النّظام السّوري: جرائم ضدّ الإنسانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وصلني هذا الأسبوع
بيان من مركز rdquo;عدالةldquo;. وهذا المركز هو إحدى المنظّمات المدنيّة التي تُعنى بحقوق المواطنين العرب في إسرائيل. هذه المرّة، وخلافًا للماضي، يتطرّق بيان rdquo;عدالةldquo; إلى الوضع السوري بالذّات. ومع أنّ البيان قد جاء متأخّرًا بعض الشيء، إلاّ أنّه، وكما يُقال، من الأفضل أن يأتي متأخّرًا من أن لا يأتي أبدًا.
إنّ الأهميّة التي تُعزى لهذا البيان مردّها إلى كون هذه الجمعيّة المدنيّة تُعنى بحقوق الإنسان على العموم وبحقوق الأقليّة العربيّة في إسرائيل على وجه التحديد. وهذا المركز يظهر الآن في الساحة المحليّة بصورة مُشرّفة لكونه يُعبّر في بيانه عن موقف أخلاقيّ، بخلاف الّذين يلوذون بالصّمت إزاء ما يجري عبر الحدود، وبخلاف بعض المواقف المُشينة لبعض التيّارات السياسية التي سنشير إليها لاحقًا.
من المهمّ أوّلاً أن نقتبس من بيان مركز rdquo;عدالةldquo;:
rdquo;يستنكر مركز "عدالة" المجزرة الوحشية التي ارتكبها النظام السوري في 3 و 4 شباط 2012 ضد مواطنيه في مدينة حمص، والتي استخدم خلالها الدبابات والمدفعية وقذائف الهاون في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين. أدت هذه الهجمات حسب مصادر عديدة إلى مقتل أكثر من 200 شخص وجرح مئات الآخرين من المواطنين العزل. تعتبر المجزرة وعمليات القتل المنهجية للمواطنين التي يقوم بها النظام السوري، والتي بدأت مع اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في آذار 2011، وأودت حتى الآن بحيات ما لا يقل عن 7,100 إنسان، جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الجنائي، وخصوصًا البند 7 من معاهدة روما 1998، وجرائم حرب بموجب البند 8 لتلك المعاهدة. كما تعتبر عمليات القتل المتعمد والتدمير الوحشي الواسع للممتلكات مخالفات جسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.ldquo;
ويستمرّ البيان بالقول:
rdquo;الوحشية التي يستخدمها النظام السوري ضد مواطنيه هي نتيجة مباشرة لانعدام الديمقراطية وعدم احترام قيم حقوق الإنسان في الدولة. ويعتمد النظام السوري على القمع العسكري والذي سخره لقمع الشعب السوري منذ عقودldquo;. ثمّ يختتم مركز rdquo;عدالةldquo; بيانه بمطالبة: rdquo;منظمات المجتمع المدني العربية ومؤسسات حقوق الإنسان إلى دعم المدنيين ومطالبهم بإنشاء أنظمة ديمقراطية في سورية وفي كل مكان آخر وتعزيز أنظمة ديمقراطية قائمة على احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم العربي. نحن ندعو أيضًا إلى إجراء تحقيق مستقل وفعّال في مجزرة حمص وأحداث العنف الأخرى ضد المدنيين في سوريا بموجب المعايير الدولية بما فيها الحيادية، الاستقلالية والشفافية.ldquo;
يجدر بنا أوّلاً أن نوجّه التحية
إلى مركز rdquo;عدالةldquo;، وإلى كافّة النّاشطين في إدارته وطواقمه، على هذا البيان الّذي يعبّر بوضوح عن هذا الموقف الأخلاقيّ بالدرجة الأولى، كما إنّه يضع النّقاط على الحروف بشأن جرائم النّظام البعثي، وبلا لفّ أو دوران. ولهذا، يجب أن نؤكّد على أنّ موقفًا أخلاقيًّا كهذا هو بالضّبط الموقف الّذي يليق بأناس قد وضعوا حقوق الإنسان نصب أعينهم. فكم بالحريّ إذا كان المقصود هنا منظّمة تعمل منذ سنوات لدفع حقوق الأقليّة العربيّة في إسرائيل. وكما كنت أسلفتُ من قبل، فإنّه ورغم التأخير في إعلان هذا الموقف بشأن الجرائم البعثية بحقّ المواطنين، إلاّ أنّهم في هذا البيان قد تداركوا في مركز rdquo;عدالةldquo; ذلك الآن، فوجبت الإشادة بهم على هذه الخطوة.
