أصداء

نحو "أنثنة" الزعامة العراقية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

برزت في نهاية التسعنيات من القرن الماضي، دعوات من مفكرين وسياسين ومنظمات الى تأنيث السياسة الدولية، والمقصود بتأنيثها اعطاء المراة دورا اكبر في صنع السياسية الخارجية لبلدان العالم المتقدم والنامي، باعتبار ان اضافة لمسة او بصمات نسائية الى السياسة الدولية سيجعلها اكثر انسانية واقرب الى روح التعاون منه الى الصراع، ولان التجارب الماضية من السياسة الدولية التي هيمن عليها الرجال قد ادت الى حروب وصراعات دموية ادت الى إزهاق ملايين من ارواح البشر مثلما قادت الى نزيف في الثروات على نحو مهول بحيث نجد ان عقودا من التنمية الضائعة قد مرت على كوكب الارض في فترات عدة، ولو استثمرت هذه الاموال التاي ذهبت نحو التسلح، لاستطاعت قطاعات التعليم والصحة وغير ها من القطاعات الهامة من التقدم بخطوات متسارعة ولكان وضع ملايين الناس على نحو مغاير عما هو عليه الان. فعلى سبيل المثال اشار تقرير معهد ستوكهولم لابحاث السلام (Spri) الى ان مجمل الانفاق العسكري في العالم وصل عام 2009 الى (1.531) تريليون دولار، ليرتفع عام 2010 الى (1.630)، وبالمقارنة مع الانفاق على التنمية فان حصة الفرد تكون (4.5) دولار للتنمية مقابل (255) دولار على التسلح. وهو مايعكس حالة مؤلمة فرضتها قوانين الصراع والحروب وانفكاء مستوى الثقة والتعاون بين البلدان.

بيد ان الدعو نحو تأنيث السياسة الدولية سرعان ما تلاشت مع سرعة الاحداث في مطلع القرن الحالي واحداث 11 سبتمبر وما تلاها من حروب على افغانستان والعراق، لنكون امام واقع مليء بالنزاعات والفوضى وبحور من الدماء، وهذا ما يعزز النظرية القائلة بضرورة انسنة السياسة الدولية اي جعلها اكثر انسانية، ومن احد اشتراطاتها ان تكون المرأة فاعلة في صنع واتخاذ القرار.

د. باسل حسين

وقد عمد الدستور العراقي الجديد الى اتخاذ نوع من التمييز، عن طريق منح كوتا بنسبة (25%) من مقاعد البرلمان الى النساء، وهو تمييز ايجابي بالنظر لاستحالة حصول المرأة على هذا العدد او حتى ربعه في اية انتخابات على اساس التنافس المباشر، والدليل في ذلك عدم وصول اية امرأة الى العتبة الانتخابية في اية محافظة عراقية في انتخابات عام 2010 التشريعية.

غير ان هناك نظرة عامة لدى الساسة العراقيين او الجمهور ان هذه النسبة كبيرة لسيادة الثقافة الذكورية بوصفها ناتجة عن مجتمع ذكوري لايؤمن بالمرأة او دور المرأة، بل ان هناك نكوصا كبيرا في حقوق المراة وتطلعاتها ويراد فرض ارادة باسم التقاليد تارة والدين تارة اخرى لتحجيم دور المرأة وقضم حقوقها المشروعة في المجتمع على كافة الصعد، بمعنى انه يتم التعامل مع المراة بوصفها عنصرا تابعا وليس عنصرا مستقلا ذا كينونة وارادة حرة.

وتبعا لمحاضر مجالس المحافظات او البرلمان ولجانه المتعددة، فان اكثر العناصر حضورا هي المرأة، لكن الذي يؤخذ على هذا الحضور عدم الفاعلية، والمفارقة ان المرأة اكبر عدو للمرأة نفسها، لان السلوك التصويتي للمرأة الناخبة في العراق يشير ان المرأة عادة لا تتنتخب أمراة لاعتبارات شتى منها خضوعها لتأثير العائلة الزوج او الاب او الاخ، أو لاعتبارات تتعلق بالغيرة او عدم ايمان المرأة بقضية المراة او لضعف وعيها او احيانا للجهل الناتج عن الامية.

