أصداء

على هامش الثورة السورية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الحرية توق للبشر لانهاية له، هذه مسلمة في كل الشرائع الدينية والدنيوية، بغض النظر عن تواطؤ البشر عليها، وبغض النظر عن تفسيراتهم التي لا تخلو من مصالح دنيوية غير قابلة للحصر، لكنها قابلة للضبط، وهذا الضبط يكون بالقوننة، والقوننة هي التي تخرج البشر من شريعة الغاب، والقوي يأكبل الضعيف، أيضا هذه خبرات راكمتها البشرية منذ ولادتها ولاتزال تراكم وستبقى، في قوننة شؤون حياتها، اليهودي ناضل من أجل حريته كما ناضل المسيحي من بعده وكذا المسلم وغيرهم من شتى الأعراق والاثنيات، وفي هذه الحرية المناضل من أجلها، تكمن الديناميات المجتمعية، حيث كل من هؤلاء جميعا يرى الحرية على مقاسه، ووفقا لتعبيراته وترميزاته ومصالحه، ولأن البشرية خرجت من شريعة الغاب بالمعنى النسبي للعبارة، هذا الخروج الذي عبر عنه، بمايسمى الدولة ومجتمعها وقوانينها ومؤسساتها، بحيث أن القانون يحمي الجميع على قدم المساواة، وهذا ما تحاوله معظم شعوب العالم وشعبنا السوري ليس خارج هذا العالم، كيف كان من الممكن أن تتعايش أديان وأعراق في مجتمع واحد لولا التأسيس التاريخي للدولة والقانون، هذا التأسيس الذي تولد بفعل الخبرة العملية واليومية للبشر، ولم يكن موجودا في كتاب منزل، أو في كتاب فلسفي مسبق على التجربة العملية هذه. هنا في حديثنا على هامش الانتفاضة السورية، تخرج اطروحات، ما أنزل الله بها من سلطان، فالعماني لدينا يريد الحرية له فقط، وكذا الحال الديني، وفوق الجميع، نظام لا يؤمن سوى بحريته سواء على المستويات الشخصية، أو السياسية، فهو حر في كل ما يقوم به سواء كان قانونيا أو غير قانوني، لسبب بسيط أنه يمتلك القوة، واستولى عليها بفعل، كما يحدث في التاريخ عادة، لكننا نحن معشر المنقسمين على بعضنا وعلى أنفسنا، لا نرى من هذا الأمر سوى تيمة واحدة من هذه اللوحة، وهي الحرية لي،وليس لغيري..دون أن نميز أصلا بين البعد الوجودي للمسألة وبين بعدها التاريخي، المسألة القانونية تغيب تماما عن العقل المعارض السوري كما هي غائبة أصلا عن العقل السلطوي المسيطر على الدولة والثروة، ويقتل الناس هكذا بلا أية شريعة كانت وبلا أي سند قانوني من أي نوع كان، هذه المسألة لوكانت حاضرة فعلا، لما كنا نجد من يحاول أن يجد مخرجا للنظام، ليقدم النظام قانونا أي قانون ولكن شريطة ان ينطبق على الجميع، لحظتها يمكن أن نصدق أن هذه العصابة لديها نية ما على المستوى الوطني، سورية التي نهبوا خيراتها وتنعموا بها على حساب مزيد من إفقار شعبنا، ومزيد من قتله واعتقاله، والأهم من كل هذا محاولتهم الدائمة والمستميتة أنه لا مستقبل لسورية سوى في إطار سيطرة هذه الحفنة من تجار الدم على مقاليد حياة البشر، من الأزل وإلى الأبد، هنا تكمن جوهر القضية، وما تبقى كله ترميزات لتغطية هذا الأمر الأساس، ترميزات يتفنن اصحابها في ابتداع التشكيلات الخطابية، التي تضمر التيمة الأساس، استمرار الطغمة بشخوصها وميولها ومعتقداتها، وولاءاتها التي أدخلت المجتمع نفق الموات، أنا هنا لا أنظر على أحد، لكنني احاول الاستفادة من إمكانيات التجربة البشرية في أن نستفيد منها كشعب سوري يسجل أضخم ملحمة معاصرة من أجل الحرية، القوى السياسية لم تتعلم بعد أن تخرج من جلدها الأيديولوجي، لا يزال الإخوان واليسار والقوميين، نفس الخطاب، ونفس آليات اشتغال الرمز لدى الجميع، لهذا نجد أن كل هذه القوى لم تتلمس بعد نبض الشارع وثورته والتي لم تساهم بها، معتقدين أن هذا الشارع عاجز أن يفرز قيادته، وعاجز أن يفرز برنامجه السياسي لمستقبل سورية، لأن هذا الخطاب السقيم يحمل تصوارت ثابتة عن الذات الأيديولوجية والسياسية وحتى الفردية، المجتمع الدولي عندما يتواطؤ مع قتلة يدرك أيضا بالمقابل أن هذه الثورة قادرة على أن تقود نفسها وتحمل سورية نحو مستقبل أكثر حرية وأمانا وفعالية، لكن المجتمع الدولي لا يريد حتى اللحظة لسورية هذا، لهذا هو يحاول أن يساهم في إماتة شعلة الثورة ورهانه في هذا المجال خاطئا، الانتفاضة السورية التي عمدها الشباب السوري بالدم، لن تبقي سورية كما كانت قبلها، مهما حاولت هذه العصابة أن تعيد صياغة مافيوزيتها، بطريقة محدثة كما تعتقد هي وهذه المافيوزية المحدثة، ناتجة عن إحساس هذه العصابة بأنها تمتلك الجيش والأمن، لا يوجد معارض واحد يحاول أن يبرأ ساحة أحد من هذه العصابة إلا ويعرفها أنها عصابة..والقول أن هؤلاء خائفون على سورية ومستقبلها من جبروت هذه العصابة، ويخافون من تطور الأمور إلى حرب أهلية، كل هذه تخرصات تخفي أخطر ما يواجه ثورتنا هذه، وهو أن عدم فاعليتهم في هذه الثورة وإحساسهم بالعجز عن تقديم أية مساعدة لها، يجعلهم يأخذوا دور الحكماء، وغيرهم شيطان محرض، هذه لغة العصابة الحاكمة، أنا أتفهم الصامت والحيادي، واتفهم الخائف، لكن لا اتفهم من يخاف من النظام، ويطرح نفسه داعية إصلاح، او من يخفي تواطؤه على هذا الشعب، بحجة أنه يريد الحوار من أجل هذا الشعب، اتفهم الذي لايشارك خوفا، لكن دون أن يقول بخلاف حقيقة النظام، كلها خطب باتت واضحة المعنى والمبنى، يا أخي الشعب يقول كلمته رغم كل ما عانى ويعاني، هل سمعتم تظاهرة واحدة تدعو للحوار، فمن أنتم حتى تحاورون؟
قضية خطيرة لم ينتبه لها هؤلاء أو أنهم انتبهوا ولكنهم يتعامون عنها، صحيح أن من يشارك في الثورة هم من كل المكونات السورية، لكن الصحيح أيضا، أن القتل يقع على الأكثرية المنحدرة من السنة، أما من قتلوا من العسكر فهؤلاء بشكل عام يسأل النظام عنهم، وهذه ستترك عقابيل ليست قليلة في المستقبل، ومع ذلك شباب الثورة يتفهمون هذا الأمر، وهذه عندما تكشف أسماء من استشهدوا سنجد أنها من لون واحد، وهذا التفهم العميق من شباب الثورة، وعدم تفهمه من قبل المعارضة أو من يتلطى خلفها، إما بالسكوت عن هذا الأمر، أو عدم التطرق له بحجة، أنه يعبر عن نفس طائفي!! دعونا في نفس الوقت الذي وقفنا ونقف فيه ضد أية ممارسات تصدر عن بعض أقلية من شباب الثورة، سواء عبر الانجرار للعبة النظام في التطييف أو العنف، دعونا أيضا نقول الحقيقة مقشرة بوضوح الدم. ومع ذلك الشباب السوري متفهم لهذا، ولكن ليس متفهم لقضية أن الطرف الآخر من المعادلة، لديه أية روح وطنية على المستوى المجتمعي.
وهل إذا قلت أن كل الذين استشهدوا هم منحدرين من السنة أكون بذلك طائفيا؟ ومن قتلهم ليس كذلك ويجب التحاور معه، منطق لا أعرف كيف يستوي مع بعض دعاة اللاطائفية!؟ سورية تتجاوز نفسها الآن، وليس النظام والمعارضة التقليدية في الداخل والخارج وحسب بل تهيأ نفسها لسورية جديدة، سورية يجب أن نشارك من موقع الناس في الشارع في صياغة مستقبلها، أو نصمت. ومستقبلها يكون بقول الحقيقة كما تحدث لا كما نتوقعها، أو نرغبها.
يتفننون في الحديث عن دولة المواطنة والعلمانية، وهم يعدون العدة للحوار مع العصابة، يتفننون في الحديث عن الدولة المدنية وهم يريدون الاستيلاء على السلطة!! يتفننون في الحديث عن أنهم ليبراليون منفتحون، وهم يريدون استعادة ما يعتقدونه حقهم من الثروة...هؤلاء الآن يتصدرون المشهد المعارض في الخارج وقسما من الداخل، والأصدقاء الاكراد الناس في الشارع تموت وهم يفتحون نقاشا الآن حول أن سورية ليست عربية!! وهذا لا يعني أن هنالك من حاول جرهم لهذا النقاش، ولكن يجب ألا ينجروا إليه..وكل هذا النقاش لا يأبه له الشباب السوري من كرد وعرب والذي يخرج مقدما روحه على كفته، من أجل حريته وحريتنا جميعا.
غسان المفلح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الفائدة من الموضوع
عمار تميم -

