من أجل نظام مدني متحضر!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ما يحصل الآن ومنذ سنوات في منطقة الشرق الأوسط عموما عملية تغيير حادة للنظم السياسية ورموزها، وبصرف النظر عن الآليات المستخدمة في التغيير سواء كانت خارجية مباشرة كما حصل في العراق وافغانستان وليبيا، أو خارجية غير مباشرة عن طريق وسائل الإعلام المكثفة، وداخلية بواسطة عناصرها من الشبيبة والأغلبية الصامتة التي تجاوزت حاجز الخوف، وانطلقت إلى آفاق هلامية من الحرية، دونما مفاتيح لأبواب حقبة جديدة من الحياة الاجتماعية والسياسية، بل ان معظمها لا يمتلك أي تصور لبرنامج واضح للمرحلة المقبلة وحيثياتها وكيفية التعامل مع ارث عشرات السنين من الخنوع والاستكانة وثقافة القطيع كما يحصل الآن في ليبيا على سبيل المثال؟
وربما استطاع العامل الخارجي ان يساعد النخب السياسية والاجتماعية على ترتيب الأوضاع كما في العراق وأفغانستان، الا ان الأمور اختلفت في كل من تونس ومصر وليبيا، ولاحقا في سوريا واليمن وغيرهما من الدول ذات الأنظمة الشمولية، التي تتجه إلى مسارات مبهمة تحت مظلة الانتخابات ووصول قوى راديكالية أنتجتها حقبة الدكتاتوريات وثقافة الإقصاء والتهميش طيلة عشرات السنين، متمثلة بأحزاب دينية وجماعات متطرفة استطاعت القفز إلى مفاصل مهمة من خلال استخدام حالات الإحباط واليأس لدى أوساط كبيرة من الأهالي، مما سيضيع فرصة تاريخية لتحول اجتماعي كبير باتجاه المدنية، والعودة إلى أشكال ديكتاتورية تشرعنها الآلية الديمقراطية وصناديق الأكثرية والأقلية، باستخدام العقائد وخلط التشريعات العقائدية والأيدلوجية إلى درجة الإفتاء بالتحليل والتحريم في كثير من أمور السلطة والوصول اليها ومن ثم تقنين المجتمع ثانية باتجاه واحد وفكر اوحد لا يقبل الآخر الا ان يكون ملحقا!؟
ان اخطر ما يواجه هذه الدول والمجتمعات بعد انهيار أنظمتها الدكتاتورية، هي نفوذ قوى متطرفة راديكالية الى سدة الحكم باستخدام آليات الديمقراطية، كمرحلة أولى لتسلق النظام السياسي والبدء تدريجيا بأدلجة المجتمع ومؤسساته تحت شعار واتجاه وتفكير واحد، بعيدا عن قبول الآخر المختلف من خلال تقزيمه تدريجيا في اوساط الناخبين الذين يعانون في أغلبيتهم من أمية أبجدية وحضارية، ومستويات معيشية متدنية وسلوكيات أدمنوا عليها خلال عقود من الحكم الشمولي والسلوك البدوي والقبلي، وتأثيرات دينية وعشائرية تمنح هؤلاء المتطرفين شرعية التفرد في الحكم من خلال آليات قبلية أو دينية موجهة بواسطة فتاوى أو تعليمات إيديولوجية معينة.
لقد آن الأوان لوضع دساتير مدنية متحضرة تبلور مفهوما ساميا للمواطنة، يتجاوز كل الانتماءات الدينية والمذهبية والقبلية والعرقية، ويحرم أي تنظيم سياسي سواء كان على شكل أحزاب أو جمعيات على خلفية دينية أو مذهبية، بل ويمنع أي منظمة على أساس قومي أو عرقي عنصري يعتمد النهج النازي والشوفيني في تنظيره وسلوكه، قبل إجراء أي انتخابات عامة لتأسيس برلمان أو حكومة دائمة، مما سيتيح في حدود معقولة منع وقوع البلاد ثانية تحت سطوة القوى المتطرفة وخاصة في البلدان ذات التركيب المتنوع قوميا ودينيا ومذهبيا.
التعليقات
دستور علماني
كامل سلطان -فهمت من مقالكم استاذ كفاح انكم تدعون الى فصل تام بين الاديان والسياسة والمجتمع والدولة بشكل يتقاطع على ما اعتقد مع موروثات مجتمعاتنا الشرقية عموما والاسلامية بشكل خاص. ولكي نحقق هكذا مجتمع او دولة نحتاج بداية الى تشريع قانون يحرم اي تنظيمات على اسس دينية او قومية كما هو الحال في كثير من الدول الغربية، وفي مقدمة ذلك تعديل الدستور واضافة فقرات او ابواب تمنع او تحرم اي من هذه التنظيمات وتفصل بشكل كلي الاديان وتوجيهاتها لا في الدولة والسياسة فحسب وانما في المدارس والجامعات وكل المفاصل التي تؤثر على الاسلوك العام للمجتمع وهذا يتنافى مع طبيعة تكوين مجتمعاتنا عموما. انها عملية معقدة للغاية رغم انها تمثل فكرا نيرا وطموحا انسانيا راقيا.
