أصداء

لا أحد برئ من دماء السوريين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إن الذي يحدث في سوريا يُدمي قلب كل عربي وكل مسلم، ويؤنب ضمير كل انسان صاحب ضمير حي، وان عدم حل هذه الازمة سريعأ سيؤدي الى المزيد من القتل والتدمير والتهجير.

ولكن هناك سؤال يطرح نفسه، من هو المسؤول عن هذه الازمة و من الذي يُمعن بعدم انهاء الاقتتال الذي يدفع ثمنه المواطن السوري بغض النظر لاي طرف انتمى. فالنظام يتحمل قسط من المسؤولية لعدم سماع صوت الشعب منذ البداية واجراء اصلاحات بناءة وجدية وليس اصلاحات تجميلية، والمعارضة تتحمل القسط الثاني من المسؤولية، لانها لم تكتف بالمظاهرات التي كانت من الممكن ان تصل الى حل وسط مع النظام دون التسبب في هذا القتل والدمار والرجوع بسوريا لعقود الى الوراء.

ان التشبث بالسلطة وعدم التنازل عنها بسهولة يعتبر شيء طبيعي لكل من يملك اي سلطة، والذي يمارس هذه السلطة يظن بأن له الاحقية بالامساك بزمامها والاحتفاظ بها بغض النظرعن الطريقة التي وصل فيها الى السلطة، ومن جهة اخرى فأن المعارض لهذه السلطة يظن ايضا بأن السلطة من حقه بغض النظر عن الوسيلة التي يتبعها ومن سيوصله اليها، اذن هو الصراع على السلطة والنفوذ.

فالديكتاتورية تعتبر وضع شاذ لا يمكن قبوله والتعايش معه وفي ظله، ومن جهة اخرى ان من يدعم بعض الشعوب من اجل الحرية والديمقراطية ولا يقبل التدخل في بلاده ولا يقبل بالمعارضة والديمقراطية في بلده، فهذا ايضا يعتبر وضع شاذ، ومن الممكن الاستنتاج بأن الحرية ليست هي الهدف من تدخُل القوى الخارجية في سوريا، وانما من اجل تحقيق اهداف اخرى بعيدة عن كل الشعارات التي تطرحها هذه القوى والتشدق بها، كالحرية والديمقراطية.

إبراهيم الشيخ

وعلى ما يبدو ان دمار سوريا هو هدف الاطراف التي تتدخل في الازمة السورية من دول اقليمية ودولية، وتستغل هذه القوى الشعب السوري الذي يعتبر وقود هذه الحرب الطاحنة لتحقيق مصالحها واهدافها الخاصة، ولولا دعم هذه القوى للمعارضة بالسلاح والمال وتعنتها في رفض اي حل عن طريق الحوار لما وصل الوضع على ما هو عليه الأن، ووضعوا نصب اعينهم هدفا وحيدأ وهو الاطاحة بالرئيس السوري، ويبدو ان هذه القوى لا يهمها كم من الضحايا سيسقط وكم من البيوت ستُهدم وتدمر.

ان الاطراف الخارجية التي تشارك في هذه الازمة مسؤولة اخلاقيا عن اعمال القتل والتدمير التي تحصل في سوريا من خلال دعمها للمعارضة بالسلاح والمال، وايضاً المعارضة والنظام يتحملان المسؤولية لانهما يستعملان نفس اساليب القتل والتفنن بها، والمسؤولية هنا مشتركة وليس هناك من تبرئة لأي جهة اياً كانت، فالقتل واحد، والخاسر واحد ألا وهو الشعب السوري.

لم يعد من طرف خفي في هذه الازمة، ولم تعد ازمة داخلية بين نظام ومعارضة، واذا لم تحل هذه الأزمة سريعا فانها من الممكن ان تتحول الى حرب اهلية، وما يزيد من تأجيج هذه الازمة هو تدخل اطراف خارجية عدة في هذا الصراع، واصبح التدخل علانية ودون مواربة، ولكن ليس من اجل سوريا ومن اجل الشعب السوري، انما الصراع على سوريا، فايران حليف النظام السوري الاستراتيجي تعمل وتدعم النظام بكل ما في وسعها من قوة لحماية سوريا وعدم سقوط النظام، لأن سقوط سوريا يعتبر هزيمة لايران وللمحور الذي تمثله وسيؤدي بالتالي الى اضعافها امام اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وخاصة في مسألة ملفها النووي.

اما تركيا فترى في سوريا فرصة لا تتكرر لايجاد مدخل لمنطقة الشرق الاوسط وتعزيز نفوذها، وتراهن على الاستثمارات وعلى اعادة الاعمار التي من الممكن ان يتم تلزيمها الى الشركات التركية كرد جميل على المساعدة للمعارضة وبالطبع فتح الاسواق السورية للبضائع التركية، وهنا تركيا تمثل الاداة ورأس الحربة الغربية من اجل السيطرة على سوريا وخلق نظام يناسب توجهاتها ومصالحها.

