لا حياد عند تقرير المصير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إلى جميع أصدقائي الأعزاء الذين لم يعلنوا عن موقفهم من ديكتاتورية الرئيس محمد مرسي وقراراته ودستوره: مع إحترامى الشديد لكم جميعا ولحقكم في أخذ أي موقف تريدون إتخاذه، أرى أنه قد حان الآوان لتأخذ موقفا حازما مما يحدث فى مصر! عذرا فقد إنتهى وقت الحديث عن الاستقطاب ومحاولات جميع "أطراف النزاع" لإحتلال رأسك المستقلة وحان وقت العمل معا من أجل تحقيق ما نؤمن به لعزة مصر!
أختي وأخي، لقد دافعت عن الإخوان المسلمين وهم يعتقلون عشوائيا على مدى العقود السابقة وحاربت النظام السابق على مدى عقود من أجل محاكمات عادلة لهم بعيدة عن قانون الطوارئ والمحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة، على الرغم من أننى لم أكن يوما- على الأقل منذ بلوغي ونضجي -متعاطفا مع الإسلام السياسي أو مع فكرة سيطرة الإخوان المسلمين فى السلطة! وعندما قامت ثورة 25 يناير وظهرت إحتمالات وصول جماعة الإخوان إلى الحكم، لم أدع خوفى من الإسلام السياسي يضعف من إيماني بالثورة ودعمي لها! لم أدع تخوفي على مستقبل حقوق الإنسان فى ظل الدولة الدينية أو أصوات الحرس القديم محاولة ترويعي ن يحيدوني عن تأييد الثورة ومطالبها المشروعة من أجل العيش والحرية والعدالة الإجتماعية!
لم أنكر حق الإخوان المسلمين أو غيرهم من أن يعرضوا تصوراتهم المستقبلية لمصر وأن يشاركوا كأبناء لهذا البلد فى بناء مصر الحديثة! ولكني حزنت عندما أتى السعي المتعجل وإجراءات المجلس العسكري فى النهاية بديمقراطية صندوق لم تترك للشعب إلا خيارا ما بين من يريدون العودة بمصر إلى الوراء عدة شهور ومن يريدون العودة بها عدة قرون!
وربما كنت سأكون أكثر تعاطفا مع الإخوان المسلمين لو لم يتعهدوا عندم قرروا الاتحاق الثورة الا يرشحوا من بين صفوفهم أحدا لمنصب رئيس الجمهورية و بأنهم لن يحاولون تعدي نسبة معينة فى عضوية البرلمان ولو لم يعلن المرشح مرسي فوزا مبكرا ولو لم يحتل أعضاء الجماعة ومؤيدي مرسي ميادين مصر الكبري بما فيها التحرير مهددين بعنف وحرق إذا لم يعلن فوز مرشحهم! ولكن على الرغم من تحفظاتي الكثيرة قبلت بما أعلنه القضاء من نتيجه وتمنيت من أعماق قلبي وعلى الرغم من شكوكي أن يكون الرئيس المنتخب هو مينا مصر الجديد الذي جاء ليوحد صفوف المصريين، و يقوم بما يلزم من عمل على أرض الواقع من أجل بناء التحالفات والثقة والتعاون مع القوي السياسية والاجتماعية فى مصر من أجل بناء مؤسسات الدولة الحديثة!
بكل أسف لم يأتي مينا جديد بل ظهر فرعون آخر بوجه قديم نعرفه جيدا-ظهر لنا جيدا بعد أن أصدر إعلان دستوري أطاح من خلاله بما استمد من شرعية الصندوق معلنا بأنه لن يسأل عما فعله منذ أن تسلم الحكم وحتى إخطار آخر! لم يأتي مرسي موحد فئات الشعب بل جاء مرسي موحد سلطات الدولة! لم يستطع الرئيس مرسي تفهم أن الديمقراطية التي أتت به إلى السلطة هى نفس المنظومة التى تسمح لخصومه الساسيين الخيار لمساندته أو للعمل على إسقاطه، وأن الدرس الأول فى الديمقراطية هو أن يحاول المسئول المنتخب النجاح من خلال التحالف وبناء الثقة مع الخصوم وليس بمحاولة شل المعارضة وإضعاف الديمقراطية من أجل مكسب قد يخدم رؤيته الايديلوجية الخاصة والتي ربما لا تعكس آمال وأحلام الشعب العريضة! نعم يجب أن تكون هناك صلاحيات للرئيس كي يقوم بواجبه، ولكن ليس من المنطقي أن يتوقع الرئيس أن تسمح له المعارضة أو السلطة الأخري المتبقية على الساحة وهي القضائية-تسمح له بأن يصول ويجول خاصة فيما يتعلق ببناء القاعدة التى ستبنى عليها مؤسسات دولة مصر الحديثة ويقوم عليها مستقبلها! هذا لا يحدث فى أي ديمقراطية فى العالم! الرئيس الأمريكي قد يقضى طوال مدة حكمه دون القدرة على تحقيق سياساته لأنه لا ينعم بدعم الكونجرس له!
ما يؤسفني حقا فى موقف الرئيس مرسي ومؤيديه أن القوي السياسية والاجتماعية والسلطة القضائية التى يحاربونها الآن لم تحاول أن تضعف من إنجازات الرئيس فى إطار أى عمل له من أجل بداية عملية البناء والتنمية الاقتصادية أو تحسين البنية التحتية للمرافق فى مصر مثلا ولم يحاول أحدا أن يعطل أي جهود فيما أسماه بمشروع النهضة، وأن معظم جهود المعارضة هى من أجل عدم السماح للإسلام السياسي بالأنفراد بفرض حقائق سياسية ودستورية تدفع ثمنها مصر لعقود وربما قرون مقبلة! لقد أعطت الديمقراطية للرئيس مرسي والإخوان المسلمين الفرصة لكي يثبتوا حسن نيتهم تجاه مستقبل المصر لا لأن ينفردوا بالحقيقة المطلقة من خلال إعلان دستوري ديكتاتوري ودستور لا يعكس آمال وآحلام الشعب الطيب ولا مطالب الثورة! لن أكتب هنا عن إخفاقات مشروع الدستور لأن هناك العديد من الآراء المهنية المحترمة التى كتبت الكثير عن مدي تخلف المواد الدستورية عن ركب التطور الحقوقي العالمي وعن الالتزامات الدولية لمصر طبقا لما وقعته من إتفاقيات ملزمة قانونيا بإحترام الحقوق الأساسية لحقوق الأنسان
ربما اعتقد البعض أن المخرج الوحيد الذى يحفظ سلام مصر هو أن ترجع المعارضة عن موقفها وتخلى التحرير وتبتعد عن قصر الإتحادية وأن تترك الرئيس يقوم بعمله وأن "تعطي له الفرصة"! إذا كان هذا هو رايك فيجب أن تعرف أنك تساند فكرة أنفراد الاسلام السياسي بعملية إرساء قواعد الدولة الاسلامية وبان الوسيلة الوحيد لإخراج الإخوان من الحكم سيكون عن طريق ثورة أخرى! هناك فرصة لمخرج آخر جديرة به مصر الا هو أن يقوم الرئيس مرسي بإلغاء الإعلان الدستوري وكل أعمال ومنتجات اللجنة التأسيسة للدستور وأن يمد يده بإخلاص لجميع القوي السياسية والإجتماعية فى مصر من أجل بناء قواعد حقيقة لدولة ديمقراطي حديثة جديرة بتارخ شعب مصر العظيم! هذه مرحلة تاريخية وحاسمة ستقرر مستقبل مصر وستقرر مكان الرئيس مرسي فى كتب التاريخ! وعلينا أن نقرر الآن وأن نعلن صوتنا على الملأ حتى يسمع السيد الرئيس.
هذا هو موقفي، ولن أدع من يتحدثون عن إستغلال المغرضون وعن مايسمون بالفلول لموقفي هذه أن يحيدونني عن مؤازرة من يدافعون عن الديمقراطية مثلما لم أدع خوفى من الإسلام السياسي أن يثنيني عن مؤازرة أخواتي وإخواني ثوار 25 يناير! الحق بين والضلال بين، والخيار لكل منا.