ويحاول الساسة العراقيين الانتقاص من المرأة ودورها، والاستهانة بها والنظر اليها نظرة دونية لان معظم هذه النخب تأتي من بيئة لاتؤمن اصلا بدور المرأة وتعتبرها عورة، وتعتقد ان فرض الكوتا هو نقمة اتت بإرادة خارجية، وبالتالي تجد نفسها مضطرة للتعامل مع وجود هذه النسبة، لذا نجد دائما محاولة للالتفاق على حقوق المرأة بحجج شتى واخرها قضية المفوضية العليا للانتخابات التي خلت من اية امرأة، والمراة جزء من هذه المعضلة لانها اترضت لنفسها هذا الدور مثلما قبلت ان تكون ضحية لان من تسنم هذه المهمة من النساء اتين من نفس البيئة، وهن لايعتقدن بحقوق المرأة وبالتالي فان اضعف الجهات مناصرة لحقوق المرأة في العراق هن النساء من البرلمانيات إلا اصواتا قليلة هنا وهناك.

لقد جرب العراق عقوداً من زعامة الرجال ولم يجلب ذلك للعراق إلا الخراب، وفي فترة ما بعد الاحتلال تسيد ايضا الرجال هذا المشهد برئاساته الثلاث ونوابها وكذلك القضاء ولم يثمر عن شئ يذكر سوى سيادة مشهد الفساد والصراع البيني والفشل في إدارة الدولة، لذا حان الوقت لمنح المرأة فرصة القيادة الحقيقية في العراق ولنرى ماذا يمكن ان يحدث، والتاريخ يشهد بمنجزات قيادة المراة لدول عظمى، فتاتشر رئيسة وزراء بريطانيا بغض النظر عن مواقفها، وضعت بصماتها على بريطانيا وتسمى الفترة التي قادت بها الفترة التاتشرية كنموذج ايجابي ولذلك اطلق عليها المرأة الحديدة، وفي العالم النامي ابلت انديرا غاندي دورا حسنا في قيادة بلدها الهند على نحو مشرف وهناك عدة امثلة لامجال لذكرها... الان على الرئاسات الثلاث التنحي جانبا والاعتراف بفشلها وفشل من يتولى زمامها ومنح الفرصة للمرأة العراقية لعلها تاتي بما لم يأتي به الاوائل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وجهة نظر
أبو رامي -

على ذكر تاتشر فلها مقولة جميلة بهذا الصدد فهي تقول:"الديك يصرخ طوال الوقت ولكن الدجاجة هي التي تبيض في النهاية"كثيرا ما يتردد أن المرأة بحاجة الى وزارة لكي تضمن حقوقها وتحقق مكاسب خاصة بها؟ أنا أستغرب من هكذا طلب وأعتبره بطراً سياسيا لأن هذا يعني أن نعمل وزارة لكل شريحة أجتماعية أي وزارة للرجل ووزارة للطفل ووزارة للحيوان ووزارة للمعلمين وأخرى للعاطلين وهكذا والحبل على الجرار.. البديل الافضل أن يكون لكل شريحة نقابة تحفظ حقوقها وتدافع عن مصالح منتسبيها وتصون القانون الذي يرعى شؤونها وتبث الوعي والحماسة بين صفوفها.. الغريب أن المرأة دائما تطالب مساواتها مع الرجل مع أنه لا أحد مختلف معها ولكنها هي المرأة نفسها تهضم حقها بيدها ولو كانت المرأة فعلا مجدة لتحقيق مكاسبها لكان بالقانون لا بالشعارات والمزايدات السياسية , في البرلمان توجد أعداد غفيرة من النساء ومعظمهن من ذوي الكفاءات والقدرة ولكنهن يتركن مهامهن ومصالحهن ويتفرغن لشؤون سياسية جانبية لا تغني ولا تشبع, المرأة مغبونة فعلا ولكن غبنها من يدها فعضوة البرلمان لا تناقش المواد القانونية التي تغبن المرأة كقانون الارث وتعدد الزوجات والشهادة أو غيرها فتكافح من أجل رفع هذا الغبن المشين عنها وتطالب بمساواتها فعلا وحصريا مع الرجل في هذه الامور بل المفارقة أن تجد بعض عضوات البرلمان تنظّر لهذا الغبن تحت عناوين شتى بأسم الدين والشريعة والدين والشريعة لا يرضى بالظلم وغبن طرف لحساب طرف آخر .. ويعجبني أن أذكّر بمقولة لماركس بهذا الشأن وهو:" التحرر الانساني غير متحقق إلاّ عندما تتعرف المرأة على قواها الذاتية وتنظمها بوصفها قوى فاعلة ولا تعود تفصل نفسها بالتالي عن قوى المجتمع"..

