أصداء

ثوار خارج الزمن

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الثورة الفرنسية بما جرت فيها من مذابح دموية و عمليات تصفية مريعة تقشعر الابدان لها، صادرها وهي في بداية أمرها نابليون بونابرت ذلك العسکري المشبع بالازمات و العقد النفسية عندما تمکن من خلال فراش جوزفين تلك المرأة الارستقراطية ذات العلاقات الواسعة بالاوساط النافذة من بين رجالات الثورة، أن يقفز على الجميع و يضع نفسه"أمينا"و"وصيا"على الثورة الفرنسية، بيد ان طموحات نابليون و أحلامه الشخصية التي کانت أکبر بکثير من فرنسا ذاتها، قادته في النهاية الى معرکتي اوستر ليتز و واترلو الشهيرتين و اللتين أرجعتاه و فرنسا الى الحجم الطبيعي الذي کان يجب أن يبقيا فيه لکن هذه الهزيمة بالعرف العسکري فرنسا کانت في نفس الوقت إنتصارا لمبادئ ثورتها و القيم و الافکار الجديدة التي أتت به، حيث أن مبادئ الثورة الفرنسية بدأت تتخطى حدود فرنسا و تکتسب بعدا إنسانيا عالميا مع سقوط اوهام جنون العظمة لنابليون.

عندما بعث أبرز قائد دموي في القرن العشرين و نعني به جوزيف ستالين بأحد رجاله ليقوم بعملية إغتيال المفکر الروسي البارز ليون تروتسکي و الذي کان في نفس الوقت أحد أعمدة الثورة البلشفية التي حدثت عام 1917 في روسيا، في المکسيك بواسطة ضربة طبر على رأسه و أرداه قتيلا، فإنه قد أزاح بعمله هذا من أمامه أکبر و أهم منافس له على زعامة الثورة، إذ أن ستالين لم يکن مفکرا بالمعنى الحقيقي للکلمة بقدر ماکان جزارا و سفاحا يرهب و يرعب مختلف أطياف الشعب الروسي وقد تمکن من خلال اجواء الاستبداد و القمع الاستثنائيين الذي فرضهما على روسيا، من إختصار الثورة البلشفية في شخصه و صار الشخصية المقدسة التي لم يتمکن أحد من رجالات الثورة البلشفية ولو مجرد التفکير بمعارضته و مناقشته على نزعاته الشخصية الضيقة و بقيت البلاد"البلشفية"رهن بسطوته حتى وفاته حيث خرج من بعده نيکيتا خروشوف ليساعد الشعب الروسي"وليس الثورة البلشفية"، على إلتقاط أنفاسه و إبداء قسط من الراحة على ذلك الفاصل الزمني الرهيب بحق و حقيقة.

عندما اسقط بيد شاه إيران محمد رضا بهلوي و أجبر على رکوب طائرته و توديع إيران بدموعه وهو يلقي آخر نظراته عليها، نجحت الثورة الايرانية و صارت أمرا واقعا أثار لغطا و جدلا واسع النطاق خلال تلك الفترة بصورة خاصة و لحد الان بصورة عامة، الثورة التي صنعها عامة الشعب الايراني و طلائعه الثورية ولاسيما تلك التي کانت تقض من مضجع الشاه و أجهزته الامنية، تم إختصارها في النهاية أيضا في شخص آية الله الخميني و تلك المجموعة من رجال الدين الذين کانوا يحيطون به، وکما أرعبت الثورة الفرنسية و البلشفية شعبيهما و جيرانهما و العالم بافکارهما و سيناريوهات التغيير، فإن مسألة"تصدير الثورة"، قد أطارت بدورها صواب مختلف أنظمة المنطقة ذات الطابع الاستبدادي خصوصا تلك التي قامت على أساس جمهوري و هي في الحقيقة لم تکن سوى أنظمة شمولية بوليسية تميزت بمبالغتها و إفراطها في ممارسة القسوة و العنف ضد شعوبها، کما ان حمامات الدم التي أقامها النظام الديني في مختلف أرجاء إيران ضد أبناء الشعب الايراني و حملات الاعدام الصورية و عمليات الاغتيال و التصفية ضد المعارضين و المخالفين، نزعت من رجال الدين الغطاء الثوري الذي کانوا يستخدمونه بطريقة ميکافيلية لإستدرار عطف و تإييد شعب المنطقة و العالم و جعلتهم يظهرون کمجموعة منغلقة على نفسها و تجاوزت مبادئ و أفکار الثورة الايرانية بفراسخ.


نابليون بونابرت و جوزيف ستالين و الخميني، ثلاثة نماذج ثبت للعالم بأسره دورهم الملفت للنظر في إقامة جمهوريات مبنية على أسس غير منطقية، وثلاثتهم قاموا بتوظيف ثورات شعوبهم من أجل مآربهم و أهدافهم الخاصة، لکن، الذي يغرد خارج السرب مفضوح أمره و يبدو هدفا سهلا أمام أول نسر ينقض عليه، مثلما ان الثوار الذين يستغلون دماء و تضحيات شعوبهم لغايات مغايرة فإنهم يقطعون ماضي الثورة عن حاضرها و بذلك ليس بالامکان مطلقا إعتبارها ثورة لأنها فقدت جذورها الاساسية و نفس الامر بالنسبة لأولئك الذين حرفوا الثورات عن مسارها إذ يصبحون في نهاية المطاف ثوار لاأهمية تذکر لهم لأنهم صاروا خارج الزمن!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
that is the truth
sunya -

I agree the writer those three leaders are like the others and they were danger for the world

that is the truth
sunya -

I agree the writer those three leaders are like the others and they were danger for the world