أصداء

عذراً روما، في العراق كل الطرق تؤدي إلى الأزمات السياسية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

"أعوذ بالله من السياسة، ومن لفظ السياسة، ومن معنى السياسة، ومن كل حرف يلفظ من كلمة السياسة، ومن كل خيال يخطر ببالي من السياسة، ومن كل أرض تُذكر فيها السياسة، ومن كل شخص يتكلم أو يتعلم أو يجن أو يعقل في السياسة، ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس" هذا ما قاله الشيخ محمد عبده عن رأيه في السياسة. فاليوم وفي العراق الجديد قد سُيس كل شيء، وأصبح سياسيو اليوم لا يعرفون طريق، غير طريق الأزمات والاختلافات والاتهامات، فهي زادهم في حلهم وترحالهم وبضاعتهم التي لا يملكون غيرها، وها هي الطائفية من جديد لتعود من أوسع أبواب العراق الجديد وهي السياسة، وأمست راحة البال بالنسبة للعراقيين مرهونة بما ينطقه هذا السياسي أو ذاك، رئيس هذه الكتلة أو تلك، وهم يطلون علينا من أبواب فضائياتهم التي لا نعرف عن مصادر تمويلها شيء يذكر.

وبعد إن انطوت صفحة من تاريخ العراق التي قيل عنها ما قيل واتفق واختلف الكثير من الكُتاب والباحثين في تعليلها وكيفية القضاء عليها، ورسمت في كل بيت عراقي لوحه من الحزن والمعاناة، وكُتبت قصة من الألم والمأساة، اجتهد السياسيين وفجروا أزمات سياسية بنكهة طائفية، الكل يتكلم فيها عن مصلحة الوطن وضرورة تطبيق القانون وإن يأخذ القضاء مجراه؟ الضحية في هذه الأزمات هو إفراد الشعب، وهم -أي السياسيين- قائمين جالسين في حصونهم وقصورهم سوا داخل العراق أو خارجة، فهم إبطال هذا المشهد وبامتياز. وبعيداً عن اللغو والهمز واللمز وبموضوعية الباحث السوسيولوجي فأن أفعال السياسيين العراقيين، أو أقوال وأفعال المتصدرين للمشهد السياسي هي لا تبعد عن إما أو.

فهي إما تصدر عن جهل ببعض الأمور وعدم حنكة سياسية وتسرع في اتخاذ المواقف المصيرية والتي غالباً ما تكون لمصلحة حزب أو كتلة أو تجمع معين. أو هي نتيجة لضغوط إطراف مشاركين في العملية السياسية وبتوجيه أمريكي احياناً، ودولي مجاور في أحيان أخرى، وبكلتا الحالتين ستكون هناك أزمة سياسية وتصعيد إعلامي وعدم الثقة بالشريك السياسي الأخر.

نحن اليوم بحاجة إلى نيلسون مانديلا عراقي، وان كان البعض يتمنى مهاتما غاندي، ولكن لا ضير فالاثنين هما نماذج للسياسي الصالح للوطن والابن البار للبلد.

ولا يمكن وتحت إي ظرف بناء دولة في ظل سياسات الإقصاء والتهميش وعدم الاعتراف بالأخر، فهذه السياسات ثبتت فشلها وان طالت فتره حكم الأنظمة التي تتبنى هكذا سياسات، خصوصاً في مجتمع لا يتسم بالتجانس والتماثل بين مكوناته الاجتماعية. فقد هوت وتساقطت اغلب الأنظمة العربية التي حكمت بهذه السياسات. ومجتمعنا العراقي يعاني من أزمات متكررة، سوا على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وهي نتيجة لتراكم الإحداث وتعدد الإطراف، وعدم الوضوح في الكثير من المسائل المصيرية، وبالتأكيد لعدم الثقة بالأخر العراقي، أو بمعنى أدق بالشريك السياسي. ولهذا يمكن القول إن العراق اليوم بات بلدا مأزوما سياسيا، منهمكا اقتصاديا، متفككا اجتماعيا، مخترقاً إقليميا، نتيجة عدم وجود قادة لديهم القدرة على ابتداع رؤية شاملة لمعالجة تلك الأزمات المتتالية، والتي ينبع معظمها إن لم يكن جميعها من بقاء فكرة المحاصصة الطائفية كمتحكم رئيسي في العملية السياسية، ناهيك عن عدم توافق القوى السياسية المختلفة على حد أدنى من الاتفاق في العديد من القرارات المصيرية. لا بد من إعادة إنتاج العملية السياسية من جديد، وإعادة النظر في مقومات وآليات واستراتيجيات العملية السياسية برمتها بعيداً عن حالات الاحتقان الطائفي والمصالح الشخصية، وكذلك بعيداً عن مصالح الأحزاب والتكتلات والائتلافات، حتى ينهض العراق من جديد ويأخذ دورة الطبيعي في المنطقة بشكل عام وفعال، ويحيا العراقي بعراقيته لا بأي تسمية أخرى. أخيراً ونتيجة لهذا التصدع الداخلي فأن كل الطرق تؤدي إلى الأزمات السياسية.

أكاديمي عراقي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اسمعت اذ ناديت حيا
عبدالعزيز الجبوري -

تحياتي د بشير: ماتقوله هو عين الصواب ، ولكن الخشية من بطون جاعت ثم شبعت ، ومعظم السياسين الحاليين تتغلب عليهم مصالحهم الشخصية وليس مصلحة الوطن ، ومهما طال الامد لابد ان تسير العربة على السكة الصحيحه ، ولكن بعد فقدان للكثير من الوقت والجهد والمال من خيرات هذا البلد، كان الله في عون الشعب العراقي الذي ابتلى بساسة فقدو الاحساس بالمعاناة تجاة هذا الشعب وماتت ضمائرهم ، تحياتيلك

كلام رائع
عراقي -

يحكى ان احد الامراء المتبطرين اراد ان يضحك على احد الرعية و اضحاك المجلس على هذا المسكين , وحين كان الامير خارجا للصيد امر برجل كان يركب حمارا مر بقربه وقال له : اريد من حمارك ان يجمع خمس مع خمس فرد الرجل الخائف : لا يستطيع يا امير فهو حمار , فقال يارجل ان الجواب سهل : فرد الرجل , ومن اين للحمار برأس الامير؟

فالندع الخبز لخبازته
ابو عبد الله -

اصبحت السياسة في العراق كالفتاوى الدينية التي يتدخل فيها الكل ويتخلى عنها الجميع ساعة الخطأ وتحمل المسؤولية فالندع الخبز لمن يخبزه ويصنعه بحرفيه لا لمن يحرقه .. تحياتي لك دكتور بشير

عذرا ياعراق
د جميل الملحمي -

بوركت اخي ابو عبد الله على هذه العبارات الجميلة حقا ان كل الطرق في العراق اصبحت تؤدي الى الازمات السياسية فاالكل يغرد بما يهوى والمواطن العراقي المسكين غرق في متاهات السياسيين الذين لايرحمون المهم ان يظهروا على القنوات الفضائية ليراهم الجميع من الاهل والاصدقاء كيف يتكلمون؟ نحن ننتظر الفعل وليس الكلام النظري اتحدى اي سياسي ان يظهر ويقول اني عملت كذا وكذا بل انه يقول مطلوب ان نعمل كذا وكذا اليس من المعقول ان ينتبه هؤلاء للكلام الذي يصدر منهم... الم يكن لهم مستشارين يقيموا كلامهم هذا ..... لا اريد ان اطيل الكلام لكي لا اصبح مثل هؤلاء اني اريد ان اضع النقاط على الحروف لعراقنا الشامخ... وعذرا للجميع ومثل ما قال اخي الدكتور بشير نحن نحتاج الى مانديلا وغاندي لكن تاكدوا لو ان السياسين يقرأون هذه التجارب (غاندي ومانديلا) لتغيرت كثير من الامور تحياتي د بشير وسلامي

فداك الكل ياعراق
ابراهيم الموسوي -

كل الذي تفضلت به سيدي العزيز صحيح وعين الصواب، ولكن من يسمع في عراق اليوم، فالكل يعمل من اجل مصلحته ومصلحة الحزب الذي ينتمي اليه، وشعبنا يعاني من قصور في كل الخدمات، ولكن لا بد من ان تشرق الشمس يوما ولا بد لليل ان ينجلي

أزمات متتالية
احمد الجبوري -

يمر البلد بكل انواع الازمات يوما بعد يوم وذلك لعدم وجود قيادة سياسية رشيدة، فنحن نعيش في خريف وشتاء وبعيداً كل البعد عن الربيع، الى متى هذا السبات، فالعراق عراق الجميع منذ فجر الانسانية ولا يمكن ان يحكمه لون معين دون الاخر، ولا حتى حزب واحد، فأيام الحزب الواحد ذهبت ولم تعد وان طالت فترة حكمها، فياقيادتنا العزيز استفادي من تجارب الغير حتى لا تقعي بنفس اخطائهم وتلاقين نفس المصير، تحياتي للجميع