فضاء الرأي

الأزمة السورية وحديث الصفقات والتسوية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لا يتوقف الحديث هذه الأيام عن صفقة روسية - أمريكية بشأن الأزمة السورية، بل ثمة قناعة عميقة لدى كثيرين بأن هذه الأزمة ليست لها حل دون صفقة أو تسوية يتفق عليها الجانبان، ولعل ما عزز من هذه القناعة المحادثات التي جرت مؤخرا في دبلن بين وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونظيرها الروسي سيرغي لافروف، ومن ثم في جنيف بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونظيره الأمريكي ويليام بيرنز بحضور المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي، وقبل هذه المحادثات تلك التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تركيا وما قيل وقتها عن مبادرة تركية قال عنها بوتين إنها مبتكرة. في كل هذه المحادثات، ثمة عناوين أساسية تتقاطع مع مواقف سياسية للأطراف المعنية، وهي مواقف تبدو متغيرة مقارنة بالسابق. ولعل في أهم هذه العناوين : الدخول في مرحلة انتقالية، تشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات كاملة، التحضير لانتحابات عامة ورئاسية، ولعل النقطة الوحيدة غير المحددة أو الواضحة، هي مصير الرئيس بشار الأسد، على نحو هل سيكمل ولايته الرئاسية أم لا ؟ وكيف ستكون صلاحياته خلال الفترة الانتقالية ؟ وماذا بعد أنتهاء ولايته ؟ هذه العناوين هي أبرز نقاط التسوية المنشودة ، وهي عناوين تدعمها مواقف سياسية للأطراف المعنية بالأزمة ، ولعل من أهم المواقف :

1- التأكيد الروسي اليومي على أن موسكو ليست في موقع الدفاع عن النظام في سوريا وأن ما يهمها هو مصير سوريا وليس النظام، وهي هنا تتحدث بلغة المصالح والاستراتيجيات وحسابات الريح والخسارة ومحاولة الحد من التداعيات... طبعا كل ذلك من خلال التحول إلى طرف أساسي في التسوية المنشودة.

2- الموقف الأمريكي سبق الموقف الروسي بهذا الخصوص، فانتقادات كلينتون المبكرة للمجلس الوطني السوري الذي حل محلة عمليا ائتلاف الدوحة، ومن ثم وضع واشنطن جبهة النصرة على قائمة الإرهاب، كان ذلك بمثابة مسار أمريكي لترتيب البيت السوري المستقبلي بما يؤائم السياسات الدولية، وبما يعني رسالة أمريكية لروسيا، مفادها: ضرورة الانخراط في العمل من أجل إقامة دولة مدنية تعددية في سوريا وعدم الإفساح في المجال أمام دولة دينية تهدد مصالح الطرفين، ولعل ما زاد من خشية الطرفين بهذا الخصوص هو صعود نفوذ جبهة النصرة وغيرها من الجماعات الجهادية في سوريا.

3- على الصعيد السوري ، لايمكن النظر إلى التصريحات التي أدلى بها فاروق الشرع نائب الرئيس السوري حول عدم إمكانية حل الأزمة عسكريا من قبل الطرفين وضرورة التفكير بتسوية تاريخية الا كرسالة من النظام بالاستعداد لتسوية ما،على شكل قناعة بعدم جدوى النهج العسكري وذلك بعد نحو سنتين من تفجر الأزمة.

4- إيران بدورها التقطت الرسالة، فأرسلت نائب وزير خارجيتها عبدالله اللهيان إلى موسكو، حاملا معه ورقة للحل من ست نقاط، وهي تختلف عن الأفكار الأمريكية - الروسية في دبلن بطرح الحوار بين النظام والمعارضة، على ان تبدأ المرحلة الانتقالية من ما سيتم الاتفاق عليه خلال الحوار بين الجانبين حسب خطة الحل الإيراني.

5- الخطة التركية والتي لم يعرف منها سوى أن يسلم الرئيس الأسد سلطاته خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل والذي لم يبقى منه سوى أيام قليلة. في الواقع، من الواضح ان كل طرف يحاول في هذه الخطط تحقيق تسوية تتناسب مصالحه وحساباته السياسية ورؤيته الاستراتيجية، ومن الواضح أيضا ان النقاط التي تم الاتفاق عليها في دبلن باتت بعهدة المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي لنقلها إلى القيادة السورية خلال زيارته المرتقبة لدمشق. بما يعني ان مسار الأزمة باتت أمام احتمالين حاسمين: الأول : إمكانية دفع التسوية إلى أرض الواقع، وهذا يتوقف على رد القيادة السورية على ما سيحمله الإبراهيمي، ومثل هذه التسوية تبدو ممكنة التطبيق إذا وافقت عليها القيادة السورية، نظرا لوجود اجماعي دولي وإقليمي عليها، رغم الاختلاف بشأن بعض التفاصيل. الثاني : ان رفض ما سبق ، يعني فتح الأبواب على مصراعيه للميدان ، ولعل لكل من النظام والمعارضة العسكرية، القدرة على تدمير ما تبقى من سوريا، سوريا المدن والإنسان والتاريخ والجغرافية ..على شكل كارثة لم يشهد التاريخ لها مثيل. أسابيع وربما أشهر قليلة، سيتحدث التاريخ عن نهاية قصة، لعلها الأبشع في تاريخ سوريا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سقوط حتمي
جان الكردي -

تحاول روسيا جاهدة منع اي إجراء دولي لدعم المعارضة ولوقف حمام الدم في سورية. وينبع هذا الميل المسبق لعرقلة الأمور من رغبة موسكو الدائمة في معارضة النفوذ الاميركي والأوروبي، وكرهها الشديد للحركات الديمقراطية الشعبية.هناك عامل شكلي يتمثل في مشكلة مصداقية موسكو إذا ما تخلت عن النظام الاسدي في مثل هذه الاوقات العصيبة، وآخر جوهري يتمثل في مخاوفها من خسارة طرطوس، ميناءها الوحيد على البحر الأبيض المتوسط، نحو 4 مليار دولار عائدات سنوية في شكل مبيعات أسلحة وغيرها.ولا يمكن لمن يفقه أبجديات السياسة، فهم مواقف روسيا الداعمة للأنظمة الآيلة للسقوط الحتمي، من امثال ميلوسوفيتش وصدام والقذافي. والآن تتكرر المأساة مع الاسد السوري. وهي كمن في عيونها الرمضاء، تتوهم في مقدرتها على إنقاذ الأسد من غضب وتحدي الشعب السوري الثائر.لقد ذاقت روسيا وشعبها في الماضي المعاناة وظلم القياصرة والنازية وحكم النظام الشيوعي الشمولي. ولعله أكثر شعوب العالم احساسا بما تعانيه الشعوب من ظلم الطغاة.لذا كان من المتوقع ان تكون حكومة روسيا الاتحادية أسرع الحكومات الى نصرة الثورة السورية وشعبها في وجه سلطة الاستبداد، لكنها للاسف تتحرك على المسرح الدولي وتقدم غطائا سياسيا وديبلوماسيا للطغمة الحاكمة في المحافل المختلفة لاسيما مجلس الامن.قد تساهم هذه التحركات في تعطيل او تأخير سقوط النظام، وهو تأخير له ثمنه الباهظ من دماء الشعب السوري، ولكنها غير قادرة على منع سقوطه المؤكد.