أصداء

بين الأمس والغد.. العراق بحاجة الى منظومة قيم تتفهم قيمة الاصلاح

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الردود التي وردتني حول المقال الذي نشرته في بعض المواقع والصحف حول بناء جيل سياسي جديد والتي حملت ملاحظات وآراء قيمة تصب في نفس الاتجاه، وتشير بل وتؤكد بأن الجميع متفق على التغيير بأتجاه تصحيح الاخطاء، والتوجه نحو تحقيق المصلحة العليا للشعب والبلد في الاطار الذي يعزز ويعمق الوحدة الوطنية والانتماء العراقي وازالة كل الشوائب التي تحول دون تحقيق ذلك، وتواصلا مع هذه الاراء والملاحظات ولكي اتوسع في الموضوع ومن خلال جوانب اخرى وجدت من الضروري ان استكمل المقال في حدود المناقشة المتواضعة والموضوعية لاراء السادة والاصدقاء الذين ابدوا ملاحظاتهم وافكارهم القيمة.
في البدء اود القول بأن المسعى الحقيقي لكل سياسي في العراق يجب ان ينطلق ويستند على اسس القيمة الاستحقاقية للشعب والبلد ، وأن يتجرد كليا من الآنا والذاتية والتكبر والاستبداد في حدود الاحترام المطلق والانتماء الحقيقي للهوية العراقية ، وتفهم وتقدير حاجات الشعب ومعاناتهم لا تفضلا عليهم وانما خدمة اليهم، كما اود ان اشير الى ان الواقع السياسي متمثلا بقياداته واعضائه لم يرتقي الى المستوى المعبر عن طموحات وآمال الشعب ، انما اتجه الى الشخصنة والسلوك الذاتي وتعميق الروح الانفصالية التي تؤدي الى الخصومات والانفلاتات على مستوى العمل السياسي والتلاحم الجماهيري دون ادراك او تفهم لهذه الظاهرة الخطيرة والتي اصبحت الأن من الأمور الطاغية على المشهد السياسي، بل والتي شكلت رفضا شديدا من كافة فصائل المجتمع العراقي الذي سرعان ماادرك ذلك وانعكس هذا الادراك ليتحول الى تظاهلرات شعبية مطلبية بدأت تشكل حاجزا قويا مابين الشعب والقوى السياسية ، وهذه بداية خطرة سوف تنتج المزيد من النفور وعدم الثقة بين الشعب والقوى السياسية من جانب وبينه وبين الحكومة من جانب اخر، وهنا لابد من الاشارة الى ان المطالبة بالاصلاح السياسي تأتي كنتيجة لحدوث خلل في المنظومة السياسية حين تعجزتلك المنظومة عن اداء وظائفها بالكفاءة والفعالية المطلوبة، وهذا يؤدي بالتأكيد الى غياب المساواة وضياع الحق العام وتنامي المصالح الذاتية ليتخم الجسد السياسي بالكثير من الملذات التي ستبعده حتما عن طومحات وآمال الجماهير، ويتحول من حام للحريات الى قامع لها غير آبه لاخلاقيات العمل السياسي الوطني.
السؤال الذي يطرح نفسه الان في هذه المرحلة الحساسة: كيف تتم عملية النهوض من اجل التصحيح والتغيير؟ والجواب هو اذا لم يجري تفهم الواقع السياسي الحالي بكل تفاصيله الشائكة، واذا لم يتم ادراك حجم المسؤلية الملقاة على عاتق كل الكيانات السياسية بكل شرف وامانة ، واذا لم تحتويهم النوايا الطيبة الصادقة، واذا لم تتوفر الاجواء الخصبة والودية لاجراء حوارات جدية تضع مصلحة الشعب والبلد في المقدمة ، فأن الجميع يتجه حتما نحو حافة الانهيار، ولكي لاتطغي صفة التشائم على هذه الافكار المتواضعة اقول ، ان المسؤولية الان هي مسؤولية جماعية ، ولايزال الطريق مفتوحا لمعالجة الامور، وعلى كل النخب السياسية بل والفكرية ايضا من اعلاميين ورياضيين ومثقفين ورجال اعمال ونساء ان لايستكينوا او يخضعوا للامر الواقع، ولدى الجميع مهمة وطنية ينبغي ان ينهضوا بها من خلال تفعيل الادوار كلا حسب اختصاصه وفي الموقع المحدد، فنحن الان بأمس الحاجة الى منظومة قيم تؤمن بقيم الاصلاح، وأن تنطلق هذه المنظومة من خلال عملية تنويرية تطويرية تهدف الى تحريك الاجواء السياسية لأن تتحصن برامجها بعناصر السلم والعدالة والتنمية والقانون ودستورية العمل في حدوده الشرعية ، وأن تتجاوز الرقص على رؤوس الافاعي كي يتوحد الخطاب السياسي ويسلك الطريق الصحيح الذي يوصلها الى التلاقي مع الشعب ومصالحه الاساسية.
