أصداء

الغرب يطلق يد الإخوان في مصر مكافأة لهم على هدنة غزة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن قدر المصريين هو أن يدفعوا ثمن هدنة غزة من حرياتهم وحقوقهم ودمائهم. فالمجتمع الدولي، الذي كان يتلهف للهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، منح جماعة الإخوان المسلمين الضوء الأخضر للحصول على سلطات مطلقة وغير محدودة في إدارة شئون مصر. موافقة المجتمع الدولي جاءت كمكافأة للإخوان المسلمين على دورهم في إقناع رجالهم من إرهابيي حركة حماس بوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. هذه هي قراءتي الأولى للأحداث في مصر بعد القرارات التي أعلنها ممثل المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بمؤسسة الرئاسة المصرية بتعديل الإعلان الدستوري وعزل النائب العام. فلم يكن الإخوان ليجرؤوا على اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة كهذه من دون مباركة المجتمع الدولي. وقد كان الطعم الذي قدمه الإخوان للمجتمع الدولي هو الهدنة بين رجالهم في غزة والدولة العبرية.


العلاقة بين احتفال العالم بدور الإخوان المسلمين في إقرار الهدنة من جهة والتعدي على الإعلان الدستوري والجهاز القضائي من جهة أخرى واضحة كوضوح الشمس في منتصف نهار صيفي في العاصمة المصرية القاهرة. احتاج ممثل المرشد الإخوان لدى مؤسسة الرئاسة المصرية تطمينات دولية قبيل الإعلان عن تعدياته على الإعلان الدستوري، وحصل عليها بدور تمثيلي في إقرار الهدنة. فمن المعروف أن العلاقة بين إخوان مصر وحركة حماس هي علاقة الجماعة الام بالجماعات الفرعية، أي أن حركة حماس تمثل جماعة الإخوان في غزة، ومن ثم فلم تكن هناك جهود فعلية من قبل الإخوان لإقناع حماس بوقف العنف. الأمر كان بمثابة قرار أو فتوى من الجماعة لإلزام الحركة وليس أكثر.


لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها الإخوان على مثل هذه الخطوة وبمباركة المجتمع الدولي وبخاصة الجانب الأمريكي. فقد فعلتها الجماعة من قبل، بمباركة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، حين أعلنت عن تعديلات الإخوان الأولى على الإعلان الدستوري وحين أعلنت عن عزل رموز المجلس العسكري في شهر أغسطس الماضي.


اليوم تكشف جماعة الإخوان ستاراً جديداً عن شخصيتها الحقيقية التي نجحت في إخفائها، عن عيون من لا يعون دروس التاريخ في، فترة المرحلة الإنتقالية التي تلت الخامس والعشرين من يناير. تكشف الجماعة عن صورتها الدكتاتورية التي لا تحترم الشرعية والديمقراطية والرأي الأخر. الطاغوت الإخواني ليس كالسابقين من الطواغيت التي حكمت مصر، ولكنه طاغوت من نوعية جديدة. ففي حين لم تكن للطواغيت السابقة أية أسس دينية أو أيديولوجية تساندها، فإن الطاغوت الجديد يقوم على أسس دينية بحتة ويستمد قوته من "شرع الله" الذي يحرم الخروج على ولي الأمر. الأمر هنا مختلف ومخيف لأن مواجهة جبروت الطواغيت السابقة تطلبت فقط شجاعة وصبر وتضحية. أما الطاغوت الذي نحن بصدده اليوم فهو مسألة دينية بحتة، ومواجهته تتطلب فتاوى تحللها، وهو الامر الذي يمكن أن يؤدي إلى تقسيم مصر إلى قسم إسلاموي متطرف يؤيد الإخوان وقسم مسلم مدني معتدل تؤيده الأقليات الدينية الأخرى.


انقلب الإخوان بتعديلاتهم الدستورية واعتدائهم على السلطة القضائية على كل التيارات المدنية المصرية سواء التي ساندتهم في معركة الرئاسة أو التي لم تساندهم ووقفت على الحياد. أذكر أن عدداً كبيراً من المدنيين الذين أيدوا ممثل المرشد العام في انتخابات الرئسة زعموا أن تغيير نظام إخواني حال انقلب على مكتسبات الثورة الديمقراطية سيكون أسهل كثيراً من الانقلاب على أي نظام دكتاتوري أخر. ترى هل يفكر هؤلاء بنفس الطريقة اليوم بعدما اعتدى الإخوان على كل أساس شرعي جاء بهم إلى السلطة؟ ترى هل يجرؤ هؤلاء اليوم على النزول إلى الشارع لعزل ممثل المرشد العام لدى مؤسسة الرئاسة؟


إن مصر اليوم تمر بمرحلة عصيبة من تاريخها. المستقبل يبدو داكناً لأن الإخوان لن يتركوا السلطة من دون دماء وحرب أهلية هم مستعدون لشنها إن استدعت الأمور. أما القوى المدنية فهي مأسوف عليها لأنها بشكل كبير ساهمت في إضفاء الشرعية على الجماعة المتطرفة حتى جاءت إلى السلطة وأعطتهم ظهرها. أخشى أن تخور قوى الحركات الوطنية بسهولة أمام جماعة الإخوان التي تفخر بالجهاد ولا تحترم الحياة وترحب بالموت على أنه استشهاد.


