فضاء الرأي

"تحول6".. هل تفضي إلى تحولات نوعية؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

انطلقت يوم الأحد 21-10-2012 في "إسرائيل"، تدريبات ما يسمى الجبهة الداخلية لمحاكاة حالات طوارئ وسبل مواجهتها والتعامل معها من قبل كافة أجهزة الدفاع المدني كخدمات الإسعاف والإنقاذ وغيرها داخل الكيان الإسرائيلي، وتستمر على مدار خمسة أيام.
المناورات الإسرائيلية التي تبدو "روتينية" و"اعتيادية" وحتى "داخلية" يظهر من خلالها الكيان الإسرائيلي وكأنه معني بالجبهة الداخلية ومواجهة المخاطر "الطبيعية" المحدقة به، في ظل تقارير عن احتمال تعرض المنطقة إلى هزات أرضية وموجات تسونامي عارمة قد تغمر منطقة الشرق الأوسط برمته أكثر من استعداده لمواجهة أي مخاطر خارجية قد تبدو حقيقية في ظل موجات الربيع العربي التي أصحبت قريبة وقريبة جداً.
قيادة الجبهة الداخلية داخل "إسرائيل" أعلنت أن التدريبات التي تحمل الاسم "نقطة تحول 6" ستشمل هذا العام أيضا مشاركة جهاز التعليم في "إسرائيل" وجهاز الصحة والمستشفيات الحكومية وهيئات عامة أخرى. وتهدف هذه التدريبات بحسب موقع "معاريف" إلى تهيئة الجمهور العام في "إسرائيل" والسلطات المحلية لمواجهة حالات وقوع هزة أرضية، وبالتالي ترشيد سبل عمل هذه السلطات والأجسام لتحسين جاهزيتها وتعاملها مع الأحداث، ويتضمن ذلك أيضا: فحص جاهزية وسرعة التجاوب في إعلان البيانات والأخبار عبر البث العام ووسائل الإعلام، وفحص شبكة الإنذار الخليوية، وإعداد وتجهيز الملاجئ لحالات الهزات الأرضية، وفحص وتطبيق التوصيات الجديدة للوقاية أثناء وقوع الهزات الأرضية، ومدى التنسيق بين منظمات الطوارئ المختلفة.
كما ستفعل ما تسمى قيادة الجبهة الداخلية "الإسرائيلية" شبكة الإنذار الخلوية التي تقوم على توجيه رسائل نصية لكافة "المواطنين" تبلغهم بأمر التدريبات وسبل التعامل مع تعليمات قيادة الجبهة الداخلية "الإسرائيلية".
هذه المناورات الداخلية في الكيان الإسرائيلي تتزامن مع قرب البدء في مناورات عسكرية مشتركة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبرها الطرفان مندرجة في إطار التعاون التقليدي الدائم بين البلدين، لكن ما يميز هذه المناورات لهذا العام، فضلاً عن كونها "الأوسع" و"الأشمل" منذ فترة طويلة، تأتي في إطار التعرف على الإمكانيات والقدرات على صد صواريخ وخاصة صواريخ طويلة المدى، على غرار تلك التي تملكها إيران.
ولا يمكن في هذا الصدد إنكار توقيت المناورات العسكرية في ظل الحديث عن قرب تدخل عسكري محتمل لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في سوريا، وإمكانية فرض منطقة حظر جوي، وبالتالي احتمال دخول قطع عسكرية صغيرة الحجم لتأمين مواقع الأسلحة الكيماوية المكدسة في سوريا منذ عشرات السنين.
هذه المناورات تركز على مسألة العلاقات الاستراتيجية الخاصة التي تربط البلدين وتحالفهما العسكري الاستراتيجي، وإرسال رسالة لكل من دول المنطقة وتحديدا إيران وحزب الله، أن أمريكا ستبقى الحليف الأول "لإسرائيل"، وأن أي مس بأمنها سوف يعني تدخلاً أمريكياً سريعاً ومباشراً، لا سيما مع قرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحرص كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على إبراز حجم أكبر من الولاء والقرب من الحليف الاستراتيجي "إسرائيل".
اللافت في توقيت إجراء هذه المناورات أنها كانت مقررة في الربيع الماضي، ولكن تم تأجيلها إلى الفترة الحالية، وهذا التأجيل مرتبط بالخلافات بين رؤساء الطرفين بما يتعلق بكبح مسار إيران النووي.
المؤشرات المتوفرة تشير إلى أن استنتاجات الكيان الإسرائيلي بما يتعلق بإمكانية شن حرب على إيران قد انخفضت كثيراً، وهذا مرتبط بتراجع ممارسة ضغوط على إيران بما يتعلق بمسارها النووي، فضلاً عن الظروف الإقليمية الجارية ولا سيما في سوريا، واحتمال أن يفضي أي تحرك عسكري ضد إيران إلى تخفيف الضغط على حليفها في دمشق، وهو ما لا تريده القوى الغربية الداعمة للحراك الثوري في سوريا، وتحذر "إسرائيل" مراراً من مغبته.
كما أن ما نشر مؤخرا حول موافقة إيران على إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني، والتلميح بأنه في حال تحقق تقدم في هذا السياق سيخفف ذلك من التهديدات الإيرانية على الدولة العبرية، كلها عوامل قد تشير إلى أن الاستعدادات العسكرية لكل من الحليفين "إسرائيل" والولايات المتحدة هدفها التحسب لما قد تتطور معه الأمور في سوريا، مع وجود احتمال قوي بإمكانية شن حرب على لبنان واستهداف حزب الله اللبناني، في ظل انشغال حلفاء الأخير عنه بأزماته الداخلية، واحتملا تفجر الأوضاع الداخلية في لبنان بعد اغتيال العميد الأمني وسام الحسن.
هي مناورات قد تكون روتينية واعتيادية من حيث الظاهر، لكنها قد تفضي إلى تحولات نوعية وخطيرة ودراماتيكية في يما يتعلق بتغير العوامل الإقليمية السياسية والاستراتيجية، ولا يمكن القول ببساطة، إن مناورات هي الأضخم في تاريخ علاقات البلدين يمكن أن تكون "مبرمجة" مسبقاً، أو بهدف حماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية من مخاطر الطبيعة وظروفها المفاجئة!
كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف