فضاء الرأي

سيناريو سوفييتي لمعضلة إيران

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مع صعود إيران إلى مستوى دولة إقليمية كبرى مؤثرة في الجغرافية السياسية لمنطقة الشرق الأوسط تبدو السياسة الإيرانية أمام مجموعة من التحديات الدولية والإقليمية والداخلية، ومع هذه التحديات والتي تبدو انها مرشحة إلى المزيد من التعقيد والتصعيد في المرحلة المقبلة تظهر إيران وكأنها أمام خيارين:
الأول: السير حتى النهاية على النهج الثوري لسياسة الرئيس احمدي نجاد، بما يعني ذلك الصدام مع الإدارة الأمريكية التي تتبع هي الأخرى نهجا تصعيديا متدرجا ضد طهران على خلفية برنامجها النووي.

الثاني: ان تنجح طهران في تحقيق ما يشبه التسوية أو التفاهم مع الإدارة الأمريكية على مجمل القضايا الخلافية المتفجرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج ( العراق - لبنان - الملف الفلسطيني - سورية.... ) ورغم صعوبة حصول اختراق سياسي في هذه الملفات نظرا لتعقيداتها وتعدد أطرافها وتناقض السياسات بشأنها.. الا ان لغة السياسة في النهاية هي لغة المصالح والبراغماتية.
انطلاقا من حضورهذين الخيارين في المعادلة الأمريكية - الإيرانية فان التصعيد الكلامي الجاري على وقع المناورات الإيرانية المتواصلة يحمل معه رسائل مزدوجة على شكل تصعيد يهدف إلى رفع سقف المطالب، وعليه فان التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ليس سوى مباراة في التصعيد الكلامي نظرا لأن إيران غير قادرة على مثل هذه الخطوة لأسباب محلية وإقليمية ودولية، كما ان واشنطن ليست بصدد حرب ضد إيران بعد الانكفاء على أزماتها المالية واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
من يقرأ التاريخ القريب للسياسة الإيرانية وتحديدا مرحلة ما قبل الرئيس نجاد لا بد أن يرجح فرضية الخيار الثاني وذلك انطلاقا لما أبدته هذه السياسة من براغماتية كبيرة في ملف الحرب على أفغانستان التي أطاحت بحكم نظام حركة طالبان وكذلك في ملف الحرب على العراق ومن ثم غزوه واحتلاله، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل هذه القاعدة البراغماتية مازالت سارية في المرحلة الحالية ؟ سؤال يصعب الإجابة عليه بـ نعم بل ان من يدقق في خطابات الرئيس نجاد وتصريحاته ومواقفه ونهجه لابد ان يذهب إلى الخيار الأخر أي خيار الصدام مع الإدارة الأمريكية بعد ان تحول الخليج إلى صفيح ساخن على وقع المناورات العسكرية الإيرانية وصفقات الأسلحة وحركة المدمرات الإمريكية.
وبموازاة تحول الخليج إلى صفيح ساخن فأن مسألة ضرب إسرائيل للمفاعلات النووية الإيرانية باتت حاضرة بقوة في التصريحات واللقاءات اليومية بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين بما يعني ان هذا الملف قد يشهد تطورات مثيرة، وما مسألة اغيتال العديد من العلماء النوويين الإيرانيين في قلب طهران واستخدام التكنولوجيا لضرب هذه المفاعل الا مؤشرات على ان هذا الملف مقبل على المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة.
ثمة من يرى أن هذا التصعيد المتبادل أفرز جملة من التحديات الداخلية لإيران التي باتت تشكل عبئا ثقيلا على السياسة الإيرانية نفسها، ولعل في مقدمة هذه التحديات الداخلية الوضع الاقتصادي الذي يتجه إلى المزيد من التدهور في ظل العقوبات الدولية وانهيار قيمة العملة الإيرانية وانعكاس كل ذلك على الحياة المعيشية للناس، كما ان فرض عقوبات جديدة على إيران ستؤثر على حركة تصدير النفط الإيراني بما يعني فقدان كتلة مادية كبيرة تشكل أساس الموازنة المالية،إذ يشكل النفط 80 بالمئة من موارد إيران الخارجية.
بموازاة القضية الاقتصادية فان تفجر قضية الأقليات القومية والصراعات الطائفية والمذهبية باتت مطروحة بقوة، فقضية القوميات غير الفارسية في الداخل الإيراني: من قضية عرب عربستان في الجنوب إلى قضية الأكراد والأذريين والتركمان في الشمال والشمال الغربي إلى قضية البلوش وغيرهم في الشمال الشرقي، باتت تطرح بقوة في المشهد الإيراني اليومي، إلى درجة ان أخبار المواجهات والاعتقالات والعمليات المسلحة والتفجيرات التي تنفذها المجموعات المسلحة لهذه القوميات تنشرها وسائل الاعلام الإيرانية بشكل يومي، ومثل هذا الأمر بات مشكلة حقيقية نظرا لأن هذه القوميات تشكل قرابة 40 بالمائة من مجموع عدد سكان إيران البالغ أكثر من سبعين مليون نسمه، كما ان لهذه المشكلة امتدادات إقليمية مع دول الجوار الجغرافي كما هو حال مع باكستان وأفغانستان وأذربيجان والعراق... وقد تتحول هذه المشكلات التي تأخذ طابع التوتر في المناطق الحدودية نظرا للتداخل القومي إلى مشكلات ثنائية وربما إقليمية نظرا لتشعب هذه القضايا واختلاطها بقضايا الإرهاب وحقوق الأقليات فضلا عن العواطف والمشاعر القومية التي تتواصل عبر جانبي الحدود وكذلك التنظيمات أو العصابات التي تأخذ طابع مافيا السلاح وتجارة المخدرات، ويضاف إلى هذه المشكلات تلك التي تأخذ طابع الخلاف الشيعي - السني كما هو الحاصل حاليا في المناطق الحدودية الإيرانية - الباكستانية والإيرانية - الأفغانية. بما يعني كل ذلك ان قضية القوميات غير الفارسية مرشحة في إيران للخروج من إطارها المحلي وحتى الإقليمي لتصبح عاملا في معادلة الصراع الجاري بين إيران من جهة والولايات المتحدة ومعها بريطانيا وإسرائيل من جهة أخرى، حيث من مصلحة هذه الاطراف استخدام هذه المعطيات لتثوير الداخل الإيراني، ومثل هذا التوجه غير مستبعد في مراكز القرار والدارسات في الغرب، حيث يقوم هذا التوجه على ممارسة المزيد من الضغوط والتصعيد ضد إيران بهدف إرهاق النظام اقتصاديا واجتماعيا ومدنيا ودفع البلاد إلى ثورة اجتماعية قوية على غرار ثورات الربيع العربي خاصة وان التيار الإصلاحي الذي نجح النظام في اخماد احتجاجاته خلال المرحلة الماضية مازال قويا وبات يستعد لانطلاقة جديدة مع الانتخابات المقررة في شهر آذار المقبل.
ثمة من يرى ان التصعيد الإيراني ولو الكلامي مع الخارج يشد الداخل إلى الخارج، وان هذه سياسة غربية مدروسة هدفها إيصال الداخل الإيراني إلى لحظة الانفجار والانهيار تحت وقع أزماته المركبة كما حصل مع الاتحاد السوفييتي السابق الذي انهار دون حروب خارجية أو كوارث طبيعية، انه سيناريو سوفييتي متطور لمعضلة إيران.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
النصيحة بجمل
عراقي متشرد -

