الديمقراطية المفرطة وإفلاس كاليفورنيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان
تتراكض بعض حركات المعارضة السياسية ldquo;المتطرفةrdquo; في وطننا العربي، إلى أبواب البرلمانات الغربية، تستجدي ديمقراطيتها اللبرالية المضطربة، في الوقت الذي تتجنب خلق أجواء متناغمة للعمل مع دولها لتحقيق إصلاحات اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، رصينة، بل حاربت رفاقها، الذين حاولوا المشاركة لإيجاد تناغم مجتمعي، في خلق أرضية صالحة لإصلاحات اقتصادية وسياسية، لتحقيق تنمية حداثة معاصرة. ويبقى السؤال: هل يحتاج العرب لتقليد برلمانات الغرب المضطربة ليطوروا تجربتهم في السلم، والكرامة، والحرية، والحداثة، والتعليم، والتنمية؟ ألم تفقد لبرالية الغرب، برأسماليتها الفائقة، عمرها الافتراضي؟ ألم تنجح بعض الدول العظمى، كالصين، في تطوير تجربتها التنموية، من خلال إصلاحات اقتصادية بارزة، وتغيرات سياسية حكيمة، بدون التقليد الأعمى للغرب؟ ألم تنجح دول صغيرة، كسنغافورة، في تطوير تجربة تنمية رائدة، بعيدة عن اللبرالية الغربية؟ ألم تنجح دول مسلمة، كماليزيا، أن تطور تجربة مرتبطة بقيمها وتاريخها، في إصلاحات اقتصادية وسياسية، ساعدتها على تحقيق تنمية بارزة؟
نلاحظ عزيزي القارئ تعرض الاقتصاد الأمريكي مؤخرا لهزة موجعة بعد أن زادت الديون إلى أربعة عشرة ترليون دولار، وحوالي نصفها ديون خارجية، وتتصدرها قائمة الدائنين: الصين بحوالي 1.2 تريليون دولار، واليابان 907 مليار دولار، والبرازيل 207 مليار دولار، وروسيا 125 مليار دولار، ودول صغيرة كتيوان 155 مليار دولار. وقد تلكأت بعض قيادات الكونجرس على الموافقة في الأسبوع المنصرم على زيادة سقف الديون لتدفع الحكومة الأمريكية التزاماتها، والذي أدى لهزة ثقة السوق بالاقتصاد الأمريكي ودولاره، كما تراجعت سوق الأسهم الأمريكية بشكل مقلق. ويبقى السؤال ما سر هذه المعارضة الغريبة في البرلمان الأمريكي لمنع زيادة الديون؟ وهل لذلك علاقة بما يسمى بالديمقراطية المفرطة؟
في السابع والعشرين من شهر جولاي، قبل أيام من قرب موعد دفع دفعة القروض الأمريكية، علقت صحيفة اليابان تايمز بالقول: "مع قرب موعد الدفع في الثاني من أغسطس، يرأس المعارضة ضد أية حلول مالية، للتعامل مع أزمة الديون الأمريكية برفع الضرائب، قائد الأغلبية المعارضة الجمهوري إريك كانتور. فقد انسحب من الحوار مع نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كما نسف محاولة الحل الأولى، للرئيس أوباما مع جون بوهنر. ويبدو بأن كانتور له دور كبير في هذه الأزمة بعد صعوده للسلطة، وهو في الثامنة والأربعين من عمره، كممثل لولاية فرجينيا. فقد ناضل الكثير لمنع رفع الضرائب على الصناديق الاستثمارية، وسبب ذلك التبرعات السخية التي يستلمها من هذه الشركات، والتي ارتفعت مؤخرا إلى مليونين دولار." وعلق الجمهوري كريس فان هولن على هذه الانتهازية بقوله: "يرجع كل ذلك للعلاقة الطويلة الدافئة بين النواب الجمهوريين، ومدراء صناديق التحوط في القطاع المالي."