أمّا أولئك البعض،
من صنف بعض التيّارات السياسيّة الّتي طالما تظاهرت بالانتماء لما يُسمّى rdquo;اليسارldquo;، وطالما أطلقت شعارات رنّانة طنّانة حول حقوق الشّعوب وحقوق الإنسان، فقد سقطت تلك كلّ شعاراتها الآن في هذا الامتحان الأخلاقي. ليس هذا فحسب، بل إنّ بعض زعامات هذه التيّارات الّتي تدّعي الانتماء لليسار والماركسية شعارًا جهارًا، كالأمين العام للحزب الشيوعي الإسرائيلي، والّذي كان في الماضي نائبًا في البرلمان الإسرائيلي - الكنيست - وأقسم يمين الولاء لإسرائيل من على منصّة البرلمان الإسرائيلي، وكبعض الآخرين ممّن أسمّيهم rdquo;مراهقي العروبةldquo;، فإنّهم لا زالوا يدافعون بكلامهم المنشور عن هذا النّظام الفاشي الّذي يرتكب أبشع الجرائم بحقّ المواطنين السّوريّين.
أوليست حال هؤلاء
هي الحال التي ينطبق عليها بالذّات تعبير rdquo;سخرية الأقدارldquo;؟ ولهذا الغرض سأكتفي هنا فقط باقتباس ممّا كان قد نشره الكاتب والنّاقد السّوري، صبحي حديدي، عن أمثال هؤلاء الدّاعمين للأنظمة الدكتاتورية. وكلام صبحي حديدي هنا هو من سنة 2002، وعن عزمي بشارة الّذي كان ينظّر على الملأ دعمًا لهذا النّوع من الأنظمة. لقد كتب صبحي حديدي في القدس العربي قبل عقد من الزّمان عن هؤلاء: rdquo;هل من حقّه أن يتّهم الإسرائيليين بأنهم rsquo;تلاميذ صغار بالديمقراطية وحقوق الإنسانlsquo;، هو الذي يستكثر علي المثقفين السوريين أنهم يتطلعون إلي الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وحين يكون ديمقراطيًا هنا وحليفًا للاستبداد هناك، ألا تنطبق عليه صورة راشق الناس بالحجارة وبيته من زجاج؟ أم أنّ النقب والمثلث والجليل جديرة بالديمقراطية، ودمشق وحلب وحمص ليست جديرة إلا بالجمهوريات الوراثية وحكم الحزب الواحد الأوحد؟ وكيف يستكثر علي أشقائه السوريين المطالبة بحقوق يتمتع بها هو في فلسطين، بفضل أعدائه الصهاينة؟ldquo;، يتساءل صبحي حديدي بمرارة في مقالته تلك.
وفي ذلك، نقول الآن:
ما أشبه الليلة بالبارحة! وما أشبه هؤلاء بأولئك! غير أنّه ولحسن الحظّ فإنّ بيان مركز rdquo;عدالةldquo; الآن، وبقدر ما يمسح بعض العار من بقايا الصّمت إزاء الجرائم البعثية، فإنّه في الوقت ذاته يُدين كلّ أولئك الذين يصرّحون ويكتبون على الملأ دعمًا لنظام بعثي فاشي يرتكب كلّ هذه الجرائم.
يجب التأكيد على أنّه لا توجد منطقة وسطى عندما تُرتكب جرائم ضدّ الإنسانيّة. ولهذا وجب الفصل الآن بين القمح والزؤان. يجب الفصل بين الاختلاف الصحّي في الرأي بكلّ القضايا المتعلّقة بالإنسان، وبين الأنظمة التي انبنت أصلاً على الإجرام وعلى توريث الطغيان.
