الإدارة التركية، تأرجح بين الإستراتيجية والتكتيك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مماطلة الدولة التركية في حسم قرارها، وتذبذبها ما بين ثورة الشباب السورية والسلطة الحاكمة حتى اللحظة، جزء من حقيقية منهجية الإدارات التركية، منذ استلام أتاتورك السلطة في تركيا إلى يومنا هذا، لم يتهاونوا يوماً في أستغلال الفرص وتسخير الشعوب أو التخلي عنهم، حفاظاً على مصالحهم الذاتية.
أسئلة إستنتاجية عديدية تطرح نفسها لتوضيح هذه السياسة الملتوية التي تنتهجها الإدارة التركية الحالية، بإمكانها أن تظهر ما وراء الحقيقية أو الحقيقة الأساسية التي تعتم عليها الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية، بدبلوماسية مع المراوغات التكتيكية الواضحة.
كان السيد أردوغان والحكومة التركية، على معرفة تامة ببنية السلطة السورية وكان لهم أطلاع شامل على واقع الشعب السوري المسجون في الوطن بكليته، رغم ذلك تجاوزوا مآسي هذا الشعب وأقاموا العلاقات الاستراتيجية المتعددة الجوانب وعلى مستويات عليا!...ما حدث في الشهور الأخيرة على الساحة السورية كان كافياً لينبه سياسياً محنكاً كالسيد أردوغان ليغير بوصلته من حليف استراتيجي مع السلطة إلى مؤيد متذبذب للشعب السوري وثورته! لاشك بأنه سياسي ماهر يخدم مصالح أمته الطورانية وبنزاهة حتى ولو كانت على حساب مصالح الشعوب المجاورة.
التغيير في مواقفه حدث بعدما تأكد بأن السلطة السورية آيلة إلى الزوال، وجدلية أنتصار الثورة الشبابية واضحة، وهو كسياسي ميكيافيلي لن يضيع مصالحه مع الجهة المنتهية أمرها. هناك مصالح اقتصادية سياسية استراتيجية تتطلب منه تحقيقها في الشرق، وهي لن تكون بالوقوف مع الطغاة!. وعلينا أن لا ننسى بأنه الآن أصبح الرجل الأول لمنظومة الحداثة الرأسمالية في المنطقتين العربية والإسلامية، وتقع على عاتقه مهمات كثيرة يجب تنفيذها؟.
وعليه سخرت الحكومة التركية جيشها وذلك بالهجوم على الثوار الكرد، وكانت لاحقة أتبعت المحادثات الأخيرة مع السيد عبدالله أوجالان، كما وتزامن اللقاء مع أنتهاء مرحلة وقف القتال والذي كان قد أعلنه ب ك ك من طرف واحد. ضربت القوات التركية مواقع " الكريلا " بشكل مركز، رافقتها الحملة الدعائية ضد الحزب العمال الكردستاني وبثت في أجواء المعارضة السورية الكردية والعربية، لم يكن سوى تكتيك دقيق التخطيط بعيد المرمى، أرادت الحكومة التركية من ورائها تمرير أجندات أوسع وأعمق لأحتواء الثورة السورية، وتسييرها حسب أجنداتها. كما نبهت الدول الرأسمالية والأعلام العالمي على دورها في المنطقة كقوة تستطيع أن تحد من توسع أيران في المنطقة، وذلك لتمرر غاياتها الذاتية المبنية على نقطتين اساسيتين يخدمان مصالحها السياسية التكتيكية، والإقتصادية الاستراتيجية ولا ننسى صراعها ضد الكرد.
1.أستطاعت أن تقنع أطراف من المعارضة السورية العربية والكردية، بأن العمال الكردستاني تقوم بإثارة الحرب لإلهاء تركيا عن دعمها للمعارضة السورية. وفي الجهة الأخرى أرادت أن توسع هوة الصراع بين الفصائل الكردية الموجودة ضمن المعارضة السورية.
2.لتبقي الداخل التركي في عداء دائم ضد الكرد وخاصة في الفترة التي بدأت تثار القضية الكردية عالمياً من خلال الثورة السورية، مع أستمرارية الضغط على الأقليم الكردستاني في العراق، ولا ننسى عداء الضباط الكبار ضد حكومة أردوغان بعد هجماته المتواصلة على مجموعة أرغانكون، وكان لا بد من ألهائهم بقضية تعد من أهم القضايا بالنسبة لهم حتى يومنا هذا، إلى جانب أجندات دولية خارجية متعلقة بالدول الأوروبية وأمريكا، وهي معروفة للجميع. والغاية الأبعد من وراء إثارة هذه المشاكل مرة مع الكرد ومرة مع الدولة الاسرائيلية مآلها التغطية على علاقاتها الإستراتيجية مع السلطتين السورية والإسرائيلية، مستخدمة مصالح الشعبين السوري والفلسطيني.