ويبدو بأن زوجة كانتور كانت نائبة سابقة للمؤسسة المالية، جولدمان ساك، والتي وفرت تبرعات لحملته الانتخابية في عام 2006 تقدر بحوالي 682 ألف دولار. وحينما طرح الديمقراطيون في عام 2007 تغيرات على النظام الضريبي، شكل كونتور قوة مضادة، سماها بتحالف الحرية للمستثمرين الأمريكيين والمتقاعدين، ليناضل من خلالها ضد زيادة ضريبة علاوة المدراء لربحية لاستثمارات، والتي هي بنسبة 15%، ويعتقد المختصون الحاجة لرفعها إلى 35%. كما دافع بشدة ضد رفع ضريبة الربحية على صناديق التحوط، ومنع مروره في الكونجرس، ليزداد صيته بين الشركات الخاصة، مما أدى لزيادة تبرعاتها له في عام 2008 إلى 916 ألف دولار، وضاعفتها في عام 2010 إلى 1.85 مليون دولار.
وقد عرضت المجلة الاقتصادية البريطانية، الايكونوميست، في عددها الصادر في التاسع من شهر أبريل الماضي، استفتاء عالمي عن درجة تراجع الأيديولوجية الرأسمالية. فقد اتفق 80% من الأمريكيين في عام 2008 بأن نظام السوق الحرة هو أفضل الأنظمة الاقتصادية في العالم، لتنخفض هذه النسبة اليوم إلى 59%، أي أكثر بقليل من معدل متوسط النسبة 54% الاستفتاء في 25 دولة، وقد كانتا الصين والبرازيل من أكثر الدول تأيد، وبنسبة 68%، كما تصدرت قائمة التأييد ألمانيا بنسبة 69%. بينما بقت فرنسا من أكثر الدول عداءا للسوق الحرة، فدعمها الشعبي لا يزيد عن 6%، وانخفض الدعم في تركيا إلى 27%، وفي الهند من 73% إلى 58%. وقد كانت نسبة انخفاض التأييد بارزة بين العائلات التي لا يزيد دخلها السنوي عن 20 ألف دولار في الولايات المتحدة، فانخفض تأيدها من 76% إلى 44% خلال سنة واحدة. وقد تبدو الحقائق أكثر وضوحا في في ولاية كاليفورنيا، أغنى الولايات الأمريكية سابقا، والتي انخفضت ترتيبها خلال جيل واحد من أفضل ترتيب، إلى أسوء ترتيب بين الولايات الأمريكية الخمسين، بل قربت من الإفلاس هذا العام، فكيف حكمت هذه الولاية بهذا الشكل المخزي؟
تعتقد مجلة الايكونوميست بأن السبب الحقيقي وراء إفلاس ولاية كاليفورنيا هو زيادة الديمقراطية. فقد أضافت لديقراطيتها البرلمانية ديمقراطية أخرى مباشرة، يستطيع من خلالها مواطنو الولاية سحب الثقة من النواب في منتصف دورتهم الانتخابية، وأجراء استفتاء شعبي لفرض تشريعات البرلمانية، وكتابة تشريعات جديدة. وقد أدت تلك الديمقراطية المباشرة لفوضى عارمة، فزادت المصروفات وخفضت الضرائب، وتحولت المبادرات الشعبية لأداة في يد لوبيات الشركات الخاصة، لتدفع بتشريعات معقدة تؤدي لاستمرار الصرف المالي لمصالحها، والتي ارتفعت لتتراوح بين 70% إلى 90% من إجمالي الميزانية، والمشكلة أن مأساة الديمقراطية المباشرة انتشرت في 25 ولاية أمريكية. وقد قلدت بريطانيا ودول الإتحاد الأوروبي تجربة كاليفورنيا في الديمقراطية المباشرة، مما أدى لارتفاع نسب الديون، وزيادة التقشف، بخفض الصرف على التعليم والرعاية الصحية والشؤون الاجتماعية.
