أصداء

الاعتزاز بالانتماء وذهنية التمييز

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الشعور بالاعتزاز بالنفس أو بالانتماء من طبائع الامور باعتباره عاملا محفزا على الفعل وعنصرا فعالا في خلق المناخ الملائم للبناء والابداع. غير انه عندما يتجاوز الاعتزاز بالانتماء الوطني او القومي مستوى لعب دور الحافز على العمل، وتحقيق الانجازات في مختلف ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية والثقافية ليتحول الى مجرد الشعور بالتميز، وسمو المكانة مقارنة بالانتماءات الوطنية والقومية الاخرى، فإن هذا الانتماء يصبح ضربا من ضروب الانحراف والمرض القومي المؤسس للنزاعات والحروب التي تغذيها كل اشكال العنصرية المضمرة او المعلنة. وفي الواقع، فإن التخوم بين هذين الحدين ليست من الدقة في وضوحها بحيث تكون غير قابلة للتجاوز خاصة في مراحل اشتداد التنافس بين الوطنيات او القوميات المختلفة لتأمين النصيب الأوفر من الخيرات المادية والمعنوية.

ولا ينحصر الأمر عند فترات الأزمات والنزاعات المفتوحة والحروب المسلحة حيث تكون لسياسات التمييز اليد الطولى فحسب، وانما قد يصبح السلوك التمييزي بارزا في ممارسات قيادات ونخب بعض الشعوب التي ترى انها أعرق وأكثر إسهاما في الحضارة الانسانية مقارنة بغيرها من الشعوب، وبالتالي إن لها حق ما في تحديد مصير الشعوب الأخرى ويزيد هذا الأمر تعقيدا كون هذا السلوك مبنيا على تصور خاص للذات الوطنية والقومية تحاول احتكار كل قيم التقدم ومفردات الحضارة والتاريخ والكرامة مع الحرص على حرمان الذوات الوطنية والقومية المخالفة من الحق ذاته في نوع من التعالي الذي هو صنو النزعة العرقية في أبغض تجلياتها حتى في الوقت الذي تحرص فيه هذه النخب والقيادات على التأكيد أنها أبعد ما تكون عن النزعية العرقية في الأحكام التي تصدرها والقواعد الفكرية التي تنطلق منها في تقويم اسهام غيرها في مسيرة الحضارة الإنسانية، وغالبا ما يتولد عن هذا الشعور ميل إلى حصر دور هذه الوطنيات والقوميات في خدمة المصالح الخاصة للذين يسيطر عليهم هذا الاحساس الذي قد يذهبون في الدفع به الى حد اعتبار استعبادها أولى أولويات سياساتها تجاه الآخرين.

وبالفعل، فإن النخب الثقافية والسياسية في هذه الشعوب تضع في صلب استراتيجية خطابها الإيديولوجي والسياسي العمل على نشر ثقافة التمييز والسمو وتعزيز السياسات التي تترجمها على أرض الواقع سواء على شكل الهيمنة والسيطرة والتوسع على حساب الشعوب الأخرى، او على شكل نشر ثقافة سياسية تبخس الآخرين حقهم وتنظر إليهم بعين السيد إلى المسود.

إن الشوفينية تتجلى عندما يتم تجاوز تخوم الاعتزاز بالنفس الى الاستخفاف والاستهانة وكره الآخر على اساس الانتماء. وهذا الشعور الذي قد يتحول الى سلوك وممارسة هو في اساس الكثير من الاحقاد غير القابلة للتجاوز بين الامم والشعوب لان كل امة حريصة على ان تكون كرامتها محترمة ولا تتردد في الثأر لها متى كانت قادرة على ذلك. وغالبا ما يتخذ هذا الثأر اشكالا عنيفة مثل النزاعات والحروب المسلحة كما دلت على ذلك احداث التاريخ القديم والمعاصر. ولعل الاصل في تأجيج الفكرة النازية وتحولها في فترة من الفترات الى الايديولوجية السائدة داخل المجتمع الالماني هو الاجحاف والغبن الذي شعر به الشعب الالماني جراء الشروط المهينة التي فرضت عليه اثر هزيمته في الحرب العالمية الاولى. ذلك ان الحزب النازي بقيادة هتلر قد جعل من اخذ الثأر واستعادة الكرامة الالمانية شعارا مركزيا التفت حوله مختلف فئات الشعب الالماني مما جعل الحزب الوطني الاشتراكي حزب الاغلبية في انتخابات مطلع ثلاثينيات القرن الماضي مما أتاح لهتلر الوصل إلى السلطة والانقلاب على الديمقراطية.

غير ان المعضلة الاساسية في هذا الفكر لا تكمن في هذا الشعور بالغبن في حد ذاته بل عندما تحولت الفكرة النازية الى ايديولوجية تزعم السمو العرقي للجنس الآري على ما دونه من الاعراق وتدعي تبعا لذلك انها الأولى بالقيادة المطلقة لحركة التاريخ عامة والتاريخ الأوروبي على وجه خاص، ولو ادى ذلك الى تصفية كل القوى التي لا تشاطرها التصور والممارسة.

غير أن الأدهى من ذلك ان تؤدي بعض التمايزات في التجارب والثقافات داخل الامة الواحدة الى بروز مثل هذه النزعات التمييزية التي تتناسى من بين ما تتناساه ان تنوع التجارب وتعدد التصورات هو مصدر غنى وثراء الامة لا ذريعة لارضاء غرور فردي او وطني زائف ومدمر في آن واحد. وشتان ما بين الاعتزاز بالانتماء الدال على ادراك ضرورات الابداع والانجاز وبين التضخم المرضي للانتماء الى حدود تدمير اساس التعايش بين مكونات الامة الواحدة بل والشعب الواحد أحيانا. ويكفي إلقاء نظرة متفحصة إلى بعض الخطاب الإيديولوجي والسياسي العربي الراهن للوقوف على حقيقة أن آفة التمييز ليست حكرا على الإيديولوجيات التي أفرزتها الحضارة الغربية في بعض مراحل تطورها وخاصة منها مراحل أزماتها الدورية. بل إن هذه النظرة كفيلة بإبراز أن في ثنايا بعض هذا الخطاب الذي يمجد التقدم وقيم الحداثة تثوي أنماط من التمييز المدمرة للتقدم والحداثة ذاتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حزب البعث الارهابي
ابن الحوران -

خير مثل على الايديولوجيات الحاقدة هي حزب البعث الارهابي بشقيه السوري والعراقي.

حزب البعث الارهابي
ابن الحوران -

خير مثل على الايديولوجيات الحاقدة هي حزب البعث الارهابي بشقيه السوري والعراقي.

جهلة
بثينة شعبان الصحاف -

القومية العربية والترويج لها هي في الاصل فكرة عنصرية ضد غير العرب والتمييز ضدهم واتفق مع ابن الحوران أن البعث هو في الواقع من اسؤأ الحركات النهضوية العربية ليس لأنها حاقدة وعنصرية بل لأنها اقصائية ترفض الآخر ولا تقبل التنافس والديمقراطية بل تستعمل العنف والتصفية الجسدية كمنهج ضد الخصوم من بعثيين وغير بعثيين وهذا الحزب الدامي يستحق لقب الحزب الارهابي لأنه ارهب الشعب السوري والشعب العراقي وقاده اغبياء وجهلة جلبوا الكوارث للشعب العراقي وفي طريقه لجلب كوارث جديدة للشعب السوري. هذه القيادات الجاهلة السورية ترفع شعارات جميلة ولكنها كاذبة كما نعرف من التجربة السورية ويتميزوا بالجبن والهروب من المعارك مع اسرائيل ويستقووا على الشعب الأعزل.

جهلة
بثينة شعبان الصحاف -

القومية العربية والترويج لها هي في الاصل فكرة عنصرية ضد غير العرب والتمييز ضدهم واتفق مع ابن الحوران أن البعث هو في الواقع من اسؤأ الحركات النهضوية العربية ليس لأنها حاقدة وعنصرية بل لأنها اقصائية ترفض الآخر ولا تقبل التنافس والديمقراطية بل تستعمل العنف والتصفية الجسدية كمنهج ضد الخصوم من بعثيين وغير بعثيين وهذا الحزب الدامي يستحق لقب الحزب الارهابي لأنه ارهب الشعب السوري والشعب العراقي وقاده اغبياء وجهلة جلبوا الكوارث للشعب العراقي وفي طريقه لجلب كوارث جديدة للشعب السوري. هذه القيادات الجاهلة السورية ترفع شعارات جميلة ولكنها كاذبة كما نعرف من التجربة السورية ويتميزوا بالجبن والهروب من المعارك مع اسرائيل ويستقووا على الشعب الأعزل.

