فضاء الرأي

الحركة الاحتجاجية في "إسرائيل" والربيع العربي.. الاتصال والانفصال

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يكن صناع الرأي والمثقفون العرب ليتصوروا أن يمتد عبير التغيير الذي اجتاح العالم العربي ليدك أبواب الكيان الإسرائيلي، الذي اتهم ومن ورائه الغرب والولايات المتحدة بمحاولة زعزعة الاستقرار في المنطقة، والاستجابة لمخططات أمريكية (بوشية) المنشأ، تجمعت تحت إطار (الفوضى الخلاقة).
فالمطالب المعيشية التي حملتها الحركة الاحتجاجية الإسرائيلية في مواجهة حكومة نتنياهو ربما لم ترفع شعار إسقاط الحكومة وتغيير النظام، كما هو الحال في العالم العربي، لكنها رفعت أعلاماً مصرية وشعارات مكتوبة بالعربية تنادي بالحرية والديمقراطية، وتطالب بإجراء إصلاحات تخفف من عبء تكاليف المعيشة عن المواطنين.
تل أبيب التي عرفت شوارعها مظاهرات بمئات الآلاف رفع المتظاهرون بجانب الأعلام الإسرائيلية، لافتة كبيرة كتب عليها "هنا مصر" في إشارة إلى الربيع العربي، وتحديداً الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، في إشارة واضحة إلى حجم التأثير الذي تركته الثورة المصرية على المتظاهرين الإسرائيليين، خاصة أن الظروف بين مصر والكيان الإسرائيلي متشابهة إلى حد ما على صعيد الفساد الداخلي والأزمات الاقتصادية المتكررة، لكن التأثر، هذه المرة، جاء عكسياً من مصر باتجاه "إسرائيل".
المحتجون في تل أبيب طالبوا بمجموعة من الإجراءات والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية من بينها بناء مساكن تخصص للإيجار الرخيص، ورفع الحد الأدنى للأجور وفرض ضرائب على الشقق غير الآهلة، وضمان مجانية التعليم لجميع الأعمار. وقدرت مصادر أمنية إسرائيلية أعداد المتظاهرين بأكثر من 250 ألف في تل أبيب، وبثلاثين ألفاً في القدس المحتلة.
مراقبون أرجعوا التأثير الذي لم يكن خفياً في الشارع الإسرائيلي بالثورة المصرية إلى القرب الجغرافي والجوار الإقليمي، وتشابه الظروف الاقتصادية والاجتماعية المولدة لتلك الاحتجاجات التي استحالت ثورة في مصر، فمطالب المتظاهرين في "إسرائيل" لم تكن اقتصادية بالمقام الأول، لكنها تتشابه مع الحالة المصرية من حيث شيوع الفساد والتردي الاجتماعي والثقافي والأخلاقي، فخلال عام 2011 مثل أكثر من 14 ألف مسؤول إسرائيلي أمام القضاء بتهم تتعلق بالفساد المالي.
قد يكون التشابه واقع أيضاً على المستوى السياسي فيما يخص هيمنة حزب الليكود منذ فترة طويلة على الوضع السياسي إلى جانب عدد قليل من الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، أما بقية الأحزاب فلا وجود لها كما هو الحال مع حزب العمل وغيره من الأحزاب الإسرائيلية.
وزير الحرب، إيهود باراك، رأى أن حركة الاحتجاجات الاجتماعية في الكيان الإسرائيلي تمثل ظاهرة هامة ومؤثرة، مؤكداً وجوب الإصغاء إلى مطالب المحتجين. وأكد باراك على ضرورة تغيير سلم الإولويات في "إسرائيل"، والعمل على تعزيز موقع الطبقات الوسطى والضعيفة. وأشار الى أن الشبان الذين يقيمون في المخيمات الاحتجاجية ملتزمون بالأعباء الأمنية، وسينخرطون أيضا في صفوف ما يعرف بقوات الاحتياط عند الضرورة.
ومع دخول الاحتجاجات في "إسرائيل" أسبوعها الرابع، وبعد إعلان نتنياهو عن تشكيل طاقم خبراء لتقديم توصيات إلى المجلس الوزاري الاجتماعي الاقتصادي بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها لمعالجة غلاء المعيشة، أكد عدد من منظمي الاحتجاجات عن استعدادات لتنظيم مظاهرات يشارك فيها 500 ألف متظاهر، ونقل عن مركز المعلومات في "خيام الاحتجاج" في تل أبيب، أورئيل طال، قوله إنه يرحب بتشكيل اللجنة، وفي الوقت نفسه فإن المتظاهرين لن يسمحوا بالتهرب من المشاكل.
وكان قد نقل عن نتنياهو قوله لرئيس اللجنة المشكلة البروفيسور منوئيل طراختنبرغ إنه يدرك أن عليه إجراء تغيير في رؤيته. وكان الأخير قد قدم ظهر أمس تشكيلة طاقم الخبراء الذي سيحاور ممثلي الاحتجاجات، والذي يضم 15 عضواً ثابتاً، بينهم 5 من الأكاديميين والقطاع الخاص ووزير واحد هو ميخائيل إيتان، كما سيضم 8 مستشارين خارجيين.
قد تكون عوامل التأثر والتشابه مع ثورات الربيع العربي حاضرة وبقوة في بعض ملامح المشهد الاحتجاجي في الكيان الإسرائيلي، لكن إصرار منظميها على اعتماد اسم "الاحتجاج"، وعدم رفع سبق مطالبها إلى مستوى إسقاط الحكومة (رغم سهولته وتكرره في الآونة الأخيرة) أو تغيير شكل النظام القائم، يوحي بفوارق عميقة مع الثورات القائمة في العالم العربي، وهي ثورات، وهذا الأمر للمفارقة بطبيعة الحال، بدأت بمطالب شعبية احتجاجية على أوضاع اقتصادية واجتماعية معينة، لكنها ما لبثت أن تحولت إلى ثورة عارمة لم تنطفئ جذوتها بعد، على الرغم من تنحي أو هروب بعض رموز النظام في عدد من البلدان العربية، الأمر الذي يمكن النظر إليه على أنه عامل تشابه جديد لم تفطن إليه الحكومة الإسرائيلية بعد، أو ربما لم يكن وارداً في بال منظمي الاحتجاجات وخلدهم..... حتى الآن.


كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رد
د. سعد منصور القطبي -

من الظلم تسمية الثورات الحالية بالربيع العربي اي ان الشعوب العربية كلها مظلومة وهذا غير صحيح لان شعوب الخليج مدللة من قبل شيوخها ألأجلاءكذلك يراد بهذا القول هوان الشعوب العربية هي الوحيدة المظلومة وهذا غير صحيح ايظا لان الشعب ألايراني مظطهد ومظلوم بشكل ابشع من كل الدول التي يحكمها طغاة والافظل تسمية هذه الثوراة بربيع الشعوب المقهورة التي تأثرت بتحرير العراق والتي شاهدت ان عميد الطغاة هرب صدام الى حفرته بمجرد دخزل دبابتين امريكيتين الى بغداد فعرفت هذه الشعوب ان الطغاة هم قساة على شعوبهم فقط ولكنهم جبناء فنحن نرى ألأن كيف ان حاكم سورية الجبان لم يطلق طلقة واحدة على اسرائيل التي تحتل ارضه ولكنه اصبح بطل بوجه شعبه الاعزل فارسل الدبابات والشبيحة لقتل شعبه .

رد
د. سعد منصور القطبي -

من الظلم تسمية الثورات الحالية بالربيع العربي اي ان الشعوب العربية كلها مظلومة وهذا غير صحيح لان شعوب الخليج مدللة من قبل شيوخها ألأجلاءكذلك يراد بهذا القول هوان الشعوب العربية هي الوحيدة المظلومة وهذا غير صحيح ايظا لان الشعب ألايراني مظطهد ومظلوم بشكل ابشع من كل الدول التي يحكمها طغاة والافظل تسمية هذه الثوراة بربيع الشعوب المقهورة التي تأثرت بتحرير العراق والتي شاهدت ان عميد الطغاة هرب صدام الى حفرته بمجرد دخزل دبابتين امريكيتين الى بغداد فعرفت هذه الشعوب ان الطغاة هم قساة على شعوبهم فقط ولكنهم جبناء فنحن نرى ألأن كيف ان حاكم سورية الجبان لم يطلق طلقة واحدة على اسرائيل التي تحتل ارضه ولكنه اصبح بطل بوجه شعبه الاعزل فارسل الدبابات والشبيحة لقتل شعبه .