عن إيستل مرة أخرى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ما كان متوقعاً حدث: حوصرت سفينة كسر الحصار السويدية "إيستل" على بعد ثمانية وثلاثين ميلاً من شاطىء غزة. صعد جنود إسبرطة الصغار، قبل دقائق، واستولوا على السفينة وذهبوا بركابها للبوليس في مدينة إسدود.
الدولة المارقة لم يهمّها شيء. هدّدت ونفّذت تهديدها.
ستة زوارق حربية حاصرت المتضامنين العزّل، واقتادتهم، في عملية قرصنة عارية، مثل الخراف إلى مركز الشرطة، وكأنّهم مجرمون ارتكبوا الجرائم.
كل هذا حصل ويحصل على مرأى من دول العالم التي لم تعد ترى منذ أحقاب. فإسبرطئيل تعرف أنها في حلّ من أي قانون دوليّ، وفوق كلّ الأعراف. وقبل القانون والأعراف وبعدهما، من أية أخلاق إنسانية.
لم يكن لدى المتضامنين أيّ وهم بأنهم سيصلون غزة. ومع ذلك أصرّوا وجمعوا التبرعات، طوال نصف عام كامل. نصف عام مرّوا خلاله على أكثر من ثلاثين مرفأ في مختلف البلدان. واستُقبلوا في كل مرفأ بحملات تأييد وتعاطف معهم ومع أهالي غزة المحاصرين.
لقد رأيت الإصرار والعزيمة في عيونهم، حينما استقبلناهم في ميناء برشلونة: سنصل غزة. سيمنعوننا. وربما نتعرّض للمجازفة بحياتنا. لكننا حينها نكون أثرنا ضجة إعلامية وعرّفنا شعوباً كثيرة بمأساة الحصار اللاأخلاقي على قرابة اثنين مليون نسمة من أهالي القطاع الأبرياء.
إنهم مناضلون إنسانيّون أمميّون لا ينقصهم وعي عال ولا مثابرة ولا روح معنوية. فشكراً لهم على كل ما بذلوه. لقد أزعجوا وأحرجوا الحوت المنفلت. أما الحصار، فواضح أنّ دولة الاحتلال مصرّة عليه إلى أجل غير مسمّى. وما دامت أمريكا وأوروبا متواطئتين معها، فلمَ يُرفع الحصار؟ كلا لن يُرفع.
كلا لن يُرفع حتى لو حدثت الفضيحة من داخل البيت الإسرائيلي نفسه: فضيحة إعادة إنتاج هتلر والنازية الجديدة عن طريق تحديد السعرات الحرارية اللازمة للمواطن الغزيّ العائش في قفص. فغير مسموح لابن غزة إلا ب 2279
سعرة حرارية في اليوم فقط. أي يظل على حافة الانهيار، ولا يجد من الطعام ما يكفي ليسند طوله. وهذا ليس مجرد رقم، بل تفاصيل يومية عاشها وكابدها كاتب هذه السطور لمدة سنوات.
ما علينا. فقد خلا لإسبرطئيل الجو، فلمَ لا تبيض ولا تصفر؟ إنّ جارها مجرم الحرب بدرجة رئيس يفعل في شعبه، ما لم تفعله هي بأعدائها الفلسطينيين. ثم ما هو حجم اختطاف سفينة مدنية بجوار جرائم الوحش العظمى؟ لا شيء.
بهذا المنطق، تسير إسبرطئيل العظيمة في طريقها، عاقدة العزم على فعل ما تشاء متى تشاء وكيف تشاء.
الأهمّ من كل هذا، والأكثر فائدة، أنه لا يجوز إنهاء هذه الكلمات السريعة دون الانحناء لهؤلاء الأبطال التسعة عشر، من رجال ونساء وشباب وصبايا (فيهم شابة عراقية)، كان من الممكن أن يفقدوا حياتهم، مثلما حدث مع ضحايا سفينة مرمرة التركية.
لقد غامر هؤلاء المناضلون الإنسانيون، من أجلنا، فكل الاحترام لهم.
كل التحية.