الولايات المتحدة وإسرائيل.. بعد فوز أوباما
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا تطرح إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لولاية رئاسية ثانية مسألة مستقبل العلاقات الإسرائيلية - الأميركية خلال هذه الولاية، فالثابت في نهج جميع الإدارات الأمريكية أن "أمن إسرائيل" معطى ثابت وأساسي ومبدئي لكل من توالى على حكم البيت الأبيض، في ظل ظروف وعلاقات "استثنائية" بين الطرفين، لا تسمح لأي رئيس أمريكي بمجرد إعادة التفكير في طبيعة العلاقة وشكلها مهما حدث من تباين أو اختلاف في النظر إلى العديد من الملفات.
العلاقات بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي "متلبدة" نتيجة الخلافات الكبيرة في وجهات النظر بين حيال موضوعات أساسية في الشرق الأوسط، كالملف الإيراني، الذي تبنى فيه أوباما سياسة "ناعمة" حاولت التفاوض مع إيران بشأن ملفها النووي، فيما طالب صقور الحكومة الإسرائيلية ضرب المنشآت النووية الإيرانية بلا هوادة، والملف الفلسطيني الذي مثل فيه أوباما أكثر رئيس مارس من الضغوط السياسية على حليفه الإسرائيلي، ولو من حيث الظاهر، بشأن إمكانية استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، حتى دفع نتنياهو إلى إعلان تأييده لخضم أوباما الجمهوري ميت رومني، في ظل رؤية أوباما لشرق أوسط "مسالم" و"هادئ" يحقق المصالح الأمريكية دون أي عقبات، وفي مقدمتها المسألة الفلسطينية، وعملية السلام، أو ما تبقى منها.
ورغم الضغوط الأمريكية على الكيان الإسرائيلي للدفع باتجاه خوض غمار المفاوضات بشكل غير محدود بسقف زمني أو سياسي، فإن ذلك لم يمنع ارتفاع الدعم الأمريكي للدولة العبرية عسكرياً، وتوطيد العلاقات بينهما من خلال القيام بأكثر من مناورة عسكرية ربما كانت الأكبر خلال تاريخ علاقات الطرفين.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكد بعيد إعلان فوز أوباما الذي لم يكن يتمناه، أن التحالف الاستراتيجي بين "إسرائيل" والولايات المتحدة "أقوى من أي وقت مضى"، بينما قال وزير الحرب إيهود باراك إنه واثق من أن الرئيس أوباما سيواصل سياسته القائمة على دعم "إسرائيل". أما نائب رئيس الوزراء، سيلفان شالوم، فأكد أن "كل الإدارات الأمريكية تدعم إسرائيل على الأصعدة السياسية والامنية والاقتصادية؛ لأن لديها مصالح وقيم مشتركة".
وسواء جاء رومني أو أوباما، فإنه لا اختلاف بشأن حماية أمن "إسرائيل"، فمهمة أمريكا الأولى سواء تحت قيادة الديمقراطيين أو الجمهوريين هي الحفاظ على هذا الأمن والمشروعات الأمريكية فى المنطقة، لكن مشكلة أوباما في ولايته الثانية، أنه عائد إلى البيت الأبيض وهو مكبل بوعوده إلى كل من العالم العربي والإسلامي بتحسين صورة بلاده وتنفيذ وعوده السابقة، والتي أدى عدم تنفيذها إلى تراجع شعبيته في خمس دول إسلامية من بينها مصر، بحسب دراسة للمعهد الامريكي (بيو)، وفي ذات الوقت، وعوده الانتخابية للناخب الأمريكي الذي يشكل اللوبي اليهودي فيه عاملاً مهماً، إذ صوت ما يقرب من 68 بالمئة من اليهود الأمريكيين لصالح أوباما، بحكم انتماء اليهود تاريخياً وميولهم إلى الحزب الديمقراطي الممثل لتطلعات الأقليات في الولايات المتحدة عادة.
وإلى أن تتضح معالم السياسة الخارجية للرئيس القديم الجديد، وخياره إزاء تنفيذ وعوده الانتخابية أو الالتزام بسياسته الخارجية، أو تنفيذ وعوده إلى العالم العربي والإسلامي، لا ينتظر العرب والمسلمون كثيراً من رئيس "مكبل" بأعراف وتقاليد سياسية تاريخية إزاء علاقته بالكيان الإسرائيلي، فيما ينتظر منه الكثير بخصوص قضايا أخرى قد تكون أقل حدة وأبعد عن المساس بأمن إسرائيل، في ظل حالة من الحرية السياسية التي لم يعد الرئيس الأمريكي يفتقر إليها مع انتهاء موسم الحملات الانتخابية، وبازار الانتخابات برمته.
... كاتب وباحث
hichammunawar@gmail.com