فضاء الرأي

انتقادات إسرائيلية حادة لموقف أمريكا من «الدولة الفلسطينية المراقبة»!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، انتقادات حادة للإدارة الأمريكية على ما أسموه بتقصيرها وعدم استخدامها لكافة وسائل الضغط التي تمتلكها لمنع السلطة الفلسطينية من التوجه للأمم المتحدة بطلب رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب.

ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية، في عددها الصادر الأحد، عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله:" الأمريكيون يعارضون توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة، وأوضحوا موقفهم هذا للفلسطينيين، لكنهم ولسبب غير مفهوم، لا يستعملون وسائل الضغط التي يمتلكونها؛ حتى يجبروا الفلسطينيين على النزول عن الشجرة خاصة، وأننا كنا مستعدين لابتلاع إطار أو اقتراح غير مريح لنا لاستئناف المفاوضات، مقابل عدم ذهاب الفلسطينيين للأمم المتحدة، لكن الأمريكيين غير مستعدين لذلك".

افتراق الموقف الأمريكي عن الإسرائيلي:
هنا، إذن افترق الموقف الأمريكي عن الإسرائيلي، في جدية الوقوف أمام المسعى الفلسطيني المؤكد؛ لنيل دولة غير عضو في الأمم المتحدة تجعل من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967م أراضي محتلة، دوليا، وليست أراضي مُتنازَعاً عليها، كما تدعي إسرائيل، وهذا يجعل تصرفات إسرائيل فيها من استيطان في الضفة ومحيط القدس، وتهويد للقدس تصرفاتٍ احتلالية، لا شرعية لها، بل إنه قد يُمكِّن تلك الدولة الفلسطينية، بصفة مراقب، من محاكمة إسرائيل على جرائم الاحتلال في محكمة العدل الدولية، وهذا قد يضيِّق الخناق على الاحتلال، وأطماعه الاستيطانية التوسعية، ولا سيما في ظل اليمين الصهيوني...

هذا الانتقال في الصراع من التفاوض إلى التدويل لا يتفق مع ما تريده إسرائيل من طريقة للحل تقتصر على التفاوض الثنائي، وكذلك لا يتفق مع الطريقة الأمريكية التي لم تكن تفضل التدويل، وترغب في إبقاء أوراق الحل بيدها، أو برعايتها الفعلية.

ولكن بعد أن اصطدمت إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما بالتعنت اليميني الذي على رأسه نتنياهو، ولم تعد تملك من أوراق الضغط سوى دعوة الأطراف إلى مجرد العودة إلى التفاوض، ولو على الطريقة الـــ"نتنياهوية" الغائمة، وغير المشروطة، لم يعد للسلطة التي طالت مراوحتُها في مكانها، وطالت مفاوضاتها التي غطت على الاستيطان الذي تَكثَّفَ وتَوسَّع، لم يجد أبو مازن سوى هذا الخيار.

وقد حرصت السلطة على إظهار أزمتها المالية البنيوية؛ لتؤكد على أن لا مقومات لمثل هذا الكيان الفلسطينية، دون أن تنضم إليه مناطق الريف الفلسطيني المصنفة "c" والتي تمثل رافدا أكبر للموارد والأراضي، ومجالا للتوسع الزراعي والإنتاجي.

فمن الناحية النظرية لا يُستغرب الموقف الأمريكي غير المتشدد من توجه الفلسطينيين إلى الجمعية العامة، ما دام أن مشروع السلطة وتطويرها هو مشروع أمريكي، ودولي، وعربي رسمي، وفي هذا السياق تُفهم التحذيراتُ التي نقلتها الصحافةُ الإسرائيلية عن وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، إلى إسرائيل من أن أي إجراءات عقابية، ضد السلطة الفلسطينية، ستؤدي إلى انهيار السلطة، في الوقت الذي تعززت فيه قوةُ حركة حماس، بعد العدوان على قطاع غزة.

الضَّربُ في الميِّت:
السلطة الفلسطينية من الناحية الفعلية كالمريض في غرفة الإنعاش، بعد أن اعتمدت على التفاوض، وجربته، طريقا وحيدا منذ اتفاق أوسلو، 1993م، ما يزيد عن 19 عاما، برغم أنها استوفت كل ما طُلب منها، اقتصاديا، وأمنيا، بشهادات دولية، وأمريكية، وحتى إسرائيلية، لكن اليمين الحاكم في إسرائيل يتذرع بضعف عباس، وعدم سيطرته على كامل الفلسطينيين، وخروج قطاع غزة إلى حكم حماس.