غاية نبيلة
ناهدة جرجيس -حقيقة انها غاية نبيلة ودعوة سامية خضوضا للدول التي تتنوع فيها الاديان والمذاهب والاعراق والقوميات حيث تسود حالة من التشنج والتخاصم التي تؤدي دوما الى صراعات عنيفة وحروب تنتج قمع للمكونات الاصغر وتهميشها واقصائها تماما كما كان يحصل للمسيحيين في جنوب السودان ولبنان والعراق وقبلهم اليهود الذين تعرضوا الى عمليات تطهير ديني في كل البلاد العربية، وكذلك للمسلمين في يوغسلافيا السابقة حيث تعرضوا هم ايضا للابادة الجماعية كما حصل للاثوريين في العراق والارمن والاكراد في كل من تركيا والعراق ايضا.هذه الدول بامس الحاجة الى دساتير وقوانين تصنع مواطنة فوق الاديان والمذاهب والاعراق بما يحد من اي صراع على تلك الخلفيات.دعوة تستحق الاحترام
دعوة لسيادة المدنية
خضر دوملي -كثيرا ما يطالعنا الكاتب الرائع كفاح محمد بكتابات مهمة تخص الشأن السياسي، لكن هذه المرأة اختصر الاف الكلمات وقدم افكار مهمة للمضي نحو مستقبل افضل لبناء المجتمع وفق الاسس الديمقراطية، انها دعوة لسيادة المدنية و القانون وفصل الدين عن الدولة تماما، وترسيخ مفهوم المواطنة عمليا، وألا سيحدث ما ينذر به كابتا من ويلات تصيب هذه البلدان بعدما عانت الكثير من الدكتاتوريات لتقع في فخ الذي يدعو لأدلجة الدين سياسيا
نعم ان الاوان
سروه هورامي -مقالة رائعة بما تحمله من تحليل قوي للوضع الراهن..انا معك بانه آن الاوان لوضع دساتير متحضرة ولكن هل تنفع الدساتير المتحضرة لعقول غير متحضرة؟سلمت يداك وتأق قلمك دوما ودائما
الاسلاميين
Nijyar Nerway -صعود قوى الاسلامية ووصولهم الى الحكم كانت متوقعة بعد أصبحت في وجدان شعوب بديلا وحيدا بعد تجاربهم مع قوى العلمانية والليبرالية ،اعتقد التطرف والتشدد كانت صفات الحكومات العلمانية المعادية لقوى الاسلامية يبدو اننا نشعر بهذا تهديد والتشدد بعد ان تبدل الادوار....نحن من نطالب دائما بدستور تضمن حقوق الشعوب والمذاهب والاديان وان لا تخلق دكتاتوريات وان لا تعطي لرئيس الترشح اكثر من فترتين ،كان بامكان قوى علمانية ان تبنى نظاما ديمقراطيا ولكن لم يفعلوا ....ولماذا عندما تولى الاسلاميين مقاليد الحكم نتكلم عن المدنية والديمقراطية والمساواة وغيرها
شجرة الحرية
dr kifah -مع كل الارهاصات والماشكل والقفز الى السلطة باي وسيلة يجب ان لا نندم لان لظلال الحرية ثمن وهناك قوى تحاول القفز امام الثورة من الانتهازيين وعاشقي كراسي الحكم وبالنهاية سوف تستتب الاوضاع
التعليق
ابراهيم الجلبي -یبدو ان الحركات والمنظمات السياسية التي كانت تشارك الحكومات الدكتاتورية قد وجدت بان ما يسمى الربيع العربي قد هب من اجلهم والسياسات التي يتخذونها كانت من اغنى الهدايا التي تبشر بها المجتمعات وقد نسو بان هذا الربيع جاء لانقسام البلدان سواء كان عربية ام اسلامية او غيرها ومن امثلتها جنوب سودان وشمال وجنوب اليمن والعراق والصراع الغربي الامريكي على ايران وكثير من البلدان بما فيه ظهور مشكلة كبيرة وهي الصراع مابين الطوائف وكما تفظلت استاذ كفاح بان هذه المنظمات جاءت الى سدة الحكم باستخدام اليات ديمقراطية صح انها كذلك ولكن يجب ان نعترف بالحقيقة وناخذ بنظر الاعتبار ماهو الهدف الذي يراد من اجلها هذه الحركات باعتقادي انها سوف تعمل اكثر بجدية من الانظمة المتعاقبة والدليل على ذلك برلمانات ذلك الدول ستكون اكثر ديمقراطية سواء كان من ناحية حرية التعبير ووصول المعلومة الى الراى العام فى وقتها وزمنها المناسب ...