لم تتأخر الحكومة التركية لحظة في تغيير تكتيكها، خاصة بعد أن تيقنت بأن مصالحها تتكثف مع الدول العربية والإسلامية. فلم تكن حربها مع العمال الكردستاني، والذي أصبح لها ثلاثة عقود، بعائق لتفتح أبواب استراتيجية واسعة مع آل الأسد. وعلى هذا النهج أصبح بين ليلة وضحاها حامي قطاع غزة والداعم الأكبر لحماس وبصوت أعلى من الفعل؟ ليس حباً بالفلسطينيين بقدر ما كان تكتيك سياسي واضح مرر على البسطاء من الناس. وهو الآن يكرر نفس التكتيك السياسي مع المعارضة السورية، مستخدماً ب ك ك والصراع مع الكرد كطعم.
تربط حكومة السيد أردوغان مع اسرائيل علاقات استراتيجية متشعبة الأطراف، إلى سوية الدفاع العسكري؟ والجميع يعلم بأن اسرائيل هي نفسها بكل أعمالها تجاه الفلسطينيين منذ عام 1946، لماذا عكس الأتجاه بزاوية 180 درجة في السنتين الأخيرتين وبشكل متدرج وسريع؟ هل حباً بالشعب الفلسطيني! أم حباً بمصالح تركيا الخاصة والمرتبطة مع أجندات منظومة الرأسمالية العالمية! ومن منطلق هذه النقطة نؤكد بأن تركيا في الواقع تنكش أسرائيل لا تحاربها، العلاقات الاستراتيجية قائمة حتى ولو ألغت العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل! وجمدت العلاقات التجارية بشكل تام، لا تتجرأ تركيا كما ولا تملك القوة الدولية لعداء اسرائيل، وسوف لن تفعلها!. وأن كانت جدية فيها ستكون نهاية سيطرة حزب العدالة والتنمية ومعها السيد أردوغان على الحكومة التركية حتماً!...
وبالمقابل يجب أن لا ننسى بأن بعض الصراع تخلقه أسرائيل، للحد من خطط تركيا في دخول سوريا عسكرياً تحت قرارات من الهيئة الدولية وربما الجامعة العربية في القادم من الزمن، خاصة عندما لوحظ بأن تركيا بدأت تظهر بعض من هذه المطامح من خلال دعمها المتزايد لبعض التيارات الإسلامية في المعارضة السورية، وبناءً على هذه النزعة ظهر شعار "sos " الشعار في حقيقته يتلائم وواقع الشعب السوري الحالي وصراعه مع السلطة الأسدية الفاشية، لكن أن تسخرها تركيا لمصالحها وليست لمصالح الثورة السورية مسألة فيها نظر. اسرائيل ترفض أن يكون على حدودها قوة عسكرية غير مرغوبة فيها، وقد كتب في هذه النقطة بشكل واضح الكاتب "عباس عباس " في مقاله " الواقع السوري والمنطق السليم ".
تزايدت الشكوك حول نوايا تركيا تجاه الثورة السورية بعد أن تركت المعارضة السورية وأثارت قضية ثانية بعد أقل من شهر من قضية الكريلا الكردية، وخلقت مشكلة اسطول السلام. تركيا تود ألهاء الشارع السوري بهذه القضايا لتخفيف الضغط على السلطة، ومن أجل خلق توازن بين الثورة والسلطة لتعميق قواها بين المعارضة وتوسيع مصالحها؟! لماذا لم تقطع هذه العلاقات الدبلوماسية والتجارية في السنة الماضية؟!
لتكن المعارضة السورية صادقة مع شارعها ومع مفاهيم ثورة الشباب، يجب أن لا تفرق بين مصالح الشعوب المطالبة بالحرية والعدالة، وعليه يتطلب منها أن تضع هذا السؤال أمام الدولة التركية وأمام السيد أردوغان نفسه، هل الشعب السوري وحده يحق له النضال من أجل التلذذ بالحرية؟ ألا يحق للشعب الكردي الحصول عليها أيضاً؟ ... في تركيا أكثر من 20 مليون كردي محرومون من معظم مقومات الحياة، في الوقت الذي ينصب السيد أردوغان نفسه حامي الشعوب المقهورة ضد الطغاة، والشعب الكردي يقهر هناك من قبل حكومته، ولايعترف بهم ككيان قومي أو كشعب له خصوصياته! المنطق الديمقراطي والمبادئ الحضارية الإنسانية تفرض على الشارع السوري رفع شعار حل القضية الكردية أيضاً إلى جانب اسقاط النظام في سورية وأسقاط الطغاة أينما كانوا، ما دام أردوغان وحزب العدالة والتنمية يبحثان في الديمقراطية ويصارعان من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان وحريته، فشرق تركيا أفضل ساحة لبناء مثل هذه المبادئ!
ثورات الشرق الشبابية أعطت طاقة إضافية ودعم نفسياً لحراك الشعوب ومن ضمنهم الشعب الكردي، فلا يحق لأي كان تحديد الفترات الزمنية لوقوف ثورة الشعب الكردي حسب مصالح وأجندات خارجية، أماكن النضال واستمرارها، يحددها قادة الحركة، وبالتأكيد ثورة الشعب الكردي ذات عمق استراتيجي متين ومتماسك تربطها والثورات الشبابية في الشرق، وما التلاعب والتأرجح بين المصالح الإستراتيجية والخطط التكتيكية التي تقوم بها تركيا سوى سياسة مغرضة للتعتيم على القضية الكردية وتشويهها تحت غطاء دعم ثورة الشباب السوري!.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
التعليقات
TATAR
dmashqi -kol al3rb y3lmon an trkia dawla fashla w tl3b b3awa6f al3rb .
نقطة ضوء
محمد تالاتي -من المؤسف ان لا يميز أخونا الكاتب بين كلامه عن السلطة او الدولة وكلامه عن الافراد.ففي السطر الاول يبدأ الكلام عن الدولة التركية ثم ينقلب كلامه الى الافراد دون ان يذكرهم فيتابع كلامه عن الدولة او السلطة باستخدام فعل يدل على الافراد مثل (لم يتهاونوا..) دون ان يذكر الافراد..كان الاصح ان يقول مثلا (لم تتهاون) اذا كان يريد الكلام عن السلطة او الدولة.. اما وانه استخدم فعل يتهاون كان يجب ان يذكر فاعل الفعل الذي لم يعد الدولة او السلطة كأن يقول(لم يتهاون الساسة الاتراك...) كي يستقيم المراد شكلا ومضمونا.وهناك جمل او عبارات سقط منها ما يوضح معناها ويكمله.. مثلا يقول(واقاموا العلاقات ...على مستويات عليا)دون ذكر مع من تقام تلك العلاقات.. اغلب الظن يقصد الكاتب العلاقات مع السلطة السورية.واخطأ للاسف في استخدام مفردة (لاحق) بدلا من (سابق) في كلامه عن الماضي...أما من الناحية السياسية لا احد يستطيع ان ينكر علاقة حزب العمال مع السلطات السورية التي كانت علنية لسنوات طويلة استفادت منها تلك السلطات في الساحة السورية والساحة العراقية وموقف زعيم الحزب معروف من وجود اقليم كوردستان وهو نقطة سوداء في تاريخ الحزب . ولا يوجد دليل على ان تلك العلاقات قد انتهت. تحركات الحزب الاخيرة تظهر ان تلك العلاقة مستمرة.حاول الكاتب ان يكون موضوعيا لكنه لم ينجح ان يكون مقاله على ذلك المستوى المطلوب.مقاله افضل واصح مما يكتبه بعص الذي بات بعضهم يتجنب الظهور على منبر ايلاف الحر فهرب بعيدا ربما خوفا من النقاش ورفضه لرأي المختلف معه رغم انه يزعم مؤمن بالديمقراطية.
اقلام بائسة
احمد -يبدو انه يتمرن على الكتابة, والتي صارت سهلة في هذا الزمن المريض, اولا على المبتدئ ان يتعلم قواعد اللغة التي يكتبها, وثانيا الكتابة السياسية ليست بالامر السهل كما يتصورها بعض الاغرار في علمها, انها قراءة وخبرة عبر سنين طويلة, يا اخي تاتلاتي دعك من هؤلاء, انهم كتبة الاحقاد الشخصية, وتراهم يظهرون في المياه العكرة, ولا يجيدون لغة السياسة, هؤلاء يقولون ما لا يفعلون, ويحبون قول السياسة في الابراج العاجية وبعيدا عن الخوف.