أبو مازن يهدد بالعودة إلى بيته:
وبعد العدوان الأخير على غزة، والأداء الجيد الذي أدته فصائلُ المقاومة، وعلى رأسها حماس، زاد ضعف السلطة، وأبو مازن، ولذلك لَحَظْنا اختلافَ تعامل السلطة مع التحركات الشعبية المؤيدة لغزة، عن تعاملها مع مثل تلك التحركات في عدوان 2008م -2009م، حتى إنَّ إسرائيل انتقدت عباس بسبب "امتناعه عن إدانة هجمات فصائل المقاومة على مدنها وتجمعاتها".

فمن الناحية السياسية والشعبية لم يعد أمام عباس إلا هذا الخيار الدبلوماسي، بل ازداد تصميما عليه، وتنقل صحيفة هآرتس أنَّ "أبو مازن رد على التهديدات بأنه في حال اتخذت إسرائيل إجراءات عقابية من السلطة الفلسطينية، مثل تجميد أموال الضرائب وغيرها من الإجراءات، فإنه سيدعو نتنياهو إلى المقاطعة في رام الله، ويسلمه المفاتيح، ويعود أبو مازن إلى بيته.".

فرص النجاح ووسائل الضغط:

المؤشرات على أنَّ المسعى الفلسطيني لنيل دولة غير كاملة العضوية سيُكلل بالنجاح، وأن العدد الكافي لذلك من الدول قد توفر، وأن جهود إسرائيل لإقناع الدول بالمعارضة، أو على الأقل، الامتناع عن التصويت، قد أحبطت، ولا سيما مع الدول الأوروبية الرئيسية.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار تراجع قدرة إسرائيل على تحقيق انتصارات حاسمة، ومنها مؤخرا، غزة، التي استطاعت أن تحقق انتصارا معنويا على إسرائيل، بتهديد أهم "مدنها" وإجبار عشرات الآلاف على اللجوء إلى الملاجىء... فإن رسائل غير مباشرة، وأخرى صريحة، ستكون أكثر نفاذا إلى العقلية الحاكمة في إسرائيل، الرسمية والشعبية: بأنَّ الوضع الحالي المُعلَّق، غيرُ قابل للاستمرار، وأن الأساليب الأمنية، وما يسمى بالردع ليس كافيا لتحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل، على المدى البعيد، وحتى القريب.

المتغيرات العربية:
وتزداد هذه الرسائل تركيزا، حين ترى إسرائيل مواقفَ عربية، مختلفة، ومؤيدة لغزة، جاءت من مصر، ومن تونس، ومن الجامعة العربية نفسها، مربوطة بالحديث عن ضرورة إنهاء الاحتلال، والتذكير بالمبادرة العربية، وتَقِلُّ فرصُ اليمين الإسرائيلي للتذرع، حين يصرح خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، بأنَّ حماس تقبلُ بدولة على حدود عام 1967م، مع حق العودة، والقدس عاصمة لها، مع استعداد حماس للجوء إلى الوسائل السلمية البحتة، دون دماء، إذا أُنهِي الاحتلال، والجدار العنصري، موضحا، في مقابلة مع شبكة "CNN" مؤخرا: " أن الاعتراف بإسرائيل،: " تقرره الدولة الفلسطينية بعد إنشائها."

وقد تصبح إسرائيل أكثر قناعة بتقبُّل الحلول، بعد إنهاء الانقسام، وتبلور الإرادة الفلسطينية، والتئامها مع المحيط العربي، ولا سيما بعد أن انخرط الإخوان المسلمون، من خلال، رئيس أهم دولة عربية، وهي مصر، في جهود (الاستقرار) والتهدئة، وليس بعيدا عنها السلام.

وكلُّ ذلك يندرجُ في الضغوط السياسية والدبلوماسية، ولا تعني، بالضرورة، تمكينَ الفلسطينيين من أدوات مادية ملموسة، أو حتى قانونية ملزمة، ما لم تتوفر إرادةٌ دولية حقيقية لذلك.
o_osaamah@hotmail.com.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف