أصداء

سورية: ثلاثة أشهر مرت والثورة مستمرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ودخلت الثورة السورية الكبرى الثانية، ثورة الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية شهرها الرابع بمزيد من الإصرار من قبل الجيل السوري الشاب من مختلف الانتماءات والتوجهات. إصرار على مقارعة آلة حرب سلطة الاستبداد والإفساد بالوردة والشمعة والصدر العاري؛ إصرار على رفع الصوت عالياً، واضحاً، مزلزلاً من أجل حق السوريين، كل السوريين، أن يعيشوا بشراً يتمتعون بحريتهم وكرامتهم بشراً لهم أحلامهم وتطلعاتهم وأمانيهم كسائر الناس. إصرار على بناء الدولة الديمقراطية العادلة، التي تكون بكل ولكل أبنائه إصرار كلف السوريين آلاف الأرواح والأجساد والحريات والمشردين. إصرار يؤكد - بما لا يخضع لأي جدل- آلاّ رجعة إلى الوراء في طريق الشرف والكرامة.إصرار بيّن للقاصي والداني أن سياسة زرع الخوف التي كانت المحور الذي تتمفصل حوله تكتيكات واستراتيجيات الزمرة اللامرئية التي حكمت - وتحكم- سورية منذ عقود لم تعد مجدية، بل قد غدت قوة حيوية إضافية تمد الشباب السوري الأبي بمزيد من العزيمة والعناد الواعي المشروع، قوة تدفع بهم نحو الإلحاف على الاستمرار في مسيرة العزة والنخوة حتى إسقاط النظام الأمني القمعي، الذي بات وبالاً على البلاد والعباد.

أما مصدر هذا الإصرار الذي يلتزمه الشباب السوري فهو وعي ناضج متقدم مبني على حس وطني سليم، حس عملت سلطة الاستبداد على تبديده، كما بددت طاقات البلد، حتى غدت سورية في خانة أكثر دول العالم فساداً وتجاوزاً على الحريات والكرامات. لكن الشباب السوري - الذي كان باستمرار موضع الأمل والثقة- أعلنها واضحة جلية أن الوحدة الوطنية هي قدس الأقداس، وأنه لا جدوى من أي تجييش طائفي، أو دغدغة للنزعات الوحشية البهيمية، أو غرس الرعب في أفئدة الناس عبر إيحاءات تمتد خيوطها إلى مكاتب المسؤولين في أجهزة المخابرات. فالوحدة الوطنية السورية المبنية على قاعدة احترام الخصوصيات، وتأمين الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين من دون أي استثناء، مثل هذه الوحدة الوطنية هي التي تعد الحاضنة الكبرى القادرة على جمع كل السوريين، بعيداً عن روحية الأحقاد، وعقلية الانتقامات، وسياسة اعتماد الولاءات ما قبل الوطنية، المتناغمة مع النزعات الاستبدادية.

ولعله من أبرز تجليات وعي شعبنا- خاصة القوى الشبابية فيه التي تقود باقتدار وشجاعة ندر نظيرها التظاهرات العارمة في سائر المدن والبلدات في إطار ثورة الكرامة السورية- جملة المبادرات التي طُرحت، وتطرح، بغية إنقاذ الوطن وأهله، وهي في مجملها مبادرات تؤكد حتمية التغيير الوطني الديمقراطي الذي من أجله انطلقت الثورة؛ ومن دونه لم ولن يكون هناك أي حل للأزمة الشمولية التي تعاني منها سورية بفعل تحكّم زمرة القرار بمفاصل الدولة والمجتمع، بعيدا عن إرادة ورغبة الشعب السوري بكل مكوّناته. وهنا لا بد من إبراز أهمية المبادرة الأخيرة التي عبرت عن رؤية لجان التنسيق المحلية لمستقبل سورية السياسي، وذلك باعتبارها المبادرة الأكثر نضجاً وتكاملاً إلى حدٍ كبير، كونها تمثل حصيلة خلاصات مبادرات عدة طُرحت قبلها؛ وهذا فحواه أنها بمثابة القاسم المشترك بين ما قُدّم حتى الآن.

وما نراه بالنسبة إلى المبادرة - الرؤية- المعنية هو أنها شبه متكاملة من جهة تحديد مقومات الحوار وآليته، وبيان المبادئ التي من شأنها ضبط الحياة العامة في سورية الجديدة؛ إلى جانب تأكيد ضرورة استمرار الثورة الشعبية بوصفها مصدر الشرعية السياسية في البلاد، وذلك إلى حين تحقق أهداف الشعب السوري في الحرية والمساواة والكرامة.
فالمبادرة المعينة تدعو إلى وقف العنف والقتل من قبل أجهزة الأمن والميليشيات والشبيحة. كما تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين جميعهم القدامى والجدد؛ ووقف التجييش الإعلامي ضد المتظاهرين؛ والاستمرار في التظاهر السلمي من دون أي ترخيص مسبق.

كل ذلك، يندرج في إطار عملية التمهيد للحوار المقترح الذي من المفروض أن يكون - وفق المبادرة- ضمن مؤتمر وطني عام، يقطع الطريق على مخاطر العنف والانتقام؛ ويُشارك فيه سياسيون من طرف النظام ممن لم تتلوث أيديهم مباشرة بدماء السوريين ولا بسرقة أموالهم؛ كما يشارك فيه ممثلون عن المعارضة من الداخل والخارج.
أما المبادئ التي تطالب المبادرة بها، بوصفها محددات الحياة العامة في سورية المستقبل، فهي تتلخص في اعتماد الجمهورية المدنية غير الوراثية؛ واحترام الخصوصيات القومية والثقافية والدينية في المجتمع السوري؛ ورفع الغبن الذي لحق ببعض المكونات السورية، خاصة المكوّن الكردي، جرّاء سياسات نظام الاستبداد؛ واعتماد العدالة والتسامح، لا الثأر والانتقام، في معالجة أية خصومات بين السوريين؛ وسيادة القانون، ومحاسبة الجميع أمامه.

قد تكون هناك بعض الثغرات في المبادرة، وربما نجد عدم وضوح في بعض جوانبها؛ لكنها بصورة عامة تؤكد ان السوريين لا يثورون عن عبث؛ ولا يودون مطلقاً أخذ بلادهم نحو المجهول. كما أن المبادرة تردّ بقوة على أبواق النظام ومتملقيه، هؤلاء الذين يسوّقون الأباطيل والترّهات حول المندسين والسلفيين والمرتبطين بالأجنبي؛ أباطيل اختلقوها، وروجوها في إطار لعبة التضليل والتزييف التي تمارسها سلطة الاستبداد منذ عقود.

إن ما تشهده سورية راهناً، إنما هو نتيجة تعارض يبلغ حد التناقض بين توجهين لا تعايش ولا لقاء بينهما. الأول، تمثله زمرة القرار المتسلطة على الحكم في سورية. في حين يجسّد التوجه الثاني توق السوريين بكل مكوّناتهم ومشاربهم وتوجهاتهم وجهاتهم إلى الحرية. التوجه الأول استبدادي، أناني، نهم؛ لا يقرّ بأية حدود لسطوته وجشعه وغطرسته؛ يعامل الناس عبيداً، وكأنهم وُجدوا في الأساس ليكونوا موضوعاً للنهب والقمع والإذلال، أو ليكونوا في أحسن الأحوال مهرجين منافقين، مجردين من أي حس إنساني.

أما التوجه الآخر، فهو يخص الشعب السوري بأسره، الراغب في الحياة الحرة الكريمة، الحالم بوطن حاضن، وحكم عادل، ومواطنة محترمة مُقدّرة؛ وطن يكون بالجميع وللجميع، وحكم يُخضع ذاته للمساءلة والمحاسبة من قبل المواطنين وفق آليات ديمقراطية متفق عليها، ومواطن يشعر من أعماق قلبه أن الوطن وطنه، يخص سائر السوريين من دون أي استثناء؛ مواطن يتلمس حقيقة واقعة خلاصتها أن الحكم مهمة ومسؤولية؛ مهمة تكون موضع تقدير ومحاسبة بفضل وفعل إرادة المواطنين الأحرار، الذين من حقهم وواجبهم في الوقت ذاته التعبير عن آرائهم، وتجسيدها في انتخابات ديمقراطية شفافة، تكون أساساً لوأد نزعة الاستبداد في الأنفس؛ وترسيخ ثقافة التداول السلمي للسلطة.
لقد اتخذ السوريون قرارهم بشجاعة غير مسبوقة وفق كل المقاييس؛ وأعلنوها ثورة شعبية شاملة مع إدراكهم اليقيني لطبيعة ونتيجة ما سيترتب على هكذا قرار.

ولكنه في المقابل، يبدو أن النظام (السلطة) هو الآخر قد اتخذ قراره بالمواجهة المفتوحة التي بشّرنا بها الرئيس في خطابه الأول؛ فها هو النظام ينتقم من المدينة تلو الأخرى، على أمل استعادة الهيبة الزائفة، وذلك عبر ترويع الآمنين من السوريين والسوريات؛ نساء ورجالاً، شيوخا وأطفالاً، باتوا نازحين في ديارهم وديار الآخرين؛ كل ذلك وسط صمت عربي غريب مريب، وتقاعس دولي لافت؛ الأمر الذي يزيد من قساوة محنة السوريين، ويعمّق شعورهم بالمرارة والغصة.

السوري بطبيعته متسامح، يحب الخير لأهله وجيرانه. لكنه في الوقت ذاته ذكي يقرأ ما بين السطور بسرعة البرق، ويستوعب بيسر ما يعتقد الآخرون أنه طلسم عصي على أي جهد معرفي؛ ولا غرابة في ذلك طالما أن أجداده هم أصحاب الحَرْف والحِرْفة.
نقولها بصراحة للإخوة العرب جميعاً: لم يعد صمتكم مشروعاً، ولم تعد سياسة غض النظر التي تمارسونها إزاء جرائم النظام السوري بحق شعبنا مسوغة. الشعب السوري ينتفض اليوم لكرامته المهدورة، ولكبريائه الجريح، لحقوقه المسلوبة، وحرياته المقموعة؛ وذلك في مواجهة سلطة من أبرز انجازاتها أنها اعتمدت الجريمة بأوسع معانيها ركيزة من ركائز حكمها الذي لم يمتلك في أي يوم أية شرعية.

الصمت العربي غير المعهود هذا، إنما هو في حقيقته شرعنة باطلة - عن قصد أو من دونه فالنتيجة واحدة- للقتل الذي توقعه السلطة بشعبها الذي من المفروض أنه مصدر مشروعيتها. سلطة تستخدم الدبابة والطائرة، وكل الموبقات في سبيل إذلال شعب لم يقصّر مع العرب قط، وتحمّل الكثير الكثير من أجلهم.
الثورة السورية مستمرة، وستستمر بمزيد من العنفوان، بمزيد من التعقل والحكمة. والأمل كل الأمل معقود على شبابنا وشاباتنا الذين يبدعون كل يوم في تظاهراتهم واحتجاجاتهم، ويؤكدون للجميع أنه لا عودة إلى الوراء؛ ولم يعد بيننا وبين الاستبداد بعد هذا الكم الهائل من الدم والألم سوى الاتفاق على موعد وآلية الرحيل.

الرحمة لشهدائنا؛ العزيمة لشبابنا؛ وعاشت سورية حرة عزيزة

abdulbasets@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سورية الثورة
ابو احمد -

السيد عبدالباسط, يبدو لي ان موقفك ايضا غير واضح ومرتبك ايضا مثل المبادرة التي ذكرتها- السيئ الصيت - والصادرة كما تعلم من بعض الاحزاب الكردية والمعروفة بمبادراتهم المدعومة من الامن السوري, وهذا ما يعلمه كل البشر القاطن في المناطق الكردية, وخاصة من امثالك اليساريون( الشغيليون ) سابقا, ارجو ان تكون صورة اصيلة من عامودا الباسلة والتي وقفت سدا منيعا امام هكذا مبادرات والتي تمدحها وبكل اسف, واصبحت رهن اشارة بعض الاقزام الاحزاب والشخصيات المتهالكة, وتتصرف وبكل اسف حسب ارشاداتهم, علما انك تنتمي الى عائلة وطنية ومعروفة ولست بحاجة الى ارضاء هؤلاء الذين يبحثون ليل و نهار الى ملذاته الشخصية فقط,ويعملون العيش تحت الاضواء فقط من دون اية تضحية, تحياتي اليك مرة اخرى.

الى أبو احمد
kurdo -

اشكرك على تعليقك بانك اصبت كبدها,واريد ان اضيف بان تلك المبادرة تجعل مصير الشعب الكردي بيد احزابنا السياسية الموقرة و حتى اجتماعهم في الهلالية و حمايتها كان بناء على اوامر الامن.من غربي كردستان

استبشر خيرا
سوري مغترب -

استبشر خيرا بامثال الدكتور عبد الباسط و بصوتهم العقلاني بان يكون لهم دور بارز في بناء سوريه المستقبل لما زرع النظام من بذور الشقاق بين ابناء مكونات الشعب السوري

الى kurdoo
جاسم،شكراً إيلاف -

كثر في الفترة الأخيرة تعبير كردستان سوريا الغربية فهو تعبير نعرفه من طوابير كردستان المتصهينة، ولا أقصد أكراد سورية الأصليين الشرفاء، الذين يريدون العيش في ظل سورية وحدة موحدة،وضد سياسة أزلام البعث وأردغان من توطين أكراد تركيا لتخفيف الضغط على تركيا. وأقول دائماً أن الشعب السوري سيطرد أزلام البعث وأزلام كردستان المتصهينين ولن يكرر تجربة العراق الذي تخلص من أزلام البعث ليشكل خاصرة صهيونية في شمال العراق اسمها أقليم فوزية المتصهين.الذي قواده أحدهم (الطالباني) احد أزلام البعث السوري والأخر(البارزاني)من أزلام مخابرات أيران. واسمحوا لي أن أذكركم بهذا التعبير المتصهين من فترة لأخرى. وأرجع وأكرر أنا مع الشعب السوري الكردي الشريف الذي يطالب بحقوقه والعيش تحت رأية سورية وحدة موحدة،وشكراً. وكما العادة سيخرج طوابير كردستان بالسينفونية التخوينيةفأنا مندس:(صليبي،مسيحي، سرياني، آشوري،كلداني، تركماني، شركسي ،تركي، بعثي، عربي، سني، درزي ،اسماعيلي، عفلقي،طوران،شيعي ،علوي، عراقي ، مخابراتي، شبيحة،أزلام صدام،أزلام بشار،أبواق النظام ،عميل،شوفيني، عنصري)فاذا ذلك سيحافظ على وحدة سورية فأنا كل هؤلاء . وسأرد على كل شخص يذكر تعبير متصهين أسمه كردستان سورية الغربية أو يكرد أسماء مدن سورية،فمحافظة الحسكة ستظل حسكة في حلق أزلام البعث وأزلام كردستان،ووفق الله الثورة السورية

الى أبو احمدkurdoooo
جاسم،شكراً إيلاف -

يا طوابير كردستان المتصهينة، كفاكم مزايدات على دماء شهداء سوريا لتصلوا الى اهدافكم التي لن ترى النور باقامة دولة مزعومة لايعرف عنها التاريخ شيئا على ارض سوريا كما فعلتم خاصرة صهيونية في شمال العراق اسمها أقليم فوزية المتصهين.حيث اظهرتم اعلى درجات الخيانة بولائكم المطلق لاميركا ومن ثم لاسرائيل ولاتظنوا ان وجودكم في شمال العراق سيدوم فسيزول مع زوال مسبباته لانه ما بني على باطل فهو باطل ، واذكركم ان كنتم نسيتم فلم يمضي على ذلك الابضعة سنوات كيف كنتم عملاء وخداما لاجهزة الامن في محافظة الحسكة وكنتم يومئذ العصا بيدها لضرب العرب والمسيحيين و أكراد سورية الأصليين الشرفاء، الذين يريدون العيش في ظل سورية وحدة موحدة. فهل ياترى الغدر من شيمكم فعلى مدى العصور لانسمع الا بغدركم لمن وقف معكم ؟ من كان بيته من زجاج لايرمي الناس بالحجارة .

عبث صبيان البعث
كامل -

الشعب السوري متشرد في جبال تركيا بدون اكل و ملبس وبشار يعرض علم طويل بتكلفة مئات الوف من الدولارات ويعبث باموال الناس لاجل اظهار العبث الاناني والاستعراضي الباهت

لن تحصدوا سوى الهوان
.ابو ميرزا الكردي -

نهاية المتطرفين, الخونة, و الدخلاء اقتربت. و البقاء لشعب سوريا الابي بقيادة الرئيس الحكيم. اما الاكراد فالشريف ابن للوطن و اما الغدار الى جهنم و بئس المصير.

الى الرقم 4 و 5
kurdo -

فأذا انت مندس:(صليبي،مسيحي، سرياني، آشوري،كلداني، تركماني، شركسي ،تركي، بعثي، عربي، سني، درزي ،اسماعيلي، عفلقي،طوران،شيعي ،علوي، عراقي ، مخابراتي، شبيحة،أزلام صدام،أزلام بشار،أبواق النظام ،عميل،شوفيني، عنصري)فاذا ذلك سيحافظ على وحدة سورية فأنا كل هؤلاء .هذا حلال عليك و حرام على الاخرين.قول ماتريد انت و امثالك فنحن متعودين على تلك الالفاظ منكن و لكن انفصلنا عن العراق 10سنين و توحدنا مع العراق على اساس احترام خصوصية كردستان العراق و فهم العراقيون اخيرا ويبدوا ان نفس السلسل ستحدث في سوريا سنفصل غربي كردستان عن سوريا رغم انف الجهلة و الذين لايحترمون خصوصية الامم الاخرى .من غربي كردستان

سوريا حرة
ابو ميرزا الشبيح -

فجر الحرية اقترب ونهاية النظام والشبيحة قريبة جداا وسوريا حرة من دون ال الاسد