حبل الکذب الذي إنقطع

إتسم الموقفين الرسمي و الشعبي في إقليم کردستان العراق من النظام الايراني و القضايا المتعلقة به، بطابع خاص يغلب عليه تحفظ يکاد أن يکون استثنائيا في کثير من الاحيان، و لم تتمکن وسائل الاعلام بمختلف قنواتها الى فترة قريبة من التصدي لمواضيع و قضايا تثير من حفيظة هذا النظام.

تأسيس صحيفة "هاولاتي"، الاهلية کان بمثابة بداية ظهور إتجاه جديد في الاعلام الکردي بخصوص شکل و مضمون طرح مختلف المواضيع التي کان يغلب عليها طابع من التحفظ ولاسيما المتعلق منها بإيران و ترکيا و البلدان العربية، والتي کانت وسائل إعلام الحزبين الرئيسيين تلتزم بشکل خاص بصددها بل وانها إعتبرتها بمثابة خطوطا حمراء لايمکن تجاوزها او طرحها و تناولها إلا بعد أخذ موافقة خاصة بشأنها.

الخط العام الذي کان سائدا في إعلام الاقليم فيما يخص المواضيع و الامور المتعلقة بالشأن الايراني و لأعوام طويلة، کان و لأسباب مختلفة تعود جميعها وفي خطها العام لسطوة نفوذ النظام الايراني، يسير بسياق و نمط يتفق و يتماشى مع طروحات و رؤى النظام الايراني لکل مايتعلق بالملف الايراني، وخصوصا مايتعلق بموضوع المعارضة الايرانية بصورة عامة و منظمة مجاهدي خلق بصورة خاصة، ولاريب من أن فرض هذا الخط العام على إعلام الاقليم کان يرتبط بإبتزاز سياسي کان يمارسه النظام الايراني على الحزبين الرئيسيين و يفرضه عليهما بقوة نفوذه و الظروف و الاوضاع الهشة في الاقليم و الذي إستغله هذا النظام الدجال المراوغ أبشع إستغلال و حتى أن أحداث 31 آب التي جرت في الاقليم عام 1996، فإن المسؤول الحقيقي و الاصلي عنها و عن اساس و علة حدوثها هو هذا النظام و ظله الکئيب الداکن الذي کان يطل بين کل فترة و اخرى على الاقليم فيجلب الشؤم و الخراب لأهله.

حرب عاصفة الصحراء و الحرب التي تلتها و أدت الى سقوط النظام العراقي السابق، بات جليا للعالم کله أن اللاعب الاخطر فيها کان هذا النظام الذي تمکن بصورة او بأخرى و بطرق و اساليب ملتوية مختلفة، من تجيير نتائج النهائية لصالحه تماما و جعل العراق کله(بما فيه اقليم کردستان)، مجرد محمية مستظلة بخيمة ملالي طهران، ولذلك کان السهل جدا على النظام تدشين أکذوبته الخاصة بشأن مزاعم إشتراك منظمة مجاهدي خلق في القتال الى جانب القوات العراقية ضد الکرد، ويسعى للتغطية على مخططه الکبير الذي کان يهدف الى الالتفاف على معسکر أشرف و إقتياد سکانه بعشرات الحافلات الفارغة التي أدخلها من حدود المنذرية و خانقين و عادت وهي تحمل جثث قتلاه!

النظام الايراني الذي قام بتلفيق الاکاذيب المختلفة الموجهة ضد دول المنطقة و بثها و يبثها فوو وسائل إعلامه المختلفة کسموم فکرية، جاءت عملية شطب اسم منظمة مجاهدي خلق کصفعة سياسية قوية جدا على وجهه بحيث دفعت بأرکان النظام لإطلاق تصريحات مختلفة بعضها يثير الشفقة و السخرية معا، فبعد أن کانت وسائل إعلامه و إعلام حکومة نوري المالکي تتناقل دوما عبارة(منظمة مجاهدي خلق التي تعتبرها الولايات المتحدة الامريکية و العراق و الجمهورية الاسلامية الايرانية منظمة إرهابية)، صارت اليوم ترفع عقيرتها بوجه عدالة القضاء الامريکي و تصفه بالموجه في حين أن العالم کله يعلم أن النظام القضائي الامريکي أثبت عظمته و قوته و جدارته عندما أطاح بالرئيس الاسبق ريتشارد نيکسن بعد فضيحة وتر غيت الشهيرة، مثلما هز الارض من تحت أقدام بيل کلينتون بعد فضيحته مع مونيکا ليونسکي، وان نجاح المنظمة في الخروج من القائمة الارهابية عبر ماراثون قضائي طويل إستغرق أعواما طويلة، تم بعد أن إقتنع القضاء الامريکي ببراءة المنظمة من التهمة و رد المزاعم الملصقة به کذبا و التي صدرت جلها من دهاليز و أقبية النظام الايراني تماما مثل اکاذيب قتل الکرد الى جانب الجيش العراقي، وان التأريخ المعاصر يروي الجرائم الفظيعة التي إرتکبها هذا النظام بحق الکرد في إيران نفسها، فأحداث سنندج الدامية بصورة خاصة و مدن کردستان إيران الاخرى بصورة عامة بالاضافة الى إغتيالهم لزعيمين کرديين إيرانيين هما عبدالرحمن قاسملو و سعيد شرف کندي في کل من فينا و برلين، تثبت بحق من هو قاتل الکرد و جلادهم!

إصدار بيان صحفي من جانب 38 من أعضاء البرلمان و الکيانات السياسية و تجمعات المجتمع المدني في إقليم کردستان العراق، يرحب من خلاله بشطب اسم منظمة مجاهدي خلق من قائمة الارهاب الامريکية و يدعو الامم المتحدة الى إعلان مخيم ليبرتي مخيما للاجئين لحماية حقوق سکانه و توفير مطالبهم الاساسية، يصحح من مسار العلاقة بين الشعب الکردي و المقاومة الايرانية و يضفي عليها سمة إيجابية کان لابد منها ولاسيما في ضوء المستجدات و المتغيرات المختلفة على ساحة المنطقة و الساحة الايرانية و الساحة العراقية، ويثبت بأن حبل الکذب الذي إمتد طوال خمسة عشر عاما قد إنقطع أخيرا بإصدار هذا البيان الصحفي الذي کان من ضمن موقعيه 26 برلمانيا من مختلف القوائم الکردية(وهو مايعني رسالة ذات طابع خاص جدا للنظام القمعي في طهران)، وان مخططات الخبث و الاحتيال قد باتت تنکشف واحدة بعد الاخرى و لذلك فإن هذا النظام و حليفيه المترنحين، قد بدأوا يتخبطوا و يتعثروا و يرتکبوا أخطائا ستعجل بحول الله و قوته من بنهايتهم الحتمية و تطوي صفحة سوداء من تأريخ مصطنع و ملفق يدعي المقاومة و الممانعة.