البعث والاسلاميين
د فيصل بركات -

لا يختلف احد ان البعث حزب اجرامي وارتكب المجازر في العراق وسوريا (حماة 1982 التي نفذها الشقيقان حافظ ورفعت الأسد) ولكن من اجل الموضوعية علينا ايضا ان نقر ان هناك احزاب وحركات اسلامية تلجأ للعنف والقتل والتكفير والبطش ورأينا ذلك في مصر والجزائر وغزة. والمفارقة الكبيرة ان حزب البعث العلماني بامتياز أشد اجراما وبطشا من الاسلاميين.

البعث والاسلاميين
د فيصل بركات -

لا يختلف احد ان البعث حزب اجرامي وارتكب المجازر في العراق وسوريا (حماة 1982 التي نفذها الشقيقان حافظ ورفعت الأسد) ولكن من اجل الموضوعية علينا ايضا ان نقر ان هناك احزاب وحركات اسلامية تلجأ للعنف والقتل والتكفير والبطش ورأينا ذلك في مصر والجزائر وغزة. والمفارقة الكبيرة ان حزب البعث العلماني بامتياز أشد اجراما وبطشا من الاسلاميين.

مقال وتعليقات هامة
د عبد الحكيم مصطفى -

سأتناول المقال والتعليقات وابدأ بالقول انني اوافق الكاتب على طرحه القيم والتاريخ الحديث مفعم بالكوارث التي جاءت كنتيجة مباشرة للقومية او النزعة الوطنية. المانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية والتي جلبت الدمار والهزيمة للأمانيا بقيادة هتلر الذي كان عنصريا متطرفا. اليابان واجهت نفس المصير. العالم العربي في عهد الناصرية جلب اكبر هزيمة للعالم العربي عام 1967. غباء واستعلاء واستكبار صدام حسين جلب الكارثة للعراق. ومشكلتنا في العالم العربي ليست القومية فقط بل ابتلاءنا بقيادات غبية وفاشلة وهنا اتفق مع بعض المعلقين السابقين. أمة عربية مصيرها الفشل من يقودها اغبياء مثل عمر البشير ومعمر القذافي وبشار الأسد وقبله والده. امة فاشلة من تقبل حاكم جاهل جمهوري وراثي فاسد يحكمها بالقوة العسكرية ولا نزال نكرر الفشل بمقولات مثل قلب العروبة النابض وآخر قلاع القومية اشارة الى الجهلة الذين يحكموا سوريا ويكرروا اخطاء صدام حسين الكارثية ولا يزال هناك جوقة من المثقفين والاعلاميين والانتهازيين يبتلعوا الروايات الكاذبة ويدافعوا عنها كما فعلوا مع الساقطين االسابقين.

مقال وتعليقات هامة
د عبد الحكيم مصطفى -

سأتناول المقال والتعليقات وابدأ بالقول انني اوافق الكاتب على طرحه القيم والتاريخ الحديث مفعم بالكوارث التي جاءت كنتيجة مباشرة للقومية او النزعة الوطنية. المانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية والتي جلبت الدمار والهزيمة للأمانيا بقيادة هتلر الذي كان عنصريا متطرفا. اليابان واجهت نفس المصير. العالم العربي في عهد الناصرية جلب اكبر هزيمة للعالم العربي عام 1967. غباء واستعلاء واستكبار صدام حسين جلب الكارثة للعراق. ومشكلتنا في العالم العربي ليست القومية فقط بل ابتلاءنا بقيادات غبية وفاشلة وهنا اتفق مع بعض المعلقين السابقين. أمة عربية مصيرها الفشل من يقودها اغبياء مثل عمر البشير ومعمر القذافي وبشار الأسد وقبله والده. امة فاشلة من تقبل حاكم جاهل جمهوري وراثي فاسد يحكمها بالقوة العسكرية ولا نزال نكرر الفشل بمقولات مثل قلب العروبة النابض وآخر قلاع القومية اشارة الى الجهلة الذين يحكموا سوريا ويكرروا اخطاء صدام حسين الكارثية ولا يزال هناك جوقة من المثقفين والاعلاميين والانتهازيين يبتلعوا الروايات الكاذبة ويدافعوا عنها كما فعلوا مع الساقطين االسابقين.

لا تلف كثير
ج . ب -

الى الرقم 3 د. بركات هل تفسر لنا لماذا لا تسمي الاحزاب الاسلامية الدموية باسمائها ولكنك تسمي حزب البعث باسمه وتذكر باسماء قادة وفرسان ومناضلين قوميون لم تجلب الامة العربية مثلهم بعد وهم الذين حافظو على وحدة الوطن برغم كل اشواك المتامرين والمتخلفين ؟؟ ارجو منك ان تتشجع وتسمي الاحزاب الاسلامية والتي كما تسميها انت بالدموية ,وانا ساقتنع ولكن ارجو ان تسميها باسمائها..

ج ب رفعت الاسد
م العابد -

ليس دفاعا عن معلق رقم 3 فهو بنفسه سيرد عليك ولكني لم استغرب ابدا ان يأتي شخص لا يجرؤ اعطاء اسمه الكامل ليدافع عن مجرم حماة ولا اريد الخوض في جدل عقيم مع المطبلين والمصفقين للدكتاتورية. حزب البعث هو الحزب العلماني الوحيد الذي تميز بالجرائم ضد الشعوب وضد اعضاء بعثيين اختلفوا معهم. هذه الحزب الارهابي الكريه مسؤول عن قتل عشرات الألوف في العراق وعشرت الألوف من الشعب السوري من الطفل الى الكاهل يعرف عن جرائم النظام وبالتحديد في عهد حافظ الاسد وشقيقه رفعت الذي سيتم ملاحقته من قبل المحاكم الدولية عندما يتم فتح الملفات. اعداد كبيرة اعدمت بدم بارد في سجن تدمر وسجون اخرى وكم من المساجين ماتوا تحت التعذيب. هذه معلومات موثقة وتم اعداد ملف كامل بالجرائم للسلطات الدولية. اما الاحزاب الاسلامية معروفة فهم الاخوان والحركات الجديدة تحت مسميات مختلفة ولكنها اثبتت انها اقل ارهابا من حزب البعث الارهابي. ولمعلوماتك نظام دمشق بأسده ومخلوفه كلهم مجرمين وسيسقطوا وسيحاكموا من قبل محكمة الجنايات الدولية وسيكون رفعت الاسد في مقدمة المطلوبين.

ج ب مضحك وظريف
ابن الرافدين -

شكرا لرقم 5 لأنك ادخلت نوع من الكوميديا على النقاش السياسي. كيف تسمي مجرمين بمناضلين وفرسان. الذين يقتلوا المدنيين في منازلهم ويهربوا من جبهة الجولان التي لا تزال تحت الاحتلال مدة 44 عام كيف تسميعهم مناضلين. مناضلين ضد الشعب والاطفال والمعتقلين. هؤلاء ارهابيين ومجرمين ويجب ان يمثلوا امام محاكم الشعب ليحاسبهم على جرائمهم. وكلمة اخيرة من يعمل كناقل اخبار عن زملاءه وزميلاته الأفضل له ان لا يتدخل في السياسة.

عودوا للمقال
سناء زيدان -

لا افهم لماذا تحول مقال مهم يطرح ظاهرة سلبية الى موضوع ارهاب البعث وجرائم رفعت الاسد. لا يوجد علاقة مباشرة ودعنا نناقش المقال ذاته.

5 و 8
عمار سموري -

لو كنت في موقع ج ب رقم 5 لبقيت صامتا. دفاعك عن المجرمين لن يأتي لك بالفائدة بل يأتي بنتيجة عكسية تماما وصدق من قال عدو عاقل خير من صديق جاهل. وردا على سناء رقم 8 اعتقد ان السبب في الانحراف عن موضوع المقال الى موضوع البعث ورفعت الاسد هو ان الكاتب يعتبر من المحسوبين على هذه العصابة المافيوزية التي تمارس ارهاب و دكتاتورية دمشق في ماربيا وباريس ولندن وتؤيد قمع الشعب السوري وتدعم المجرمين القتلة في دمشق.

أمر غريب
مراقب محايد -

قرأت المقال بتمعن وليس له علاقة بدولة معينة او فئة محددة او اشخاص بعينهم وتم استغلال المقال لتمرير اجندات لا علاقة لها بالموضوع. وكون الكاتب يعمل او يرتبط بأشخاص معينين عليهم علامة استفهام فلا ذنب للكاتب بذلك. والمقال بحد ذاته جدير بالدراسة. ولم تضف التعليقات الجديد من المعلومات حيث القضايا والاشخاص المذكورين يتم تداول اسماؤهم في كل تقرير ومقال يتعلق بالملف السوري وما دامت هناك احتجاجات وثورات واعمال قتل سيبقى الضؤ مسلطا على كل من لهم صلة بالنظام السوري..