجماهيرية المشروعة بدلا من محاولة السيطرة العقلانية على النزاعات الناجمة بين المصالح المتباينة وتحديد الصلاحيات الخاصة بالسلطات الحكومية، ومنع تداخلها بالإسراع بسنّ القوانين اللازمة لتجنب الفوضى والإرتجالية والإعتماد على قوانين المرحلة الديكتاتورية السابقة في الكثير من الشؤون والمصالح العامة. ولا يمكن أن يتحقق ذلك كله إلاّ بالتمييز بين الحزب المهيمن على الدولة ومواردها ومؤسساتها وبين الدولة ذاتها كإطار قانوني حقوقي وإنساني يستظل بها جميع المواطنين بغض النظر عن إنتماءاتهم المختلفة، وبالتمييز بين المصالح الجزئية والعامّة، الأمر الذي لم يسمح فيما مضى من سنوات، بتحديد القاعدة التي ينبغي أن تحكم العلاقات بين القوى السياسية ذاتها من ناحية، وبينها وبين المجتمع من ناحية أخرى.

ومن الواضح تماما، أنّ السيد نوري المالكي لا يزال يعتقد بأنّ السياسة كما "التجارة" هي فهلوة وتحيّن للفرص وتكيّف مع متطلبات السوق وما يستدعيه من إستبدال سريع للبضاعة والزبائن ومن تزيين لواجهة الدكان، حسب قوانين العرض والطلب، وكلّ ما عليه فعله لتأكيد وجوده الأوحد في ميدان التنافس، هو الإحتكار التقليدي وكسر البضاعة المنافسة من أجل الكسب السريع. فالزهو ومشاعر العظمة والميل للتفردّ بالقرار والإستبداد بالرأي والإرتجالية والتسرّع، التي بدت تتسم به خطاباته وتوجهاته وسلوكه السياسي والطرق اللا مسؤولة التي بات يعتمدها في معالجة الأزمات العامة، ولعلّ آخرها هو توجيهاته المباشرة لمجالس الإسناد العشائرية من مواليه الذين أغدق عليهم من المال العام بما يضمن ولاءهم لحشد تظاهرات موالية له يوم أمس في ساحة التحرير في العاصمة العراقية وإنتهت بإعتداءات سافرة ومواجهات دامية مع المتظاهرين الحقيقيين، لا يمكن لها أن تكون من صفات رجل الدولة "المنتخب" عن قائمة أسمت نفسها دولة القانون، إلاّ إذا كانت الصفات الشخصية بدورها تتغير حسب الفصول والمواسم والأسواق.


sulimaner@yahoo.fr

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المالكي وجريمة الوطن
علي المياحي -

لا فض فوك،هذا هو قدر المالكي المتلاعب بمصير العراق اليوم،هذا هو المالكي السائر بتهديم الوطن ككل اليوم،هذا هو المالكي الذي يريد ان يملك الارض والعباد،وهو ينطبق عليه قول فرعون في القرآن(ارادك يا موسى مسحورا،فيرد القرآن عليه اراك يا فرعون مثبورا) والمالكي اليوم لن يدرك الموت الا بعد طوفان فرعون القادم ان شاء الله.

British product
Rizgar -

مشاكل العراق يعرف الانكليز الخبثاء وحدهم كيف زرعوها، بلصق قوميات ومذاهب وتوجهات متناقضة في كيان لم ولن ولا رابط له غير العنف والاجبار والأنفال. فالشيعة لايرون في السنة غير مغتصبين لحكم هم اولى به، والسنة لايرون في الشيعة الا طارئين على العراق لايحق لهم التحكم بعراقهم، والكرد لايرى في كليهما الا وريثا لمحتل طال مكوثه على ارضهم التاريخية بسبب خيانة الانكليز لهم، فلمَ يجب لصق كل هؤلاء الاعداء وزجهم في كيان لن يستقر له المقام الا باسقلال كل فئة منهم في كيان خاص به، في حين ان السياسات العالمية تحافظ على كيانات عشائرية ضئيلة هزيلة لا تضاهي محافظة واحدة من محافظات الشيعة او السنة او الكرد، وكذّب من يشبه الحلبة بسلة من الزهور المتنوعة، وسيحكم التجربة بفشلها الذريع.