كما ان الاختلالات السياسية ستكون بالتأكيد سببا في حصول اختلالات اقتصادية ، ويأتي في مقدمتها الفشل في تحقيق النمو الاقتصادي الذي سيقود الى بروز آفات كبيرة ستهدد البلد والمجتمع وبالتالي سيكون من الصعوبة معالجة تراكمات المشاكل بعد ان تستفحل وتتحول الى ظواهر خطيرة ، ذلك ان اساس النجاح يكمن في القضاء على اية ظاهرة تنخر في جسد وبنية الدولة تمهيدا للقضاء على جميع مظاهر الانحرافات الموروثة والمكتسبة وتصحيح المسارات بأتجاه تلاقي الارادات السياسية كي ننتج منظومة سياسية حضارية متطورة بعيدة عن الانزلاقات الشخصية والتعصب الذاتي ، تستطيع ان تشخص المشاكل من خلال معرفة تأثيرها على الشعب والآثار التي تنتج عنها.
ان الصراعات السياسية اذا مااستمرت دون حلول جذرية فأنها ستكون العامل الرئيسي الذي سوف ينهي كل مصالح الشعب ويشتت آمالهم ويخلق طبقة خارج حدود التنظيم الاجتماعي المعروف تندرج تحت اسم الطبقة السياسية التي ستبقى محصورة في نطاق ضيق من مساحة المجتمع العامة، تلك المساحة التي لاتزال تحتفظ بكل قيم الآخاء والمحبة والتضحية والاجماع الوطني المطلق.
نحن لانريد ان تصل الامور الى هكذا حال، ولانريد ان نفتح كل الملفات بقصد تصعيد الموقف دون التفكير في الحلول ، ولانريد ان نتحدث عن كل الاشكاليات التي احاطت بالعراق وبشعبه، فكل ذلك معروف لدى الشعب ولدى القوى السياسية ، وماينبغي هو وجوب اتخاذ المواقف تجاه كل الضرر الذي لحق بشعبنا وبلدنا ، ولكن علينا ان نفكر بعين العقل واتزان الحكمة كيف يمكن ان نخرج من المأزق؟ وكيف نستطيع ان نخلق، ولابد من ذلك ، الفرص الحقيقية للوئام الوطني والروح السمحاء للحوار الجدي والموضوعي بين كل الاطراف السياسية لأن تتفق على مبدأ واحد هو بناء عراق موحد وشعب متحد في حدود بناء دولة حضارية مدنية تسودها قيم الاصالة وروح التضحية وتتحقق فيها مبادئ المساواة والعدالة والقانون والديمقراطية وحرية التعبير، وهذه احدى اهم مهام المنظومة السياسية التي ينبغي ان تعمل على تحقيقها وفاءا واحتراما لشعب العراق الذي بصم بأصبعه لكي يزكي كل من هو في المسؤولية ، وكل من يتحدث بأسم الشعب.
كاتب ومحلل سياسي - عمانAbdaa2_2@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أماني صعب تحقيقها
ابو العتاهيه -

لم تتطرق سيدي الكاتب الى وجوب غرس ثقافة تقبل الآخر بين ثتايا وطيات نفوس المجتمع العراقي,,,مقال هادف ولكن تحقيق غاياته مستحيله طالما نحمل إرث ثقافي مشوه وتتحكم بنا تقاليد وأعراف باليه,أما الطامه الكبرى هي ضعف الأداء الحكومي وأرتباط القاده المتنفذين بأجنده خارجيه تتحكم بخطواتهم,,,نحن شعب متكون من عدة أديان وقوميات ومذاهب ,كل متعصب لدينه ومذهبه وقوميته وعشيرته وللأسف تم إهمال الخيمه الكبرى(العراق)والدليل على صحة كلامي ,إن مقالتك التي تتناول فكره بناءه للمجتمع العراقي لم ترى لها ردود ومداخلات ,أما لو تكلمت عن موضوع طائفي أو قومي لرأيت السيل العارم من الردود السلبيه والأيجابيه في آن واحد,,بالرغم من إني متشائم من المشهد العراقي إلا إني أحيي فيك نفسك الطاهر وحرصك العالي على بلدك ,رعاك الله وسدد خطاك