فضاء الرأي

نهاية عصر السادات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في الذكرى 33 على توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام عام 1978، تشهد العلاقات بين مصر واسرائيل توترا غير مسبوق، قصف الجيش الإسرائيلي دورية مصرية قتل خلالها جتود مصريون علي الحدود، اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة وجلاء كافة رعاياها بعد اسقاط العلم الإسرائيلي واحراقه أمام العالم، اندلاع موجة من "المشاعر الوطنية الغاضبة" والمعادية لإسرائيل منذ أكثر من 30 عاما في الشارع والمؤسسات ودور العبادة والإعلام.
أرتفاع نبرة معظم التيارات السياسية المصرية المطالبة بإلغاء اتفاقية "كامت ديفيد" أو تعديل بنودها بعد ثورة 25 يناير عام 2011، ليس من باب التنافس السياسي (فقط) علي مضمار الانتخابات البرلمانية القادمة، وإنما يشير أيضا إلي أمر (جديد).. (لم يكتشف بالقدر الكافي) وهو: أن وعي غالبية المصريين قد توقف عند لحظة حرب أكتوبر عام 1973، ولا يريد أن يستوعب ما بعدها (أو يتقبله) حتي خلع الرئيس "مبارك" واسقاط نظامه ورموزه، أو قل أن سقوط مبارك أيقظ المصريين علي حقيقة مرة، هي: ضياع أكثر من ثلاثين عاما (هباء) من تاريخهم.
حضور المشير محمد سيد طنطاوي (رئيس المجلس العسكري) شخصيا، وبصحبة كبار قادة القوات المسلحة، لتقديم واجب العزاء في وفاة "خالد" إبن الرئيس جمال عبدالناصر، الذي هتف له البسطاء أثناء تشييع جنازته: "يا خالد قول لأبوك ... الشعب بيحبك"، بمشاركة كافة القوي الوطنية والسياسية، كان يتجاوز فكرة "الواجب" ذاتها إلي إرسال مجموعة من الرسائل (للداخل والخارج): أنه ليس من حق أحد أن يزايد علي مواقف المجلس العسكري الحاكم في مصر الآن، وأن القوات المسلحة لا تنحاز إلي عهد (مبارك) البائد، كما تروج بعض القوي السياسية (الأخوان المسلمون والناصريون والقوميون)، بقدر ما تنتمي إلي ثورة يوليو 1952 وأبرز رموزها.
اللافت للنظر أن "الغائب الحاضر" بعد 33 سنة هو الرئيس "محمد أنور السادات"، الذي ساهم في معظم (التناقضات) الرهيبة التي يعيشها المصريون إلي اليوم، والتي أصبحت تستلزم (الحسم أو التجاوز) بعد ثورة 25 يناير 2011 ، أو العودة بمصر إلي " ما قبل " عصر السادات بسنوات!
فقد حطم السادات الطابع الشمولي للدولة المصرية رغم أن حكمه كان شديد الفردية، حمل كل سمات الشمولية والديكتاتورية، فتح الباب أمام التعددية الحزبية لكنها ظلت تعددية هشة ومقيدة، أراد ديمقراطية' تفصيل' علي مقاس بزته العسكرية، لكنه سرعان ما ضاق بالديمقراطية فأصدر' قانون العيب'، وحاصر النشاط السياسي لأحزاب المعارضة، وتعقب المختلفين في الرأي فيما سمي بالمساءلة السياسية.

حقق في حرب أكتوبر1973 أكبر انتصار عسكري في التاريخ الحديث واستعاد هيبة مصر في المحافل الدولية، وذهب إلي القدس المحتلة في1977 رغم المعارضة العربية وأبرم اتفاقية' كامب ديفيد' للسلام .


من أبرز مفارقات السادات أنه كان يعلن في خطبه وأحاديثه لوسائل الإعلام، أنه:' لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين'، بينما تحولت أنصاف الاعتقادات في عهده إلي اعتقادات تامة عند العامة، وكان أول من وظف الدين في الصراع السياسي الداخلي، إذ تحالف مع الجماعات الإسلامية لضرب قوي اليسار، ولعب بالنار حتي ألتهمته في يوم عرسه، ولا تزال جذوتها مشتعلة تحت الرماد وفوقه كلما هبت الرياح، وهو ما أدي إلي اهتزاز عنيف لمقومات الدولة المدنية نتيجة التضارب بين ثلاثة أنواع من الحريات الأساسية، الحرية الدينية، والحرية في العمل الاقتصادي، والحريات السياسية.

