أصداء

أيها السوريون: خمسة دقائق قبل منتصف الليل 2-2

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


كنت قد انهيت الحديث السابق بالسطور التالية:
"مصر اليوم هي درس وعبرة لكل السوريين، اذ ان المصريين هم على ابواب حرب اهلية بسبب عدم الاتفاق على مسودة دستور مسبقا في الوقت المناسب. هذا التشظي والاستقطاب لشعب مصر لم يحدث في تلك الايام العصيبة اثناء الثورة ضد نظام مبارك الاستبدادي.
التجربة المصرية الحالية اثبتت للجميع ان مجرد الذهاب الى صناديق الاقتراع لا تحل المشاكل بل تعقدها في غياب التوافق على دستور يشعر فيه كل مواطن انه يجد فيه نفسه."
مالعمل اذا؟

لاجل انقاذ المستقبل السوري لا بد من التوافق على مسودة دستور منذ الآن وباسرع وقت وليس بعد سقوط النظام. من الناحية العملية والواقعية يمكن البدء باعداد ثلاثة مسودات او اكثر وذلك بناءً على التوجهات والمحاور والائتلافات السياسية السائدة في سوريا وهي:
ــ مسودة علمانية ليبرالية.
ــ مسودة لاعلمانية اي اخوانية يعتمد الاسلام كمصدر وحيد للتشريع.
ــ مسودة يعدها الكرد وباقي الاقليات.
كما يمكن التعاون بين فصيل وآخر مثلا الليبراليون والاقليات معا.
بعد الانتهاء من كتابة تلك المسودات يتم فرز كل المواد التوافقية في مسودة واحدة اي مسودة الاجماع وبعدها تبدأ النقاشات حول مواد الاختلاف والوصول الى الحد الممكن للاجماع على مسودة واحدة ترضي الجميع وهو امر صعب.
اذا استمر عدم التوافق على بعض المواد خارج مسودة الاجماع عندها يمكن النظر فيها بعد سقوط النظام.
المواد التي ستكون موضوع الخلافات الرئيسية معروفة وهي:
ــ دولة علمانية او دولة اساسها الاسلام والشريعة.
ــ دولة مركزية او لامركزية وهذه الاخيرة لها انماط مختلفة.
ــ هل سيكون الفرد اهم من الدولة وحريته مقدسة ام ان الدولة مقدسة وسيظل الفردعبيدا في خدمة الدولة؟
ــ هل سيتم الانتماء الى المجتمع الدولي الحضاري بما فيه المعاهدات الدولية لاسيما في مجال حقوق الانسان والمحاكم الدولية وتطبيق قراراتها واعطاء المواطن الحق في اقامة الدعاوى الفردية ضد الحكومة والدولة في المحاكم الدولية؟.
مثل هذه المسودات الدستورية يمكن العمل عليها من قبل معارضات الخارج حيث لديهم فضاء زمني واسع وكذلك الاستفادة من تجارب الدول التي يتواجدون فيها، ثم ان معارضات الداخل الوطنية ليس لديهم وقت وظروفهم غير مناسبة بسبب المعارك واجواء الحرب.

الدساتير في الانظمة الديمقراطية هدفها الاساسي هو توسيع مجال الحريات للفرد والمجتمع وحمايتهم من الدولة والحكومة وفي نفس الوقت صيانة تلك الحريات وحمايتها وكذلك حماية الاقليات من الاكثرية.
الدساتير في منطقة الشرق الاوسط بعيدة كل البعد عن روح واهداف الدساتير الحضارية والسبب هو قداسة الدولة والاستهتار بالفرد وانسانيته ولذلك نجدها مليئة بالممنوعات بدلا من ترسيخ وتوسيع مجال الحريات.
ليس هناك مجال حتى لمجرد اجراء مقارنة بين العالم الحر والعالم المتخلف. تقدم وتخلف الشعوب يمكن معرفتها بالقاء نظرة على دساتيرها. الشعوب المتخلفة لا تثق بافرادها.
الانسان عندنا عبد للدولة وعندهم الدولة موجودة لاجل الانسان الفرد. الدول ليست اصنام لتعبدها الشعوب.

الدستور يتم صياغته من قبل السياسيين وليس من قبل الحقوقيين ورجال القانون كما يظن الكثيرون ويختصر عمل الحقوقيين في تلافي التناقض بين مواد الدستور كعمل بيروقراطي وتقني.
تركيا تعمل الآن على صياغة دستور جديد من قبل رجال السياسة. هيئة الصياغة تتألف من 12 برلمانيا ينتمون الى اربعة احزاب ممثلة في البرلمان حيث لكل حزب اربعة اعضاء بالرغم من ان حزب العدالة والتنمية له 225 نائب والحزب الجمهوري حوالى 100 والحزب القومي العنصري التركي حوالى 70 والحزب الكردي حزب السلم والديمقراطية 36 نائب. لكل حزب حق النقض على اية مادة ولا يمكن تمريرها الا بالاجماع وتترك مواد الخلاف للمناقشة لاحقا بعد الاتفاق على المواد التوافقية.

اقدام تركيا على هذه الخطوة هو ان اي دستور لا يمكن ان ينجح في ادارة الدولة دون التوافق بين كل اطياف المجتمع وذلك بعد الفشل الذريع لدستور 1961 ودستور 1982 اي دستور افرن الانقلابي والمعمول به حتى الآن وكلا الدستورين صاغه فطاحل الحقوقيين من اساتذة كليات الحقوق بل اشترك فيها مشاهير الحقوقيين الاجانب من الاوربيين ولهذا تُرك الامر للسياسيين.
العقبة الكأداء امام الوصول الى دستور توافقي في تركيا هي القضية الكردية وهوية الدولة التي ستصبح " مواطني تركيا " بدلا من " الشعب التركي ". في الواقع تم الاتفاق على هوية الدولة ونقاط الخلاف تتمحور الآن حول الشكل الذي ستدار فيه المناطق الكردية من قبل الشعب الكردي والذي هو السبب في الحرب الكردية التركية منذ ثلاثين عاما بالاضافة الى عقبة العلمانية وتعريفاتها وتفسيراتها والانتقال الى النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني الحالي وهو طموح يسعى اليه السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة ومن الصعب جدا نجاحه في ذلك.

اذن زيادة الاصوات في صناديق الاقتراع لا يعني الحق في التفرد في صياغة دستور ما، فالسيد اردوغان حصل على اكثر من 50 بالمئة من الاصوات ولكنه يعلم جيدا ان اي انفراد في فرض دستور سوف يعني تفكك البلاد. صناديق الاقتراع هي لاجل تبادل السلطة بين القوى السياسية وليس الاستيلاء على ارادة وحرية الشعوب.
المأساة هي اننا نعيش " امية سياسية " وفكرية في شرقنا قل نظيرها في العالم.لازال الانسان عندنا رقما في القطيع وكل ما تفتقت عنه ادمغة السياسيين في المعارضات السورية هو " صناديق الاقتراع " بعد سقوط النظام. صندوق الاقتراع في مصر تحول الى " صندوق الدنيا " الذي نرى مشاهده الهزلية كل يوم. من هنا نجد ان القطيع هو الاساس وليس الفكر والحقوق والحريات وكرامة الانسان والتجارب الانسانية على مر العصور التي حققت في النهاية الديمقراطية.

اذا تم التوافق على مسودة دستور قبل سقوط النظام سوف يمنع السوريين من الصراع على السلطة وبالتالي عدم هدر الدماء والارواح والمزيد من الدمار.
لهذا اكرر ان الوقت يداهم وان قنبلة موقوتة هي بين ايدينا ويجب قطع فتيلها عن طريق التوافق على مسودة للدستور......نعم لم يبق الا خمسة دقائق قبل منتصف الليل وكل مابعده ظلام مجهول ومريع.


طبيب كردي سوري
bengi.hajo48@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Blood 4 kurdistan
Partizan -

As long as the kurds in the west Kurdistan are not ready to shed blood for the sake of their homeland, then one cannot put their money on a bright future for our nation in that part..

خمسة دقائق قبل منتص
Zakaria Hassan -

نعم أخي لقد طرحت ثلاثة أنواع من الدساتير وكل دستور له شوائب وعيوب ونواقص عند أطراف أخرى من المعارضة، وطبيعة الدساتير هذه بتقاطعهما مع بعضهما البعض إنما يعكس حالة مجتمع السوري في جميع مراحله منذ تحرير سوريا من احتلال الفرنسي وحتى الآن . سورية يجب أن تكون لها دستور فلا أحد يختلف معك بهذا الخصوص . قبل ذلك لا بد أن أدخل معك في حوار ربما يكون طويلا ، وفي هذا الحوار سنتطرق إلى بعض النقاط الهامة والمتعلقة بنهاية الذي ينتهي إليه النظام في سوريا .وقبل أن تنتهي النظام لا بد من انحياز مجتمع الدولي وأن تميل عقربتها باتجاه نوعية وشكل ومضمون الحكم في سوريا لأن مجتمع دولي هي صاحبة القرار في سوريا و تحديدا إسرائيل وليس شعوب سوريا ، لأن الذي قام بالثورة في سوريا هم هؤلاء الأطراف الخارجية وليس شعوب سوريا كما يقال و السبب أن هيكل النظام في سوريا قد أشك على السقوط وصلاحياته للحياة غير قابل لتجديد وسط ثورة من العولمة و تكنولوجيا بين شعوب سوريا وبينما النظام لا زال تقمع الشعب وتذبحهم بأدوات قديمة جدا عفى عليها الزمن،وقبل أن تتربع نظام الجديد في دمشق لا بد من ترويض الشعب على أدوات ووسائل الحديثة والتي ستتمسك بها حكومة مقبلة لإحكام قبضتها على شعوب سوريا دون أن تشعر بالعذاب والألم مثل آلات حديثة وحادة للذبح دون أن يشعر بها أحدا. لكن هل ستتجه عقربة مجتمع الدولي إلى تشكيل حكومة الأقليات أم إلى الفدراليات ، إلى مركزية أم لا مركزية الحكم؟ بغض النظر عن كل هذا أصبح واضحا للعيان بأن منع دق في شطرنج السوري هو سيد الموقف الآن وعلى ضوءها وهواها وتحت عباءتها ومن رحمها ستولد نظام بكامل أدواتها ووسائلها وطواقمها . أي دستور يمكن أن تناسب شعوب سوريا إذا ؟ إذا كان الشعب بأغلبيتها ضد نظام الجديد في سوريا أقصد هنا المسلمين، كما كان في السابق ؟،هذا يعني أن النظام يضطر أن يلبس وجها قبيحا مرة أخرى و يلاحق المعارضة أينما كان وفي كل الزمان وبهذه عادت الحليمة إلى عادتها القديمة. لذا الشكل فإن دستور إسلامي راديكالي لم ولن تولد ، أما إذا عادت إخوان المسلمين وقبل بكل الشروط الإسرائيليين عندها ستتزاوج دستورين مع بعضهما البعض كما أسلفت في اقتراحاتك، هذه المرة بين راديكالية وللبرالية وهذا هو بحد ذاته المساومة على حقوق الأقليات وتحديدا شعب الكردي في سوريا وستحدث الويلات والمشاحنات والقتل في وضح النهار ، لأننا ن