ان اضعاف سوريا عسكريا يعتبر من اهم الاهداف الذي تريد تحقيقه كل من اسرائيل واميركا، اللتان تدعيان عدم التدخل في الشأن السوري، ولا يرون أي سبب للتدخل حالياً طالما قامت ادواتهم في المنطقة كتركيا وبعض الدول العربية بدورها على اكمل وجه في هذه الحرب، وكل ما تسعى اليه امريكا واسرائيل هو احتواء النظام السوري وابعاده عن ايران، وان ما يقلقهما هو تدفق الجهاديين الى سوريا وتحولها الى قاعدة لهم، واكثر مسألة تخيفهما وتزعجهما هو مصير الاسلحة الكيماوية وكيفية السيطرة عليها ومنع الاستيلاء عليها من قبل المجموعات الجهادية أو نقلها الى دول مجاورة، لذلك يقومون مع قوى غربية اخرى بمراقبة الاوضاع عن كثب من خلال استخباراتهم واقمارهم الاصطناعية التي تعمل ليل نهار لمعرفة ما يجري في سوريا، ويبدو ان دورهم سيبدأ في حال شعورهم ومعرفتهم بأن النظام سيسقط بهدف السيطرة او تدمير هذه الاسلحة وكل ذلك من اجل حماية أمن اسرائل.

لايبدو بأن للدول العربية التي تتدخل في الأزمة السورية والتي نَصّبت نفسها وصية على الشعب السوري أي استراتيجية سوى استراتيجية الاطاحة بالرئيس بشار الاسد ونظامه، اما غير ذلك فلا يبدو بأن لديهم اي تصور لما ستؤوول اليه الاوضاع، هل ستميل سوريا الى الافغنة ام الى الصوملة، وهل ستكون سلفية ام اخوانية ام قاعدية، لا احد من هذه الدول يستطيع الجواب عن كل هذه الأسئلة المهمة، لأن رسم الاستراتيجيات ليس من مهمة العرب وانما من مهمة الدول الغربية والدول الاقليمية التي تسعى الى الهيمنة على المنطقة..

ان ما يجري في سوريا هو السعي الى استبدال النظام الحالي بنظام اخر وتغيير النفوذ الايراني بنفوذ تركي أو غربي لأقامة نظام اسلامي متحالف مع جماعة الاخوان المسلمين، ومن يعتقد ويفكر بأن سوريا ستبقى على علمانيتها فهو واهِم، والا لماذا تُضَخ كل هذه الاموال والدعم بالسلاح، الا من اجل ضم سوريا الى محور الدول العربية التي تُحكم من قبل الاحزاب الاسلامية التي وصلت مؤخرا الى السلطة وغيرها، ومن ثم اخضاع المنطقة للهيمنة الامريكية والصهيونية.

كاتب وصحافي فلسطيني
ielcheikh48@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قتل القذافي انتقاما
أتاتورك -

ربما يرغب حمد القطري الذي قتل القذافي انتقاما, ان يقتل جميع الشعب السوري الذي لا يرغب في دولاراته االملوثة بالنفط.

عدالة السماء
عدالة السماء -

اكو مثل بالعراق كل لشه تتعلك من كراعه يعني كل شخص يتحمل اخطاءه ياعزيزي الكاتب هذه عدالة السماء!!

الليرات التركيه والريالات
محمد الخفاجي3 -

السلطان أردوغان والأمير الذي خلع أبي أبيه ورطوا السوريين بمغامره ومجازفه أكبر من قدراتهم فمع الأسف أن وصل الوضع بسوريا والسوريين والسوريات الى هذا الوضع الكارثي والذي مرشح ربما للسوء أكثر لأننا نقترب من فصل الشتاء، وسترون كارثه في مخيمات اللجوء، فقطر والسعوديه والسلطان التركي أردوغان ورطوا السوريين بلعبه أكبر من حجمهم وأوهموهم بأنها كلها يوم أو يومين بل أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين وسينتهي الحكم بسوريا وسيستلم أتباعهم ممن مولوهم بالليرات أو الريالات السلطه وتصبح سوريا بجيب تركيا أو بجيب قطــــــــر،والآن نقترب من السنتين ولم يتحقق حلم السلطان أردوغان أو حلم الأمير الذي خلع أبيه.ومن خسر أنهم السوريين بلا شك، فالسوريين أعتقدوا أنهم برحله أقرب للسياحيه في تركيا والأردن لفتره لا تتجاوز الشهر، وسيفرش لهم السلطان العثماني وملوك العرب وأمرائها موائد وولائم من مالذ وطاب ووسائد وفيره ومفارش نظيفه،لكن الذي حصل أنهم أصبحوا بمخيمات معزوله يفترشون الأرض ويعيشون على ما يتفضل به السلطان من عطايا والملك من هدايا،فلم يتعض السوريين من تجربة الفلسطينيين الذين الى الآن وبعد 60 سنه لازال الأعراب والعثمانين يسكنونهم ويعزلونهم بمخيمات. سيأتي الشتاء والبرد، فأين جنــــــة الأعـــــــــراب،قطر بها 2 مليون أجنبي وأغلبهم أسيوي،فلماذا لا يصدر الأمير أمرا بجسر جوي لنقل اغلب اللاجئين السوريين لأمارته لنتحقق من صحة مساعدته للمظلوم وأنه طيب ورؤوف ويفتح خزائن قطر لهم.أما السلطان أردوغان فهو حيران ، أشعل النــــــار ببيت جاره فأنتقل اللــــــهب لداره ، وأصبح يكتوي بنيرانه ويحاول غلق أبوابــه. لكنه غباء السلطان الأبدي، فقديما قيل ربما تبدأ أنت لكن الأهم من ينهيها