في ظل هذا المناخ برز خطاب ديني جديد في شكله ومضمونه يستخدم تعبيرات وطقوس كغطاء لما يجري في العمق، يتظاهر بالتقوي والورع بينما الواقع يسير في الاتجاه المعاكس، حيث اعتبر ألمع المشايخ شهرة في السبعينيات: أن الثراء السريع مظهر من مظاهر رضاء الله.
وهو خطاب كان يبرر ويكرس للدولة الرخوة بمفهوم عالم الاجتماع السويدي (جنار ميردال) وبتأصيل جلال أمين في كتابه' مصر والمصريون في عهد مبارك 2008 - 1981'، إذ يقول:' تحولت الحكومة في مصر خلال السبعينيات إلي دولة رخوة، وتضاءلت مكانة الوزراء، وظهر من الموظفين من يذهب إلي مكتبه الحكومي في الصباح ويتاجر في العملة بعد الظهر، وأصبح كل شيء خاضعا للمفاوضة والمساومة، وكل شيء متوقف في النهاية علي الشطارة'.

إن إقراره لقانون الانفتاح الاقتصادي في منتصف السبعينيات كان يعني ضمنيا تفكيك القطاع العام والصناعات الوطنية وإفساد المشروع الوطني والمكتسبات الاجتماعية للطبقات الشعبية وإعادة عصر العمالة الأجنبية، فكانت انتفاضة18 و19 يناير1977 نقطة فاصلة بين عصرين.
ولعب الإعلام دورا في تغييب الوعي وانتشار حمي الاستهلاك من خلال المسلسلات والإعلانات التي داعبت تطلعات الناس(المكبوتة) وطموحاتهم, وزاحمت أغان من قبيل(السح الدح أمبو) و(أم حسن) و(بنت السلطان) لأحمد عدوية في سوق الكاسيت روائع فيروز وعبد الحليم وأم كلثوم، وفرضت ثقافة' الفهلوة' والمعلبات سابقة التجهيز مع انتشار الاستيراد والتوكيلات الأجنبية الأمريكية.

لكن يبدو أن التبعية الكاملة لأمريكا كانت لها آثار أبعد مدي من حدود الجغرافيا والتاريخ وقتئذ، وعندما قال في وقت مبكر إن99% من أوراق اللعب في يد أمريكا، كان يحسم- دون أن يدري- الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة لصالح الأخيرة.
لم يشفع للرئيس المؤمن محمد أنور السادات أنه رئيس مسلم في دولة مسلمة، ولا اعتبار نفسه' آخر الفراعنة' و'كبير العائلة' في' دولة العلم والإيمان'، ولا ظروف عصره الحافل بالأحداث التاريخية والمفعم بالتطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط والعالم، فقد تمنت معظم القوي السياسية رحيله، حيث لقبه اليمين خصوصا الديني بـ' الطاغوت الكافر' ووصفه اليسار بـ' العميل الخائن".
هل ما نشهده اليوم بعد 33 سنة علي اتفاقية "كامب ديفيد"، وثلاثة عقود عجاف من عهد مبارك، هو نهاية عصر السادات بالفعل، أم العودة إلي "ما قبله"، أم الانطلاق إلي "ما بعده"؟


dressamabdalla@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وعصر اللي فبالي
بندق -

وعقبال نهاية عصر شنوده !!

You forgot
taiebja -

Dear SirWhy you forgot the freedom for Sinai with Anouar Sadate

IT IS NOT FAIR
VISITOR -

GIVE THE MAN SOME CREDIT, HE IS STILL ONE OF THE BEST LEADERS THE ARAB WORLD HAS EVER HAD, JUST COMPARE AND JUDGE FOR YOURSELF. THE MAN HAD A VISION THAT MOST ARAB LEADERS .

وقاحة بندق
باشا -

يابندق احترم اسيادك. ان قداسة البابا هو رمز من رموز مصر لا تستحق ان تنطق باسمه. مهما اختلفت انا مع فضيلة الامام الاكبر, لا اجرأ من باب احترام موقعه الا ان اناديه بفضيلة الامام الاكبر. انا ياعزيزي لا استطيع ان اقوم بتعليمك ما فشل والديك في تعليمك: شئ اسمه الادب.

