أصداء

حكومة حزب الحرية والعدالة في مصر ومسئولية إدارة الدولة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يتبق من نتائج الإنتخابات التشريعية المصرية التى جرت مؤخراً إلا بعض دوائر تعد علي أصابع اليدين .. دوائر لن تؤثر نتائجها عندما تُعلن بعد عدة أيام على النتائج النهائية لتلك الإنتخابات التى أجمع المراقبون المحليون والأجانب علي أنها الأكثر نزاهة في التاريخ.

وإذا كان للبعض - ونحن منهم - عدد من الملاحظات الخاصة بخرق المحاذير وعدم شفافية مصادر التمويل ، إلا أن ذلك لا ينفي أن تيار الإسلام السياسي الذي إكتسح مرشحوه بجدارة الشارع المصري خصماً من طموحات وتخطيطات الأحزاب المدنية والليبرالية والإشتراكية والشبابية !! الأمر الذي يؤكد أن ما أفرزته صناديق الإقتراع.

-يَعكس إختيار الشعب
-ويملي علي الجميع إحترام إرادة الناخبين
والأهم من ذلك وذاك ..
-ويفرض علي الأحزاب الفائزة وعلي رأسها حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمون - أن تواجه بشجاعة أيديولوجية ويقين وطني اللحظة التاريخية التى تمر بها البلاد.

ومن هنا ، نري انه لها أن تحدد بوضوح ودون لف ولا دووران موقفها الصريح والواضح من النقاط التالية.

أولاً .. حرصها الذي لا يتزعزع علي منح الحق كل الحق للمعارضة التى كانت - هي - تحتل منصتها إلي الأمس القريب ولسنوات طوال ، المساحة الكافية لكي تقوم بدورها ضمن دوائر صنع القرار من داخل المجلس التشريعي الجديد .. وأن تبتعد عن الغموض والتناقض الذي لا زال يُغلف بعض آرائها وتوجهاتها .. عليها ان ترسخ مناخ الحرية السياسية وأن تستكمل النقص البادي في بعض آلياته حتى لا تتهم بأنها تسعي لتفريغ القوي السياسية من قدراتها علي القيام بدورها الوطني لكي تتربع وحدها فوق المنصة وتذيق الآخرين من نفس الكأس التى عانت منها لعقود طوال .

ثانيا .. الإعلان فورا عن قبولها لمشاركة جميع القوي السياسية في كتابة الدستور الجديد ، حتي يتغاضي الآخرون - وهم كثيرون - عن تجاوزات بعض قيادات التيار الإسلامي إبان الفترة الإنتخابية حيال منافسيهم وما جري علي لسانهم من أوصاف ونعوت وتشويه لبعض الشخصيات والأحزاب والتجمعات السياسية دون دليل او بينة .. لأن الدستور الذي هو " قمة النظام القانوني للدولة " والذي هو " أبو القوانين " لابد أن يكون محل توافق عام بين كل مكونات الدولة المصرية مهما تنوعت .. دستور ترتضيه الكثرة الغالبة من شعب مصر الذي صمم منذ ما قبل نهاية القرن التاسع عشر علي ان يكون الوطن " لكل المصريين " ..
ما نعرفه من الخطاب الجماهيري لجماعة الإخوان المسلمون وتصريحات قيادات حزبها السياسي ، انها تؤسس لقيادة ديناميكية المجلس التشريعي المصري لما بعد " ثورة 25 يناير ".

عبر مفهوم المشاركة وليس المغالبة " اي من خلال مشاركة الجميع داخل المجلس دون إقصاء أو إزدراء أو تهميش ، لأن الجميع اليوم هم نواب الشعب وليسوا نواب أحزابهم وتكتلاتهم السياسية سواء كانت قديمة أو حديثة.

