كتَّاب إيلاف

اعادة اعتبار للبنان... من دون تزوير للتاريخ

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الاكيد ان لبنان لايحتاج الى اعادة كتابة تاريخه بواسطة حكومة "حزب الله" التي يرئسها الرئيس نجيب ميقاتي. اللهم الاّ اذا كان المطلوب شرح المراحل التي مرً ويمر بها الوطن الصغير منذ "ثورة الارز" والتي جعلته ينتقل من الوصاية السورية الى الوصاية الايرانية وكيفية حصول ذلك عن طريق توجيه السلاح المذهبي الى صدور اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب والمناطق.
سيحلّ موعد اعادة كتابة تاريخ البلد، من دون تزويرمن ايّ نوع كان، لدى توافر ظروف طبيعية وليس في ظلّ حكومة شكّلها حزب مذهبي مسلح. سيكون ذلك على اسس مرتبطة بثقافة الحياة اوّلا وثقافة المقاومة الحقيقية ثانيا واخيرا، وهي المقاومة التي ترفض السلاح غير الشرعي والتي اخرجت القوات السورية من الاراضي اللبنانية في العام 2005.
ولكن قبل ان يصبح ذلك ممكنا، من المفيد الاهتمام قليلا بالجغرافيا. وهذا يعني، في طبيعة الحال، الاصرار على ترسيم الحدود مع سوريا انطلاقا من مزارع شعبا الجنوبية التي احتلتها اسرائيل في العام 1967 عندما كانت تحت السيطرة السورية. فترسيم الحدود، بما يصبّ في مصلحة سوريا ولبنان والشعبين السوري واللبناني، هو ما تطالب به المعارضة السورية، ممثلة بـ"المجلس الوطني" التي تمثل حاليا اوسع الفئات الشعبية في سوريا والتي تجاهد من اجل الانتقال بالبلد الى مرحلة جديدة. مرحلة وئام بين البلدين الشقيقين تسود فيها لدى الجانبين قناعة فحواها ان ازدهار بيروت من ازدهار دمشق وازدهار دمشق من ازدهار بيروت وليس من تدميرها. ما قد يكون اهمّ من ذلك اقتناع النظام في سوريا، اي نظام فيها، بان الانتصار على لبنان ليس بديلا من الانتصار على اسرائيل وان الدور الاقليمي الواسع والمتعدد الجانب لسوريا ليس اكثر من وهم في غياب نظام طبيعي في هذا البلد المهمّ...
في حال كان مطلوبا اجراء تقويم للمرحلة التي يمر بها لبنان وسوريا هذه الايام، فالواضح ان الوقت ليس وقت "تهريب" كتاب جديد للتاريخ يدرّس في المدارس بهدف نشر ثقافة الموت وتغيير طبيعة المجتمع اللبناني المتنوع ولا شيء غير ذلك. فالمرحلة الراهنة هي مرحلة انبعاث الحياة مجددا في لبنان واعادة الاعتبار الى الوطن الصغير. انها ايضا مرحلة التغيير الكبير في سوريا.
سيعيد التغيير سوريا الى السوريين عاجلا ام آجلا. سيسمح هذا التغيير بعودة سوريا الى الحضن العربي الدافئ بعد غربة استمرّت سنوات عدة كان مطلوبا فيها ان تكون سوريا خنجرا في ظهر كلّ ما هو عربي في المنطقة بدل ان تكون سندا للبنانيين والفلسطينيين والعراقيين واهل الخليج العربي الذين يتربص بهم النظام الايراني ذو المطامع المكشوفة والذي يرفض الاعتراف باحتلاله ارضا عربية هي الجزر الاماراتية الثلاث... حتى لا نتحدث عن امور اخرى في سوريا ولبنان والعراق.
نعم، ان المجتمع الدولي في مرحلة اعادة الاعتبار الى لبنان وتجربته. يدلّ على ذلك اختيار الامم المتحدة لبيروت مكانا لانعقاد مؤتمر "اسكوا" وهي الهيئة التابعة لها والتي تهتم بشؤون المنطقة. جاء الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى بيروت وقال الكلام الذي يجب قوله عن الشرق الاوسط والربيع العربي، خصوصا في ما يخص سوريا والثورة الشعبية فيها والنظام البائس الذي يعتقد ان هناك حلولا امنية تسمح له بمواجهة شعب قرر استعادة حريته وكرامته وتاريخه الحضاري.