باشا
الراجل إسمه شنوده ! -

ياسيد باشا نحن لانقــّدس البشر! ولا نعتبر شنوده رمز من رموز مصر ، حتشبسوت رمز من رموز مصر وأمنحتب رمز من رموز مصر ، شنوده رجل دين يؤمن به أقلية قليلة يقيمون في مصر ، والسيد بندق لم يتعدى حدود الأدب حينما نادى شنوده بإسمه ، اللهم إلاّ إذا كنت تعتبر إسم شنوده إهانة !!! وليس هناك فضيلة إمام أكبر أو فضيلة إمام أصغر في الإسلام ، لأنه في الإسلام الناس عند الله لاتفرّقهم إلاّ التقوى ومخافة الله والعمل على طاعته.

رقم 5
كريم -

الارحج انك نفس بندق ولكنكم متعودين على إنفصام الشخصية والتعليق تحت اكثرمن اسم والتلون في تعليقاتكم, تعليقك موتور من البداية, انتم لا تقدسون البشر !!!!, إلعب غيرها, إقرا تاريخك و حاول ان تفهم بتجرد كيف انكم تقدسون البشر الى حد يفوق كل كل شيء. ثم تلك الفئة التي اصبحت اقلية, هل تستطيع التفسير كيف اصبحت اقلية؟ ودعك من تفاهات انهم يونانين وغريغ ووووو والى تلك الاسطوانة المشروخة التي لا تغني ولا تسمن بل تفضحكم وتفصح اكاذيبكم وإرهابكم, والسيد بندق, امر مثير للسخرية, ودعك من انه في الاسلام لا تفرقهم إلا التقوى ومخافة الله, ان كنتم تعتبرون الشيعة كذا والاكراد كذا, وهم مسلمين, فكيف بالذين ليسوا على ديانتكم. املا ان لا اقرا عبارة خارج الموضوع او يتم تنقيط وحذف وتنفيح تعليقي, وسلملي على (السيد) بندق, هزلت والله.

الي رقم خمسة
باشا -

عزيزي, نحن ايضا لا نقدس البشر, ولكن لو اعرف اسمك لناديتك بالسيد فلان, ولو كنت دكتور واجب ان اقول الدكتور فلان, ولو مهندس نفس الشئ, ولو كنت رجل دين مسلم لخاطبتك بفضيلة الشيخ, ولو كنت رجل دين مسيحي, لخاطبتك بقداسة الاب فلان, هذا ما تعلمناه من قواعد الادب العالمة. انك ياصديقي عندما تذهب الي المحكمة لا تجرأ ان تنادي القاضي باسمه مجردا ولكن تناديه بسعادة القاضي. هذا ياعزيزي الامر الذي اتكلم عنه. من حقك ان تختلف مع قداسة البابا الانبا شنوده, ولكن هناك ادب في الحوار. مهما اختلفت مع والدك لا تتدرأ علي نطق اسمه العادي ولكنك تناديه : والدي او بابا. سواء تتفق مع او تخلتف في ان قداسة البابا شنودة رمز من رموز مصر هذا حقك وهذا حقي. كتبت في الاهرام ذات مره محتجا علي تسميةالرئيس السابق بلقب الرئيس المخلوع, ومع اختلافي مع سيادته فكتبت للاهرام وقلت ان الرجل كان رئيسا لمصر لمدة ثلاثين عاما ومن الواجب ان نناديه بسيادة الرئيس السابق, احتديت ايضا علي رفع صور السيد حبيب العالدي من وزارة الداخلية, وعلي الرغم من خلافي الشديد معه في معالجته لقضايا الاقباط, ولكن قلت ان الرجل كان وزيرا للداخلية لمدة اربعة عشرة عاما من تاريخ مصر. قد نختلف معا كبشر ولكن احترام البشر لبعضهم البعض من المسلمات.

كريم رقم 6
رقم 5 -

مسكين ! عقلك مبرمج رضعوك الكراهية من يوم ميلادك ومنذ تعميدك علموك الحكم على خلق الله بالتعميم المطلق والرفض والإستقصاء والكراهية، أسأل الله أن يغسل قلبك ويفتح بصيرتك.