مفردات الخطاب الإعلامي لتيار الإسلام السياسي الموجه للرأي العام يجب أن تتغير ، لأن الخطاب الصادر عن حزب الحكومة شئ ، وذاك النابع من قلب المعارضة شئ آخر .. الخطاب الحكومي يجب أن يحترم خصوصيات المجتمع ويعترف بتنوعة الثقافي .. وأن يحرص علي حرية العقيدة ويُعلي من شعار " الدين لله والوطن للجميع " .. ويجب أن يرفع من شأن آليات الديموقراطية التى أوصلته لسدة الحكم وأن يعمل علي ترسيخ قواعدها واستكمال ما زال ناقصا من أدواتها.

ويا ليتنا نشاهد حكومة ما بعد الإنتخابات التشريعة وهي تفتح الباب لعقد إجتماعي جديد يُشرع لنقل شعارات ثورة 25 يناير ، التى كانت السبب المباشر في عبور قيادات وكوادر التيار السياسي من داخل المعتقلات إلي كراسي الحكم والنيابة الشعبية ، من الكلمات التى ظلت تتردد علي الألسنة لأكثر من عام إلي الواقع الملموس .. لأن الشرائح الاجتماعية في مصر كلها في حاجة ماسة للحرية وللعدالة الاجتماعية وإلي العيش / الخبز بمعناه العبقري المصري الفريد الذي يجمع بين مقومات الحياة والتنمية المستدامة !! ..
نقول ذلك لأن تجربة الشعب المصري مع دسائس ومؤامرات الحزب الوطتي لأكثر من 30 عام تفرض علي حكومته التي ستأتي تتوجياً لاختياراته عبر صناديق الإقتراع ، يجب أن تضع نصب أعينها النقاط الجوهرية التالية.

1 - أن الأغلبية ليست في كل الأوقات مصدر قوة ، لأنها لو لم تدرك ذلك وتقر[ه جيداً لفتحت الطريق نحو الديكتاتورية التى حاربتها غالبية الشعب المصري .. والتى كانت قيادات وكوادر التيار السياسي الإسلامي أكبر ضحاياها علي مر التاريخ الملكي والجمهوري ..
2 - أن البقاء في السلطة مهما طال ، له نهاية .. وعليها أن تختار بين نهاية ديموقراطية سلسله آمنة ، وبين نهاية لا زالت عوامل سقوطها موضع دارسة وبحث وتنقيب بين يدي محللي الثورات وخبراء التغييرات السياسية ..
3 - أن هناك فروقاً جوهرية لا تعد ولا تحصي بين تجربة ..
أ - جماعة الاخوان المسلمين الخيرية علي مستوي الكثير من محافظات الدولة المصرية فيما يتعلق بإيجاد حلول مناسبة ومتوائمة مع إحتياجات أبناء المجتمع المصري فيما يتعلق بالخدمات الإجتماعية والعلاجية والتعليمية .. الخ ..
ب - وكذا تجربتها علي مستوي النقابات المهنية والإتحادات الطلابية ..
ج - وايضا علي مستوي العمل داخل الأحياء الفقيرة والعشوائيات ..
.... وبين إدارة الدولة !! والتخطيط لتمنية مواردها الذاتية وتفعيل قدرات طاقاتها البشرية والإستفادة من مهاراتهم وتعظيم العائد من ورائها !! والعمل علي وضع سياسات تعكس الإستغلال الأمثل لطاقاتها المادية والمعنوية !! والحرص علي تنويع مصادر تحميل الطبقات.

القادرة مسئولياتها الإجتماعية والتنموية .. في مقابل ترسيخ حقوق المواطنة وفرص المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات ..
4 - العمل علي إعلاء قيمة العدل بين جميع شرائح الشعب ، وذلك بوضع نهاية قانونية فورية لكسر إحتكار فئة او شريحة اجتماعية مهما كان شأنها لرأس المال وصنع القرار !! وأن يتم ذلك علي أُسس لا تقبل الغش أوالخداع بأسم القانون !! لأن العلاقة غير الشرعية التى كانت قائمة بين السطة ورأس المال ، كانت من بين محفزات بقاء قيادات وكوار التيار السياسي الاسلامي رهن المعتقلات من ناحية وكانت من أهم عوامل الثورة الشبابية من ناحية ثانية.

نقول مرة أخري ..
ان قوة التيار السياسي الإسلامي علي مستوي مجلس الشعب الذي بانت ملامحه واضحة وكذا علي مستوي الحكومة التى ستتشكل بعد عدة أيام ، لن تُمكن قياداته من تحقيق الامن والأمان والإستقرار لمصر وشعبها إلا إذا إستعان بكل الخبرات المجتمعية دون النظر لمقياس الإنتماءات الدينية والسياسية والفكرية .. لأن ثروة مصر الحقيقية علي مر العصور هي في رصيدها البشري بكل أطيافه وتنوعاته المتدرجة الألوان ..
هذه التعددية المجتمعية الحضارية الرائعة لا بد أن يثمر تنوعها تحت مظلة حكومة مصر القادمة خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل ذات صلة وثيقة بمجموعين من الملفات شديدة الحساسية والتي لا تقبل التأجيل او التسويف او المماطلة ، ونقصد بذلك مثلثين من الأزمات شديدة التعقيد التى يعاني منها المجتمع المصري بكافة شرائحه
أولاً .. مثلث التعليم والثقافة الإعلام
وثانياً .. مثلث الأمية والعشوائية والبطالة
وكلاهما تركة مثقلة بجرائم أكثر من ثلاثين عام من الفوضي والتجريب والإهمال والفساد المالي والسياس والإفساد الأخلاقي ..
وكلاهما ستساهم مخططات وسياسيات العمل علي أصلاح شأن ما يحتويانه من قضايا هي عبارة عن قنابل موقوته ، بشكل جدي وملموس في تغيير ملامح الإنسان المصري التى أصبحت غير مناسبة للعقد الثاني من القرن الحادي والعشرون.

فالتعليم العصري ..
+ الثقافة التى تتخذ من التراث والمسئولية التاريخية منطلقاً إلي آفاق الثقافة العالمية التى تتعرف علي الآخر وتُعرف نفسها له بشكل واقعي ..
+ الإعلام الذي يضع تقنيات العصر في خدمة اهداف المواطن الساعي إلي تحقيق الصالح العام المتطلع لغد مشرق علي أبنائه وذريته ..
هي المفاتيح الأساسية القادرة علي منح الحكومة الجديدة القدرة العملية لمواجهة تحديات ومشاكل الحاضر والمستقبل في خط متوازي مع وقف مسببات الفساد السياسي ونهب الأموال والمشروعات الوهمية ..
اما مشكلة الأمية التعليمية التى يصل متوسطها إلي حوالي 40 % من تعداد الشعب المصري وكذا الأمية الثقافية والسياسية التى بلغت مستويات لا تليق بشعب عريق مثل الشعب المصري

والتى كشفت عنها الأشهر الأخيره علي وجه التحديد ..
وإلي جانبها قضية البطالة المتفشية علي مستوي خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة والتى تبلغ في أدني التقديرات ما بين 5ر3 و 4 مليون شاب وشابة ، وما يسير في محازاتها من ملايين السيدات وربات البيوت اللآتي يَعلن كيانات أسرية فقدت الوالد او تعاني من تنطعه ورخاوته وكسله ..
فلا بد أن تأتيان علي رأس الأهتمامات القومية للوزارة الجديدة وعلي نفس المستوي مع قضية الأمن وإ ستقرار المجتمع ..
ونزعم أن تفعيل ملفات التعليم والثقافة والإعلام من ناحية والعمل علي إيجاد حلول فورية لقنبلتي الأمية والبطالة من ناحية اخري ، سيقودان إلي حلول عملية وواقعية لوقف إنفجار العشوائيات بكل مستوياته في وجه مجلس الشعب الجديد وحكومته المرتقبة.

bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف