فضاء الرأي

الإفلات من العقاب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عادت رابطات "حماية الثورة" إلى مسرح الأحداث الوطنية في تونس وخطفت الأضواء مجددا في الذكرى الستين لاغتيال الزعيم الوطني فرحات حشاد، بعد أحداث العنف الدامية التي شهدتها بطحاء محمد علي مؤخرا، والتي يبدو أن هذه الرابطات التي يعتبرها البعض الذراع العنيفة لحركة النهضة الإخوانية الحاكمة متورطة فيها.ويؤكد أكثر من طرف بأن هذه الرابطات - التي نصبت نفسها حاميا للثورة التونسية رغم انتخاب مؤسسات شرعية تدير شؤون البلاد - لا علاقة لها من قريب أو بعيد بلجان حماية الثورة التي تشكلت أيام الإنفلات الأمني إثر هروب بن علي من البلاد والتي اضطلعت بمهمة حفظ الأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة وعاد عناصرها لممارسة حياتهم اليومية ولم يتنظموا في جمعيات ولم ينصبوا أنفسهم حماة للثورة وناطقين رسميين بإسمها.لقد اعتقد كثيرون بأن هذه الرابطات ستختفي ولو مؤقتا عن الساحة السياسية وستمتنع ولو مؤقتا أيضا عن الإعتداء على معارضي حركة النهضة - سواء كانوا سياسيين أو نقابيين أو إعلاميين أو غيرهم - بعد حادثة اغتيال المرحوم لطفي نقض (مواطن تونسي وقيادي بحزب نداء تونس الذي يرأسه رئيس الحكومة الباجي قائد السبسي المعارض لحركة النهضة) في مدينة تطاوين الجنوبية التونسية والتي أساءت كثيرا لصورة الخضراء في الخارج وأثارت الكثير من ردود الأفعال التي استنكرت في أغلبها هذا الفعل الإجرامي.إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل وواصلت هذه الرابطات العبث باستقرار البلاد وأمنها فاقتحمت المجلس الوطني التأسيسي دون إذن، واعتدت على النقابيين في معقلهم بساحة محمد علي بقلب العاصمة التونسية في يوم "مشهود" ( خلال إحياء النقابيين للذكرى الستين لاغتيال عصابة اليد الحمراء الفرنسية للزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد). ولم يسلم من "شرها" "أصحاب النفوس الطيبة" من الساسة المسالمين "غير العدوانيين" على غرار وزير التشغيل السابق والقيادي في الحزب الجمهوري سعيد العايدي الذي يشهد خصومه السياسيون قبل أنصاره وحلفائه بدماثة أخلاقه وسعة صدره لكل أشكال النقد بالإضافة إلى رصانته وهدوئه وتواضعه.ولعل الدافع الرئيسي لاستمرار هذه الرابطات في إتيان "المنكر" قولا وفعلا هو التشجيع الضمني الذي تتلقاه من حزبي حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية الحاكمين، اللذين ينخرط منتمون إليهما في هذه الرابطات، ما يفسر الدفاع المستميت لبعض أعضاء الحكومة التونسية المؤقتة سواء في المنابر الحوارية أو في بعض التصريحات عن حق هذه الرابطات في ممارسة نشاطها الذي يراه جانب مهم من الرأي العام التونسي، إجراميا ومخالفا للمرسوم "الثوري" المنظم للجمعيات الصادر سنة 2011 والذي يمنع منعا باتا انتهاج العنف من قبل الجمعيات الناشطة في المجتمع المدني لتحقيق الأهداف ويمكن رئاسة الحكومة من حلها في حالت جنحت إلى العنف.كما أن لجان التحقيق "الوهمية" التي تتشكل من حين لآخر للنظر في بعض الإنتهاكات (الموثقة بالصوت والصورة) التي ترتكبها هذه الجماعات "المارقة"، والتي تلعب من خلالها الجهات الحاكمة على عامل الزمن لمحو آثار هذه التجاوزات من ذاكرة التونسيين ولامتصاص غضبهم لحظة وقوع هذه الحوادث، تساهم في تشجيع هذه الرابطات على المضي في "غيها" غير عابئة بالسلم الأهلي ضاربة به عرض الحائط. فأين هي نتائج التحقيق في حوادث 9 أفريل يوم خرج التونسيون للإحتفال بعيد الشهداء فكالت لهم هذه الرابطات ما شاء الله من السباب والشتائم والضرب المبرح على مرأى ومسمع من رجال الأمن ولم يتم إيقاف المعتدين رغم أن صورهم عرضت على أكثر من شاشة وفي أكثر من موقع تواصل إجتماعي على الشبكة العنكبوتية؟ وأين هم الذين لم يسلم منهم حتى أعوان الأمن حين خرجت النقابات الأمنية ذات صباح للتظاهر في ساحة القصبة من أجل مطالب إجتماعية ومهنية؟لقد تحولت تونس إلى "جنة" لارتكاب الجرائم والتفصي من العقاب لا تختلف عن الجنان الضريبية التي ترتع فيها عصابات تبييض الأموال والجريمة المنظمة. فحين يدنس قبر الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وتطل تلك النائبة النهضوية على الرأي العام مدعية بأن مرتكب هذا الفعل حل ركبه بمدينة المنستير للترحم على "المجاهد الأكبر"، وحين يخرج وزير نهضوي ويدعي أن عناصر رابطات حماية الثورة تواجدت بساحة محمد علي معقل اتحاد الشغالين لتحتفل بذكرى حشاد وهي المحملة بالهراوات والحجارة، فإن الإفلات من العقاب يصبح سياسة حكومية ممنهجة لا محيد عنها.لكن هذه السياسة المتوخاة من قبل "أقوى حكومة في تاريخ البلاد" - بحسب وزير يعتقد بأن في عصر قرطاج وقائدها الأسطوري حنبعل لم تكن هناك حكومات منتخبة ولا صناديق اقتراع، ويبدو أنه لم ينهل من كتابات أرسطو ولم يتعرض لإعجابه الشديد بديمقراطية قرطاج، مثلما اختلطت في ذهن هذا الوزير سابقا مدن اسطنبول وأنقرة وإزمير وديار بكر وأنطاكيا وغيرها حتى عجز عن معرفة معقل صديق حركته أردوغان وعاصمة حكمه - ينتفع بها أنصار الحكومة دون غيرهم. فيما يد القضاء "مبسوطة" "غير مغلولة" لكن للضرب بقوة على من تخول له نفسه انتقاد من "رضي الله عنهم" من حكام تونس الجدد الذين "طلعوا كالبدر علينا" من ثنيات التايمز اللندني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ظاهرة عربية
تونسي حر -

الإفلات من العقاب ظاهرة ليست تونسية فحسب وإنما عربية. فكل من يكون مع الفريق الحاكم يفلت من العقاب و يحاسب إلا ممن ينقلبون على حكم نظامه. لم نشهد في بلداننا العربية جهة سياسية تحاسب أنصارها إذا أخطؤوا.

ظاهرة عربية
تونسي حر -

الإفلات من العقاب ظاهرة ليست تونسية فحسب وإنما عربية. فكل من يكون مع الفريق الحاكم يفلت من العقاب و يحاسب إلا ممن ينقلبون على حكم نظامه. لم نشهد في بلداننا العربية جهة سياسية تحاسب أنصارها إذا أخطؤوا.

لا يعجبكم العجب
أبو محمد -

التونسيون لا يعجبهم العجب ثاروا على بورقيبة وعلى زين واليوم على الإخوان. بالله عليكم من تريدون أن يحكمكم. على نلغي الحكام من الوجود ونترك الشعوب في الفوضى؟

لا يعجبكم العجب
أبو محمد -

التونسيون لا يعجبهم العجب ثاروا على بورقيبة وعلى زين واليوم على الإخوان. بالله عليكم من تريدون أن يحكمكم. على نلغي الحكام من الوجود ونترك الشعوب في الفوضى؟

رغم الداء
أمان الله -

رغم الداء والأعداء تونس تسير بخطى ثابتة نحو الديمقراطية. كفاكم تشاؤما ووضعا للعصا في العجلة. فالبلاد في أيدي أمينة رغم كيد الكائدين.

رغم الداء
أمان الله -

رغم الداء والأعداء تونس تسير بخطى ثابتة نحو الديمقراطية. كفاكم تشاؤما ووضعا للعصا في العجلة. فالبلاد في أيدي أمينة رغم كيد الكائدين.

فقط في مخيلتك
عاشق إيلاف -

إلى المتدخل الثالث أمان الله، تونس تسير بخطى ثابتة فقط في مخيلتك.