العرق
سرور -

ليعلم كاتب المقال وكل مؤيديه ان المالكي يمثل اغلبية الشعب العراقي . وان عجلة التاريخ لن تعود الى الوراء وزمن اللاعيب قد ولى لاننا نعرف جيدا منهم الذين تأمروا على العراق ويردون محوه. ويعملون ابشع الاعمال لاجل افشال حكومة المالكي . وزمن التهديد والوعيد واساليب البعث علاوي وزمته الارهابية سنكون لها بالمرصاد

كلنا مالكي
مهيمن -

ما حصل امس في ساحة التحرير اثبت لنا ان المتظاهرين هم عوائل الارهابيين ومؤيديهم . لانهم لو كانوا فعلا يتظاهرو لاجل العراق لما استهزءوا بضحايا مجزرة عرس التاجي ولما ورفعوا شعارات تطالب اطلاق سراح المجرمين ؟ لكنهم ناس مجرمن يساندهم البعثي الخشلوك والزاملي وبالامس انظم اليهم البعثي علاوي

شقاوات البعث
احمد الفراتي -

البلطجه كلمه ليست عراقيه فلماذا يطرحها العراقيون نحن نقول شقاوه او شقاوات اما البلطجه والبلطجيه فانها مفرده تستعمل في مصر وهي تركية الاصل. فكفاكم تقليدا وكونوا عراقيين. يامن تناديتم لسكان اشرف الذين يتحدون السلطات العراقيه بكل وقاحه وهم لاجئون ولم تهتز ضمائركم لمجزرة عرس الدجيل والتي يعتم عليها الاعلام الطائفي الاموي لان الضحايا كلهم شيعه قتلهم السنه فاغتصبوا النساء وقتلوهن واعدموا الرجال وربطوا الاطفال بالاحجار ورموهم بالنهر وقطعوا ثديي العروس حتى ماتت من النزيف فاين انتم امام ابشع جريمه ايها الشرفاء جدا

لاالة الا اللة
احمد الفراتى -

خلصوا من هذا المذهب الشيعى لطم وتطبير واللة انى اخجل من هذا المذهب الذى هو فى الاصل مذهب وثنى يدعوا الى عباد البشر مثل حسين وعلى وقبرهم وهم بشر وقد ماتوا فكيف يقدموا للبشرية شى اذا هم ماتوا دعونا من خزعبلات انهم سوف يعدوا مرة اخرى كيف عابد الناس هبل واللات الم يكونوا هؤلاء الناس من اتباع النبى نوح وعظمهم الناس وبعد سنين وسنين عبدوا الناس هبل ونحن الان يعبد حسين وعلى من دون اللة

الى احمد الفراتي
سرور -

الى احمد الفراتي . اذا كان الشيعه يقدسون اهل بيت النبوة ؟ فانت واتباعك تقدسون صدام وتعبدوه والدليل بنيتم له قبر وجعلتوه مزارا تحجون الية بدل مكة . اما نحن فربنا الله ونبينا محمد وكتابنا القرأن ونفتخر باننا نحب اهل بيت الرسول(ص) انشروا ردي يا ايلاف لانكم تؤمنون بحرية التعبير

الي سرور
هدي -

عندما اقرء كتاباتك الطائفيه المتخلفه اقرء الفاتحه علي العراق لكن عندي سؤال اذا كان محمد نبيك فان محمد سني حنفي وانت تكره السنه الي حد اللعنه كيف تدعي اذن الاسلام

فراتي ؟؟
علوان الساعدي -

اولا تعلم الكتابة اله تكتب بالهاء و ليست بالتاء المدورة و كذلك لفظ الجلالة فتعلم هاتين اولا ثم تعال لتحاجج الشيعة بما يقدسون و يعبدون. فراتي انت؟؟ اضحكتني !!