منتهى العجب في أحوال العرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
من الأمثال الشعبيّة، نعرف
مقولة rdquo;كالغريق الذي يتشبّث بحبال الهواءldquo;. ولعلّ في هذه المقولة ما يوجز الحال التي آلت إليها الأوضاع العربيّة في العقود الأخيرة. والحقيقة أنّ هذه الحال قد بدأت مع انحسار الاستعمار الغربي وحصول هذه المنطقة العربية على ما يسمّى rdquo;الاستقلال الوطنيldquo;، في هذه البقعة أو تلك وانتظام هذه الدول الوليدة في مؤسّسة أنشأها لها الاستعمار، ونعني بها
لم تكن هذه الجامعة جامعةً للعرب في يوم من الأيّام، وإنّما كانت مجرّد منتدى يلتئم فيه أصحاب rdquo;الجلالة والفخامة والسموّldquo; لالتقاط الصور وتوزيعها على الإعلام الرسمي العربي لتخدير النّاس. لم يكن في كلّ هذه المؤتمرات جلالة. لم تكن فخامة ولم يكن سموّ في يوم من الأيّام، بل كان عامّة العرب يشهدون مسرحيّات من rdquo;المراجل اللغويةldquo; ومن rdquo;المهازل الدّعويّةldquo;.
لقد تطرّقت في الماضي إلى هذه الجامعة ووقفت على سخفها منطلقًا من النّظر إلى موقعها على الإنترنت. ولقد كشفت آنذاك عن أنّ موقع الجامعة العربية يترجم موادّ موقعه عن اللغة العبريّة بالذّات. وها أنا أعود إلى موقع هذه الجامعة بعد تسلّم نبيل العربي الأمانة الجديدة. فماذا نجد؟ لقد تبدّل الموقع شكليًّا، لونًا وهيئة، غير أنّه لا يزال ضحلاً وركيكًا كسابقه. فهل هي ضحالة وركاكة هذه الأمّة؟ قد يكون. وعلى ما يبدو فإنّهم في هذه الجامعة لا يقرؤون، إذ أنّه وبحسب هذا الموقع لا يزال الاستيطان الإسرائيلي قائمًا في قطاع غزّة، بل ويذكرون عدد المستوطنين الإسرائيليين في قطاع غزّة. هذه هي جامعة دول العرب. إذن، والحال هذه، ليس صدفة عدم وجود أيّ جامعة عربية ضمن التدريج الدولي لأفضل 500 جامعة في العالم. لا بأس فللعرب جامعتهم التي تشهد على مستواهم، والمهمّ أن تعمل هذه الجامعة على دعوة rdquo;أصحاب الجلالة والفخامة والسموّldquo; لمؤتمرات الدردشة، ولتخرج بعدئذ ببيانات الدروشة.
لقد أغرق الاستبداد rdquo;الثوريldquo; العربي الأقطار العربية rdquo;الثورانيّةldquo; في بحر من الجهل بواسطة إشاعة الشعارات العاطفية المستندة إلى بلاغة عربية تليدة وبليدة يترعرع عليها العرب في مدارسهم دون مساءلتها. ولهذا، فهي منطبعة في ذهنيّاتهم نقشًا في البشر كالنّقش في الحجر. فما من عجب، إذن، إذا جهل العرب rdquo;فوق جهل الجاهليناldquo;.
أمّا العرب العارقون
في بحر من الجهل والاستبداد فإنّهم يحاولون التّشبّث بحبال ولو كانت هذه مصنوعة من هواء ومن ريح. أمّا هذه الحبال فقد تأتي rdquo;بما لا تشتهي السّفنُldquo;. وفي أوضاع العرب المتأزّمة، لا أسهل من أن ينحي العربي باللائمة على أيّ طرف خارج ذاته ويُعلّق على هذه الأطراف الخارجية أسباب فشله. كذا تفعل الأنظمة وكذا يفعل عامّة النّاس. طالما شجّعت الأنظمة الاستبدادية rdquo;الثورانيةldquo; تلك البلاغة التي أشاعت ثقافة المؤامرات الخارجية بغية دغدغة العواطف فتلقّفت هذه الشعارات شرائح واسعة من الخاصّة والعامّة. وحقيقة الحال هي أنّ هذه الأنظمة المستبدّة كانت مشغولة ببقائها على صدور النّاس ليس إلاّ. لم تبنِ هذه الأنظمة دولاً ولم تخلق شعوبًا، بل استبدّت بالبشر والشجر والحجر. ولقد تعاونت مع هذه الأنظمة المستبدّة شرائح واسعة ممّا يُطلق عليهم مصطلح rdquo;المثقّفينldquo; من تيّارات قومويّة ويساريّة على اختلاف مشاربها بغية الفوز ببعض الفتات من موائد اللئام المتشبّثين بسلطات الاستبداد التي ترفع شعارات rdquo;المقاومةldquo; وldquo;الممانعةldquo; وما إلى ذلك من مصطلحات ورثت في هذا العصر مصطلحات rdquo;الصمودldquo; وldquo;التصدّيldquo; التي أكل عليها الدهر وشرب.
بين أحمدي نجاد وطيب أردوغان
وها هو العالم العربي المترامي الأطراف، والمتراخيها أيضًا، قد وجد نفسه بعد عقود طويلة من الاستقلالات rdquo;الوطنيةldquo; في سفينة هشّة بعد أن نخرتها جرذان الأنظمة القبليّة تتلاطمها الأمواج العاتية من كلّ الجهات. لقد ورد في المأثور العربي قديمًا: "الشعوب جمع شعب بفتح الشين وهو أعظم من القبيلة وتحته القبيلة ثم البطن ... فمضر وربيعه وأمثالهما شعوب. وقريش قبيلة وبني عبد مناف بطن وبنو هاشم فخذ" (أنظر: ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل).
إنّه عالم عربي قبليّ على وشك الغرق يحاول التشبّث بكلّ شيء، فمرّة تجتذبه سفينة أحمد نجاد بشعارات rdquo;الشيطان الأكبر والأصغرldquo;، ومرّة تجتذبه سفينة أردوغان بشعارات rdquo;فكّ الحصار عن غزّةldquo;. وكلّ واحد منهما، وهما من غير العرب، يفعل ذلك باسم فلسطين طبعًا، لأنّ هذا الشعار طالما استُخدم كالطُّعم الذي يدغدغ العواطف بغية اصطياد القبائل العربية، وعلى وجه الخصوص مقابل سفينة الغرب وإسرائيل. لقد ذكر ابن جزي ذاته في معرض تعريف مصطلح الشعب أنّ: rdquo;الشعوب في العجم والقبائل في العرب والأسباط في بني إسرائيل".
وها هي rdquo;الشعوبldquo; أي القبائل، العربية
تنتفض ضدّ هذه الأنظمة العربية. إنّها انتفاضات عربيّة شعبيّة ضدّ مخلّفات الاستبداد الناصرية والبعثية والقوموية وبقيّة أذرعها السرطانية في العالم العربي. حتّى هذه اللحظة، لا نعرف المنحى الذي ستتخذه هذه الانتفاضات. حتّى هذه اللحظة، لا يمكن أن نسمّي هذه الانتفاضات باسم rdquo;ثوراتldquo;. لأنّ الثورة الحقيقية هي هدم ركائز الماضي الاجتماعية والسياسية والثقافية ووضع أسس جديدة ومتينة لبناء جديد. الثورة الحقيقية يجب أن تؤدّي إلى إحداث قطيعة مع الماضي، على ما يمثّله هذا الماضي من نعرات قبليّة، طائفيّة، دينية وعرقيّة. في هذا الماضي وفي هذا التراث تكمن جذور الاستبداد، وما لم يتمّ تجفيف هذه الجذور فإنّ أشجار الاستبداد هذه ستنمو من جديد بصورة أو بأخرى عاجلاً أو آجلاً. ولذا وجب الحذر.
والعقل ولي التوفيق
*
موقع الكاتب rdquo;من جهة أخرىldquo;
http://salmaghari.blogspot.com
التعليقات
العلة واحدة
خوليو -الجامعة والشعوب عربية مصابان بنفس الداء: الدين كحكم، وهذا الأخير هو السبب في تفتيت الانصهار الاجتماعي لمكونات شعوب الأوطان، حتى ولو كانت الأغلبية هي من نفس الدين،هذا يتدخل في أخذ المواقف مراعاة لدين أو طائفة الحاكم، بل وفكرة الوطن غير موجودة على جدول أعمال تلك الدول، فهي تسمى دولاً بالتقليد فقط، حلت محلها فكرة الأمة الدينية وهذا هو مقتل تلك الشعوب وجامعتهم، أما لماذا لم تصنف ولا جامعة عربية علمية في قائمة الخمسامائة جامعة عالمية؟ فالسبب هو: حتى بدروس العلوم الطبيعية وغير الطبيعية يردون سبب الوجود لعملية خلق، شهدوا عليها زوراً أنها موجودة، الجامعات العالمية المصنفة تخطت هذه المرحلة وتسير على درب الصواب من التفكير العقلي الانساني، فهل من المعقول أن تكون الجامعة العربية خارج هذا النمط من التفكير؟ لايزالوا يرددون في أروقتها أننا كلنا أولاد آدم، وآدم أعطى تعاليمه وقوانينه وحدوده التي لاتستطيع لا الجامعة ولا الجامعات الخروج عنها لأخذ قرار وضعي يتناسب مع العصر، لأن سيف الجهل لايزال قاطعاً في تلك الديار.
لا تجلدوا الذات
بهاء -لا خلاف حول الدور المسرحي للجامعة العربية وكونها كانت مظلة الديكتاتورية العربية ومازالت، الديكتاتورية القومجية أو اليسارية كما ذكر الكاتب، لكن بإضافة الديكتاتورية الملكية العشائرية المتلونة بتناقض عجيب بين العصرنة الغربية الشكلية للبلاط وأهله وبين صوامع الفقهاء وسلالات النسب وشرف الأجداد!!! أما الصديق خوليو، الدين هو أحد أسباب أو محرضات الجمود الحضاري من حيث كونه مساهم وخادم للسلطة، لكن التخلف هذا يرجع أساسا لمنطق الصراع البشري التاريخي، فيستحيل حتى الآن أن تكون أوروبا والشرق الاوسط وافريقيا في حالة تطور متزامن وقوة متكافئة، للاسف منطق التاريخ البشري الأسود يفرض أن تنهار روما لتصعد بغداد، وتنهار لندن لتصعد واشنطن... وبما اننا نتكلم عن هذه الارض المباركة بالانبياء، فاجزم انه ولسبب ما لم يكن هناك اسلام واستمرت المسيحية مسيطرة لما كان الحال باحسن مما هو الآن!!!! الدين كتعصب وعنف وجمود هو نتيجة وليس سببا.... شكرا لايلاف
ايش تترجى منهم
فواز -كاتب شعوبي ومعلقون شعوبيون ؟!
الثقافة العربية
برجس شويش -دائما انوه على الثقافة العربية و التي هي سبب المشاكل المستعصية و الازمات الخانقة في المجتمعات العربية هذه الثقافة هي مزيج من الماضي و لكن الحاضر هو الغالب فهي ثقافة الانظمة العربية الاستبدادية و الفاسدةو لهذا السبب المثقف العربي يبتعد عن الواقعية و الموضوعة و المنطق السليم و غياب الحكمة و العقلانية في الحكم على ما يجري من حوله
التخلف ثقافة
عراقيون -حتى يستطيع العرب بشجاعة مناقشة مقدساتهم ونقد تراثهم وغربلة معارفهم سيبقون سلة التخلف في الشرق وموطن الهبالة والجهل منهم تضحك الأمم.
العقل كالمظلة
Red Onion -العقل المظلة،لايعمل إلا مفتوحًا؛ فإذا أُغلِق توقف عن العمل وتسبب في قتل صاحبه. فعلينا أن نفتح عقولنا حتى لا نموت. لكن الثقافة العربية الإسلامية الحالية ثقافة تقليدية تراثية. نفتح الكتب والتلفزيونات والبرامج الثقافية فنجد الثقافة العربية الإسلامية تعيد إنتاج نفسها وتكرِّر نفسها. لماذا؟ لأنها ثقافة تقوم على القياس، ولا تقوم على الإبداع. ونحن نحتاج إلى إبداع وليس إلى قياس. هذا ليس جلد الذات...!؟ بل نقد بناء-تحياتي للكاتب
...... سلمان
Irfan Shahid -................... كيف نُفسِّر هجوم الأخ فوَّاز (يعني ما شاء الله عليه يحمل اسمًا هو صيغة المبالغة من الفوز، ولا أدري بمَ فاز هذا الفوّاز!! بجائزة نوبل، التي يجرفها علماء يهود مرَّة تلو الأخرى،................. لا عليك أخي سلمان! لطالما كان شعارك: قُل كلمتكَ وامشِ. أحبّ أن أبلغك بأنَّ هناك من أجاز لنفسه السَّطو على مقالتك، ونشرها ممهورة باسمك طبعًا(وهو أضعف الإيمان كما تعلم) في صحيفةالأخبار الصّادرة في النّاصرة (ص. 17)، وقد وجدتُ تنويهًا على غلافها باسمك، ووعودًا للقرّاء بانتظار مقالاتك اللاذعة (كالملح في الجرح)في نهاية كُلّ أسبوع. أرجو ألاّ تقنط من الأمل في التَّغيير...وهو لا محالة آتٍ، وإن طالَ الزَّمن.