التوافق على الدستور
موسى موسى -انقسام المجنمع سياسياً واجتماعياً وثقافياً كخاصية للأنظمة الشمولية ولدت لدى المجتمع الاعتقاد الى العودة الى ما قبل الدولة الحديثة أو بالأحرى الحفاظ على موروث ماقبل الدولة الحديثة حيث الأغلبية الدينية أو القومية كمرتكز عليه يجب ان تجد القضايا حلولاً شافية، وكما تكرم الاستاذ كفاح محمود الذي أجاب على سؤاله المفترض وهو نفس السؤال الذي يطرحه ملايين الناس في ظل الانظمة التي سقطت حديثاً وتلك الآيلة للسقوط بأن الضمانة الأساسية للخروج من آثار الشمولية لكي لا تعود ثانية هو التوافق على دستور عصري يمنع من تسلط طائفة مهما كانت نوعها أو شكلها على المجتمع، دستور يضمن حقوق الكافة دون تمييز.
دعوة مباركة
حا مد شنون -نعم نحن بحاجة الى تلبيية نداء الكاتب فيما دعانا اليه واعتقد ان خلاصناجميعا في الاقتناع اولا بمبادئ وقواعد عامة تكفل كرامة الانسان وحقه في العيش بحرية في مجتمع قائم على المواطنةومن ثم الاتفاق على انزالها في دستور يتسم بالفوقية ويستمد القوة من الشعب ويتعرض أياكان للمسائلةفي حال تجاوزه على بنوده..اما فيما يتعلق بصعود الاسلاميين مؤخرابرأيي ان السبب هو عقود من فشل القوى العلمانية في ادارةامور الناس ادى الى لجوئهم الى الدين بأعتباره طوق النجاة وهذه ستبقى مرهونة بماسيطرحه العلمانيين الجدد ..تمنياتي للكاتب بالنجاح والتألق
مقال جيد..ولکن
ابو عامر -مقال جيد، ولکن املي هوان تتکرم علينا في المرة القادمة بمقال تحدثنا فيه ايضاعن فصل العائلة او العشيرة عن الدولة..
دولة مؤسسات لا عصابات
موسى نجاجرة -من قراءة اولية للواقع المعاش ونظرا لحتمية التغيير كحركة ديموايدولوجية ونتاج تطور المجتمعات وانفتاحها ورغم تعدد واختلاف الاراء حول مسالة الربيع العربي وعوامله والاسباب الحقيقية له والخيوط الخفية وراء كل حدث على حدة الا ان لعبة المصلحة الدولية كنتاج لافلاس ايدولوجية راس المال عالميا في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية جعل تلك الحركات الشعبية وما تمخضت عنه من نتائج سواء كانت سلبية او ايجابية ينظر اليها منظروا ومفكروا العلاقات والسياسة الدولية بنوع من التاطير الهجين ما بين العهود القديمة والنظرة الحديثة لمحاولة التدخل الخفي باصابع اتهام ربما داخلية تابعة وربما خارجية بواسطة نفوذها الا ان المهم في الامر وبناء على الاوضاع والاحداث المتجددة ابرزت حركة الشعوب(الشارع)الحاجة الماسة لبناء دول قوية تحمل الطابع المؤسسي القادر ايدولوجية الدولة ان كانت تعنى بالانفتاح والبناء الحديث وعدم الانغلاق والانكفاء على الذات والمحافظة على علاقات سياسية متوازنة وتحديث وتطوير مؤسسات الدولة بشكل استراتيجي مستمر والسعي الحثيث لمحاولة تحقيق العدالة الاجتماعية فهي ايدولوجية ايجابية كونها تخدم المواطن كفرد والدوزلة ككل وتحترم الاختلاف وتقبل الاخر واما ان كانت الصورة مغاييرة فان الامور سوف تكون بالضرورة بحاجة لثورات مضادة لتصحيح المسار الى النهج القويم
ثورة ثقافية
سرجون -اثني بشدة على افكار الاستاذ كفاح محمود وادعو معه الى انجاز مجموعة قوانين تحرم قيام وتأسيس اي احزاب او جمعيات على خلفية دينية او قومية متطرفة.حقيقة نحن احوج ما نكون الى ثورة ثقافية شاملة تغير هذه النظم الاجتماعية والتربوية والسياسية لكي نقيم مجتمع متحضر يمارس حياة مدنية سليمة بمفهوم رفيع للمواطنة.