كي لا يتهمني البعض بأني من الموالين لأيران أعلمهم أنني أكره بعض الشيعة ككرهي للوهابيين ولا أحب الاخرين,كما انني أكره ايران لتدخلها في شؤون العراق , والعرب قالت قديما النصيحة بجمل ,وهنا أوجه نصيحة للأيرانيين لعل الوعي يعود اليهم, وأقول لهم مالكم وللقضية العربية الفلسطينية؟زمن الشاه كانت ايران مرتعا للموساد وهناك كانت تحاك المؤمرات والأغتيالات بحق الفلسطينيين والعرب ,وعندما قامت ثورتكم حولتم السفارة الأسرائيلية الى سفارة فلسطينية وقدمتم المساعدات لفقراء لبنان وحماس الوهابية وأحزاب اسلامية سنية في عدة دول عربية ومع ذلك يتهمكم الأعراب بأنكم طائفيون ,وتحملتم الكثير من العقوبات منذ أكثر من ثلاثين عاما وكل ذلك من أجل فلسطين التي يتاجر بها الأعراب وبدو الجزيرة منذ عقود.لقد ساند البدو الشاه الى اخر لحظة في حياته والشاه كان أيضا شيعيا مما يدل على أن العداء للثورة الأيرانية لم يكن مذهبيا.لقد جعل الشاه ايران ماخورا يؤمه بدو الخليج متى شاءوا وبعد الثورة لم تعد هناك مواخير في ايران فاتجه هؤلاء الى مواخير تايلندا والفلبين ولبنان وشمال أفريقيا والرحلة الى هناك متعبة وخاصة على كبار السن وهذا هو السبب في العداء لأيران,لكن كتاب الوريقات الصفراء يتجاهلون الحقائق ويرددون ما يقوله طغاة الأعراب.نصيحتي هي ضعوا أيديكم بيد اسرائيل كما فعل الذين هم أشد كفرا ونفاقا, واقطعوا كل صلة بهم وأيدوا كل خطوات اسرائيل وأمريكا في العالم وفي المنطقة وبهذا ستساعدكم أمريكا في كل شيءوتصبحون الأبن المدلل لديها مثل اسرائيل ,بل ستساعدكم على امتلاك السلاح النووي كما فعلت مع اسرائيل.أمريكا واسرائيل تعرف أن دولتكم وحضارتكم تمتد لآلاف السنين وتعرف أن دول المنطقة ستتشظى الى دويلات قبلية تتقاتل فيما بينها كما كانت في الجاهلية,وأمريكا تعرف أن عمر دويلات الخليج هو بعمر النفط الذي سينضب بعد عقود قليلة فما لكم ولمشاكل العرب؟اذا كان مبدؤكم على أساس اسلامي فان أهل الأسلام قد تخلوا عنه منذ أمد بعيد بالرغم من أنهم ما زالوا يمارسون طقوسه ظاهريا.ألا ترون ما فعلوه في العراق من ابادة جماعية وخراب؟سيذكر التاريخ أن في هذه البقعة من الأرض وقبل عدة قرون كانت هناك أمة تسمى أمة العرب واتها خسرت نفسها ووأدت بناتها وخصت أعز أبناءها, وسيذكر أن أسم امتنا قد أزيل من كل خرائط الأرض وصار مكتوبا بحروف لقوم كنا نكرههم ونتمنى أن نلقيهم في البحر

اكيد
سلام احمد -

سيناريو أكيد لطالما ان الملالي هم من يحكمون البلاد ، وباسم الإسلام يفرضون مشاريعهم على المنطقة وفي الداخل يتجاهلون حقوق الشعب الإيراني العريق ...والاقتصاد بدأ ينهار تحت ضغط العقوبات ..والناس باتت تكره النظام وممارساته وسياساته .........

تعليق 1 الغير طائفي
شهاب -

لو لم يكن كلامك طائفيا ايها العراقي المتشرد لظننت ان المتكلم ايرانيا صرفا. تنبز الاعراب وانت تدعي بأنك منهم وتظن ان جل مشاكلكم من الاعراب وماكانوا الا متأذين على مر العقود من كل اصغر دكتاتور عراقي سواء جاء على دبابة او دراجة او بصندوق انتخابات مزور. غريب ابناء العراق الذين سلموا لإيران بكل شيء