فضاء الرأي

«الإسلاميون» ومخاضاتُ التحوُّل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عندكَ "الإخوان المسلمون" و"حزب النور السلفي" و"حماس"، مثلا، جماعاتٌ تَظهر عليها آلامُ المخاض؛ فماذا سيكون المولود؟ وهل سيستقر على لونٍ صالحٍ للحياة المعاصرة؟
هذه الجماعات الإسلامية، أو ذات المرجعية الإسلامية، تخوض تحولا في مواجهة متطلبات الواقع الذي لم تكن طرفا في صياغته، ابتداء، بل كانت استجابة له، أو ردا عليه، هذه الحركات تضع رِجْلا في النظرية، وفي النصوص، والأدبيات، ورجلا في الواقع الوطني، والمتطلبات الدولية المُكرَّسة. وهي بين ما تتمناه، وبين ما تَقْدرُ عليه مشدودة.
وبعد أن اقتربت هذه الجماعات الإسلامية من الحكم في مصر، علت إلى السطح جملةٌ من القضايا، منها الديمقراطية، والالتزامات القُطرية الوطنية، والدولة الدينية، و"الخلافة الإسلامية الراشدة" التي تطمح إلى جمع "الأمة الإسلامية" أو إعادتها تحت دولة واحدة، وخليفة واحد ..لتُلغى الأبعاد الوطنية القُطرية، أو لتؤوي إلى الظل...
والأشد إثارة للغرابة والدهشة التزام "الإخوان" وذراعها السياسي "الحرية والعدالة" و"حزب النور السلفي" بالاتفاقات الدولية، والعلاقات الطبيعية والتعاون مع أمريكا، وكذلك الالتزام بمعاهدة السلام، مع إسرائيل، أو احترام تعهدات مصر بصددها.
وهنا تتضارب المواقف، أو تتوزع، بين موقف تلك الجماعات الذاتي الرافض للاعتراف بإسرائيل، وبين إقرارهم بمتطلبات الدولة في مصر، وأنهم لن يفرضوا رؤيتهم عليها، حتى لو تمكنوا من السلطة، كاملةً.
وكذلك، على مستوى "حماس" لكَ أن تنتبه إلى تدرُّجها من الكفاح المسلح، و"فلسطين أرضُ وقْفٍ إسلامي"، إلى المقاومة السلمية الشعبية، والقبول بدولة في حدود الرابع من حزيران، بالطبع بمواربة، أو بموقفٍ كامن: أنَّ هذا لا يعني اعتراف الحركة بإسرائيل.
الجامع بين هذه التحولات هو أنها ليست مستقرة، ولا هي نهائية، وهي قابلة للتعديل، وإعادة التَّشكُّل، بأَمارة التراجعات والتصليحات التي لا تنفك تلك القوى تفعلُها، ومن ذلك قضية "الخلافة الإسلامية"، فقد صدرت تصريحاتٌ عن قيادات "الإخوان" أنهم يقتربون من تحقيقها، ثم مواقفُ أخرى بينت أنها أُمنية بعيدة المدى للإخوان، وأنها نوع من الاندماج، (ولك أن تلحظ المصطلح، المخفف) بين الدول العربية والإسلامية..
وكذلك العلاقة مع إسرائيل، إذ تبلور الرأيُ عندهم : أن ذلك سيُعرَض على الشعب المصري, وهو الذي يقرر بقاءها أو تعديلها،أو إلغاءها..
والحاصل أنَّ ثمةَ ثنائيات متعاندة تؤثِّر في مواقف جماعات "الإسلام السياسي" المنخرطة في الدول والكيانات السياسية العربية، منها: الماضوية والحداثة، والنص والواقع، ويتفرع من هذه الأخيرة (السلفية في التعاطي مع النصوص، مقابل المَقاصديَّة المَصْلحيَّة) والقُطرية الوطنية في مقابل الأُممية، وكذلك اختلاف المواقع الذي يفضي إلى اختلاف الآراء والمواقف: من المعارضة إلى السلطة، أو بين قيادات الداخل والخارج، كما في حالة " حماس".
وليس بالضرورة أن يكون الانحيازُ كاملا إلى طرف من هذه الثنائيات، فقد تكون الفاعلية تغليبا، لا حسما، بحيث تظهر تأثيراتُ الحداثة، مع استبقاء الأسس الفكرية الإسلامية، ففي الجدل الدائر حول "الدولة المدنية" يتجلى هذا التأثيرُ المشترك. ففي "حزب النور" مثلا قبولٌ بالدولة المدنية، وكذلك "الإخوان" على أن تكون مرجعيتُها إسلامية، فثمة عناصر غربية حداثية، ومنها قبول "التعددية السياسية" و"التداول على السلطة" والرجوع إلى الشعب، مع استبقاء الأصل الفكري ، وهو أن القوانين تُستمدُّ من مصدر التشريع الأول، أو الوحيد، كما يأمل بعضُ الإسلاميين، وهو الشريعة الإسلامية.
ومثالا، على اختلاف المواقف؛ تبعا لموقعية الجماعة، خارجَ السلطة، أو داخلها، حركةُ حماس ، فقد كان وجودُها خارج السلطة فرصة، (أو مقدِّمة لبلوغها السلطة)، بالنضال العسكري الذي جمع حولها تأييدا واسعا من أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ولكنها بعد أن سيطرت على السلطة في قطاع غزة، في 2007م بدأت تعدِّل من مواقفها، إذ صارت تخشى على كيانها السياسي من أن تطيح به حربٌ عداونية تشنها إسرائيل، بالرغم من أن قدرتها على إلحاق أذى بالتجمعات التي يقطنها إسرائيليون قد تنامت.
ولا يعني هذا التوقف عن التصعيد العسكري، أو التهدئة، أن "حماس" لا تنطوي على فكر المقاومة، بكل أشكالها، على المستوى الفكري، ولكن الترجمة العملية اليوم هي للاعتبارات السلطوية، أو لمكتسبات الحركة، بحسب ما تسميها "حماس".
وفي إطار هذه الثنائية، أيضا:( السلطة/ وخارجها) يأتي طلبُ "الإخوان" من قيادة "حماس" فعلى ذمة "الغارديان": أن حركة "الإخوان المسلمين" في مصر قد طلبت سرا من حماس "وقف أنشطتها العسكرية كاملة، والقيام وتقوم بأنشطة سياسية فحسب، فهم يريدون أن يسود الهدوء الأوضاع" فــــــــ"الإخوان" الذين كانوا يساندون "حماس" في كفاحها المسلح، وهم خارج السلطة، قد يغيرون موقفهم، وهم على وشك الانخراط فيها، لمصلحة الهدوء وتوفير ظروف مناسبة لهم، ولتجربتهم الحساسة.
وأما ثنائية الموقع الجيوسياسي فتظهر في الاختلاف بين موقف رئيس المكتب السياسي في حماس خالد مشعل، ومعه قيادة الخارج، وموقف القيادي المناكف له في غزة محمود الزهار، ومعه قيادات في غزة، وفي "كتائب القسام" فمشعل صار أميَلَ إلى المقاومة السلمية الشعبية، بعد اهتزاز علاقته بنظام الأسد، وإيران، بالتَّبَع، وبعد الاتفاق مع محمود عباس، رئيس السلطة، ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ تمهيدا لدخول "حماس" في "المنظمة". وبحجة تأثيرات "الربيع العربي" الذي أظهر جدوى العمل السلمي...
وأما الزهار فيرفض توَّقُفَ العمل العسكري، ولو مرحليا؛ لأن قطاع غزة لا مجال فيه للمقاومة السلمية، ولأن من حق الشعب أن يدافع عن نفسه، ضد أي عدوان خارجي.
ولا يخفى أن غلبة أيٍّ من الموقفين متوقفٌ على الظروف المحيطة، من حيث نجاحُ جهود المصالحة واندماج "حماس" في " منظمة التحرير" وكذلك نجاح المنظمة، والسلطة، فيما لو حصل، في التقدم بالعملية التفاوضية مع إسرائيل، وفي المقابل فإن التعثر في هذين الملفين، مع زيادة التصعيد الإسرائيلي، ضد قطاع غزة، من شأنه أن يقوي موقف الزهار، ومن يمثل.
وفيما تبدو الولايات المتحدة، كالمضطر إلى التعاطي مع هذه القوى الإسلامية الصاعدة، والأقل خطرا، من " تنظيم القاعدة" رغبةً في تغليب " العناصر الواقعية والخطاب الواقعي" أو تدجينها، قريبا من نجاحها في السودان، مثلا، حين تمكن البشير من تنحية الترابي، فإن إسرائيل مضطرةٌ إلى حذرٍ أكبر، مع "تحولات حماس" و"الإخوان" و"حزب النور السلفي" في مصر.
o_shaawar@hotmail.com.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا افهم كتاباته
عرين الاسد -

صراحه لا افهم ما يكتب فليس هناك مقدمات ولا ادري عن ماذا يكتب

لا افهم كتاباته
عرين الاسد -

صراحه لا افهم ما يكتب فليس هناك مقدمات ولا ادري عن ماذا يكتب

حقائق التاريخ
سعيد دلمن -

تشهد حقائق التاريخ أن الذين يتاجرون بالدين والمقدسات لا يملكون المصداقية ، لأن استخدام الدين كمعبر للوصول إلي الحكم ، أنما يعني انتهازية وتلحلف بالغطاء الديني للوصول إلى سدة الحكم بأي ثمن ، من خلال بؤس ومعاناة ملايين الفقراء والمحرومين والضحايا واستغلال معاناتهم وبؤسهم للوصول لسدة الحكم ...فأن قضية الأيمان والعدالة الحقيقية .. لا تخضع للمتاجرة والتلاعب بمصائر و حقوق وحياة ملاين البشر ...مع التحية

حقائق التاريخ
سعيد دلمن -

تشهد حقائق التاريخ أن الذين يتاجرون بالدين والمقدسات لا يملكون المصداقية ، لأن استخدام الدين كمعبر للوصول إلي الحكم ، أنما يعني انتهازية وتلحلف بالغطاء الديني للوصول إلى سدة الحكم بأي ثمن ، من خلال بؤس ومعاناة ملايين الفقراء والمحرومين والضحايا واستغلال معاناتهم وبؤسهم للوصول لسدة الحكم ...فأن قضية الأيمان والعدالة الحقيقية .. لا تخضع للمتاجرة والتلاعب بمصائر و حقوق وحياة ملاين البشر ...مع التحية