مبدع
سهير -

مقال رائع وجميل انا نرى رجلا واعيا بهذا الشكل يدافع عن حقوق المرأة ويحاول ان ينصفها.. ليت هناك مئات يدافعون عن هذه الحقوق ويدركون ان المرأة ليست مجرد جسد بل كيان له مشاعر وحقوق وامال وامنيات.. سلمت يداك سيدي الرجل سلم قلمك دكتور باسل

امرأة صامته
حرير -

ما ابسط الكلام والمزايدة بالشعارات التي تنادي بحقوق المراة في مجتمعاتنا العربية ، لكن اتسأل هل يؤمن الرجل الشرقي بفكر وعقل المرأة ،ام لا تزال الى حد وقتناالحاضر الكثير من العقول المغلقة التي تنظر الى المرأة من زاوية (ن) النسوة فقط ،بل اصبحت حقوق المرأة السياسية والمناداة بها كأنه موضوع يتباهى به الرجل الشرقي عند الحديث عنه ليثبت لها بتحرر عقله وتجرده من الانانية وحسن نواياها تجاهها ، والاتعس من ذلك نجد المرأة ذاتها تقدم الشكر للرجل وهو يتحدث عن هذه الحقوق وكانه يمنحها شي لا تستحقه او حقوق لم تؤكد عليها الاديان السماوية كافة ،والاسلام خاصة ،حتى في مسألة تعدد الزوجات التي يراها البعض ضد كرامة المرأة وحقوقها ،اشترط الاسلام العدل والمساواة ،وان لم يتحقق ذلك فواحدة .اقول للرجل الشرقي ان ما تحتاجه المرأة هو ليس حقوق سياسية ، بل حقوق انسانية ،والتي تبدأ بتغيير عقلك وفكرك تجاهها ،والنظر اليها ككأن انساني له نفس الحقوق التي تمتلكها ،فهي ليس بحاجة الى المساواة بتوزيع المناصب السياسية ،اكثر من الحاجة الى كرامتها داخل المجتمع ،والنظر اليها نظرة تليق بها ،فبدون المراة لا يكتمل المجتمع وبدون المرأة لا يعيش الرجل .

النساء جاهلات
فواز الشمري -

اي انثنة يادكتور نص العراقيات اميات لايقران ولا يكتبن، والنصف الثاني الباقي خمسين بالمية اميات متعلمات يعني حتى لو متعلمات مايفهمن شي ، بقى 25% منهن، 20% يهتمن بشراء الذهب والميكاج، الباقي 5% يفهمن شوية لكن معظمهم انتهازيات ، بقى واحد بالمئة يفمن لكن لايعملن.. هذا حال نساء العراق وبدون زعل

صباح المراة
ناهد استراليا -

تعودت ان اجلس مبكرا حتى امارس هواية الرسم وانا ارتشف فنجانا من القهوة قد يتحول الى فنجانين.. وقبل كل ذلك اقلب بعض المواقع وفي مقدمتها صحيفة ايلاف .. وقد شدني عنوان المقالة الغريب ودفعني الى قراءته .. ثم عدت القراءة كامراءة بعين المراة .. وصدقوني ان ما ذكره الكاتب لايشكل شئ امام الظلم الذي تعرضت له في العراق والغريب اني اجد من ينتقد هذا المقال ولا افهم السبب ولو بقيت المعلقة رقم 3 صامتة كان افضل لها.. كمن صمت دهرا ونطق ..... نحن في امس الحاجة لنشر الوعي بحقوق المراة.. واسالك بدلا من ان تنتقدي ماذا قدمت انت لحقوق المراة.... المراة العراقية بحأجة الى ان تنتفض لحقها الانساني والاقتصادي والاجتماعي