لم تمض ايام على مؤتمر "اسكوا" حتى انعقد مؤتمر آخر في لبنان عن الربيع العربي والتعددية والتغييرات التي يشهدها الشرق الاوسط. نظم المؤتمر حزب الكتائب اللبنانية مع "اتحاد الاحزاب الديموقراطية الوسطية" وهي احزاب حاكمة في غير دولة اوروبية بينها المانيا وهنغاريا على سبيل المثال وليس الحصر.
عادت بيروت منبرا حرّا على الرغم من كلّ الضغوطات التي تمارس على اللبنانيين. لم يتردد الرئيس امين الجميّل في قول كلام جريء عن الثورات العربية وعن "اننا سعداء برؤية الشعوب تنتفض ضد الديكتاتورية على امل بلوغ رحاب الحرّية والديموقراطية والمساواة. انها تلتقي مع التجربة اللنانية وتؤكد صحة رهان اللبنانيين على هذه القيم في هذا الشرق المتوسطي العربي". اطلق رئيس حزب الكتائب، وهو رئيس سابق للجمهورية اللبنانية تعرّض لظلم كبير، "شرعة- اطار للثورات العربية والانظمة المقبلة". ركّز على "الدولة المدنية" و"دولة القانون" وعلى ان "الانسان هو الرجل والمرأة" وعلى "انّ لا مشروعية لاي مقاومة لا تصب في مشروع بناء الدولة ومؤسساتها".
كانت هناك كلمات اخرى لمسؤولين حزبيين اوروبيين وعرب واتراك. ما يجمع بين كلّ الكلمات الاعتراف بان العرب فاجأوا العالم وان على العالم اعادة اكتشاف العالم العربي وان للبنان دورا رائدا في مجال نشر ثقافة الحياة والاعتراف بالآخر في المنطقة وتكريس الدولة المدنية.
بعد اكثر من عقدين على سقوط جدار برلين وبعد عقدين تماما على انهيار الاتحاد السوفياتي،جاء دور التحاق العرب بالمفاهيم والقيم المتعارف عليها في العالم الحضاري. على راس هذه المفاهيم الديموقراطية وحقوق المواطن بغض النظر عن دينه وعرقه و"حقّه الطبيعي في العيش من دون تمييز فردي او جماعي" على حد تعبير امين الجميّل.
لم يكن المؤتمر اعادة اعتبار للبنان فحسب، كان ايضا اعادة اعتبار لقيّم تنادي بها الثورات العربية وتدور كلّها حول قيمة الانسان وحقه في العيش الكريم. كان هناك شعور لدى معظم المشاركين بانّ لبنان المقاوم سينتصر في نهاية المطاف، لا لشيء سوى لانه يمثّل الامل.
لا يمكن لثقافة الحياة التي تجسّدها "ثورة الارز" الاّ ان تنتصر على ثقافة الموت حتى لو مرت بعض الدول العربية بمراحل انتقالية، كما حال مصر حاليا، حيث يوجد حاليا "عدد كبير من المصريين الراغبين في اقامة دولة مدنية، لكن الاغلبية الجديدة في البرلمان تمارس طغيان القوة وترفض التحاور مع سائر الافرقاء" على حد تعبير السيد نجيب ساويرس، رجل الاعمال المصري والعضو المؤسس في الكتلة المصرية الليبيرالية.
شيء ما يتغيّر في المنطقة انطلاقا من لبنان. من كان يصدّق يوما ان لبنان سيستعيد بفضل مقاومته الشعبية دوره الاقليمي في مجال نشر ثقافة الحرية والانفتاح...ثقافة الحياة اوّلا!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عندما يحكم نفسه
محمد بوعزيز -

سيعاد له الاعتبار عندما لا يمتثل للاخرين ويحكم لبنان اهل لبنان الشرفاء هدفهم عزة ورقي لبنان بقيم الحرية والعداله والعلمانيه وعدا ذلك هراء.

مشكلة لبنان
علي -

مقال دقيق يحدد اهمية لبنان في الوقت الحاضر. المشكلة ان الكاتب لم يركز على الضرر الذي يلحقه بالبلد النائب ميشال عون وتوابع حزب الله من أمثاله.

يا اهل لبنان
Rami -

يا اهل لبنان يا لوح الصف يا كتاب الخرايط يا دبكة ودف كتبنا تواريخ قرانا تواريخ اجا التاريخ طعمانا كف

بين الجنون والعقل شعرة
عدو الأغبياء -

التاريخ اللبناني كله مزور والذين زوروه هم هذا الكاتب وأمثاله الذين يعيشون على المريخ فهم يريدون أن يكتبوا في ناريخ لبنان أن حزب الله ضد اللبنانين وأن اسرائيل هي الجار المسالم المحب لحرية وديمقراطية ثورة الأرنبيط ولولا اسرائيل لما نال لبنان سيادته.وأن أمين الجميل هو بطل لبنان وأكثر رئيس (صادق!!!)في لبنان ولم يتاجر بهم مع السوريين والأسرائيليين على حد سواء من أجل أن يبقى على كرسي الرئاسة وهو الذي انتخب بوجود الدبابات الأسرائيلية في بيروت واعتاد أن يزور الرئيس حافظ الأسد للتمديد له يوميا فبل مغادرته مرغما للقصر الجمهوري. والذي أرغمه على المغادره حليفه سمير جعجع على أمل ان يعود فيستلم زمام الأمور بعد الرئيس المعين من قبله.الجميل يحدثنا عن الديمقراطية وهو وريث لحزب عائلي طائفي متحجر كان أول حزب يتسلح في تاريخ لبنان بوجه الحركات العروبية والناصرية وشعارع(الله الوطن العائلة).فجأة يتحدثون الآن عن العروبة لأن ايران تدعم حماس وحزب الله فأصبح شعار العروبة أهون من (التمدد الفارسي أو الاسلامي أو الشيعي) المزعوم, وهذا ما يتماهى مع الغرائز الخليجية ويلاقي صدا طيبا!!!،وهذا ما نراه يوميا في مقالات كتاب واعلاميين خليجيين .و خيرالله يعظم الجميل كما يعظم جعجع والوريث الأخير للعائلة سعد الحريري ,وكأن تاريخ لبنان المزيف منذ الأستقلال المزيف يأبى الا أن يكتب بأقلام تجعل من انتصارات المقاومة على اسرائيل انكسارات وهزائم للشعب اللبناني .وأن ثورة الأرنبيط هي الانتصار الحقيقي للبنان.(مجنون يحكي وعاقل يسمع) .فاليوم سوريا مناضلة لأن فيها من يقول أنه ضد نظام بشار الأسد وليس حبا بالشعب السوري .واليوم لو اعلن نجاد والأسد أنهم سيصالحون اسرائيل فسوف تتغير المعادلات كلها.ويصبح بشار ونجاد مناضلين حقيقين!!! ويصبح هكذا كتاب بدون مأوى وتنقطع أرزاقهم.الله يحنن .

لبنان
ألدرازى -

لبنان كان يما كان...... وألآن........ وسيرجع بعدين

خسر البيع
view -

ساسة وتجار لبنان باعوا انفسهم وقبضوا الثمن، وخسروا طبعا الوطن والجيران.

Nice One
Ali -

Nice article that explains the lebanese situation in depth.Million thx for the writer