فضاء الرأي

مجرم حرب بدرجة معتوه

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لست مفتوناً بعصر الصورة، لذا لا تلفزيون في بيتي. ومع هذا، انسقت هذه المرة لغواية مشاهدة يوتيوب، أرسله أحد أصدقائي السوريين على الإيميل، وفيه تُرى مشاهد الخراب الزلزالي في أجمل مدن الشرق: حلب.
لم أنم في ليلتي. اليوتيوب كان وحشياً ومروّعاً، وأشدّ قسوة على الروح مما رأت عيناي في حرب غزة الأخيرة. ففي تلك الحرب كان العدوّ الإسرائيلي هو الذي ينكّل بالبشر والحجر. وكان للعقل كل الأسباب والآفاق ليُحلّل ويفهم. أما هنا فكيف للّغة أن تكتب، دون أن تتحوّل إلى لغو؟ وكيف للعقل أن يفهم دون أن تلفّه الحيرة واللاجدوى؟
ليس المشهد السوري، بالطبع، سوريالياً إلى هذه الدرجة. فقد اتّضح وبانت حقائقه وخفاياه منذ سنة على الأقل. وكبرى هذه الحقائق وأولها، أنّ من يُسمّونه "رئيساً" لسوريا، هو عدو لها ولشعبها. عدو مثله مثل بيبي نتنياهو بالنسبة لنا ولشعبنا.
أجل. ومع هذا، مع كل التفاصيل الجحيمية في "هذا"، فلا يزال العقل يحتار ويستغرب. ولئلا يحتار ويستغرب أكثر، لا بد من معالجته بيقين من هذا النوع الحاسم (مع أنني لا أحب ولا أتعاطى مع اليقينيّات)
يقين يقول، وبعدما جرت مياه كثيرة في النهر، أنّ حكّامنا العرب جميعاً لا يتمتّعون بذرّة انتماء لشعوبهم وأوطانهم. من بن علي مروراً بمبارك وعلي عبد الله صالح، والقذافي، وصولاً للأسد. والبقية تأتي.
وخاصةً الأسد هذا الذي فاقهم جميعاً. فلو كان هذا "الكائن" يحمل ذرة انتماء واحدة لبلاده وشعبه، لتركهما وخرج إلى حال سبيله.
لو كان يحمل مقدار ذرة انتماء، لما هانت عليه سوريا الجغرافيا والتاريخ والناس. سوريا التي يتباهى بأنه سيمشي في طريق خرابها حتى النهاية. أية سيكلوجية تحكم هذا الكائن المسخ؟ وهل تنفع أريكة فرويد معه ومع مَن هم على شاكلته؟ كيف نصفه؟ مجنون؟ سادي؟ مهستر؟ مهلوس؟ كلا. هذه صفات فرويدية لا تليق بهذا الجلاّد. صفات بالأحرى تنطبق على بشر، والحالة التي بين أيدينا، غادرت سمتها البشري منذ سنة على الأقل.
إنه فقط "مجرم حرب". لكن الجديد في الأمر أنه مجرم حرب معتوه يشن حرباً شعواء على شعبه، وعلى مقدّرات بلده، لا على بلد آخر أو شعب آخر عدو.
ولو كان في العالم بقيا من خير، لوقف له. لكن العالم فقد هذه البقيا منذ أحقاب. لذا طالت وستطول تراجيديا الشعب السوري، الذي، من سوء حظه، أنّ إسرائيل جارته مبسوطة من استمرار هذه الحرب، بهذه الوتيرة، حتى لا يبقى أخضرٌ ولا يابسٌ تحت سماء الوطن السوري. فهذا سيناريو لم تحلم به دولة الأبارتهايد حتى في أجمل أحلامها. سيناريو يتحقق بيد غيرها، فيصبّ في النهاية في مصلحتها. فلمَ تمنعه أو تعارضه؟ أو توعز للغرب بمعارضته ومنعه جدياً؟ وعليه، فليتفرّج الغرب الحليف كما تتفرّج هي. إلى أن تنتهي سوريا مقدراتٍ ودولةً، وبعدها يتدخّل الغرب ويحسم الأمر في أيام لا غير. فيكون الرابح الأكبر هو دولة الاحتلال.
وبعد التدخل، تكون سوريا الدولة والشعب، بحاجة إلى نصف قرن، لكي تسترد أنفاسها، ويعود حالها مثلما كان قبل الحرب.
فأي سيناريو أفضل لإسرائيل من هذا السيناريو، الذي هبط عليها، لا من السماء هذه المرة، بل من القصر الجمهوري على قمة جبل قاسيون!
أمّا مجرم الحرب المعتوه، فليس لديه مانع من إعادة إنتاج نيرون في شخصه التعيس. وهل بعد العته من كلام؟ هو يريد بأوهامه أن يعاند شعباً وينتصر عليه (من منطلق واحد وحيد: أنهم ليسوا شعباً، كما يُقال، بل مجرّد أقنان ورثهم عن أبيه. أقنان يعملون لديه هو صاحب وسيد المزرعة الكبيرة) مع أنّ هذا مستحيل تاريخياً. فالشعوب تنتصر في النهاية على طغاتها مهما كبروا وجُنّوا وهستروا. لكن من أين للطغاة أن يفهموا البديهيات؟
ومن أين لنيرون دمشق بالأخصّ (الذي يبدو نيرون روما صغيراً بجواره) أن يفهم مغازي التاريخ وهو على ما هو عليه من صفات وأوصاف؟
سينتصر الشعب السوري على نيرونه الجديد. هذه ليست بلاغة. إنها حقيقة سيأتي بها المستقبل. لكن الثمن سيكون فوق العادة. وربما أكبر من جميع تشاؤماتنا الآنية. إنما لا خيارات. ولا رجوع عن طريق مشى فيه السوريون ودفعوا كل ما دُفع من أجل حريتهم. إن كان من رجوع فهو رجوع الوحش وجيشه الطائفي. لا خيار آخر. ومع أنه واضح جداً أن النظام السوري اختار خيار شمشون بهدّ المعبد على رءوس الجميع، إلا أنني ما زلت أراهن على تغيّر دراماتيكي مفاجىء، يقلب الصورة، ويذهب بها نحو مطافها الأخير. فليس من المعقول أن تستمرّ هذه الكارثة الزلزالية لشهور قادمة أو سنوات.
أما ما هو هذا التغير الدراماتيكي، فلا أعرف. ولا أحد يعرف.
إن هو إلا حدس فحسب.
حدس، ستثبت الأيام والليالي صحته من عدمه.
خاصة وأن الأيام والليالي القادمات حبالى.
وحتماً ستولد سوريا الجديدة من خضمّها.
سوريا الحرية والنور.
سوريا دولة المواطنة والقانون.
سوريا وطن جميع مواطنيها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فلسطينيو عطوان ابن زكوان
عمارة بن عمارة -