أستاذنا العزيز سأقتبس من مقالتك الكريمة مقطع وأبدأ به (ليقدم النظام قانونا أي قانون ولكن شريطة ان ينطبق على الجميع، لحظتها يمكن أن نصدق أن هذه العصابة لديها نية ما على المستوى الوطني) فلقد قدم النظام قانوني الأحزاب والإعلام وعلينا أن نقرأهما بوعي والإستفادة منهما ومدى ملاءمتهما وتطبيقهما بشكل جيد ، سبق وأن قلت لاعودة إلى الوراء تحت أي مسمى فلقد أصبح الأمر غير مقبولاً سواء من النظام أو المعارضة ، أما حديثك أستاذنا عن انتهازية المعارضة ففي الأزمات يتجلى ذلك واضحاً وجلياً لذلك ساهموا بشكلٍ كبيرٍ في استفادة النظام من المشهد السئ الذي يقدمونه للشعب السوري ، أما الحديث أن أكثر القتلى من السنة فهو ليس طائفياً فهو أمر واقع لأن الأحداث الساخنة وقعت في مناطق غالبيتها من السنة ، والقسمة تجوز على الإثنين (نظام ، معارضة) وعلينا ألا نحجب الحقيقة ونتهم النظام بأنه يسعى لإثارة الفتنة الطائفية لأنها ستكون مسرعة لسقوطه ، نحن من أدعياء الحوار والمحاسبة للجميع دون استثناء ولسنا مع مع استدعاء الخارج أو طرح شعارات تساهم في إسقاط الوطن (الذي هو للجميع) ، التظاهرات السورية أطلقت شرارة الإصلاح وإنارة الطريق لبناء مستقبل أفضل لسوريا يعطي فيه المواطن حقوقه الكاملة وتحجم (بالمطلق) الذراع الأمنية ، وصدقني أستاذنا العزيز أنا لست من الحالمين ولكني دائماً من المتفائلين بالشعب السوري الذي بنظري - دون غرور - أكثر الشعوب العربية وعياً سياسياً ولديه القدرة على قراءة الأحداث ويأطرها بالشكل الذي يستفيد منه ، وشكراً لك .

جدل
ابو ذر -

الجدلية هي اساس للتطور وعليه لن نكون غير ذلك ونقطة البداية هي الحوار لذا يترتب على الحوار اسقاط كل ماهو صنميى اي قبول الاخر وعدم الحكم عليه وحتى من بين السطور وفي مقالة الاستاذ غسان حوارا لكن بين طياته الغاء الاخر والتشبث برأيه وهنا يقف التطور من هنا نعطف على الاستاذ عمار ففي رده دائما مطالبة بتحقيق جدلية تقودنا الى استخلاص النتائج وهذا ما يجب علينا ان نقتدي به لكي نستطيع ان نكون نواة تفاهم والا سيكون الحوار حوار طرشان

نظرة تاريخية
جاد -

من تقديري لعمر الاستاذ غسان اطال الله عمره انه في فترة الثمانينات كان مقيما في سوريا ولابد له ان يتذكر موقف سوريا من الحرب العراقية الايرانية يومها خضعت سوريا لحصار اقتصادي مقيت على النظام وبالتالي على الشعب وعانى الشعب ما عانى يومها ولا اظن ان يومها لم تكن الحملة الموجهة للنظام باكبر من الحملة لهذه الايام( لم نجد كاتبا اضاء على صحة موقف سوريا وما جنت هذه الحرب على المنطقة ) يومها كان الوضع الداخلي اسوا مما كان عليه اليوم اقتصاديا الموضوع بكل بساطة موقف سوريا دائما مستهدف والابواق متعددة لكن استغلال هذه الابواق للحراك الشعبي السوري ازاح هذا الحراك عن مساره الحقيقي وعليه نزفت الدماء ونزف الدماء كان مقصودا هناك من يحمل النظام وله رايه لكن حتما ان الايادي الخفية كانت لها اليد العليالذا يتوجب الفصل بين الحراك الشعبي والايادي التي مازالت تتربص بالمنطقة الا اذا كان للاستاذ غسان رأي اخر فهنا كما قال ابو ذر يكون حوار طرشان

نظام ساقط
خالد الحر -

لا عودة الى سورية الحرة الديمقراطية الا بسقوط نظام آل أسد و عصابته المجرمة و أي كلام آخر هو ضحك و مضيعة للوقت و عكس حركة التاريخ !!!فالشعب حسم أمره الشعب يريد اسقاط النظام

المهم اسقاط النظام
برجس شويش -

نبهت و منذ البداية بان الصراع الاساسي بين كل الشعب السوري بكل قومياته و طؤافه و اديانه من جهة و النظام الاسدي و العائلي و البعثي و العنصري و الطائفي و القمعي من جهةاخرى, و لا اعتقد بان احد الان يستطيع ان يدعي انه يمثل الشعب , ولكن يا سيدي الكاتب المحترم هناك قوى عربية عنصرية و اسلامويةهم الذين يبادرون الى اعطاء صورة لسوريا الجديدة ما بعد سقوط النظام و التي لا يختلف كليا عن نظام الحكم سوى في مسالة الديمقراطية اي انهم يريدون سلب الكورد حقوقهم عن طريق الديمقراطية و هم يعرفون جيدا بان الشعب الكوردي هو اكثر الناس في سوريا تعرضوا الى التميز العنصري و الاضطهاد و القمع و تطبيق المشاريع العنصرية بحقهم بعكس الاخوة العرب الذين كانوا يتصارعون على السلطة, اتفق معك ان مصلحة الشعب الكوردي هو اسقاط هذا النظام و اعتقد بان الكورد سيصلون الى معظم حقوقهم القومية و الديمقراطية و هذا من حق هذا الشعب , واعتقد بانك تعرف جيدا بان تركيا لا تريد ان يكون للكورد في سوريا اي دور او مشاركة في الحياة السياسية السورية و هذا ما تبناه بعض القوى العربية و الاخوان المسلمين و اعتقد انهم يقعون في نفس اخطاء النظام البعثي لانه من المستحيل ان يكون سوريا مستقرة بدون حل القضية الكوردية فيها

لوين يا غسان ع مهلك
طاء في سوريا -

+انك تتحدث بمنطق مواطن سني غير مستفيد من حكم العلويين بشكل او باخر و مجمل ما كتبت تعطي شرعية -وهم ليسوا بحاجة لها-لاستمرار السلطة في قتل المعارضين من خلال رفض الحوار والوصول الى نتائج الفوضى البناءة .هناك فئة من الشعب السوري تملك الحكمة التي على ما يبدو لاتملكها انت-او هكذا يريدون روؤسائك ان تتخلى عن تلك الحكمة- فهم يرون (اي الذين يريدون الحوار)سلطة شرسة(ذات كثافة وسط النسبية من العلوية) تدافع عن وجودها بشتى الوسائل و ترى ما حل بمبارك وشعب مظلوم مقهور من استبداد تلك السلطة(ذات كثافة عالية النسبية من السنة) ينشد الحرية طبعا المحاورون مع السلطة اقروا اكثر من مرة انهم لا يمثلون من يتظاهر ضد بشار و هم يرفضون الفوضى البناءة التي تتبناها انت لانها قد تطول الى سنين ومزيدا من الدماء و مزيدا من التهجير و التدمير ولا يعلم نهايتها هم يفهمون لغة الحوار المرفوضة من طرفي النزاع ويؤمنون بان سوريا للجميع للاخوان والماركسيين و القوميين واخيرا البعثين للسني و العلوي و الدرزي و واخيرا المسيحيانك محاولتك استمالة المحايد لطرف المعارضين لا تثمر من خلال هذه الكتابة انما ببيان واضح من قبل منسقيي المناطق يطرحون فيه موقفهم بوضوح من الطوائف الاخرى -موقفهم من اسرائيل -موقفهم من قضية الجولان-موقفهم من قضية اللواءاسكندرون-موقفهم من اعطاء حكم ذاتي للاكراد-وهناك الكثير من القضايا

إلى شحادة رقم 1
جورج طنبرجي -

أرى أنك أصبحت معارضة وبهذه السرعة؟ النظام لم يسقط رسمياً بعد، فما هي القصة؟ هل تشتم رائحة سقوطه القريب؟