وتعتقد المجلة بأنه مع التطور التكنولوجي، الذي سهل عملية الاستطلاعات، وخفض تكلفتها، ستستمر الديمقراطية المباشرة في الانتشار، وخاصة مع زيادة الغضب الشعبي ضد رجال البرلمانات والسياسية. وهناك مثل ناجح للديمقراطية المباشرة في سويسرا، فهي تجمع منذ القرون الوسطى على مستوى الأقاليم المحلية، وفي القرن التاسع عشر على المستوى الفيدرالي، بين مزيج من الديمقراطية المباشرة والتمثيل البرلماني، وقد قلدت كاليفورنيا هذه التجربة بطريقة سيئة. وتساءلت المجلة: هل فعلا زيادة الانتخابات تعني زيادة الديمقراطية، أم زيادة القوة السياسية الشعبية لها خطورتها؟ فقد زادت الانتخابات في بعض الدول الغربية لتصل إلى 30 عملية انتخابية سنويا بين الانتخابات المحلية والقومية، كما زادت المبادرات الشعبية بالتصويت المباشر، والتي أدت لتشريعات مكلفة، كزيادة مصاريف التأمين الصحي، بإضافة علاج الطب البديل، أو تشريعات انفعالية، كطرد الأجانب الدين يحكمون في جرائم الخطيرة، أو منع بناء المنارات في المساجد. وتعلق المجلة بقولها: "زيادة الديمقراطية لا تعطي دائما السلطة للشعب، بل بالعكس قد تعطي سلطة الشعب للشخص أو المؤسسة الأقوى. كما أن "جني" الديمقراطية المباشرة صعب إرجاعه إلى القنينة بعد إطلاقه، وحتى لو أتى بنتائج سلبية خطيرة على بنية المجتمع واقتصاده، فحينما يعطى المنتخبين السلطة لتغير التشريعات، فنادرا ما يحاولوا خفض قوة سلطتهم، فهم كالسياسيين، الاثنين لهم صفات مشتركة." ولنا لقاء.
سفير مملكة البحرين في اليابان
التعليقات
حكومات متخلفة
عبدالله حمدي -ونحن نسال سعادة السفير ، لماذا المعارضة العربية وغير العربية متسكعة على ابواب العالم خارج بلدانها ؟ من جهة اخرى من المؤكد ان الدول والحكومات العربية تتحمل مسؤولية الاوضاع الاقتصادية المزرية لشعوبها وليس المعارضة لان المعارضة لاحول ولا قوة والحكومات ليس امامها ولا خلفها ما يمنعها من ان تكون مثل سنغافوره وماليزيا والمعارضة العربية لم تكن يوما في وارد تعطيل برامج الحكومات لاصلاحات اقتصادية وسبب فشل المعارضة وتشرذمها هو بطش الحكومات العربية وتقزيمها للمعارضة وخنقها المعارضة وليدة بيئات صنعتها انظمة متخلفة وقمعية وفاسدة ومفسدة
حكومات متخلفة
عبدالله حمدي -ونحن نسال سعادة السفير ، لماذا المعارضة العربية وغير العربية متسكعة على ابواب العالم خارج بلدانها ؟ من جهة اخرى من المؤكد ان الدول والحكومات العربية تتحمل مسؤولية الاوضاع الاقتصادية المزرية لشعوبها وليس المعارضة لان المعارضة لاحول ولا قوة والحكومات ليس امامها ولا خلفها ما يمنعها من ان تكون مثل سنغافوره وماليزيا والمعارضة العربية لم تكن يوما في وارد تعطيل برامج الحكومات لاصلاحات اقتصادية وسبب فشل المعارضة وتشرذمها هو بطش الحكومات العربية وتقزيمها للمعارضة وخنقها المعارضة وليدة بيئات صنعتها انظمة متخلفة وقمعية وفاسدة ومفسدة
الانبهار بالصين
قاسيون دمشق -إن أساس أي تطور ليس الأرقام ولكن هو الانسان وأي تنمية لاتأخذ الانسان وحريته بالحسبان هي رهان خاطئ فالنموذج الصيني حتى الآن لم يثبت فعاليته إلا رقمياً وهو بحاجة ماسة للغرب لأنه هو المصرف الطبيعي لمنتجاته فما هي الفائدة فالصيني يعمل بلا قوانين عمل منصفة من ساعات عمل وأجور وثم يرسل انتاجه إلى أمريكا وأوربا ليتنعموا بهذا الانتاج وفي حال فكرت الصين برفع مستوى الأجور أو تخفيض ساعات العمل عندها سترتفع تكلفة البضائع ويبدأ الانهيار الصيني العظيم . المهم هو الانسان ولا شيء غيره
الانبهار بالصين
قاسيون دمشق -إن أساس أي تطور ليس الأرقام ولكن هو الانسان وأي تنمية لاتأخذ الانسان وحريته بالحسبان هي رهان خاطئ فالنموذج الصيني حتى الآن لم يثبت فعاليته إلا رقمياً وهو بحاجة ماسة للغرب لأنه هو المصرف الطبيعي لمنتجاته فما هي الفائدة فالصيني يعمل بلا قوانين عمل منصفة من ساعات عمل وأجور وثم يرسل انتاجه إلى أمريكا وأوربا ليتنعموا بهذا الانتاج وفي حال فكرت الصين برفع مستوى الأجور أو تخفيض ساعات العمل عندها سترتفع تكلفة البضائع ويبدأ الانهيار الصيني العظيم . المهم هو الانسان ولا شيء غيره
كاتب المقال
اثير -الكاتب لا يقول الحقيقة بخصوص كاليفورنيا, لا يوجد شيء اسمه افلاس كاليفورنيا لان كاليفورنيا ليست شركة حتى تفلس, كل ما هناك ان انفاق الولاية كان اكبر من نتاجها ومن اهم اسباب ذلك وجود ملايين المهاجرين الغير شرعيين والذين لهم حق العلاج بالمستشفيات مثلا وهو ايضا مرتبط بالوضع الاقتصادي العام بالبلد ووجود قوانين اقتصادية خاطئة. نعم هناك ثغرات كثيرة وبعضها كبير في الديموقراطيات الغربية ولكن هذا لا يعني ان الانظمة الشمولية او الدكتاتوريات افضل للانسانية من ديموقراطيات الغرب حتى وان كانت الديكتاتوريات توفر رفاهية عيش للشعب كما يروج الكاتب الذي من الواضح انه (مسنود) من نظام ما. ان سعادة الانسان لا تقاس بالمال فقط, فما فائدة المال بغياب الكرامة والحرية؟ ان الكاتب يخلط الاوراق بوضوح فكل الدول الغربية الديموقراطية يعيش غالبية افرادها حياة كريمة ووجود بعض الانظمة الديكتاتورية التي توفر الترف لمواطنيها بسبب الطبيعة (وجود موارد طبيعية غنية) لا يعني انها انظمة سليمة. ثم من قال ان ماليزيا وبقية امثلة الكاتب افضل من الغرب؟ علما بان الكاتب يكذب بخصوص الصين لانها من اغنى حكومات العالم ولكن شعبها من افقر شعوب العالم واكثرها فقدا للحرية. والكاتب خلط الاوراق مرة اخرى عندما صور مشاكل اميركا على انها مشاكل كل ديموقراطيات الغرب. واخيرا لا استغرب ان يصنف العرب في خانة دول العالم الثالث طالما كان عندهم كتاب رجعيين مثل كاتب هذا المقال.
كاتب المقال
اثير -الكاتب لا يقول الحقيقة بخصوص كاليفورنيا, لا يوجد شيء اسمه افلاس كاليفورنيا لان كاليفورنيا ليست شركة حتى تفلس, كل ما هناك ان انفاق الولاية كان اكبر من نتاجها ومن اهم اسباب ذلك وجود ملايين المهاجرين الغير شرعيين والذين لهم حق العلاج بالمستشفيات مثلا وهو ايضا مرتبط بالوضع الاقتصادي العام بالبلد ووجود قوانين اقتصادية خاطئة. نعم هناك ثغرات كثيرة وبعضها كبير في الديموقراطيات الغربية ولكن هذا لا يعني ان الانظمة الشمولية او الدكتاتوريات افضل للانسانية من ديموقراطيات الغرب حتى وان كانت الديكتاتوريات توفر رفاهية عيش للشعب كما يروج الكاتب الذي من الواضح انه (مسنود) من نظام ما. ان سعادة الانسان لا تقاس بالمال فقط, فما فائدة المال بغياب الكرامة والحرية؟ ان الكاتب يخلط الاوراق بوضوح فكل الدول الغربية الديموقراطية يعيش غالبية افرادها حياة كريمة ووجود بعض الانظمة الديكتاتورية التي توفر الترف لمواطنيها بسبب الطبيعة (وجود موارد طبيعية غنية) لا يعني انها انظمة سليمة. ثم من قال ان ماليزيا وبقية امثلة الكاتب افضل من الغرب؟ علما بان الكاتب يكذب بخصوص الصين لانها من اغنى حكومات العالم ولكن شعبها من افقر شعوب العالم واكثرها فقدا للحرية. والكاتب خلط الاوراق مرة اخرى عندما صور مشاكل اميركا على انها مشاكل كل ديموقراطيات الغرب. واخيرا لا استغرب ان يصنف العرب في خانة دول العالم الثالث طالما كان عندهم كتاب رجعيين مثل كاتب هذا المقال.