تحية إليك يا سيد باسم من الثورة السورية تحية إلى الفلسطينيين الشرفاء ..أمثالك وأمثال السيد أحمد أبو مطر فاضح الديكتكوريات ...لقد أخرجنا عبد الباري عطوان عن طورنا فكفرنا بالأمة وبفلسطين ..إنه يكافح كفاح الخونة عن ابن أنيسة كما كافح كفاح القتلة عن القذافي ...مازال حتى هذه اللحظة يتأمل من خميس أو الساعدي أو عائشة القذافي أن تزحف بالملايين إلى طرابس لإعادة عرش ملك الملوك .... أيهما معتوه أكثر هو أم القذافي ؟؟ هل يفعل دولار القذافي ودولار ايران بهذا الشخص هذا الفعل ...؟ أم أن الخيانة هي التي تفعل فعلها في النفوس الرخيصة ...؟

من الذي يجب ان يترك سوريا
شاكر العجيلي -

الكاتب يطالب الرئيس السوري بان يترك بلده ويمشي لحال سبيله متجاهلا بان غالبيه الشعب السوري ماتزال تريده ان يبقي رئيسا لانه هو الضامن الوحيد لحقوق الاقليات في سوريا ولن ننسي هتافات الموتورين الطائفيين في الايام الاولي لانتفاضه الشعب السوري السلميه والمشروعه, لن ننسي شعارهم (المسيحي عا بيروت والعلوي للتابوت). الارهابيين شذاذ الافاق الذين جلبهم مال السحت الحرام للعاق حمد الذي انقلب علي ابوه وحول مشيخته الي قاعده للتأمر علي بلدان المنطقه خدمه لاسياده في تل ابيب, هم الذين تسببوا بهذا الدمار. الكاتب لم يشر بل ولم يطالب الارهابيين الشيشانيين والليبيين والافغان الخ الخ من المكبوتين جنسيا ان يتركوا سوريا لحالها والشعب السوري يحل مشاكله لوحده, الارهابيين المأجورين هم من اوصلوا الشعب السوري الطيب لهذا الحال البائس, حيث استغلوا مأساته ومأساه نساءه بالخصوص ليشتروا الحره السوريه بمئه دينار اردني لاغير زواج مسيار ليشبعوا كبتهم الجنسي. كل كاتب يطبل لما يجري في سوريا ويسبغ اوصاف البطوله والرجوله علي الارهابيين الذين يدمرون البلد بحجه انهم ثوار ومقاتلين من اجل الحريه, يخدع نفسه والاخرين وانا متأكد بانه سيندم اشد الندم عندما يقرأ مقالته بعد سنوات من الان عندما سيري ان سوريا تحولت الي كانتونات متصارعه وفتن لاتنتهي ومصدر لتفريخ ارهابيين جدد.

اقول ومعتصماه
افرام ابو جورج -

انا مسيحي في اقصى شمال اسكندنافيه وأنا اتحرق على شعبي السوري المهجر اتوجه الى الحليج انقذونا من هذا السفاح .ياضمائر الخليج انقذونا انقذوا شعبنا وشعبنا لايستحق ان يعيش في هكذا حياة

مقالة في الصميم
خوليو -

بدون طول سيرة القصة وما فيها أن كل شرور الإنسان تجمعت في هذا الكائن الذي ورث الخلافة ، العدو الصهيوني وجده هدية من الطبيعة لتدمير سوريا مجاناً وطالما يد الصهيونية طويلة ومسيطرة شرقاً وغرباً فهي تمنع الغرب عن مد يد المساعدة الفعالة للشعب السوري اليتيم ، الثورة قامت ضد القمع والتعذيب والتفقير والترهيب ولكن هذا الوريث يصر على أن مايجري في سوريا هو مؤامرة دولية بسبب مقاومته وصموده، يكره معالجة الأسباب الحقيقية للثورة ويعز عليه اعتراف أن نصف جيشه انشق والحبل على الجرار، يريد إقناع العالم أن حربه هي ضد الإرهاب ، العالم يعرف بالصورة والتوثيق مايجري في سوريا ، صحيح هناك بعض الإرهابيين نصفهم أخرجهم من سجونه ليستند عليهم كشاهد على أنه يقول الحقيقة ، لايوجد رئيس في العالم لايزال يعتقد أن كذبه غير مفضوح ومكشوف سوى هذا الرئيس ، سيول دماء السوريين تتجه اليوم نحو قصر الرئاسة وستجرف هذا الكائن الأعجوبة في زمن انتهت فيه العجائب منذ زمن بعيد، الثورة ستنتصر بدون شك .وكذب النظام لن ينفعه ولن يصدقه أحد غير المنتفعين من سرقاته.

========
lolo -

الى المسيحي المهجر في اسكندنافية لماذا لاتعود لسوريا وتقاتل كالرجال ثم بعدها تطلب الدعم من الاشقاء