كم أتمنى أن يصلح المجتمع الدولي من خطئه بالاحتفال بما قيل أنه دور فعال لممثل المرشد العام لدى مؤسسة الرئاسة المصرية في إقرار هدنة غزة. على المجتمع الدولي أن يدرك أن السلام والهدنة ليست إلا تكتيكاً تستخدمه جماعة الإخوان المسلمين لابتزاز العالم. السلام مع إسرائيل واليهود ليس استراتيجية إخوانية على الإطلاق، الحرب وطرد اليهود من المنطقة هما الأساسان اللذان تقوم عليهما استراتيجية الإخوان. ولقد أكد ممثل المرشد العام لدى مؤسسة الرئاسة المصرية على هذا المفهوم حين قال قبل أيام قليلة بأن المستقبل القريب سيشهد نهاية أبدية لمعاناة فلسطينيي غزة. ويخطيء خطأً جسيماً من يظن أن ممثل المرشد كان يعني السلام الدائم بين الغزاويين والإسرائيليين، فما قصده هو أن الهدنة أمر مؤقت لأنه لم يحن الوقت لمواجهة إسرائيل التي ستمكنهم من محوها من خريطة العالم.


لقد أكد احتفال المجتمع الدولي المبالغ فيه بالدور الذي قيل أن ممثل المرشد العالم بمؤسسة الرئاسة المصرية لعبه أنه لا يفهم عقلية أو أيديولوجية الإخوان. وأرجو ألا يتعامى المجتمع الدولي عن المفاهيم الإخوانية للجهاد والخلافة والأممية الإسلامية. الإخوان لا يعترفون بإسرائيل ولن يفعلوا. الإخوان ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على إسرائيل، فهم يمتلكون من الذكاء ما يكفي لاتخاذ القرارات التكتيكية المناسبة لكل مرحلة، والقرار الأنسب لهذه المرحلة، في ظل عدم الاستعداد العسكري، هو الهدنة. أرجو أن يتصدى المجتمع الدولي للإخوان المسلمين قبل فوات الاوان وألا يبتلعوا طعم هدنة غزة التكتيكية، فثمن جهل المجتمع الدولي بحقيقة أيديولوجية الإخوان المتطرفة سيدفعه الأبرياء المصرييون من حرياتهم وحقوقهم ودمائهم.

josephhbishara@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الضامن المتضامن الوحيد
El Asmar -

إسرائيل تعتز بصداقتها مع مرسي والإخوان وامريكا فخورة بسلوك مرسي والإخوان خلال التفاوض على ايقاف هجمات حماس الصاروخية على مدن وقرى إسرائيل. والجميع يهنئ إسرائيل على فض الإشتباك الاخير بين التنظيم ًالإرهابيً حماس وجيش الدفاع الإسرائيلي باقل الخسائر وافضل النتائج. كثيرون يعرفون جيدا ان تنظيم الإخوان بشيوخه واكابره على إستعداد لعمل اي شئ في مقابل إنقاذ حياة زعماء الأخت "الإرهابية" حماس من القتل على يد جنود جيش ومخابرات إسرائيل. بعد ان هددت إسرائيل بقتل إسماعيل هنية و خالد مشعل في اي مكان يختبؤن فيه وبعد ان اثبتت إسرائيل لهم انها قادرة على قتل اي "إرهابي", يهدد مواطنيها, في اي مكان في العالم. ارسل مرسي فوراً رئيس وزراءه قنديل الى قطاع غزة ليحمي بجسده ومركزه زعماء حماس من هجمات الطيران الإسرائيلي وصاحبهم الى مخبأ امن في رفح المصرية لحين التوصول لمعاهدة سلام مع إسرائيل. مرسي والإخوان على إستعداد لإعطاء إسرائيل اي شئ وكل شئ سرا وعلنا في مقابل ان تتركهم إسرائيل في حالهم. نحن لا نعرف ما هي تنازلات مرسي والاخوان لدولة إسرائيل ولكننا نعرف ان مرسي ووشيوخه استولوا بقرارات مرسي الاخيرة على جميع سلطات الدولة واعلانوها ديكتاتورية رسمية يحكمها ويتحكم فيها المرشد ومرسيه بامر الله. جاء إعلانها ديكتاتورية فوراً ومباشرة بعد معاهدة السلام الجديدة مع اسرائيل؟, بالطبع لحماية انفسهم من المسائلة والعقاب إذا خرجت اسرار هذه المعاهدة للضوء. مرسي وباقي افراد التنظيم يخافون الفضيحة, وهم بخوفهم هذا هدف جيد للإبتزاز, من جميع الاطراف العالمة باسرارهم, والعالمون باسرار الإخوان هم حماس, الموساد, والسي اي إيه واخرون كثيرون. لماذا يوافق الإخوان على وقف إطلاق الصواريخ الغزاوية على إسرائيل وفي نفس الوقت يرفضون نزع سلاح حماس وباقي خلاياهم النائمة في غزة وسيناء وعشوائيات القاهرة والاسكندرية ومدن القناة؟ ضد من سيستخدمون هذا السلاح, إذا لم يكن ضد إسرائيل؟ لقد وافق مرسي على تحمل عقبات اي خرق للمعاهدة بصفته رئيساً لمصر وجيشها, بمعنى انه الضامن المتضامن الوحيد للإتفاق مع إسرائيل. وهذا كان اهم شروط الموساد لوقف الزحف الإسرائيلي على غزة.