*
موقع الكاتب: rdquo;من جهة أخرىldquo;
http://salmaghari.blogspot.com
ــــــ
التعليقات
يسقط ﺍﻠﻤﺟﺮﻡ بشارﺍﻟﻤﺨﻟﻮﻉ
Tarek Abo Hamid -أنتم معشر عبيد بشار طائفيين ولا يهمكم لو قتل فشاركم مليون مواطن سوري ، أنتم فيكم فقط الحقد على غالبية الشعب السوري ، الحقد دينكم لأننا نرى أفعال القتل تنم عن حقد وليس قتل فقط كما تفعل اسرائيل، ولكن نبشركم أن الجيش الحر سوف يقتلعكم ويرجعكم إلى ما قبل 1963 وحزب البعث الفاشستي على قولة نزار قباني سيكون في مزابل الأحزاب
تعدى المرحلة اياها
محمد بوعزيز -النظام البعثي الأسدي تعدى مرحلة "جرائم ضد الإنسانية" منذ امد بعيد لكن النفاق والإبتزاز الذرائعي والمتاجرة بالقضايا وارواح الناس منعت العالم من رؤية ذلك الا في 2011 وحتى بعد الرؤية بوضوح شديد فأن العالم لم ولن يفعل شيئا للأسباب المذكورة آنفا.
القسوة والصمت
عدنان شوقي -كثير من المثقفين السوريين والعرب الذين يحملون الآن رايات الدفاع عن حقوق الإنسان ويستغربون من دفاع البعض عن نظام دكتاتوري مجرم بحجة التصدي للقضايا القومية الكبرى.. فعلوا الشيء نفسه في الماضي القريب حيث دافعوا عن دكتاتور أكثر بشاعة وإجراما من بشار ونظامه.. وأقصد ((الرئيس الراحل)) صدام حسين.. وآنذاك كانت حجتهم هي أيضاً أن الأولوية للدفاع عن القضايا القومية الكبرى.. هؤلاء ليس من حقهم الآن أن يدينوا من يدافع عن جرائم بشار.
واخيرا
خالد الخطيب -شكرا للدكتور سلمان على مقاله القيم. ومن حقنا ان نتساءل : اين ممثلي عرب اسرائيل او عرب الداخل او سمّهم كيف شئت ، الذين نسمع جعجعتهم في كل شاردة وواردة ، ينعمون بالديمقراطية وحرية التعبير، اين هم مما يجري اليوم في سوريا الشقيقة؟ لماذا لم نسمع كلمة واحدة من الدكتور احمد طيبي او من بقية اعضاء الكنيست او رؤساء البلديات العربية في اسرائيل؟ وبالنسبة لمركز " عدالة"، هل احتجتم الى احد عشر شهرا والى اكثر من سبعة آلاف ضحية كي يستيقظ ضميركم؟ مشكلة مجتمعاتنا العربية في كل مكان هي عدم البوح بما نفكر به حقا اوبما نعتقد انه الحقيقة كي لا نزعج " زيد او عبيد" كما يقول مثلنا العامي. لو ان كل منظمة عربية من المنظمات التي تدافع عن حقوق المواطنين قامت في الوقت المناسب بالاعراب عن معارضتها او حتى عن اشمئزازها مما تقوم به حكومات عربية عديدة لما وصل وضع مجتمعاتنا وحكوماتنا الى هذه الدرك السافل من الاستهتار بحقوق المواطن وبمصلحة الوطن. الدكتور سلمان ، انت على حق عندما قلت ان بيان "عدالة" ولو جاء متأخرا فهذا خير من ان لا يأتي أبدا. لعل الاحداث في العام الماضي في دول عربية عديدة قد توقظ ضمائر الحكام والمنظمات التي تدافع عن حقوق الانسان وتعيد للانسان العربي بعضا من كرامته المهضومة .